أشاد سفير الصين بالقاهرة، لياو ليتشيانج، على التطور السريع الذي تشهده العلاقات بين مصر والصين في العقد الماضي، مشيرا إلى أنه يعد بداية جيدة للعقد المقبل الذهبي للعلاقات الثنائية.
جاء ذلك خلال كلمته في ندوة عقدت ظهر اليوم الثلاثاء بالقاهرة، تحت عنوان "المستقبل المشترك والسير بالتوافق" للاحتفال بالذكرى العاشرة لرفع مستوى الشراكة مع مصر والذكرى العشرين لتأسيس منتدى التعاون الصيني العربي.
وشدد السفير على أن العلاقة الاستراتيجية بين الصين ومصر حققت إنجازات هائلة، وذلك لا ينفصل عن الرؤية البصيرة والثاقبة لقادة البلدين جيلا بعد جيل، والتي تشكل الأساس السياسي المتين للعلاقة الثنائية.
وتطرق ليتشيانج للحديث عن أبرز انجازات التعاون المشترك، مشيرا إلى مشاركته في مراسم الافتتاح للمركز المصري للبيانات والحوسبة السحابية ومجمع هاير مصر الصناعي الصديق للبيئة بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، واللذين تم انشاؤهما عن طريق الشركات الصينية.
وأوضح أن مركز البيانات والحوسبة السحابية أول مركز للذكاء الاصطناعي لتحليل ومعالجة البيانات الضخمة في مصر وشمال إفريقيا، وتم تسليمه قبل عام من الموعد المحدد بفضل جهود الشركات الصينية، مضيفا أن القوة الإنتاجية السنوية لمجمع هاير مصر الصناعي 1.5 مليون وحدة من الأجهزة المنزلية، ويمكن لهذا المجمع تحقيق الإنتاج الذكي والرقمي والمرن.
وأشار إلى أن نجاح المشروعين يجسد صورة مصغرة للتطور السريع للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين في العقد الماضي، مؤكدا أنه بفضل الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي، ونظيره الصيني شي جين بينج حافظا على التواصل المكثف، حيث تقابلا 11 مرة في المناسبات الثنائية ومتعددة الأطراف، مما حدد الاتجاه العام لهذه العلاقات، وفتح لها عصرا ذهبيا، وأوصلها إلى أفضل مراحلها.
وأضاف: في العقد الماضي، دفع البلدان المواءمة بين مبادرة "الحزام والطريق" و"رؤية مصر 2030"، وحققا نتائج مثمرة، حيث أنه في بداية إقامة العلاقة الدبلوماسية، كان حجم التجارة بين البلدين عشرات ملايين دولار فقط، ولكن منذ عام 2012، أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لمصر لمدة 12 عاما متتاليا.
وتحدث السفير أيضا عن نماذج أخرى للتعاون بين مصر والصين، تتمثل في إنشاء الشركات الصينية في مصر لأطول برج في إفريقيا وأكبر قاعدة لإنتاج الألياف الزجاجية في إفريقيا وأكبر مركز لتخزين اللقاحات وأسرع شبكة النطاق العريض وأول مركز لتجميع واختبار الأقمار الصناعية.
ولفت أيضا إلى التعاون بين البلدين في المجالات الاستراتيجية الناشئة، مثل الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي والطاقة الجديدة والفضاء وتقنية الطب الحيوي، ويتقدم نحو هدف التنمية عالية الجودة والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك.
وحول التعاون الثقافي، أشار السفير إلى إدراج اللغة الصينية في المناهج الدراسية المصرية، حيث أن هناك حوالي 30 جامعة مصرية لديها كلية اللغة الصينية أو مادة اللغة الصينية، وكذلك أكثر من 20 مدرسة، بالإضافة إلى تواجد 4 معاهد كونفوشيوس و2 من فصول كونفوشيوس، وهي أكبر دولة في شمال إفريقيا من حيث عدد معاهد كونفوشيوس.
وتابع أن مصر أول دولة عربية وإفريقية أقامت العلاقة الدبلوماسية مع الصين، ومنذ ذلك الحين، تكاتف البلدان في نضالهما ضد الاستعمار والهيمنة، وتآزرا في مسيرتهما نحو الإصلاح والتنمية والنهضة القومية، ودعما بعضهما البعض في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والانشغالات الكبرى، مشيرا إلى تقديم الصين الدعم لمصر خلال العدوان الثلاثي، أثناء استعادة سيادتها على قناة السويس.
كما قدمت مصر الدعم للصين في عام 1971، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وصوتت مع القرار 2758، بشأن استعادة المقعد الشرعي للصين في الأمم المتحدة، وحثت الدول الأخرى على دعم الصين، وأخيرا، تبنت الدورة الـ26 للجمعية العامة هذا القرار المهم بأغلبية ساحقة.
قضية تايوان
وشدد سفير الصين، على أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2758 يعكس ويؤكد بشكل كامل وجدي على مبدأ الصين الواحدة، ويحل بشكل واضح وشامل مسألة حق التمثيل للصين لأكملها، مؤكدا أن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين.
وأضاف أن الصين تتمسك بمبدأ صين واحدة في التعامل مع القضايا المتعلقة بتايوان، مشيدا بالتزام المجتمع الدولي، بما فيه مصر وجامعة الدول العربية، بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة وينفذ مبدأ صين واحدة بشكل كامل ودقيق.
المستقبل المشترك.. والحزام والطريق
وأشار السفير الصيني، إلى أن مفهوم بناء مجتمع ذي المستقبل المشترك للبشرية الذي اقترحه الرئيس الصيني شي جين بينج هو خطة الصين حول ماهية طبيعة العالم وكيفية بنائه. حيث يدعو إلى بناء مجتمع ذي المستقبل المشترك للبشرية، وتفضيل التنمية السلمية على الصراعات والمواجهات، واستبدال الأمن المطلق بالأمن المشترك، والتخلي عن الألعاب الصفرية مع تكريس المنفعة المتبادلة، ومنع الصراع بين الحضارات من خلال التبادلات المتبادلة، وحماية موطن الأرض بالتنمية الخضراء. كل ذلك يعدّ استجابة لتطلعات شعوب العالم إلى السلام والتنمية والتعاون.
وأضاف أنه على مدى العقد الماضي، تطور مفهوم مجتمع ذي المستقبل المشترك للبشرية من اقتراح مفاهيمي إلى نظام علمي، وتوسع من مبادرة صينية إلى إجماع دولي، وتحول من رؤية جميلة إلى نتائج عملية، مما يظهر حيويتَهُ القوية.
واستشهد السفير بمبادرة الحزام والطريق، ومبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية وغيرها. حيث تدعو إلى عالم متساو ومنظم ومتعدد الأقطاب، وإلى العولمة الاقتصادية الشاملة، بما يدفع الدول إلى العمل المشترك لمواجهة التحديات وتعزيز السلام والأمن والازدهار والتقدم في العالم.
القضية الفلسطينية
وشدد السفير على أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يهدد السلام والتنمية في المنطقة، مشيرا إلى أن الرئيس شي جين بينج خلال زيارته إلى فرنسا وصربيا والمجر الأسبوع الماضي، شدد على ضرورة اتخاذ إجراءات من قبل المجتمع الدولي لدفع وقف إطلاق النار في غزة بشكل فوري وشامل ومستدام، ودعم فلسطين في أن تصبح عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة، ودعم استعادة الحقوق المشروعة للأمة الفلسطينية، واستئناف "حل الدولتين"، وتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط.
وأضاف أن الصين ترى أن الأولوية القصوى هي التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار وإنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن، وضمان الإغاثة الإنسانية، وإن المخرج الأساسي هو تنفيذ "حل الدولتين".
وتطرق إلى قرار الأمم المتحدة بأغلبية ساحق الداعم لمنح فلسطين العضوية الكاملة لتصبح العضو رقم 194 في الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن ذلك يؤكد أن الشعب الفلسطيني له الحق في تقرير المصير، بما في ذلك إقامة دولته المستقلة، ويؤكد أن دولة فلسطين مؤهلة لأن تصبح عضواً كامل العضوية للأمم المتحدة، ويوصي مجلس الأمن بأن يعيد النظر بشكل إيجابي في هذه المسألة.
وشدد على أن الصين ترحب بهذا القرار التاريخي وشاركت في إحالة مشروع القرار.
العلاقات الصينية العربية
وأكد السفير أنه بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيس منتدى التعاون الصيني العربي، وسيُعقد المؤتمر الوزاري العاشر للمنتدى في الصين.
وأشار إلى أنه بعد 20 عاما من التطور والبناء، تم إنشاء 19 آلية في مختلف المجالات في إطار المنتدى، وتم إصدار 85 وثيقة ختامية من مختلف الأنواع، بما يجعل المنتدى نقطة انطلاق فعالة ومنصة مهمة لإثراء المقومات الاستراتيجية للعلاقات الصينية العربية ولتعزيز التعاون العملي بين الصين والدول العربية.
وأضاف أن الصين والدول العربية نفذت أكثر من 200 مشروع تعاون كبير في إطار البناء المشترك لـ "الحزام والطريق"، وقد استفاد من نتائج هذا التعاون ما يقرب من ملياري شخص من الجانبين.
وتظهر استطلاعات الرأي أن الشعبين الصيني والعربي، وخاصة جيل الشباب، يعتبران أن الجانبين الصيني والعربي صديقين مخلصين وجديرين بالثقة، فأصبحت الصداقة الصينية العربية متجذرة بشكل متزايد في قلوب الشعبين.
ومن جانبه، أشاد أحمد شاهين ، مساعد وزير الخارجية للشئون الآسيوية، بالعلاقات المصرية الصينية، مشيرا إلى أن تبادل الزيارات بين قادة البلدين ساهم في تحقيق طفرة نوعية في العلاقات وإدخال الشراكة الاستراتيجية الشاملة في كافة المجالات.
وأضاف أن تعزيز العلاقات يأتي تتويجا للعلاقات التاريخية القوية بين البلدين والتى تعود لآلاف السنين، حيث كانت هناك علاقات مهمة على طريق الحرير.
ودعا إلى الاستمرار في تعزيز التعاون في كافة المجالات ومنها السياسية والتضامن في مواجهة التحديات العالمية المشتركة ، وتعزيز التبادل التجاري وتعزيز التبادل الثقافي بما يساهم بفهم أعمق وتعزيز للروابط بين الشعبين الشقيقين.
وأكد أن مصر لطالما كانت وستظل داعما قويا لمبدأ الصين الواحدة وستدعم الصين في المنظمات الدولية. ولفت إلى التزام مصر بمبدأ الصين الواحدة وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول ودعم سيادة الدول.
اترك تعليق