ورد إلى دار الإفتاء المصرية، أيهما أفضل في الأجر لقارئ القرآن في غير الصلاة أن يقرأ من حفظه أم من المصحف؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن قراءة القرآن الكريم وتلاوته عبادةٌ من أفضل العبادات التي يتقرب بها الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى؛ لما روي عن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «أفْضَلُ العِبادَةِ قِراءةُ القُرآنِ» رواه أبو نعيم في "فضائل القرآن" وأورده الإمام السيوطي في "الجامع"، ورواه الديلمي في "مسند الفردوس".
قال الإمام المناوي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 186، ط. مكتبة الإمام الشافعي): [(أفضل العبادة قراءة القرآن)؛ لأن القارئ يُنَاجِي ربه، ولأنه أصلُ العلوم وأُمُّها وأهمها؛ فالاشتغال بقراءته أفضل من الاشتغال بجميع الأذكار إلا ما ورد فيه شيءٌ مخصوصٌ؛ ومن ثَمَّ قال الشافعية: تلاوة القرآن أفضل الذكر العام] اهـ.
أما عن المُفاضلة بين قراءته من المصحف وبين قراءته من الحفظ عن ظهر قلب؛ فالأفضل قراءته بالنظر في المصحف؛ لأن الأجر فيها مضاعف؛ لما فيها من مداومة النظر في المصحف الكريم، وحمله، ومسه؛ مما يظهر منه أن فيها استعمال أكثر من جارحة؛ وهذا أرفع درجةً، بالإضافة إلى أنها تُمَكِّنُ القارئ من التفكر فيه، واستنباط معانيه، والاعتبار عند عجائبه، وعلى هذا تواردت الأخبار والآثار؛ فقد روي عن عَبْدِ اللهِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ «قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ الْمُصْحَفِ أَلْفُ دَرَجَةٍ، وَقِرَاءَتُهُ فِي الْمُصْحَفِ تُضَعَّفُ عَلَى ذَلِكَ أَلْفَيْ دَرَجَةٍ» رواه الإمام البيهقي في "شعب الإيمان".
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «أَعْطُوا أَعْيُنَكُمْ حَظَّهَا مِنَ الْعِبَادَةِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حَظُّهَا مِنَ الْعِبَادَةِ؟ قَالَ: «النَّظَرُ فِي الْمُصْحَفِ، وَالتَّفَكُّرُ فِيهِ، والِاعْتِبَارُ عِنْدَ عَجَائِبِهِ». رواه البيهقي أيضًا في "شعب الايمان".
وهذا ما نص عليه الأئمة والعلماء؛ قال الإمام ابن بطال في "شرحه على صحيح البخاري" (10/ 267، ط. مكتبة الرشد): [قال الثوري: سمعنا أن تلاوة القرآن في الصلاة أفضل من تلاوته في غير الصلاة، وتلاوة القرآن أفضل من الذكر، والذكر أفضل من الصدقة، والصدقة أفضل من الصوم، والقراءة في المصحف أفضل من القراءة ظاهرًا] اهـ.
اترك تعليق