كانت أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ أفقه نساء الأمة.وهي من النساء السابقات للدخول في الإسلام.تجملت بالأدب والأخلاق .. وكانت صوامة قوامة. زاهدة. فقد نشأت في بيت الفضائل والمكارم.بيت ممتلئ بالحكمة.والكرم.والنبل.والشرف والإيمان .
ولدت السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في مكة المكرمة بعد البعثة بأربع أو خمس سنوات.وترعرعت في بيت يدين بدين الإسلام.وتربت علي يد أبوين مؤمنين.وخلال سنوات طفولتها مرت الدعوة الإسلامية بأقسي مراحلها.إذ تعرض المسلمون لأشد أنواع الأذي.وقد شهدت بعض المواقف التي حدثت مع والدها في سبيل الحفاظ علي دينه وإيمانه.وذلك عندما حاول الخروج من مكة مهاجرا .
وبعد أن هاجر رسول الله "ص" وأبو بكر الصديق إلي المدينة المنورة.هاجرت السيدة عائشة وكانت بصحبة طلحة بن عبيد الله وأخيها عبدالله وأمها أم رومان وأختها أسماء.وزيد بن حارثة وابنتي رسول الله أم كلثوم وفاطمة.وقد تزوجها النبي صلي الله عليه وسلم ـ بعد غزوة بدر في السنة الثانية للهجرة .
كانت السيدة عائشة تمتلك العديد من الفضائل وأهمها : أنها من أفضل نساء العالمين علي الإطلاق في الشرف.والفضل.وعلو المقام.وزوجة لأفضل البشر في الدنيا والآخرة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام .. كما أنزل الله عز وجل فيها آيات قرآنية تتلي الي يوم القيامة.وذلك حين اتهمت في حادثة الإفك.نتيجة لمحاولات قد بذلها المنافقون لتمزيق وحدة المسلمين بإيجاد الشقاق بين المهاجرين والأنصار.فأنزل الله بالوحي أيات لتبرأتها من فوق سبع سماوات.مما رماها به أهل الإفك. .قال تعالي "إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم سورة النور".
امتلكت السيدة عائشة مكانة رفيعة.وخاصة في رواية الحديث.لأنها كانت سريعة الفهم.والذكاء.والبديهة.ولم يقتصر علمها علي الكلمات والعبارات.فقد قال عنها أبو موسي الأشعري ( ما أشكل علينا أصحاب محمد "ص" حديث قط.فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علما ) .. وهذا يؤكد أن ملازمة السيدة عائشة للنبي صلي الله عليه وسلم كان لها دور كبير في نقل الكثير من أحكام الدين الإسلامي والأحاديث النبوية.حتي قيل" إن ربع أحكام الشريعة نقلت عن السيدة عائشة " وكان أكابر الصحابة يسألونها فيما استشكل عليهم .
لقد جمعت في رواية الحديث رضي الله عنها ـ مايزيد عن ألفين ومئتين وعشرة أحاديث.وقد اتفق صحيح بخاري ومسلم علي مئة وأربعة وسبعين حديثا منها .
تميزت عائشة رضي الله عنها ـ بالشجاعة النادرة.حيث إنها كانت ثابتة القلب تمشي إلي البقيع ليلا دون خوف.و تشارك في المعارك.ففي معركة أحد عندما تسلل الاضطراب بين المسلمين ذهبت تعالج الجرحي.وتسقيهم الماء.وفي غزوة الخندق نزلت من الحصن الذي وضع الرسول صلي الله عليه وسلم ـ النساء فيه.وقد تقدمت في الصفوف الأمامية
وحين طلبت عائشة رضي الله عنها ـ من رسول الله "ص" أن يأذن لها أن تجاهد معه.فبين لها النبي عليه الصلاة والسلام أن مباشرة الجهاد وقتال الأعداء ليست مشروعة في حق النساء.لما يتصفن به غالبا من ضعف البدن.ورقة القلب.وعدم تحمل الإخطار.ولكن هذا لا يمنع قيامهن بعلاج الجرحي وسقي العطشي. .وقال ايضا عليه الصلاة والسلام : بأن جهادهن يكون في الحج والعمرة . إذ جعل ثوابهما كثواب الجهاد في سبيل الله .. بسبب البعد عن الأوطان.ومفارقة الأهل.وخطر الأسفار.وتعب البدن.وبذل الأموال .
أحب الرسول عليه الصلاة والسلام السيدة عائشة حبا شديدا وكان يثني عليها حيث قال صلي الله عليه وسلم : ( ّمل من الرجال كثير.ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران.وآسية امرأة فرعون.وفضل عائشة علي النساء كفضل الثريد علي سائر الطعام ) صحيح البخاري .. وقد توفي النبي صلي الله عليه وسلم ـ في حجرها ودفن في بيتها.
توفيت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في المدينة المنورة.في شهر رمضان في سنة ثمان وخمسين للهجرة. ودفنت في ليلتها في البقيع.وقام بالصلاة عليها أبو هريرة رضي الله عنه.. وكان ذلك في خلافة معاوية بن أبي سفيان. رضي الله عنها وأرضاها.
اترك تعليق