بقلم - إبراهيم على
سوف أتعرض لخطأ حبيبة الشماع فى نهاية هذه السطور بالتوضيح والتفصيل
لكن سأتناول الحكاية من البداية ...لقد كان خبر وفاة حبيبة الشماع – ولا يزال – صدمة وفاجعة كبيرة ليس لأسرتها وحدها بل لكل المصريين إن لم أكن مبالغاً.
حبيبة فتاة فى ريعان الشباب ، مُفعمة بالحياة ، طموحة خلوقة ، تخرجت فى كلية الإعلام الجامعة البريطانية ، إشتبكت مع الحياة العملية ، حققت نجاحات ، لديها خطط وأحلام للمستقبل، فجأة وبدون سابق إنذار تُغادرنا جميعاً ويتوقف كل شيىء.
لمن لا يعرف "حكاية حبيبة" والمعروفة إعلامياً بـ (فتاة الشروق) فهى فتاة لم تكمل بعد عامها الرابع والعشرين، تسير حياتها بشكل طبيعى جداً إلى أن جاء يوم الحادث المروع ، حيث قررت ان تستقل سيارة "أوبر" لتنقلها من حيث تقيم مع أسرتها فى "مدينتى" إلى زميلاتها بالعمل فى القاهرة الجديدة لعقد إجتماع للإعداد لتنظيم مؤتمر ومعرض كبير متخصص فى مجال عملها.
عن طريق تطبيق "أوبر" وصلتها سيارة فى تمام الساعة (6:52م) استقلتها ، ومكثت فيها حوالى عشرة دقائق فقط قبل أن تلقى بنفسها خارج السيارة على طريق السويس بينما كانت سرعة السيارة 100كم/ساعة، لتصاب بإصابات خطيرة فى كامل جسدها ، ترقد على أثرها لتلقى العلاج بالمركز الطبى العالمى لكن سرعان ما تتدهور حالتها وتودع عالمنا.
تقوم الشرطة بإلقاء القبض على السائق وتخضعه للتحقيقات وتقوم النيابة بعد تجديد حبسه بإحالته لمحكمة الجنايات بتهمة الشروع فى الخطف والتسبب فى الوفاة.
وسط ما يُفَنِده ويسرده الدكتور محمد أمين محامى حبيبة الشماع من إتهامات لسائق أوبر من جانب ، وبين ما يَسُوقه ويقدمه الدكتور عمرو عبدالمنعم محامى المتهم من دفوع وردود لتبرئة ساحة موكلة ، وذلك من جانبٍ آخر ، بين هذا وذاك تكاد أن تضيع الحقيقة ، ويكاد أن يقع كل مُتابعى القضية فى فخ الغموض واللبس والحيرة و"التوهان" ، خاصة وأن أحداً منا لم يكن موجوداً وقت وقوع الحادث ، وأن الرواية أصبحت من طرف واحد وهو السائق ، بعد أن غابت رواية الطرف الثانى بموت حبيبة الشماع !!!
فى محاولة من جانبنا لاستجلاء الحقيقة ، استناداً للمنطق وإعمالا للعقل ، وتأسيساً على الحجج والبراهين، سنقوم فيما يلى بطرح عدد من الأسئلة ، ونتوقع أن تكون الإجابات عليها عاملاً مساعداً فى فك طلاسم تلك القضية.
أولاً: هل حبيبة الشماع شخص ناضج وعاقل لديه الإمكانية لتقدير المواقف جيدا ووزن الامور واتخاذ القرارات ؟
لا يوجد احد يستطيع ان يثبت او يقول عكس ذلك
ثانياً: هل هى المرة الاولى التى تستخدم فيها حبيبة خدمة "اوبر"؟
بالطبع لا
ثالثاً: هل حدث ذلك مع حبيبة او من جانبها فى المرات السابقة؟
بالطبع لا
رابعاً: هل حبيبة لديها ما يسمى بـ "الرهاب" او الـ "فوبيا" من استقلال سيارة "اوبر"؟
بالطبع لا ، خاصة وانها هذه المرة تحديداً تركت سيارتها الخاصة لوالدتها وطلبت بنفسها "أوبر " عوضاً عنها بكامل إرادتها
خامساً: هل كان يدور فى عقل حبيبة إحتمال تعرضها لذلك أو تسكن بداخلها هواجس أو أوهام من إحتمال تعرضها لعملية خطف؟
أيضاً بالطبع لا ، والدليل أنها لو كانت تتوقع ذلك أو تساورها أية شكوك ما كانت تعاملت مع تطبيق أوبر من الأساس ، ولكانت فى أسوء التقديرات قد إحتفظت فى حقيبتها الخاصة بأى من وسائل الدفاع عن النفس المُتعارف عليها مثل ما يُعرف بـ (Self-defense) وما شابهه من (الرزاز الحارق )... وهو ما لم يحدث.
بالطبع الإجابة لا ...احيلكم لصدر المقال
سادساً: هل من الممكن أن يتعرض الانسان الطبيعى لمشهد وظروف تصيبه بالرعب وتدفعه للفرار؟
بالاستدلال والاستنباط الجزئى – مع الفارق النسبى فى القياس – نعود للآية الكريمة فى سورة الكهف التى تتحدث عن أصحاب الكهف ، حيث يقول الله سبحانه وتعالى (.... لو اطلعت عليهم لوليت منهم فراراً ولملئت منهم رعباً) ...نعم من الممكن مجرد أن يطلع على مشهد أو يكون بداخله لبرهة من الزمن أن يسكنه الرعب ويقرر الفرار دون أن يحدد وجهته وتبعاتها .
ثامناً: هل هذا الرعب قد يدفعها للقفز من سيارة مسرعة؟ بالطبع نعم ، خاصة إذا كان تقدير الأمور مفاده أن ما يترتب على قفزها أقل قسوة من استمرارها داخل السيارة.
أما بالنسبة لسائق "أوبر " سنطرح بشأنه أسئلة سريعة وهى .. ألم يكن لديك ما يكفى من الوقت لرش معطر بالسيارة قبل "ركوب" حبيبة ؟ ألم تسمع عن "الفواحات" التى تباع بكل محطات البنزين وتقوم بهذه المهمة ؟ لماذا لم تستجب لطلب حبيبة بالتوقف لتغادر السيارة بسلام؟
فى النهاية فإننى أضع هذه الأسئلة وتلك الإجابات أمام كل من يهتم بهذه القضية ، مع التأكيد أننى لا أصدر أية أحكام ، ولا أملك الحقيقة المطلقة ، وأن رأيى صواب يحتمل الخطأ ، ولن أكون سعيداً أو مرتاح البال إذا تم إدانة شخص برىء ، كما أننى لن أرتاح أيضاً إذا ضاع حق حبيبة الشماع .
أما فيما يخص خطأ حبيبة الشماع ..فهو بكل بساطة أنها وضعت ثقتها في من لا يستحقها .
اترك تعليق