سميرة الديب
أم المؤمنين جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن جذيمة الخزاعية. هي ثامن زوجات الرسول صلي الله عليه وسلم. فقد كان زواجها في السنة الخامسة للهجرة. وكان عمرها إذ ذاك عشرين سنة. ومن ثمار هذا الزواج المبارك فكاك المسلمين لأسراهم من قومها .. لأنها كانت سيدة نساء قومها. وكان أبوها قائد بني المصطلق.
* عرف عن السيدة جويرية انها كانت ذات صبر وعبادة كثيرة. فقد كانت تقضي يومها كله في التسبيح وذكر الله.
* وقصة إسلامها كانت عندما بلغ رسول الله صلي الله عليه وسلم - أنباء أن بني المصطلق يجمعون له ويستعدون لقتاله. وكان قائدهم الحارث بن أبي ضرار فلما سمع النبي عليه الصلاة والسلام بهذا خرج إليهم حتي لقيهم علي ماء لهم يقال له: "المريسيع" من ناحية قديد إلي الساحل فتزاحم الناس واقتتلوا فهزم الله بني المصطلق. وكان ذلك سنة خمس هجرية. وقد قتل زوج جويرية في هذه الغزوة
* كان رسول الله صلي الله عليه وسلم قد أصاب منهم سبيا كثيرا وكان فيما أصاب يومئذ من النساء جويرية بنت الحارث. وتم تقسيم السبي بين المسلمين. وقد استودعها رسول الله "ص" عند أحد الأنصار بعد أن أنصرف وأمره بالحفاظ عليها .. لكونها سيدة قومها. وكان هذا قبل توزيع الغنائم.
* وعندما قدم النبي عليه الصلاة والسلام المدينة. أقبل أبوها الحارث بن أبي ضرار بغداء ابنته. وأخذها. فلما كان بالعقيق نظر أبوها إلي الإبل التي جاء بها ليفدي ابنته. فرغب في بعيرين منها. فتركهم في شعب من شعاب العقيق حتي يعود ويأخذهم. ثم أتي النبي عليه الصلاة والسلام. وقال : يا محمد لقد أصبتم ابنتي. وهذا فداؤها. فقال عليه الصلاة والسلام " أين البعيران اللذان غيبتهما في العقيق في شعب كذا وكذا؟
فقال الحارث: أشهد أنك رسول الله. لأن هذا الذي فعلته لا يعلمه أحد إلا الله. فدفع الرسول إليه بجويرية. ثم أسلمت بعد إسلام أبيها وأخويها. وحسن إسلامها. وكان اسمها برة". فسماها رسول الله صلي الله عليه وسلم جويرية. وخطبها الرسول "صلي الله عليه وسلم" من أبيها فخيرها أبوها فقالت :" إني اختار رسول الله عليه الصلاة والسلام .. فزوجه إياها وأصدقها رسول الله أربع مئة درهم .. وكانت ابنة عشرين سنة .. وبزواجها من رسول الله صلي الله عليه وسلم أعتق أهل مائة بيت من بني المصطلق. فما كان من امرأة أعظم بركة علي قومها من السيدة جويرية رضي الله عنها.
ومن أهم الصفات التي اتصفت بها السيدة جويرية أنها كانت من الذاكرين لله كثيرا و الذاكرات. فقد ورد أنها كانت تذكر الله من بعد الفجر حتي شروق الشمس .. وكان النبي صلي الله عليه وسلم خرج مرة من عندها بكرة حين صلي الصبح. وهي في مسجدها. ثم رجع بعد أن أضحي وهي جالسة فقال لها: " أما زلت علي الحال التي فارقتك عليها ؟ " فقالت : نعم فقال النبي عليه الصلاة والسلام " لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات ولو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه. وزنة عرشه. ومداد كلماته " .
* أثر الرسول صلي الله عليه وسلم في تربية جويرية بنت الحارث أثرا كبيرا حتي أعدها لتكون أما للمؤمنين. فتأثرت به كثيرا في عبادتها وتصرفاتها. وأصبحت تشكل عقلها وتشبع وجدانها بالتعاليم النبوية المشرفة. فكانت تحب العبادات. وكانت تكثر من صيام النوافل. فلما أرادت أن تصوم يوم الجمعة منفردا. فقال لها رسول الله صلي الله عليه وسلم. أصمت أمس ؟ قالت: لا .. قال: " تريدين أن تصومي غدا " قالت لا. قال: فأفطري قد روت السيدة جويرية رضي الله عنها بعض الأحاديث. فكانت بذلك خير ناقل للتعاليم النبوية إلي الأمة كلها. وقد روي عنها عبد الله بن عباس. وعبيد بن السابق. وأبو أيوب. ومجاهد. وعبد الله بن شداد .
توفيت جويرية بنت الحارث في ربيع الأول سنة ست وخمسين هجرية في إمارة معاوية. وكان عمرها يومئذ خمس وستين سنة. وصلي عليها والي المدينة مروان بن الحكم . رضي الله عنها وأرضاها
اترك تعليق