"المرأة السودانية قوية. ليست منكسرة".. بهذه الجملة عبرت المخرجة السوادنية سارة سليمان عن فخرها بفيلمها "أجساد بطولية" الذي يتضمن قضايا. وحراكاً نسائياً طويلاً. ورائدات. كما أنه يتحدث عن نضال النساء السودانيات. وما تعرضت له أجسادهن من قمع عبر التاريخ علي أيدي المحتل والأنظمة المتعاقبة في الفترة من 1900 حتي مطلع السبعينات".
تحاورت "الجمهورية أون لاين" مع المخرجة سارة سليمان عن تفاصيل التحضيرات للفيلم والتي استغرقت 4 سنوات كاملة. وصولا بعرضه في جمع دول العالم العربي والغربي. إذ ان الفيلم خاض جولة في عدد من المهرجانات السينمائية.
حدثينا عن فكرة " أجساد بطولية "؟
- "أجساد بطولية" هو فيلم وثائقي تاريخي طويل راودتني فكرته عندما كنت أجهز لرسالة الماجستير الخاصة بي في أحد جامعات لندن. حيث كنت أتخيل الأحداث التي حدثت وقتها كفيلم أمامي. وخاصة إنني تناولت الفترة بين 1900 لأواخر السبعينيات. إذ أن المرأة السودانية تعرضت للمظالم والممارسات الخاطئة عبر التاريخ. كالاسترقاق والختان والشلوخ رسم علامات في الوجه عبر تجريحه وممارسات "الزار".
ما المدة التي استغرقها الفيلم في التحضيرات؟
- استمر تحضيري للفيلم 4 سنوات كاملة. حيث كانت المعاناة الأكبر في تجميع المادة الارشيفية. نظراً لكونه فيلماً تاريخياً يعتمد بشكل كبير علي هذه المادة. لذلك قمت بجمعها من بريطانيا والسودان سواء من أرشيف وطني وخاص. وهذا بالاضافة ان التصوير مع الضيوف استغرقت 3 شهور فقط.
ما سبب صعوبة الحصول علي المادة الارشيفية؟
- للأسف واجهت صعوبة كبيرة في الحصول علي الأرشيف الوطني. وتم تجاهلي لمدة 3 شهور كاملين وفي النهاية حصلت علي المادة الأرشيفية.
وبالنسبة للضيوف. هل واجتهي صعوبات في الالتقاء بهم واقناعهم للمشاركة؟
نهائياً لم تواجهني أي صعوبات معهم. جميع الضيوف كانوا سودانيين من نساء ورجال. وتم اختيارهم بعناية كبيرة. حيث كتبوا في مجالاتهم عن الحراك النسوي ودور المرأة في التغيير. لذلك كانوا سعداء بمشاركتهم في الفيلم. وكان بعضهم يعيش في بريطانيا ولبنان ومصر وقطر. وبالفعل ذهبت لكل شخص منهم للتصوير. ووجدت منهم كل الترحيب والمعاونة. إذ ان هناك منهم شخصيات كبيرة في السن . واتذكر إحدي الضيفات في منتصف التسجيل تعبت بشكل كبير. وطلبت من ابنتها أخذ الدوار واستكملت التصوير. رافضة التوقف. فهم شخصيات مؤمنة بدور المرأة بلا حدود.
وكيف كانت آراء الضيوف الرجال؟
- تعمدت ان يكون داخل أحداث الفيلم شخصيات رجال. لأن هذه الحركة النسوية ليست فقط للنساء. لانها مسيرة حقوق يجب ان يساهموا فيها الرجال واستكمال النضال.
مدة الفيلم 95 دقيقة فقط.. كيف ستستفيدين بالمادة المسجلة الموجودة معك؟
- صراحة أنا أعشق عملية التوثيق أقوم بتسجيلها وتصويرها. لذلك أثناء تسجيلي مع هؤلاء الضيوف الكبار. كنا نتحدث ساعة مثلا عن الموضوع الرئيسي وباقي الوقت عن مسيرتهم وكتبهم وآرائهم. لذلك انا معي 15 ساعة كاملة. سأستعين بها في أعمالي الاخري سواء أفلام عن سيرة هؤلاء الضيوف او افكاراً لموضوعات اخري.
"أجساد بطولية" تم عرضه في أكثر من دولة سواء بالعالم العربي او الغربي.. كيف وجدتي الاستقبال وردود الافعال؟
- بالفعل خاض الفيلم جولة في عدد من المهرجانات السينمائية حول العالم. حيث جاء عرضه العالمي الأول في مهرجان الفيلم الوثائقي في إمستردام "إدفا". نوفمبر الماضي. فشارك في قسم "front light". ليكون أول فيلم وثائقي سوداني يشارك بهذا القسم. ثم عُرض في "مالمو للسينما العربية". ومهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية. ومهرجان القدس للسينما العربية في فلسطين. وحصل علي جائزة كأفضل فيلم وثائقي. كما عُرض في السودان. وبريطانيا وأمريكا . وكانت تشهد صالة العرض انهيارات وبكاء لعدد كبير من الحضور سواء كانوا سودانيين او غيرهم. حيث كان يتفاجئ الجنسيات الاخري بما كان يحدث من انتهاكات. ولكن كان التعليق الأكثر ان نضال المرأة السوادنية يتشابه مع جميع النساء في العالم. إذ ان الحاضرات شعرن ان مشكلة "الجسد" موجودة في كل دولة وليست دولة بعينها.
ما هي الرسالة التي تريدين طرحها من خلال "أجساد بطولية"؟
- هناك رسائل كثيرة. بعضها واضح واخري مبطنة. تعبر عني وعن أفكاري. ونحن كسودانيات نفتخر بصمودنا. حيث إنه يتم قمعنا ولكننا لا ننكسر. ونتلقي الضربات ونحن واقفات. ونحارب ونحن صامدات وعلينا ان نفهم تاريخنا لنعرف كيفية الخروج من المأزق.
برأيك ما سر انجذاب الجمهور للسينما السودانية الفترة الاخيرة؟
- الجمهور يحب ان يتعرف عن العالم الذي لا يعلم عنه شيئاً. ونحن لدينا صناع يقدمون محتوي جيد. استطاعوا ان يوصلوا الثقافة السوانية للجميع.
كيف ترين تأثير السينما المصرية علي السينما السودانية؟
- السينما المصرية أثرت في العالم بأكمله وليس السينما السودانية فقط. إذ إنها كانت بمثابة الإلهام لنا. لنحكي قصصنا وموضوعاتنا وفقاً لثقافاتنا . صراحة بالنسبة لي شخصياً كنت انبهر عند مشاهدتي للأفلام والمسلسلات المصرية. وكبرت عليها. وكنت انتظر كل عام ماذا سيقدم الصناع لنا عامًا بعد عام.
ما أكثر فيلم لا تملين من مشاهدته؟
- فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة" لا أمل منه. فهو ملئ بالقيم المهمة والمختلفة. وأنا أحب جميع أعمال أحمد زكي.
من تتخذينه مثل أعلي لك من المخرجين المصريين؟
- أي مخرج عند سؤاله هذا السؤال. بدون تفير سيقول يوسف شاهين. كنت اتمني ان أعاصره واعمل معه. وايضاً أحب الفنانة مني ذكي فهي فنانة مختلفة ومتنوعة.
كيف تري استقبال المصريين للأشقاء السودانين بعد نزوح عدد كبير منهم إلي مصر؟
- نعم.. لجأ عدد كبير من السودانيين إلي مصر بعدما تم الاستيلاء علي جميع ممتلكاتهم وتجريدهم من كل شيء. وأغلقت بعض الدول أبوابها علينا في هذه المحنة. ولكن مصر فتحت أبوابها ونحن نحمل لها هذا الجميل ولن ننساه. مصر أعطتنا الأمان. ووقفت بجانب في أوقاتنا الصعبة.
وأخيراً.. ما الجديد لديك الفترة القادمة؟
- نظراً لعشقي للجانب الوثائقي. استعد لتحضير عمل طويل. يتحدث عن 9 سنوات وقت الاستعمار الانجليزي في السودان. وهذه الفترة حدثت فيها أحداث سياسية واجتماعية وفنية عديدة. فهي فترة مهمة في التاريخ السوداني. ولكنني لا استطيع ان أحدد هذه الفترة حالية. حتي يتم الانتهاء من الفيلم.
اترك تعليق