هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

تعريف الرشوة وطرق اثباتها وأنواعها

هي اتجار الموظف العام بأعمال وظيفته التي عهد بها إليه لتحقيق مصلحة من وراء ذلك، فهي تفترض اتفاق ما بين شخص يعرض على آخر جعلاً أو فائدة أو منفعة لأداء عمل من أعمال وظيفته ويقبها ذلك الآخر، ويسري في ذلك أيضاً على الطلب والأخذ، فجريمة الرشوة لا تتم إلا بانعقاد الاتفاق غير المشروع بين الراشي والمرتشي أو الوسيط بينهما في ذلك، وعلى فالأصل أن الرشوة هي جريمة موظف عام، ومن ثم فإن أركان الرشوة هي:



أركان جريمة الرشوة :
تقوم جريمة الرشوة بتوافر ثلاثة أركان هي:

1- صفة الموظف العام.

2- الركن المادي ويتمثل في الطلب أو الأخذ أو القبول.

3- الركن المعنوي: ويتخذ صورة القصد الجنائي.

وسوف نتناول كل ركن من هذه الأركان على النحو التالي:

الركن الأول: صفة الموظف العام:
صفة الموظف العام هي شرط مفترض في جريمة الرشوة، “وقد عبر الشارع عن عدم تبنيه الفكرة الإدارية للموظف العام في المادة 111 من قانون العقوبات التي نصت على فئات عديدة من الأشخاص يعد أفرادها من الموظفين العاملين في تطبيق نصوص الرشوة، وإن لم يكونوا كذلك وفقا للمفهوم الإداري للفكرة الموظف العام، ويكشف ذلك عن اختلاف أساسي في مدلول الفكرة في القانويين وعندنا ا، المادة 111 من قانون العقوبات لا تقتصر أهميتها على مجرد الإضافة الي الفكرة الإدارية وإنما تكشف عن فكرة جنائية تختلف عن الفكرة الإدارية وإن كانت تستوعبها.

الدفع بانتفاء صفة الموظف العام عن المتهم وقت جريمة الرشوة :
إذا ما دفع الموظف المتهم في جريمة من الجرائم الرشوة بانحسار صفة الموظف العام عنه، فإن هذا الدفع يعد من الدفوع الجوهرية التي يجب على المحكمة أن تفنده وتحققه، إذ يترتب عليه لو صح أن تنتفي الجريمةـ لذا فإنه يجب على المحكمة أن تتحقق من ان صفة الموظف توافرت في المتهم وقت وقوع الجريمة، ولو انحسرت عنه بعد وقوعها.

ومن ثم فإذا لم تتوافر هذه الصفة في المتهم وقت ارتكاب الجريمةـ فلا تقوم جريمة الرشوة، هذا مع ملاحظة حالة الموظف الظاهر.

حالة الصفة الوظيفية الظاهرة:
مرد فكرة الموظف الفعلي في الظروف العادية يعزي إلى الظاهر، حيث تتوافر مجموعة من المظاهر الخارجية تتعلق بمركز الموظف الرسمي، ليقتضي ذلك من ظهوره شاغلا إحدى الوظائف ذات الوجود الحقيقي وممارسا لمختلف اختصاصاتها المقررة، محتقظاً بنفوذها ومتمتعا بمظاهر السلطة التي تسبغها عليه حالة شغله لهذه الوظيفة دون سند صحيح – سواء لبطلانه أو لانتهاء أثره ،،،

شريطة أن يكون من شأن الظروف المحيطة التي مارس فيها وظيفته إيهام الغير بصحة تصرفاته، بحيث يعذر جمهور المتعاملين معه في عدم ادراكهم العوار الذي شاب على هذا المنصب والذي حجبهم عند مظاهره ـ إذ لم يفقد – بسبب هذا العيب – شيئا من المظاهر التي تسبغها عليه وظيفته،،،،

فهو في نظرهم يمثل سلطات الدولة ويعمل اسمها، وبذلك فقد غدا محلا لثقتهم. ومن ثم، فان تصرفه الماس بنزاهة الوظيفة العامة – والتي تغيا الشارع صونها من تجريمه الارتشاء – يخل بثقة هؤلاء في الدولة لأن ما يمس نزاهة الموظف ينعكس دون انفصام أو افصال على نزاهة الدولة. فاذا ما قام ذلك الشخص بالاتجار في وظيفته سعيا وراء المال أو نفع يصيبه هو أو غيره،،،،

فانه يصبح صالحا لتطبيق أحكام الرشوة عليه. ولا عبرة في ذلك بالمفهوم الإداري لفكرة الموظف العام. ذلك أن المشرع في قانون العقوبات ربط بين القيام بأعباء الوظيفة العامة ومفهوم الموظف العام، وهذه الصفة لا تتأثر بالعيوب التي تشوب علاقة الموظف بالدولة، طالما أنها لا تجرده في نظر جمهور الناس من صفته كعامل باسم الدولة ولحسابها، لذلك لم يتبين المشرع الفكرة الإدارية للموظف العام في المادة 111 من قانون العقوبات في تطبيق الرشوة،،،،

كما أنه لا يتأتى في منطق العقل والمنطق أن يهرب الموظف من العقاب على الارتشاء، لبطلان سند توليه الوظيفة أو انتهاء أثره، طالما باشر مهام هذه الوظيفة بمظاهرها الرسمية. كما لا يتأتى أيضا أن يطلب من الأفراد التحقق من صحة سند شغل الموظف لأعمال وظيفته إذا ما دعتهم الحاجة إليه التعامل معه، ذلك أن علاقة الإدارة بالأفراد وما يحيط بها من عدم تكافؤ، تستدعي الاعتداد بالوضع الظاهر، بالإضافة إلى أن الثقة الواجب توافرها في تصرفات الإدارة وما تتمتع به من قرينة الشرعية تقتضي ألا تخل بها.

الركن الثاني: الركن المادي:
يتمثل الركن الثاني من أركان جريمة الرشوة في سلوك اجرامي صادر من المتهم ويتمثل في ثلاثة حالات تقوم الجريمة بتوافر احداهما هي إما طلب أو أخذ، أو قبول، ينصب على سبب الرشوة على النحو التالي:

1- الطلب:
“الطلب هو تعبير يصدر عن الموظف العام بارادته المنفردة يعرض عمله الوظيفي لقاء فائدة أو وعد بفائدة، وتقع الرشوة بمجرد الطلب دون العرض من جانب صحة الحاجة، بل حتى لو تم رفض الطلب من جانب هذا الأخير إذ لا يلزم لوقوع الجريمة هنا قبول صاحب الحاجة”

“ويمكن أن تقع الرشوة من جانب الموظف لمجرد طلبه العطية مقابل عمله الحقيقي ولو لم يستجب له صاحب المصلحة ، فالموظف في هذا الفرض هو صاحب المبادرة في مشروع الرشوة الاجرامي”.

وتقوم الجريمة كذلك ولو لم يستجب صاحب الحاجة إلى طلب الموظف المرتشي، بل حتى لو رفض الطلب وسارع بإبلاغ الجهة المختصة، فالرشوة هنا في سلوك الموظف دون اعتبار لسلوك صاحب الحاجة.

وتقوم الجريمة كذلك ولو لم يستجب صاحب الحاجة إلى طلب الموظف المرتشيـ بل حتى ولو رفض الطلب وسارع بإبلاغ الجهة المختصة، فالرشوة هنا هي سلوك الموظف دون اعتبار لسلوك صاحب الحاجة.

ولا يشترط في هذا الطلب أن يتخذ شكلا معينا، فقد يكون شفاهة، وقد يكون كتابة، أو بأي سلوك يفهم منه أن الموظف يطلب رشوة، إلا أننا لا نرى أن هذا السلوك يجب أن يكون من الجد، وأن يكون من الوضوح الذي يخضع لمعيار الشخص العادي، أن المتهم بفعله هذا يطلب الرشوة، وبالطبع فإن هذا السلوك يخضع لتقدير قاضي الموضوع، ونرى أن قاضي الموضوع يجب أن يستخلص هذا السلوك بما تدعمه الأوراق بشكل جدي قاطع في صدور هذا الطلب من الموظف.

ويجب أن يكون طلب الرشوة اراديا أي صادرا عن إرادة الموظف صدورا يعبر عن ارادته الصحيحة الجادة في الحصول على المقابل لما سيقوم به من فعل، ولا يهم أن يتم الطلب من جانب المرتشي نفسه فيجوز أن يقوم شخص آخر بمباشرته باسمه، وتتخذ مسئولية هذا الشخص حسب وقائع كل دعوى، وتوافر أو عدم توافر القصد الجنائي لديه فيعبر مثل هذا الشخص وسيطا في الرشوة إذا كان على علم بالمهمة المكلف بها، ولكن تنتفي مسئوليته ان كان حسن النية مفتقدا دائنيته لصاحب المصلحة.

” ولا يشترط في الطلب أن يكون محددا فيما يتعلق بالعطية أو الوعد بها، بل يكفي أن يكون الطلب منصبا على عطية قابلة للتحديد، ذلك أن الموظف قد يطلب ثمنا لأداء العمل الوظيفي، ويترك تحديد ماهية هذا الثمن لفطنة وحسن تقدير صاحب المصلحة، ولكن يشترط في الطلب أن يكون محددا بالنسبة للعمل الوظيفي الذي يتعهد الموظف بأدائه لقاء العطية أو الوعد بها، فأن لم يكون كذلك فلا تقوم الجريمة بهذا الطلب”.

هذا وقد ساوت المادة 103 من قانون العقوبات في التجريم والعقاب بين طلب الموظف العمومي الرشوة لنفسه أو لغيره وأخذه العطية ومن ثم فلا مصلحة للمتهم من التحدي بأنه لم يطلب الرشوة لنفسه.

2- القبول:
القبول في صدد جريمة الرشوة هو كل تعبير يصدر عن الموظف ينبئ عن قبوله العطية أو الوعد، “فيكفي لوقوع جريمة الرشوة أن يقبل الموظف الوعد بالعطية الذي صدر من الراشي دون عبرة بما إذا كان الراشي قد نفذ هذا الوعد أو نكل عن تنفيذه،

إذ يكفي مجرد صدور القبول من المرتشي لوقوع جريمة الرشوة تامة كاملة، وللمحكمة أن تتحقق من توافر القبول من جميع ظروف الواقعة وفقا لما تستبينه من أدلة الإثبات المطروحة عليها ولا يشترط فيه أن يكون في صورة معينة فيستوي أن يصدر شفاهة أو كتابة صراحة أو ضمناً. وقد تستبين المحكمة القبول الضمني من سكوت الموظف في ظروف معينة تفيد معنى القبول.

ونحن نرى أن سكوت الموظف في ذاته لا يعد قبول، ولكن يجب أن تكون هناك من القرائن أو الأدلة التي تدل على أن السكوت في هذه الحالة هو يعني القبول، ونرى أن هذا التقدير يترك لمحكمة الموضوع ويكون لها مطلق الحرية في تقدير قيمة السكوت.

ومن ثم فان جريمة الرشوة تتم بمجرد طلب الرشوة من جانب الموظف والقبول من جانب الراشي وما تسليم المبلغ بعد ذلك إلا نتيجة لما تم الاتفاق عليه بينهما.

جدية القبول 
لما كان لا يشترط لقبول العرض شكلا أو طريقة معينة، ولكن يشترط أن يكون قبول الموظف جديا أو حقيقيا فإذا تظاهر بقبول العرض ليسهل على ولي الأمر القبض على العارض بجريمة فإن القبول الصحيح الذي تتم به الجريمة يكون منعدما في هذه الحالة، ولا يكون في المسألة أكثر من إيجاب لم يصادفه قبولا يعاقب عليه من عرض الرشوة فقط.

ويلاحظ أنه إذا كان العرض جديا في ظاهره، وقبله الموظف على هذا الأساس فإن  جريمة الرشوة تتوافر في حقه، ولو ثبت بعد ذلك أن الغرض لم يكن جديا في حقيقته.

3-الأخذ:
إذا كان مقابل الرشوة ذا طبيعة مادية فإن الأخذ يعني التسليم، فهو فعل يحصل به الراشي على الحيازة بنية ممارسة السلطات التي تنطوي عليهما، وليس بشرط أن يصدر التسليم عن الراشي، فقد يصدر عن وسيط حسن النية أو يرسل المقابل عن طريق البريد، وفي هذه الحالات يعد الأخذ متحققاً حين يعلم الموظف بالغرض من التسليم أو الإرسال فيقرر الاحتفاظ بهذا المقابل ،،،

ويجوز أن يكون التسليم رمزياً وإذا تجرد مقابل الرشوة من الطبيعة المادية فكان مجرد منفعة، فإن الأخذ يعتبر متحققاً حين يحصل المرتشي على المنفعة كما لو باشر الصلة الجنسية التي اعتبرت مقابل الرشوة.

وعلى ذلك فتنازل صاحب المصلحة عن دين له في ذمة الموظف يفيد ضمناً إرادة الأخذ لدى هذا الأخير كما يستفاد الأخذ أيضاً من مباشرة الوقاع مع صاحب المصلحة أو من الانتفاع بكل فائدة معنوية انصرفت إرادة الموظف إليها كمقابل للعمل الوظيفي المراد منه كقضاء سهرة في أحد الملاهي أو قيام الراشي بأداء عمل للموظف دون أن يتقاضى عنه أجراً كتصنيع أساس أو إصلاح سيارة، ويلاحظ أنه كذلك لا عبرة بنوع العطية ولا الهيئة التي قامت بها.

الشروع في الرشوة
إذا استحال تصور الشروع في الرشوة في حالتي (الأخذ والقبول) باعتبار أن فيهما (ينحصر مبدأ التنفيذ ونهايته) فإن الرشوة يتصور الشروع فيها في حالة الطلب، فالطلب لا يعد متحققاً – في مدلوله القانوني – إلا بوصوله إلى علم صاحب الحاجة فإن صدر عن الموظف وحالت أسباب (لا دخل إرادته) دون وصوله إلى علم صاحب الحاجة،،،،كما لو بعث إليه برسالة وضمنها طلبه ولكن السلطات العامة ضبطت الرسالة وحالت دون وصولها، أو كلف رسولاً إبلاغ طلبه ولكن هذا الرسول لم يفعل (فأخبر السلطات مثلاً) فإن جريمة الرشوة تقف بذلك عند مرحلة الشروع.

وعلى ذلك فقد قضت محكمة النقض بأن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله إلا أن الطلب الذي يعتد به ويتحقق به مدلوله القانوني وتقع الجريمة تامة هو ذلك الطلب الذي يصل إلى عالم الراشي أو صاحب الحاجة أما قبل ذلك فإنه لا يعدو أن يكون مجرد بدء في التنفيذ يقف بالجريمة عند حد الشروع.

سبب الرشوة
سبب جريمة الرشوة في المادة 103 عقوبات هو أداء عمل من أعمال الوظيفة الخاصة بالموظف:

وهذا السبب خاص بهذه الجريمة فقط المنصوص عليها في المادة 103 عقوبات، ونصت المواد 103 مكرراً، 104، و104 مكرراً على (سبب) في كل منها، سوف نتعرض له عن التعليق على تلك المواد.

سبب الرشوة في المادة 103 عقوبات
سبب الرشوة في المادة 103 من قانون العقوبات هو القيام بعمل من أعمال الوظيفة، ويقصد بالقيام بعمل من أعمال الوظيفة في هذا المقام هو أن يقوم الموظف بعمل معين من أعمال وظيفته، ولم يشترط المشرع أن يكون الموظف مختصاً بكل أعمال وظيفته، بل تقوم الجريمة ولو كان مختصاً بجزء من هذا العمل، فأي قدر من الاختصاص يجعل الموظف مختصاً بالعمل،،،،

ولا يشترط أن يتخذ نصيب الموظف من الاختصاص صورة اتخاذ القرار، بل يكفي أن يكون دوره مجرد المشاركة في تحضير هذا القرار، وعلى ذلك، فإنه لا يشترط في جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخله في نطاق الوظيفة مباشرة، بل يكفي أن يكون له نصيب فيها يسمح له بتنفيذ الغرض منها. كما تتحقق أيضاً ولو خرج العمل عن دائرة الوظيفة بشرط أن يعتقد الموظف خطأ أنه من أعمال وظيفته أو يزعم كذلك كذباً بصرف النظر عن اعتقاد المجني عليه فيما اعتقد أو زعم.

مصادر اختصاص الموظف
الأصل في العمل أن يتحدد اختصاص الموظف بقانون أو بناء على القانون، أو بلائحة وفي هذا المجال فإن تحديد اختصاص الموظف بقانون أو بناء على القانون، أو بلائحة وفي هذا المجال فإن تحديد اختصاص الموظف يكفي أن يكون بقرار من رئيس مختص يحدد فيه اختصاصات الموظف، قد يكون شفوياً أو مكتوباً،،،،

وعلى ذلك لا يحتم القانون أن يكون تعيين أعمال الوظيفة بمقتضى قانون أو لائحة، وليس فيه ما يمنع أن يدخل في أعمال الموظف العمومي كل عمل يرد عليه تكليف صادر من رئيس مختص، ولا يقدح في ذلك أن يكون هناك قرار وزاري بتنظيم توزيع العمل بين الموظفين لأن ذلك إجراء تنظيمي لا يهدر حق رئيس الإدارة في تكليف موظف بعمل خاص بإدارة أخرى.


وتوافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب الرشوة من أجله هو من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أصل ثابت في الأوراق.

ومن ثم فإذا نازع المتهم في مسألة الاختصاص بالعمل، فيجب على المحكمة أن تعرض لهذا الدفاع، وأن تقول كلمتها فيه، فقد قضت محكمة النقض بأنه “لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أثار في دفاعه أن الموظف الذي قبل بعرض الرشوة عليه غير مختص بختم تصاريح العمل الذي طلب إليه أداؤه، أياً كان نصيبه فيه،

ركن في الجريمة عرض الرشوة المنصوص عليها في المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات مما يتعين إثباته بما ينحسم به أمره وخاصة عند المنازعة فيه، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعرض البتة لما أثاره الطاعن في دفاع هذا الشأن، يكون معيباً بما يبطله”.

وقضت كذلك بأن اختصاص الموظف بالعمل الذي دفع الجعل مقابلا لأدائه سواء كان حقيقياً أو مزعوماً أو معتقداً فيه، ركن في جريمة الرشوة التي تسبب إليه، ومن ثم يتعين على الحكم إثباته بما ينحسم به أمره، وخاصة عند المنازعة فيه، دون الإجتراء في الرد بتقريرات قانونية عامة مجردة عن الاختصاص الحقيقي والمزعوم لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام، ولا يتحقق بها ما يجب في التسبيب من وضوح البيان، مما يجعل الحكم قاصر البيان متعيناً نقضه.

الركن الثالث: الركن المعنوي
الرشوة جريمة عمدية فيشترط لتوافرها القصد الجنائي، أي اتجاه إرادة الموظف إلى جميع عناصر الفعل المادي المكون للرشوة كما وصفه القانون، يتوافر كذلك علمه بأن المقصود بالوعد أو العطية أن يكونا مقابلاً لعمل أو امتناع يختص هو به او  أن يزعم أو يعتقد خطأ أنه من اختصاصه فإذا كان يعتقد وقت تقديم العطية له أنها لغرض بريء فلا تتوافر في حقه الجريمة.

ومن ثم فإن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن من أعمال الوظيفة أو للإخلال بواجباته وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته أو استغلالهاـ ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبة العمل أو الامتناع أو الاخلال بواجبات الوظيفة.

ولا يشتط أن يستظهر الحكم هذا الركن على استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد توافره.

وعلى ذلك فيجب

1- أن تتجه إرادة الموظف إلى ارتكاب الفعل المادي وأخذ مقابل الرشوة بقصد الملك والانتفاع.

2- يجب أن يعلم الموظف أن الرشوة هي مقابل الاتجار بأعمال وظيفته.

“ولا يحول دون عدم توافر القصد الجنائي أن يعلم الموظف متأخراً بنية الراشي ولو قام بعد ذلك بالعمل المطلوب أو استمر فيه، وذلك باعتبار أن القصد يجب أن يكون معاصراً للركن المادي للجريمة، فإذا جاء لاحقا عليه فقد اثره القانوني في تكوين الجريمة، ولا وجه للتحدي بإن استمرار الموظف في حيازة العطية أو الانتفاع بها بعد بالغرض من تقديمها يعد قبولا كما ذهب البعض، ذلك أن هذا القبول لا تتوافر به جريمة الرشوة ما لم يكن معاصراً للقصد الجنائي”

“ولكن يجب التفرقة بين هذا الوضع ووضع آخر محله أن يدخل المال في حيازة الموظف بغير علمه وإرادته كما لو أرسل إليه في بيته دون إخطاره، ثم علم بذلك فقرر الاستيلاء عليه، في هذا الوضع يتوافر القصد المطلوب في الرشوة ذلك أنه قبل علمه قبل علمه بالغرض من إرسال المال إليه لم يكن قد ارتكب أياً من الأفعال التي تقوم بها الرشوة، وقد ارتكب هذا الفعل هذا الفعل حينما الاستيلاء على ذلك المال، وفي هذه اللحظة ذاتها توافر لديه القصد”

العلم بالصفة وإرادة الفعل:
لما كانت جريمة الرشوة هي من الجرائم العمدية التي تتطلب العلم والإرادة، فيجب أن يعلم المرتشي بتوافر أركان الجريمة، ويعلم بأنه موظف وأنه مختص بالعمل الوظيفي، وأن يعلم بالمقابل المقدم له، وكذلك يجب أن يعلم الموظف بأن الرشوة التي طلبها أو أخذها هي مقابل أداء عمل من أعمال وظيفته، فإذا انتفى هذا العلم، فلا جريمة، أي أن يكون الموظف قد اعتقد أن المبلغ المقدم هو مثلاً ديناً لدى الراشي له يقوم بسداده له بناء على علاقة سابقة بينهما.

وتطبيقا لذلك لا يتوافر القصد الجنائي لدى المتهم إذا لم يكن قد بلغ بعد بقرار تعيينه الذي صدر بالفعل في الوقت الذي قبل فيه الوعد أو العطية، وكان يعتقد خلافاً للحقيقة التي يجهلها عدم صدور القرار.

إثبات القصد الجنائي
يستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الاخلال بواجبات الوظيفة، ومن ثم فلا يشترط قانوناً لقيام جناية عرض الرشوة أن يصرح الراشي للموظف بقصده من هذا العرض وبأنه يريد شراء ذمته، بل يكفي أن يصرح الراشي للموظف بقصده من هذا العرض وبأنه يريد شراء ذمته،،،،

بل يكفي أن تدل ظروف الحال على توافر هذا القصد – ذلك بأن الركن المعنوي لهذه الجناية شأنه شأن الركن المعنوي لأية جريمة أخرى، قد يقوم في نفس الجاني وغالباً ما يتكتمه، ولقاضي الموضوع – إذا لم يفصح الراشي عن قصده بالقول أو الكتابة – أن يستدل على توافره بكافة طرق الإثبات وظروف العطاء وملابساته.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق