حركة مكوكية تشهدها جنبات جهاز حماية المستهلك، بعد تولي إبراهيم السجيني، رئاسته مؤخرا، إذ بدأ من اليوم التالى لتولى منصبه فى الخروج على رأس حملات تفتيشية مكبرة ومتنوعة معلنا الضرب بيد من حديد على مُحتكرى السلع الغذائية وغير الغذائية من أجل ضبط الأسعار فى الأسواق، وبعد سلسلة حملات موسعة على مستوى الجمهورية وضبط مئات الأطنان من الأرز والزيت والسكر المخزنة وتحويل المخالفين للنيابة العامة، التفت رئيس حماية المستهلك الجديد إلى العمل على محاربة "حيتان سوق التبغ والسجائر" التى اشتعلت أسعارها حتى وصلت حد الاختفاء عند حتى كبار التجار.
رئيس جهاز حماية المستهلك اجتمع بكل الشركات العاملة في قطاع السجائر، لمناقشة أزمة ارتفاع الأسعار الحالية وسبل حلها وألزمپ الشركات بإرسالها كشف مفصل إلي الجهاز. يوضح فيه اسم التاجر سواء جملة أو موزع أو حتي كشك، به الاسم والعنوان ليتسني مراقبتهم، فيما أسفرت حملات جهاز حماية المستهلك عن ضبط 142084 عبوة تبغ وسجائر تم حجبها عن السوق تمهيدا لبيعها بأسعار مرتفعة.
"الجمهورية أون لاين" حاورت أطراف الأزمة والقائمين على حلها، لمناقشاتهم من أجل سبر أغوار القضية ومعرفة الأطراف المتسببة فى المشكلة.
قال المهندس إبراهيم إمبابى رئيس شعبة الدخان باتحاد الصناعات، إن جهاز حماية المستهلك لديه من الآليات ما تمكنه من متابعة تنفيذ قراراته الأخيرة بشأن ضبط أسعار سوق السجائر، بعدما انتهي اجتماع رئيس جهاز حماية المستهلك مع رؤساء الشركات العاملة في قطاع السجائر، لمناقشة أزمة ارتفاع الأسعار الحالية وسبل حلها، إلي إلزام الجهاز للشركات بإرسال كشف مفصل بأسماء التجارپ "جملة - موزع - كشك" وعناوينهم لمتابعتهم بحملات تفتيشية ومراجعة فواتير التوريد والبيع، ثم شطب أي من هؤلاء لدي شركات إنتاج السجائر إذا ثبت للجهاز تلاعب أي منهم أو حجبه البضاعة عن السوق.
وتابع رئيس شعبة الدخان، بأن القرار الحازم من حماية المستهلك، من المتوقع أن يحل 70% من أزمة السجائر فى الأسواق، ويعيد الأسعار إلى معدلاتها الطبيعية فى مدة أقصاها 45 يوما، مشيرا إلى أن قطاع الدخان فى مصر يضم 53 مصنعا لإنتاج السجائر والمعسل بما فيها الشركة الشرقية للدخان، وأن إنتاجهم يكفى الاستهلاك خاصة بعد أن رفعت الشرقية للدخان معدل إنتاجها لـ20%، فى الربع الأخير من العام الماضي، لكن زيادة معدلات الإنتاج لم تحل المشكلة، بل زاد من آثارها، إذ استغل التجار الأمر برفع معدلات التخزين لرفع أسعارها، وزيادة هامش ربحهم إلى أكثر من 50% وهذا أكبر أسباب أزمة أرتفاع أسعار السجائر.
أوضح أن المدخنين فى مصر يستهلكون 4 مليارات علبة سجائر سنويا و280 مليون سيجارة يوميا، مقترحا على الحكومة أن تستمع إلى مقترحات الشعبة العامة للدخان، والتى من الممكن أن تقضى على الأزمة خلال 48 ساعة فقط، ومنها قلب هرم توزيع السجائر المعمول به من قبل الشركة الشرقية للدخان "إيسترن كومباني"، من خلال توزيع السجائر على صغار التجار وفي الأكشاك، وعدم توريد السجائر إلى كبار الموزعين، وإصدار تشريع ضريبي بتعديل الشريحة الضريبية على السجائر، وطرح مضبوطات السجائر فى محطات البنزين التابعة للدولة.
ثمن محمود العسقلاني رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء"، قرار رئيس جهاز حماية المستهلك بتسليم الشركات كشوف التوزيع للجهاز. وتمني أن يحدث مردودا إيجابيا، وقال: الجهود محمودة وقرار رئيس جهاز حماية المستهلك جيد وإيجابي، لأن بهذه الآلية سيتم حصر أسماء وعناوين الموزعين ومراقبتهم وبناء عليه يتم السيطرة علي أسعار السجائر، خاصة أنها سلعة مسعرة ومعلن السعر عليها، ومن المفترض أن يبيع تاجر التجزئة أو البقال والكشك بنفس السعر المكتوب على العلبة.
وتابع: ينتظر أن يكون لتنفيذ قرارات حماية المستهلك مردود سريع ينعكس على ضبط أسعار سوق السجائر فى الأيام المقبلة.
أبدي "العسقلاني" تخوفه من سلوكيات شركات السجائر نفسها قائلا: رغم هذه الجهود والتحركات أعتقد أن شركات إنتاج السجائر مستفيدة من الموزعين والتجار، ولن تعطي قائمة كاملة بأسمائهم، لكن يبقي الأمل فى جهود جهاز حماية المستهلك خاصة أنه بدأ يدرك أن تلك الفترة قاسية على كل الناس.
قال بائع تجزئة رفض ذكر اسمه: "أرغمتني ظروف السوق وارتفاع سعر السجائر على إيقاف بيعها داخل متجرى لعدم توافرها من الشركة المنتجة بنفس الكميات التى كانت قبل الأزمة.
أوضح أن الشركة المنتجة قالت لبائعى التجزئة إن كميات التبغ غير كافية لذلك قل الإنتاج وبالتالى تراجع التوزيع مقارنة بالفترات السابقة، وإذا كانت حصتى فى السابق "10 خراطيش سجائر، يوميا، فالآن غير مسموح من الشركة إلا بخرطوشة واحدة، فأصبح مضطرا للجوء إلى شرائها من كبار التجار الذين قاموا برفع أسعارها إلى 3 و4 أضعاف، وهذا أدى إلى رفعها أسعارها فى السوق.
أضاف أن كبار التجار يتحصلون على حصة كبيرة من الشركة المنتجة لكن بأساليب ملتوية، والحل أن توزع الشركة مباشرة على تجار التجزئة لينخفض السعر على المستهلك النهائى وتنتهي الأزمة.
وإذا كان جهاز حماية المستهلك يقوم بحملات على صغار الموزعين وتجار التجزئة والأكشاك فهذا ليس عدلا لأن المتسبب فى الأزمة الشركات المنتجة سواء بتقليل الكميات التى توزعها على محال البقالة أو الأكشاك أو بتخصيص نصيب الأسد لكبار التجار المعروفين بالاسم فى السوق للجميع، وهى بذلك تعطيهم مفتاح التحكم فى بورصة السجائر يوميا.
قال د. وليد جاب الله الخبير الاقتصادي وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، إن عدد السكان فى مصر يتزايد بصورة كبيرة، إذ يتجاوز عدد السكان 105 ملايين نسمة، وهو ما ينعكس على زيادة حجم الطلب على السلع والمنتجات بما فيها السجائر، ولأن إنتاج السجائر يقتصر على شركة كبرى ورغم توسعاتها فإن تلك الزيادة لا تكون كافية لهذا الحجم من الاستهلاك فى وقت أصبحت فيه الصناعة مهمة، لأنها تتجه لتصدير منتجاتها إلى الخارج.
أضاف: رغم أن الدولة تتعامل مع ملف السجائر وفقا لأحكام قانون مكافحة الاحتكار، وهناك طرح لنسبة من أسهم شركة السجائر الكبري في مصر للاستثمار، لكن إجمالا السوق المصرية تحتاج إلى أكثر من شركة لإنتاج السجائر، لا سيما أن تكون هناك شركات تنتج سجائر بماركات عالمية يجرى تصديرها إلى الخارج فى المناطق الاقتصادية الخاصة بصورة تؤدى لزيادة الإنتاج مما يخلق تنافسية فى الداخل ويساعد على تصدير تلك المنتجات للخارج.
أكد رئيس جهاز حماية المستهلك إبراهيم السجيني، مواصلة الجهاز حملاته الرقابية واستمرارها فى الشارع لحين عودة الانضباط فى الأسواق.
وشدد فى تصريحات لـ"الجمهورية أون لاين"، على أن الجهاز لن يدخر جهداً فى اتخاذ أى إجراءات رقابية استباقية من شأنها حماية وصون حقوق المستهلكين والتصدى بكل قوة لأي تاجر مُخالف مُستغل يقوم بحجب السلع أو البيع بأزيد من السعر سواء سلع غذائية وغير غذائية وعلى الفور يتم إحالة المخالفين للنيابة العامة.
أضاف أنه يتم تكثيف الحملات على مدار الساعة والتواجد الميدانى لكل أفراد الجهاز، إذ يعمل الجهاز خلال الفترة الحالية بالطاقة القصوي من أجل التصدى بكل حزم وجدية لمُحتكرى السلع وعدم الإعلان عن الأسعار أو البيع بازيد من السعر.
كشف رئيس جهاز حماية المستهلك عن أنه خلال 75 يوما تقريباپ شن الجهاز 2091 حملة تفتيشية على 31372 منشأة وتم تحرير 8272 محضر وأحيل المخالفون للنيابة العامة منهم 3460 محضرا لعدم إعلان السعر، و840 بيع أزيد من السعر ضبط خلالها 142084 عبوة تبغ وسجائر، و916 طن سلع غذائية "سكر، أرز، لحوم، دواجن وبقوليات".
ناشد "السجيني" المواطنين بضرورة الإبلاغ الفوري عن أى مخالفات من شأنها الإضرار بحقوق المستهلك أو المُغالاة فى الأسعار وحجب السلع، وذلك من خلال الخط الساخن للجهاز 19588 من أي خط أرضي يوميا، أو عبر خدمة الواتس اب على رقم 01000000329.
أكد د. عمرو يوسف خبير الاقتصاد والتشريعات المالية والضريبية، أن الاحتكار يعد أحد أهم أسباب تصاعد وتيرة الأسعار ككل وليس سعر السجائر فحسب، وهو دافع رئيسي لازدياد مظاهر التضخم الحالي لتؤثر على الأسعار نتيجة نقص المعروض من السلع الموجودة والمتاحة داخل الأسواق فيصبح معه حجم الطلب لا تقابله سلع متاحة، الأمر الذي يزيد من عدم تأثير أى سياسات أو تدابير تتخذها الدولة فى مواجهة التحديات الخاصة بارتفاع الأسعار.
أضاف أن الاحتكار فضلا عن كونه معاقب من يرتكبه ضمن القوانين والتشريعات المنظمة يعد جريمة اجتماعية وأخلاقية كبيرة باستغلال حاجة الناس لاستثمار ذلك فى رفع جبري لسعر السلعة. لذلك وجب التصدي له بتغليظ العقوبات والغرامات.
اترك تعليق