عام 2024 يبدأ بأرقام مناخية قياسية جديدة علي مدي 12 شهرا متتاليا، تجاوز ارتفاع درجة حرارة الكوكب 1.5 مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، وفق ما أفاد البرنامج الأوروبي لرصد الأرض "كوبرنيكوس" فى ما وصفه العلماء بأنه "تحذير للبشرية".
ضربت الأرض عواصف وحرائق وموجات جفاف مع مساهمة تغير المناخ الذي فاقمته ظاهرة إل نينيو، في ارتفاع درجات الحرارة إلي مستويات قياسية في العام 2023. ما يجعلها علي الأرجح السنة الأكثر حرا منذ 100 ألف عام.
وأفاد كوبرنيكوس أن مستويات الحر القياسية استمرت في العام 2024، مؤكدا أن الفترة الممتدة من فبراير 2023 إلي يناير 2024 شهدت ارتفاعا في درجة الحرارة بمقدار 1.52 درجة مئوية فوق عتبة القرن التاسع عشر.
وأوضح ريتشارد بيتس، مدير دراسات تأثيرات المناخ في المكتب الوطني للأرصاد الجوية البريطاني "هذا لا يعني أننا تجاوزنا عتبة 1.5 درجة مئوية التي حددت في اتفاق باريس" عام 2015 لمحاولة وقف ظاهرة احترار المناخ وتبعاتها.
ولكي يحدث ذلك، يتوجّب تجاوز هذا الحد بطريقة مستقرة علي مدي عقود.
قال يوهان روكستروم من معهد بوتسدام للبحوث حول تأثير المناخ "بلغنا عتبة 1.5 درجة مئوية ونحن نري كلفتها، تكاليف اجتماعية واقتصادية".
وأوضح "1.5 رقم كبير ويؤذينا بشدة من حيث موجات الحر والجفاف والفيضانات والعواصف وندرة المياه في كل أنحاء العالم. هذا ما علمنا إياه عام 2023".
وأضاف روكستروم لوكالة فرانس برس "من الواضح أنه تحذير للإنسانية بأننا نتحرك بشكل أسرع من المتوقع نحو حد 1.5 درجة مئوية المتفق عليه". مشيرا إلي أن درجات الحرارة ستنخفض علي الأرجح إلي حد ما بعد انتهاء ظاهرة إل نينيو.
وقال كوبرنيكوس إن الشهر الماضي يناير كان الأكثر حرا علي الإطلاق، وهو الشهر الثامن علي التوالي الذي يسجّل درجات حرارة قياسية، إذ كانت أعلي بمقدار 1.66 درجة مئوية من تقديرات متوسط يناير للفترة 1850-1900، وهي الفترة المرجعية قبل الثورة الصناعية.
وقالت سامانثا بورجيس نائبة مدير مرصد كوبرنيكوس "يبدأ عام 2024 بشهر قياسي. ليس من حيث أنه أدفأ أشهر يناير علي الإطلاق فحسب، بل لأننا شهدنا أيضا فترة 12 شهرا ازدادت فيها درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية عن الفترة ما قبل الثورة الصناعية".
استمرت الانبعاثات المسببة لاحترار الكوكب والناجمة بشكل أساسي عن حرق الوقود الأحفوري، في الارتفاع في السنوات الأخيرة في حين يقول العلماء إنه يجب خفضها بمقدار النصف تقريبا هذا العقد وفيما حذرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة بأن العالم قد يتجاوز حد 1.5 درجة مئوية مطلع ثلاثينات القرن الحادي والعشرين.
وقال جوري روجيلج أستاذ علوم وسياسات المناخ في إمبيريال كوليدج لندن لوكالة فرانس برس إن "تعاقب السنوات الحارة جدا يعد خبرا سيئا لكل من الطبيعة والبشر الذين يشعرون بتأثيراتها".
وتابع "إذا لم تخفّض الانبعاثات العالمية بسرعة إلي الصفر، سيتخطي العالم قريبا حدود السلامة المنصوص عليها في اتفاق باريس للمناخ".
وأشار مرصد كوبرنيكوس إلي أن درجات الحرارة في يناير كانت أعلي بكثير من المتوسط في شمال غرب إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطي. وكذلك شرق كندا وجنوب أوروبا.
لكنها كانت أقل من المتوسط في أجزاء من شمال أوروبا وغرب كندا والمنطقة الوسطي من الولايات المتحدة.
وفي حين شهدت أجزاء من العالم هطول أمطار قياسية في يناير، عانت مساحات واسعة من أميركا الشمالية والقرن الإفريقي وشبه الجزيرة العربية ظروفا أكثر جفافا.
في تشيلي التي شهدت موجة حر وجفاف شديدة. تسببت الظروف الجافة في إشعال حرائق غابات. وفق كوبرنيكوس.
واستمرت هذه الظروف حتي فبراير وقد تحولّت حرائق بدأت الجمعة إلي جحيم اجتاح أحياء منطقة فالبارايسو الساحلية خلال عطلة نهاية الأسبوع ما أسفر عن مقتل أكثر من 130 شخصا.
وأشار المرصد الأوروبى إلي أن ظاهرة إل نينيو التى ترفع درجة حرارة سطح البحر فى جنوب المحيط الهادئ ما يؤدى إلى طقس أكثر حرا على مستوي العالم، بدأت تضعف في المنطقة الاستوائية من المحيط الهادئ.
فى غضون ذلك، استمرت درجات حرارة سطح البحر فى تسجيل أرقام قياسية.
وتغطي المحيطات 70% من الكوكب وساهمت فى إبقاء سطح الأرض صالحا للعيش من خلال امتصاص 90% من الحرارة الزائدة الناتجة عن التلوث الكربونى الناجم عن النشاط البشرى منذ فجر العصر الصناعي.
وتعنى محيطات أدفأ مزيدا من الرطوبة في الغلاف الجوى، ما يؤدى إلى طقس غير منتظم على نحو متزايد، مثل الرياح العاتية والأمطار الغزيرة.
اترك تعليق