هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

"جريمة بيضاء".. القطاع الخاص يفتح صفحة جديدة مع المسرح

محسن عبد العاطي

عندما يخبرك أحدهم أن عرض "جريمة بيضاء" من إنتاج القطاع الخاص. ستعتقد منذ الوهلة الأولي أنه عرض هزلي يعتمد علي الإفيهات اللفظية والإيحاءات الجنسية المبتذلة. لكنك عندما تذهب إلي مسرح الهوسابير وتشاهده. ستكتشف عكس ماظننت تماما. سوف تشاهد واحدا من العروض المسرحية المحترمة والعميقة والجادة والمصنوعة باحترافية شديدة.


العرض مأخوذ عن قصة" العطل" للكاتب السويسري فريدرشدورينمات. وهو من تأليف الزميل الشاعر والمسرحي يسري حسان. الذي قدم نصا مشحونا بالدلالات. ومثيرا للأسئلة العميقة. أضاف حسان عدة شخصيات جديدة إلي النص الأصلي. وتعامل بجرأة شديدة معه. خاصة مع النهاية التي كتبها دورينمات والتي يقوم فيها البطل بشنق نفسه.

لم يشأ حسان أن ينتهي العرض بموت البطل. حيث انتهت المحاكمة. التي أقامها له رجال قانون متقاعدون. بالحكم عليه بالإعدام حيا. أي أن يظل حيا ميتا. إلا إذا سعي إلي إصلاح ذاته. وبحث له عن طريق مستقيم. أو بمعني أدق. وكما يقول نص العرض. أن يكون إنسانا وكفي.

قصة العرض باختصار أن ألفريدو ترابس تاجر الأقمشة تتعطل سيارته في إحدي المدن السويسرية الهادئة. فيضطر إلي المبيت في بيت أحد القضاة المتقاعدين. الذي يلعب كل ليلة لعبة مسلية. هو ووكيل نيابة متقاعد. ومحام متقاعد. وجلاد متقاعد. بأن يختاروا أحد الأشخاص ليحاكموه بعيدا عن القوانين المتبعة في سويسرا. والتي لاتعترف سوي بالأدلة المادية.

وخلال المحاكمة نكتشف أن ألفريدو ترابس تسبب في قتل رئيسه في العمل ليحل محله. وذلك عن طريق إقامة علاقة مع زوجته والتعرف علي كل أسراره من خلالها. بل وتعمد أن يصل خبر علاقته بالزوجة إلي رئيسه في العمل. حتي يفقده ثقته في نفسه وفي زوجتهما أدي في النهاية إلي موته بأزمة قلبية.

ونكتشف خلال المحاكمة أيضا أن ألفريدو سرق وغش وخان. وهو يعترف بذلك بعد أن حاصره وكيل النيابة بأسئلته. لتنتهي المحاكمة بالحكم عليه بالإعدام حيا.

استطاع المخرج.الموهوب بحق. سامح بسيوني بذكاء شديد أن يصيغ هذا العرض بتوازن محسوب. جامعا بين التراجيديا والكوميديا. وموظفا ممثليه بشكل جيد. وقد كان بارعا عندما جعل بطله ألفريدو ترابس يجلس في بعض اللحظات وسط الجمهور. ليشير بذكاء شديد إلي أننا جميعا هذا الرجل.

ورغم تعدد المشاهد فقد برع مهندس الديكور حازم شبل في تصميم ديكوراته المرنة وتغيير مناظره بشكل سلسل بعيدا عن أي ارتباكات. وجاءت إضاءة إبراهيم الفرن لتضفي علي المشهد جمالا من نوع خاص. فضلا عن قدرتها التعبيرية عن مجريات الأحداث. ونفس الأمر في الموسيقي التي وضعها محمد علام. فشكل الديكور والإضاءة والموسيقي. والملابس التي صممتها سماح نبيل. صورة مسرحية شديدة الثراء والجاذبية.

أما التمثيل فكان درة هذا العرض الذي غامرت الكاتبة والمنتجة أروي قدورة بإنتاجه. كما لو أن القطاع الخاص يفيق من غفوته ويصالح جمهوره بعمل من النوع الثقيل. كانت هناك مباراة في التمثيل بين ناصر سيف الذي قام بدور ألفريدو ترابس ودرس شخصيته بعمق وقدمها باحترافية ممثل متمكن. وخالد محمود المحامي الماكر صاحب الحضور الطاغي. وعلاء قوقة وكيل النيابة الماهر في انتزاع الاعترافات. وأيمن الشيوي القاضي الهادئ الرصين المتمكن. ورضا إدريس في دور البستاني خفيف الظل والذي كان بحق فاكهة هذا العرض. وكذلك مجموعة الشباب الذين يمتلكون طاقات تمثيلية هائلة استطاع سامح بسيوني أن يفجرها: منة بكر في دور زوجة ترابس. نور القاض في دور عاشقة ترابس. وليد الإدفاوي في دور مدير الفندق. أحمد أبو زيد في دور الجلاد. رامي حازم في دور الميكانيكي. جنا عطوة في دور شقيقة ترابس. نور مجدي في دور الخادمة.

عرض "جريمة بيضاء" تأليف يسري حسان. إنتاج أروي قدورة. إخراج سامح بسيوني. مخرج منفذ شروق طارق. من العروض التي تمثل نقلة نوعية. وإضافة مهمة إلي المسرح المصري عموما وليس مسرح القطاع الخاص فحسب.
 





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق