لماذا يعذبني الله على المعاصي التي صدرت مني ،وقد كتبها علي _سؤال اجاب عليه الدكتور عطية لاشين استاذ الفقه المقارن بجامعة الازهر الشريف _ قال فيه ان الله تعالى خلق الحيوانات بشهوة دون عقل ،ولذلك رفع عنهم الحساب والمسائلة
وكذلك خلق الله الإنسان مزودا بالشهوة والعقل معا فمن غلب منهم عقله شهوته فاز وسلم ونجا في دينه ودنياه وحياته وأخراه ،وطاول بقامته قامة الملائكة الأخيار ،والعكس صحيح من غلب منهم شهوته عقله كان من الأخسرين أعمالا وانحطت منزلته عن دركة الحيوانية
واوضح إن الله خلق الإنسان وزوده بوسائل كل من الهداية ،والضلال وجعل له مساحة من الاختيار بين الأمرين : الهداية أو الضلال فمن اختار الهداية أثيب على هذا الاختيار الإيجابي ومن اختار الغواية عوقب على نتيجة اختياره السلبية ٠
واكد على ان الهداية ليست مفروضة ومقدرة على قوم معينين ،كما أن الضلالة ليست من قرعة قوم آخرين ،بل الهداية بابها مفتوح لمن اختارها ،والضلالة أبوابها مفتحة لمن ولجها ودخلها واستشهد على ذلك بعدد من الايات وهى
_قوله تعالى " وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ " الكهف: 29
_ فجعل للعبد مشيئة واختيارا في أحد الأمرين : الإسلام أو الكفر ٠
_وقول الله تعالى " إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا" الإنسان: 3 _ أي باختياره ومشيئته ٠
_ وكذلك قوله جل شأنه " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" التغابن: 2
_ وقوله "فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ ۚ" التغابن: 2 ولم يقل المولى مثلا : فجعلنا بعضكم مؤمنين وبعضكم كافرين بل نسب الإيمان إلى من اختاره ،والكفر كذلك نسبه إلى صاحبه الذي اختاره ٠
_و في سورة البلد " وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ" البلد: 10 وفي سورة الشمس "فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا"سورة الشمس: 8_أي زودها بوسائل الفجور ،كما زودها بالوسائل الموصلة إلى التقوى ٠
واشار الى ان من اختار طريق الهداية زاده الله منها قال تعالى"وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى " مريم: 76
وإذا اختار العبد طريق الغواية والضلال زاده الله ضلالا على ضلاله قال تعالى :(قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا )٠
وفى ختام الاستدلال من كلام الرحمن في القرآن :(﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ_ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ_ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ_وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ_وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ_ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ" سورة الليل10:9:5:7
ولفت ان المولى عز وجل صدق ربنا حيث يقول ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾[ يونس: 44]
وفى التفسير المُيسر للاية الاخيرة _إن الله لا يظلم الناس شيئًا بزيادة في سيئاتهم أو نقص من حسناتهم، ولكن الناس هم الذين يظلمون أنفسهم بالكفر والمعصية ومخالفة أمر الله ونهيه.
وفى التفسير المُختصر _إن الله تنزه عن ظلم عباده، فهو لا يظلمهم مثقال ذرة، ولكنهم هم الذين يظلمون أنفسهم بإيرادها موارد الهلاك؛ بسبب التعصب للباطل والمكابرة والعناد.
اترك تعليق