على مدار سنوات طويلة .. لعب الفن المصرى دورا كبيرا ومؤثرا فى حياة كثيرين .. وهو أحد القوى الناعمة للدول وله دور بالغ الحساسية فى تعديل سلوكيات المجتمع وتغيير الوعى الجمعى لأفراده .
وعلى مدار تاريخها أثرت الأعمال الفنية سواء بالسلب أو الإيجاب على المجتمع ، بل أن هناك أعمالا غيرت قوانين وكتبت مستقبلا جديدا للملايين من الأشخاص ، مثلىفيلم جعلونى مجرما من بطولة وخش الشاشة فريد شوقى والذى تسبب فى تعديل القانون الجنائى وإسقاط السابقة الأولى من الفيش الجنائى طالما عاد صاحبها للطريق الصحيح واستعاد صوابه وأصبح فردا مفيدا لنفسه وللمجتمع.
أكد الناقد الفنى محمد رمضان حسين :في البداية علينا أن نؤسس لقاعدة هامة وهي الأعمال الفنية خصوصاً السينمائية منها يمكنها اختراق الوجدان وتغيير فكرة أو معتقد داخل الإنسان ومن هنا تتجلى الأهمية الاجتماعية لتأثير الفن بوجه عام والسينما بوجه خاص على حياة الفرد.
ف لدينا نماذج عديدة حققت هذا منها ما غير من وجهة النظر تجاه أمر ما، ومنها ما فتح الباب ودق ناقوس الإنتباه نحو قضية ترتبط بقانون معين! مما أثر في بعض الأحيان على تغيير هذا القانون لتكون الأمور أفضل، على سبيل المثال لا الحصر.. الفيلم الرائع الممتع ( كلمة شرف ) الذي قام بإنتاجه العبقري الراحل " فريد شوقي " وذلك عام 1970.
حيث قام بكتابة القصة والسيناريو والحوار له بالتعاون مع " فاروق صبري " وأدى بطولته ببراعة؛ هذا الفيلم الذي سلط الضوء على قضية هامة وأعاد المختصون بسببه النظر في التعامل مع الحالات الإنسانية للسجناء المصريين وعلى أثر ذلك تك اشتقاق قانون جديد يسمح للمسجون بزيارة أهله بضوابط محددة، خاصة أفراد عائلته الذين لا يستطيعون الحركة وزيارته في السجن، وكذلك قدم " فريد شوقي " قبل ذلك بأكثر من 15 عاماً.. فيلماً مميزاً له جماهيرية كبيرة وهو ( جعلوني مجرماً ) والذي قام بإنتاجه بنفسه أيضاً عام 1954؛ وقد كتب له السيناريو والحوار بالاشتراك مع العملاق " رمسيس نجيب "، ليقوم بإخراجه المبدع " عاطف سالم " وقد صدر عقب عرض هذا الفيلم قانون مصري ينص على الإعفاء من السابقة الأولى في الصحيفة الجنائية، حتى يتمكن المخطئ من بدء حياة جديدة.
أظن أن هذه تأثيرات واضحة في المجتمع نتجت عن أفلام سينمائية ممتعة ذات جودة وقيمة عالية فنياً، ولهذا فهي باقية في أذهان الجماهير إلى الآن.. ولكن ليست كل التأثيرات إيجابية، فإذا لم يكن لدى صناع الفيلم الوعي الكافي فقد يقعن في فخ التأثير السلبي على المجتمع والذي قد يصبح مدمراً في بعض الأحيان.
ولكنني سأتجنب ذكر هذه الأمثلة الآن، ومن هنا أتوجه بدعوة مباشرة لكل صناع السينما المصرية بالإنتباه لهذا السلاح الجبار الذي يمتلكونه وأرجو منهم الاهتمام باستخدامه لصالح تطوير المجتمع والتأثير عليه كي يصبح أفضل؛ وأني لأرى أننا في أشد الحاجة لهذا التأثير المرجو في مثل هذه الأيام، حيث أن منظومة القيم والأفكار لدى المجتمع قد تلوثت بعوامل متعددة طيلة السنوات السابقة وأتمنى أن يحن الأوان للتغيير من ذلك واستعادة - ولو جزء بسيط من - الهوية الأصلية للشخصية المصرية من خلال التأثير العميق للفن الحقيقي.
اترك تعليق