هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

اختيار عناوين الأعمال الأدبية متعة إبداعية.. أم مغامرة مرهقة ؟! شعراء وأدباء يجيبون عن السؤال

الشعراء والأدباء والكتاب بشكل عام لا يعتنقون مذهبا واحدا ولا يلتزمون طريقة واحدة في اختيار عناوين أعمالهم الأدبية.. وأغلبهم يقع في حيرة وتخبط وربما ينجو بعضهم وينجح في اختيار عنوان يتحول سببا لرواج العمل وذيوعه وربما يفشل ويندم على اختياره هذا ويتمنى لو يعود به الوقت ليختار من جديد.. وقد تتشابه العناوين وربما اتهم أحدهم بسرقة عنوانه.. لكن المؤكد أن لكل كاتب أو شاعر بصمة خاصة وطريقة متفردة في نحت وصياغة عناوين أعماله ومن يفرط منهم في تلك الفرادة يخسر كثيرا في عالم الأدب الصاخب والمتكرر وسوق الكتب والأغلفة الذي لم يعد يرحم أحدا إلا من رحم نفسه وأجاد اختياره.. وفي السطور القادمة نقرأ تعليقات عدد من الشعراء والكتاب والباحثين الذين صدر لهم أعمال متعددة وخاضوا مغامرة اختيار العنوان أكثر من مرة.


أحمد إبراهيم الشريف: النصوص تختار عناوينها                                
يبدأ الكاتب والباحث أحمد إبراهيم الشريف قائلا: يشغلني العنوان العمل دائمًا، وأحيانا يأتي العنوان مبكرًا، منذ بدء الكتابة، وأحيانا أعمل تحت عنوان سرعان ما يتغير عندما يظهر العنوان الذي يفرض نفسه ولا تعرف كيف تتخلص منه.
ولعل روايتي الأولى "موسم الكبك" هي أكثر أعمالي التي تعرضت  بعد صدورها للسؤال عن معنى العنوان، خاصة لمن لم يقرأ الرواية، وذلك لأنني استخدمت كلمة محلية هي "الكبك" وهي في أًصلها موسم صيد نهري صعيدي "انقرض".
 ويضيف الشريف:  أما عنوان كتابي النقدي "الخطاب الشعري عند نجيب سرور" فبعض الأصدقاء رأوا أنني ظلمته بهذا العنوان المباشر، لذا جعلت لكتابي النقدي الثاني عنوان "أقنعة باكثير" وهو تحليل خطاب لمسرح على أحمد باكثير.
ورواية "طريق الحلفا" انتهت تقريبا بعنوان "يخبئ في جيبه ملاكا" ولكن لاحظت أنه عنوان ديوان شعر أكثر من كونه عنوان رواية، وكان عنوان "طريق الحلفا" يصعد كي يؤكد نفسه على غلاف الرواية.
ويختم مؤكدا على أكثر عناوينه صدى لدى جمهور المتابعين بقوله :يظل عنوان "زغرودة تليق بجنازة" الذي اخترته للمجموعة القصصية هو الأكثر صدى عند الكثيرين، الذين يرون أنن قد وفقت تماما في اختيار هذا العنوان.
بالمجمل لدي إحساس دائم بأن النصوص تختار عناوينها، ويطاردنا ذلك الإلحاح حتى نجد الغلاف يحمل ما يعبر عنه.


شريف صالح: عنوان العمل مثل مفتاح المنزل
أما الكاتب شريف صالح فيعلق قائلا: اختيار العنوان محير جدًا لي، لأن له شعرية خاصة به، تكون هناك رغبة في أن يكون مبتكرًا غير مسبوق، ولا يبدو استنساخًا لعنوان سابق، مع ذلك اخترت "شق الثعبان" وأنا غير منتبه إطلاقًا أن هناك منطقة معروفة في القاهرة تحمل العنوان نفسه. 
وأحيانًا أضع أكثر من تركيب حول معنى معين وأستعين بالأصدقاء، حدث ذلك في "مدن تأكل نفسها" وبعد نشرها انتبهت أن هناك رواية معروفة هي "مدن تأكل العشب".. فكيف يخترع الكاتب عنوانًا لم يسبقه إليه أحد؟ وبأي قلب يُركب الكُتاب عناوين كتبهم على روايات وكتب مشهورة، أو حتى أفلام وأغنيات؟
وربما اللجوء إلى تلك الحيلة يهدف إلى الرواج التجاري بالعدوى، فطالما اشتهر العنواني الأصلي سوف يشتهر المستنسخ منه؟
ويضيف صالح: لاشك تكون هناك حيرة بين الجاذبية التجارية للعنوان، ومدى تعبيره عن طبيعة النص، فهو في نهاية الأمر مثل المفتاح للمنزل، لابد أن يقود إليه وإن لم يفسره تمامًا. أظنني نجحت بنسبة كبيرة في عناوين مثل: إصبع يمشي وحده، بيضة على الشاطئ، مثلث العشق، رقصة الديك.
كما هو واضح شعرية العنونة لديّ تتأرجح بين الكلمتين عبر التركيب الإضافي، أو الجمل الكاملة التي لا تخلو من غموض وغرابة. لأن الجمل الكاملة فضاحة وخطرة عند استعمالها.
ولأنني أنزعج من فكرة العنوان الأحادي الذي يكرس معنى راسخًا، قد أتلاعب بإضافة عناوين ثانوية أو شارحة، أو طرح عناوين مزدوجين، كما حدث مع "ابتسامة بوذا: ناديتُ باسمكِ في الماء".
ويؤكد شريف على صعوبة الأمر بقوله: فاختيار العنوان عملية مرهقة جدًا، ويظل يتغير كلما اقترب من النص من الاكتمال، فهو يولد ـ غالبًا ـ بعد ولادة النص نفسه، وقد يحدث ذلك باستشارة أصدقاء مقربين، أو حسب الرؤية التسويقية للناشر، ويزداد الأمر تعقيدًا مع المجاميع القصصية، هل يُخترع لها عنوان دال عليها جميعًا، أم نعمم عنوان أي قصة على بقية القصص؟ في كتابين تضمنا مختارات من مجاميعي القصصية هما "ألم الزجاج" و"شعر غجري تتطاير منه الحجارة" انتصرت لعنوان إحدى القصص، لأنه ببساطة ليس هناك أي رابط يجمعها يتولد منه عنوان، وهذا ما حدث أيضًا في "شخص صالح للقتل". أما رواية "حارس الفيسبوك" فأتذكر أنني رغبت في اختيار كلمة "صليب" لكن الناشر ارتأى تسويقيًا الابتعاد عن الرموز الدينية. وللسبب نفسه خوفني أصدقاء من كلمة "بوذا" في عنوان "ابتسامة بوذا" لكنني لم أتخيل النص إلا بهذا الاسم..


رشا الفوال:  أصعب مراحل الكتابة
ومن جانبها تؤكد كذلك الشاعرة والباحثة رشا الفوال أن اختيار عنوان الكتاب من أصعب مراحل الكتابة وتروي:  أتذكر أن عنوان أول دواويني كان سطر شعري في إحدى القصائد: حبنا قامت صلاته، و كذلك عنوان ديواني الأخير: عن العشاق وأيضًا عنوان ديواني: جايز تحزن
أما عنوان الديوان الثاني فكان عنوان قصيدة من قصائد الديوان: قبل ذهابي، وعنوان الديوان الثالث تم اختياره : ألف حيلة و حيلة للتماس مع فكرة ألف ليلة و ليلة ، 
المفارقة الأكبر كانت في عنوان ديواني الذي حصد المركز الأول في المسابقة الأدبية المركزية التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة بعنوان: عرض مضحك 
الغرابة كانت في غلاف الديوان الذي اختاره المصمم لبلياتشو، يومها أدركت ان مصمم الغلاف لم يقرأ الديوان ولكن اكتفى بالعنوان ، في حين ان العنوان يسخر من الحياة باعتبارها عرض مسرحي هزلي ، 
الحقيقة أن عنوان أول ديوان: حبنا قامت صلاته هو الذي تسبب لي في كثير من المشكلات  لتعارضه مع الفكر الذي يفترض دائمًا أن الشِعر لا ينبغي أن يصطدم بالدين، و إن كنت لم أشغل نفسي برأي المتلقي في العنوان ، إلا انه كان صادمًا وقتها

هاني القط:  كم من عناوين رائعة خذلها النص!

بينما يرى الكاتب هاني القط أن العنوان ركن أصيل في العمل الإبداعي، لكن لا علاقة له بإنجاحه، ويضيف :كم من العناوين الرائعة خذلها متن النص، وكم من عناوين يمكن وصفها بالعادية، يرددها القراء بإعجاب بالغ!
والسؤال كيف نهتدي للعنوان، الحق أنني في أول عمل لي كتبت عنوانًا لمجموعة قصصية أسميتها "لا شيء في المدى"، وشرعت بعدها أكتب القصص، إنه لأمر شديد الطرافة عصي التفسير، والغريب أن العنوان كان مناسبًا للنص.
الحق أن اختيار العناوين يكون في بعض الأحيان مرهقًا، سيرة الزوال مثلاً، كانت اختيارًا بعيدًا، وكل العناوين الأخرى التي وضعتها في ورقة الاقتراحات كانت أجمل، لكن عند عرضها على الأصدقاء اختاروا أسوأ ما في القائمة - من وجهة نظري- فقمت بتمزيق ورقة الأسماء، واخترت سيرة الزوال ممتثلا لنداء قدري من هاتف بعيد.
مجموعة مدن الانتظار لها طرفة لم أحكيها من قبل، أنجزت كتابتها وأرجأت اختيار العنوان، كنت أفتش عن عنوان ملهم، وكما العادة كنت أدون العناوين في ورقة وأظل أغير فيها وأرمم، وعندما علمت بمسابقة تقيمها مؤسسة أخبار اليوم، طبعت المجموعة وبقي اختيار العنوان، قمت بتذوق ورقة العناوين المقترحة، عندما شعرت أنها غير صالحة لذلك المتن، وفقت حائرًا انتظر وفجأة هتفت لتكن "مدن الانتظار" وطبعت ورقة الغلاف وذهبت بالأوراق للمسابقة!

عاطف عبد المجيد:  أحدهم اتهمني بسرقة العنوان!
ويضيف الشاعر والمترجم عاطف عبد المجيد: منذ البداية وأنا أختار عناوين تخصني وحدي دون أن يكون هناك ما يشبهها، خذ مثلا: لماذا أنتَ دونهم؟.. سأشعل كيفما أهوى طقوسي.. من طينة أخرى دمى.. ترنيمات من صومعتي.. وحين احتراقي تكون القصيدة.. لم أعد مؤمنا إلا بي.. لماذا أحتفظ بهداياك لي؟.. أصابع لم يرها مرة أخرى.. كأشياء عادية أكتب قصيدتي.
وهناك عنوان ندمت على اختياره رغم أني أحبه، لا لأنه ليس جيدا، ولكن لأن بعضهم اتهمني بسرقته من قصيدة لشاعر آخر. رغم أني لم أقصد ذلك ولم أقرأ القصيدة، لكن كل ما في الأمر أنني أرى أن من أحبها ليس هناك من يشبهها، ولهذا جعلت اسم الديوان ليس كمثلها أنثى، مقتبسا المعنى من قوله تعالى "ليس كمثله شيء"..
لكن بعضهم تسرع واتهمني بالسرقة، مع أنني أبعد ما يكون عن أن أفكر في أن أسرق شيئا مني، فضلا عن أن أسرقه من آخر.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق