في الآونة الأخيرة شهدت مصر طفرة في مجال التعليم النووي في المدارس والمعاهد وذلك بسبب اقتراب موعد بدء تشغيل محطة الضبعة النووية في محافظة مطروح. و الجدير بالذكر أن مستقبل الطاقة النووية والتعليم النووي يعدان وجهان لعملة واحدة، حيث تساهم محطات الطاقة النووية في خلق ما يقرب من 200 ألف فرصة عمل وتوفر فرص التدريب والتعليم للطلاب والعاملين.
على سبيل المثال؛ تم إنشاء المدرسة الفنية المتقدمة لتكنولوجيا الطاقة النووية في مدينة الضبعة، التي قامت بتعليم الجيل الأول من العاملين في المحطة النووية الجديدة.
وفي هذا السياق تحدثت الدكتورة نورا حسن - دكتوراة في فيزياء المفاعلات النووية، والأستاذة في قسم الطاقة النووية في كلية الهندسة في الجامعة المصرية الروسية:
"وفقًا للعقود الموقعة بين مصر وروسيا في سياق بناء محطة الضبعة النووية يجري حاليًا بشكل مكثف تعليم وتدريب الدفعة الأولى من المتخصصين في مجال إدارة محطات مصرللطاقة النووية في أكاديمية روساتوم الفنية بمدينة سانت بطرسبرغ". بالإضافة إلى ذلك يتم تعليم الطلاب المصريين مختلف التخصصات النووية وغيرها من التخصصات ذات الصلة في الجامعات الروسية ضمن إطار المنح المقدمة من حكومة روسيا الاتحادية المخصصة لتعليم المواطنين الأجانب.
و تقدم روساتوم عدة خيارات للبرامج والمناهج التعليمية في الجامعات الروسية، بما في ذلك الجامعة الوطنية للبحوث النووية وجامعة تومسك الحكومية في سيبيريا.
ونظراً لاستعداد مصر للانضمام إلى النادي النووي أثناء تنفيذ مشروع بناء محطة الضبعة النووية، أعرب الجانبان المصري والروسي عن الرغبة في إنشاء فروع للجامعات الروسية في مصر مثل جامعة برج العرب التكنولوجية في محافظة الاسكندرية. ويجري العمل أيضًا على افتتاح فروع لجامعتين روسيتين: الجامعة الوطنية للبحوث النووية في موسكو وجامعة سانت بطرسبرغ الكهروتقنية. وبطبيعة الحال، فإن الهدف الأهم من هذا التعاون هو تدريب الكوادر المؤهلة للعمل في محطة الضبعة النووية.
و ينبغي أن تقوم العديد من المؤسسات الدولية بتطوير وتنفيذ البرامج والمناهج التعليمية في هذا المجال، وكذلك تقديم المنح الدراسية للطلاب من مختلف البلدان. ومنذ خمسينيات القرن الماضي، لعبت مصر دورًا مهمًا في تطوير التعليم في مجال العلوم النووية في البلاد. حيث بدأت هيئة الطاقة الذرية المصرية منذ إنشائها في عام 1955، تقديم دورات وبرامج تدريبية في الفيزياء والهندسة النووية في الجامعات مثل جامعة القاهرة والإسكندرية.
و جدير بالذكر أنه وفقًا لبيانات موقع Global.EduRank، يوجد حاليًا 13 جامعة في مصر تقدم البرامج التعليمية في المجال النووي. علماً بأن جامعة الإسكندرية تحتل المرتبة الأولى على مستوى الجمهورية وأيضا على مستوى القارة الإفريقية، تليها جامعات طنطا، والمنصورة، والزقازيق، والقاهرة. وقد حصلت الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا الخاصة على المركز السادس، تليها جامعة بنها، وأسيوط، وعين شمس، والمنوفية، وحلوان، والأزهر، والمنيا.
وفي إطار التعاون المتنامي بين مصر وروسيا في مجال الطاقة النووية، يتم تقديم حوالي 20 منحة دراسية روسية سنويًا للطلاب المصريين الراغبين للدراسة في الجامعات الروسية ضمن التخصصات النووية والمجالات الأخرى ذات الصلة. و تغطي هذه المنح التكلفة الكاملة للتعليم في أي من المستويات التعليمية، بدءاً من المرحلة الجامعية حتي مرحلة الدراسات العليا، والتعليم المهني الإضافي، بالإضافة إلى راتب شهري وتدريب داخلي في مراكز روساتوم. أما مجالات الدراسة فهي متنوعة وتشمل الفيزياء والتكنولوجيا النووية والتكنولوجيا الكيميائية وهندسة الطاقة الحرارية والهندسة الحرارية والفيزياء وعلوم المواد وغيرها.
ويوجد اهتمام متزايد بدراسة الهندسة النووية في مصر، حيث تبذل جهود كبيرة لتوسيع رقعة المناهج والبرامج العلمية – التعليمية لتشمل كافة الجامعات في البلاد وتعزيز نمو وتطور هذا القطاع الحيوي. وهنا لابد من الاشارة إلى أن الهندسة النووية تعد مجالا متعدد التخصصات يعتمد على مبادئ الفيزياء والكيمياء والهندسة، وبالتالي يتعرف الطلاب ضمن هذا القطاع، إلى العديد من المواضيع العلمية، بما في ذلك الفيزياء النووية، والوقاية من الإشعاع، وتصميم المفاعلات، وإعادة معالجة الوقود النووي.
بالاضافة إلى الجوانب التقنية، فإن هذا المجال العلمي يوفر فرصًا هائلة للابتكار والتطوير حيث تمكن العلماء من استخدام الطاقة النووية بعدة طرق مختلفة. و يواصل جيل الشباب من الباحثين التعبيرعن اهتمامهم بالتكنولوجيا النووية، لذا من المهم ضمان حصولهم على أسس التدريب والتعليم اللازم لتحقيق التقدم العلمي المنشود.
وتقوم مدرسة الضبعة النووية بإعداد الأخصائيين المهنيين من المستوى المتوسط، حيث تستضيف المدرسة سنوياً أكثر من 100 طالب للدراسة لمدة 5 سنوات حيث يتخرج الطلاب مؤهلين متخصصين و لديهم المقدرة على العمل في محطات توليد الكهرباء، و يوجد بالمدرسة عدد ثلاثة ورش مجهزة بأحدث الحلول التكنولوجية، بالإضافة إلى أجهزة محاكاة للتدريب ونماذج للمفاعلات التي سيتم استخدامها في محطة الضبعة للطاقة النووية.
و تقوم شركة روساتوم الحكومية الروسية بتدريب الكوادر على تشغيل المحطة والعمل في إطار التزاماتها التعاقدية الخاصة بتنفيذ مشروع محطة الطاقة النووية، ويتم ذلك في أكاديمية روساتوم التقنية. وفي إطار تنفيذ المشروع حتى عام 2028، ستقوم روساتوم بتدريب وإعداد حوالي 1700 خبير متخصص للعمل في محطة الضبعة النووية. وأود أن أشير إلى أن الكادر الذي سيعمل في محطة الطاقة النووية المصرية لن يتلقى المعرفة النظرية فحسب، بل سيخضع أيضًا للتدريب العملي وايضا التدريب في محطات الطاقة النووية الروسية.
أوضحت الأستاذة/ الدكتورة نهى محمد المتخصصة في الفيزياء النووية وعلوم المواد في قسم الطاقة النووية بكلية الهندسة - الجامعة المصرية الروسية، الدورالهام الذي تلعبه الجامعات والمؤسسات المحلية في مجال التعليم النووي على النحو التالي:
تقوم الجامعات والمؤسسات المحلية بتعليم وتدريب العاملين والمتخصصين للعمل في مشروع محطة الضبعة النووية. وفي إطار هذا الجهد، ترسل الجامعات الخبراء الفنيين إلى المختبرات وسلطات السلامة النووية للخضوع إلى دورات تدريبية مكثفة في مجال العلوم النووية. كما ترسل بعض هذه الجامعات طلابًا لاجراء الأبحاث النووية في روسيا، بهدف إعدادهم للعمل في القطاع النووي في مصر.
و قد قامت الدولة بتأسيس المدرسة الفنية المتقدمة لتكنولوجيا الطاقة النووية في مدينة الضبعة في عام 2017 و يعد من اهم الانجازات للتعليم الفني التقني في مصر لتقديم جميع الخدمات ذات الصلة بمحطة الضبعة النووية في مصر، حيث تتولى هذه المهمة شركة روساتوم الروسية الرائدة في مجال التكنولوجيا النووية على مستوى العالم.
ويتم إجراء الدورات التدريبية على مستوى الجامعة أو المدرسة من خلال شركاء أجانب أو مصريين ذوي خبرة واسعة في المجال النووي، بهدف نقل المعرفة والخبرة للطلاب والموظفين والمعلمين أو مساعديهم. و تجري هذه الدورات في الجامعات من خلال صيغة الحضور المباشر أو عبر الإنترنت. و في كثير من الأحيان، يتم أستقبال الأساتذة من الجامعات الروسية إلى الجامعات المصرية لإلقاء المحاضرات حول هذا القطاع الحيوي.
اترك تعليق