تنتشر حالياً في الأسواق السوداء ما يسمى بـ « الدولار المجمد وهى اموال يتم حجزها أو تقييدها داخل الدول نتيجة لقرارات سياسية أو قوانين محلية أو توترات دولية. هذا الإجراء يهدف غالباً لتطبيق عقوبات أو لمنع تدفق الأموال غير المشروعة أو للرد على سياسات دول أخري.
وتأثير الأموال المجمدة على الاقتصاد يمكن أن يكون كبيرا فهى تؤدى إلى تقليل حركة الأموال وتثبيط الاستثمارات الخارجية والداخلية في الدولة المعنية، ويُشير هذا إلى فقدان الثقة فى السوق المالية والنظام المصرفي وقد يؤدى في بعض الأحيان إلى تدهور العلاقات الدولية بين الدول .
للكشف عن الأموال المجمدة، يمكن رصدها من خلال تقارير الأخبار المالية أو الاقتصادية التى تتحدث عن قرارات الحكومات أو المؤسسات الدولية المتخصصة في رصد تدفقات الأموال وتحليل السياسات المالية. وعموما يكون وجود الأموال المجمدة مرتبطا بالقيود على تحويل الأموال أو العملات أو التجارة بين الدول، مما يمكن أن يؤثر على النظام المالى ويعطل التدفق الاقتصادي. حذر خبراء المال والاقتصاد من اكتناز أو تداول مثل تلك الأموال نظرا لخطورتها على الاقتصاد المحلى للدول الموجود بها هذه الأموال خاصة وأنها أموال غير مزيفة ولكنها في نفس الوقت ممنوعة من التداول وتستخدم في أنشطة ممنوعة مثل غسيل الأموال وبيع الآثار والمخدرات وتباع بنصف سعر الدولار مما يعمل على زيادة تداولها بين الأفراد بعيدا عن الأسواق المصرفية الرسمية.
ماهو تجميد الدولارات
تجميد الدولارات قامت به الولايات المتحدة الأمريكية بعد احتلال العراق عام ۲۰۰۳ واختفاء كميات كبيرة من الدولارات التي كانت في أرصدة البنوك العراقية، وتكرر ذات الشيء مع أرصدة الدولارات المختفية عقب سقوط نظام القذافي في ليبيا، وفى فوضى اليمن وفوضى لبنان وفوضى السودان حاليا، حيث قامت أمريكا بتجميد كل أرصدة هذه الدولارات المختفيه عن طريق السيريال نامبر للعملة وتطلب أمريكا من الحكومات التي تحصل على تلك الدولارات إرسالها الى أمريكا وفقا لتسويات مع الحكومات الرسمية ونستنتج من ذلك أن الغالبيه العظمى من الدولارات المجمدة موجودة في منطقه الشرق الأوسط .
دولارات منهوبة ومهربة فى اوقات الحروب
يقول د. محمد حمدى عوض مدرس الاقتصاد والمحاسبة بكلية التجارة جامعة القاهرة أن الدولارات المجمدة عبارة عن دولارات تم تجميدها من قبل الحكومة الأمريكية ممثلة في البنك الفيدرالي الأمريكي بهدف منع استخدامها في تمويل العمليات الإرهابية والأنشطة غير المشروعة، وهذا يعنى أن الدولارات المجمدة ما هي إلا عملة قابلة للتداول بين المواطنين المحليين، ولكن لا يمكن تداولها في الجهاز المصرفى ومكاتب الصرافة على مستوى العالم، ويرجع السبب في عدم تداولها داخل القطاع المصرفي لكونها دولارات منهوبة ومهربة من دول أخرى في أوقات الحروب والأزمات، وعادة ما يقوم البنك الفيدرالي الأمريكي بإصدار نشرة دورية بالأرقام المسلسلة للدولارات المجمدة وإبلاغ البنوك المركزية حول العالم بها لمنع تداولها، على أن تقوم البنوك المركزية حول العالم بتجميع هذه الدولارات وإرسالها إلى البنك الفيدرالي الأمريكي خلال المدة المحددة في النشرة الدورية لاستبدالها بدولارات سارية وسليمة.
أضاف د. محمد حمدى أن السوق المصرية يعتبر أرض خصبة لظهور الدولارات المجمدة خاصة فى ظل سعى العديد من المواطنين إلى تحقيق الربح السريع من خلال المتاجرة الموجودة في السوق السوداء غير معلومة المصدر، ويتم تداولها بين مواطنين غير قادرين على التفرقة بين الدولارات العادية والدولارات المجمدة، ولا يكتشف المواطن حقيقة بالعملة، فأغلب الدولارات هذه الدولارات إلا عندما يذهب إلى البنوك، الأمر الذي يعرضه للمسألة القانونية من ناحية، وخسارة جزء كبير من أمواله. أكد د. حمدى أنه وفى هذا الشأن، نصت المادة رقم (۲۳۳) من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفى رقم ١٩٤ » لسنة ۲۰۲۰ على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز خمسة ملايين جنيه أو المبلغ المالى محل الجريمة أيهما أكبر، كل من تعامل في النقد الأجنبي خارج البنوك المعتمدة أو الجهات التي رخص لها في ذلك أو مارس نشاط تحويل الأموال دون الحصول على الترخيص طبقاً لنص المادة ٢٥٩ من هذا القانون.
خطورة فى إدراجها ضمن الأموال المتداولة بالاسواق
يقول د. محمد احمد الشيمى الخبير المصرفى أن الدولار المجمد هو عبارة عن قيام السلطة النقدية في الولايات المتحدة الأمريكية باصدار تعليمات بمنع التعامل على مجموعة من اوراق النقد الاجنبى كنتيجة للتعامل بهذه الأوراق في الانشطة المشبوهة وغير الرسمية مثل غسيل الاموال تجارة الاسلحة.
أضاف أن تجميد تلك الاوراق يرجع الى محاولة السلطة النقدية من معاقبة هؤلاء الحائزين لتلك الاوراق من التمتع بحصيلة اعمالهم في التجارة غير المشروعة وتتمثل الخطورة في تلك الأموال هي كونها تدرج ضمن الاموال المتداولة بالاسواق ومن ثم امكانية عدم قبول تلك الاموال فى نهاية المطاف من السلطة النقدية في الولايات المتحدة الامريكية عند اعادة التصدير ويتم التعرف عليها من المقترض باصدار السلطة النقدية في امريكا بعد اصدار نشرات بالارقام الخاصة بتلك الاوراق ومن ثم التعامل عليها
أوضح د. الشيمى ان تلك الاموال لها تأثير سلبي على عمل السوق المصرفية من حيث امكانية التداول بعيدا عن السلطة النقدية والوحدات المصرفية داخل ای بلد ومن ثم الحاق الضرر بالسوق المصرفية وفقد الثقة في تلك العملة وبالنسبة لاثر ذلك على الاقتصاد ان هذا الامر له شقان احدهما سلبي والاخر ايجابي الشق السلبي كما سبق ان ذكرنا هو فقد الثقة في تلك العملة، اما الشق الايجابي هو عدم التعامل فيما بين الافراد بتلك العملة ويقر التعامل من خلال الوحدات المصرفية فقد لما يكون له الاثر الايجابي على السوق غير الموازية السوق السوداء» ويمكن مواجهة هذه الظاهرة من خلال عدم التعامل المباشر فيما بين الافراد بالنقد الاجنبى خشية ان تقع احدى تلك الاوراق فى ايدى اى فرد مما يؤدى في النهاية الى عدم الاعتراف بها وبالتالى خسارة قيمتها وقصر التعامل من خلال الوحدات المصرفية فقط لا غير.
الحل فى تطبيق سياسات مالية فعالة
يقول د. ياسر حسين سالم استاذ الاقتصاد بالجامعات الخاصة والدولية والخبير الاقتصادي في مطلع الألفية الجديدة انتشر مصطلح الدولار المجمد كمصطلح كانت بدايته في الانتشار في الاوساط الاقتصادية والمصرفية والتجارة الدولية منذ عقدين من الزمان والمقصود بالدولار الأمريكي المجمد من حيث المفهوم يعرف بأنه دولار صادر عن الحكومة الأمريكية والبنك الفيدرالي الأمريكي وله سيريال نمبر ورموز ووسائل الحماية والتأمين، مثله مثل أي ورقة دولار آخر فهو غير مزور اطلاقا ولكن ــة تم تجميده من قبل الحكومة الامريكية والممثلة في البنك الفيدرالي الأمريكي وهو الجهة التي اصدرته ويمكن تداوله والتعامل به بين المواطنين محليا فقط، لكن لا يمكن استخدامه في المعاملات المصرفية في البنوك او المعاملات النقدية الدولية.
وعن اسباب نشأة الدولارات المجمدة ومصادرها قال د. سالم انها ظهرت في الشرق الاوسط منذ عام ٢٠٠٣ وتنشأ الدولارات المجمدة من ارصدة الدولارات التى تختفى من البنوك والمصارف في البلدان التي تشهد حروب ال او صراعات سياسية او فوضى كبيرة، عندما يتم الاستيلاء على أرصدة الدولارات من البنوك والمصارف أثناء الفوضي، فتقوم تلك الدول بمخاطبة الولايات المتحدة الامريكية وموافاتها بسيريال نمبر تلك الدولارات فتقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتجميد تلك الدولارات حتى لا تستطيع منها تلك الجهات التي حصلت على ارصدة الدولارات دون وجه حق، ولوقف اى آثار سلبية لتلك الدولارات المجمدة
تستخدمها تلك الجهات.
توحيد سعر الصرف يقضى على الأزمة
أشار د. ياسر سالم إلى أن تأثير الدولارات والمالى المجمدة على السوق المصرفية محكم، لأن الدولار المجمد له سيريال نامبر وبالتالي لا تقبل البنوك والمصارف الرسمية تلك الدولارات المجمدة وتحول حاملها إلى مباحث الأموال العامة والتأثير السلبي يكون فى السوق الموازى حيث يتم تداول واكتناز الدولارات المجمدة لعدم خبرة كثير من المواطنين بخطورتها ، وبالطبع كثير من المواطنين يرغبون في الحصول عليه لان سعره يقل عن نصف سعر الدولار او ربع السعر وبالتالى يقعون ضحايا لان الدولار المجمد لا تقبله القنوات الرسمية للجهاز المصرفي، فالدولار الأمريكي ورقة لا قيمة لها وليس لها ضمان، وامريكا البلد التي اصدرته سحبت ضمانها له، اذا الدولار المجمد هو عملة ليس لها ضامن او ضمان
وقال الدولارات المجمدة تؤثر بالسلب على البلدان التي تنتشر بها ويتأثر اقتصادها بالاضرار، فالدولار المجمد يباع بنصف او ربع سعره وهو ورقة لا ضامن او ضمان لها ، ويتم مبادلته في السوق السوداء بأوراق نقد رسمية وطنية مصدرة عن البنك المركزى الوطني للبلد التي ينتشر بها الدولارات المجمدة فيتم حبس جزء من العملة الوطنية لتلك البلد في دولارات مجمدة، لا يتم دخولها إلى البنوك او المصارف الرسمية ولا يتم دورانها في الاقتصاد الرسمى وبالتالى يكون استخدامها اما في الاكتناز دون استفادة او انشطة إجرامية مثل تجارة السلاح او الآثار او المخدرات او الدعارة او انشطة الإرهاب، لذلك تحدد الولايات المتحدة الأمريكية ارقام سيريال نامبر الدولارات المجمدة وتطلب من البنوك الرسمية بدول هذه العملات لاستعادتها إلى أمريكا وفقا لاتفاق رسمى وتسويات مع حكومات رسمية في تلك البلدان
اترك تعليق