د ريم حمدي
استاذ المناعة و الروماتيزم – كلية الطب- قصر العيني
إلى من يهمه الأمر،
مناشدة عاجلة هناك الكثير من قرارات العلاجات البيولوجية تم إلغائها لمرضى المناعة الذاتية لدينا باعتبار أن المريض بحالة جيدة ودون مناقشة تداعيات هذا القرار نهائيا على المريض او الرجوع للطبيب المسئول عن الحالة لاتخاذ قرار مشترك لصالح المريض.
فبالرغم من انتشار الحديث عن هذه الأمراض مؤخرا إلا اننا مازلنا نفتقر لبعض أساسيات قد تساعدنا في التعامل مع هذه الحالات تبعا للتوصيات الدولية دون اهدار الموارد و الوقت و دون اللجوء لحجز المريض بالمستشفيات لفترة ممتدة في مراحل متقدمة من المرض مما قد يؤثر أيضا على الحالة الصحية و الحالة الانتاجية للمجتمع على المدي البعيد والقريب.
و للتوضيح حتي يتسنى لي نقل الصورة كما يجب اسمحوا لي أولا أن أوضح بعض المفاهيم الهامة الخاصة بمرضى المناعة الذاتية..
ما هي أمراض اضطراب المناعة الذاتية؟
هي مجموعة من الأمراض التي تنتج عن خلل في خاصية التعرف الذاتي المسئولة عن ما يسمي بالتحمل الذاتي و تتميز بوجود التهابات بأنسجة وأجهزة الجسم المختلفة مما قد يؤثر على صحة المصاب و يؤدي إلى عواقب صحية قد تكون ذات خطورة أو اعاقات تمنع الشخص من مزاولة حياته الطبيعية مثل الآخرين مثال الذئبة الحمامية الجهازية–التهاب المفاصل الروماتويدي- تصلب الجلد المناعي – التيبس الفقاري- الالتهابات المناعية الصبوية- التهابات الاوعية الدموية المناعية وغيرهم.
ما هي خاصية التحمل الذاتي؟
يستطيع الجهاز المناعي من خلال هذه الخاصية ان يتعرف على الشفرة الجينية و المستنبطات البيولوجيةلخلايا الجسم و تمييزها عن أي جسم غريب وبناءا عليها يتم توجيه الدفاع ليكون بهدف الحفاظ على خلايا الجسم و مكافحة أي جسم غريب أو عدوى أو خلايا سرطانية.
ما هي أسباب فقدان خاصية التحمل الذاتي؟
أسباب فقدان هذه الخاصية تتعدد و لم يتفق العلماء على سبب واحد بعينه و لكن هناك أسباب ترجيحية متعددة منها وجود خلل بالشفرة الجينية للأنسجة أو الخلايا المناعية بجانب وجود محفزات بيئية من اهمها العدوي بفيروسات أو بكتيريا او فطريات.
ماذا يحدث عند اضطراب خاصية التحمل الذاتي؟
في وجود عوامل محفزة (داخلية او خارجية) للجهاز المناعي يعجز الجهاز المناعي للشخص أن يتعرف على الشفرة الجينية الخاصة بانسجة للشخص و يحدث انقلاب مناعي ذاتي في تعامل الجهاز المناعي مع انسجة الشخص كجسم غريب و يقوم بإنتاج اجسام مُضادَّة أو خلايا مناعية التي تستهدف وتهاجم تلك الانسجة. وتسمى هذه الاستجابة برد فعل المناعة الذاتية مما يؤدئ إلى حدوث إصابات بأجهزة الجسم المختلفة تتبدي اكلينيكيا في هيئة مرض مناعي بذاته.
لذلك يعتمد علاج أمراض اضطراب المناعة الذاتية على الأدوية التي تحجم من أو تعيد توجيه النشاط المناعي والتي تتضمن العلاجات الدوائية مثال الكورتيزون والمثبطات المناعية،تبادل البلازما والغلُوبُولينات المناعية الوريدية وأخيرا العلاجات البيولوجية و مثائل العلاجات البيولوجية و المركبات المناعية الصناعية الصغيرة الأحدث كتداخل.
ما هي العلاجات البيولوجية؟
هي عبارة عن مركبات بروتينيةٌ معدّلة وراثيًا لديها القدرة على احباط عمل بعض المواد المناعية المهيجة للالتهابات او الاجسام المضادة أو الخلايا المناعية الهاجمة أو المستقبلات المناعية الخاصة بعملية الاضطراب أو الهجوم المناعي الذاتي تبعا لنوع كل مرض و صفاته المناعية، لذلك يُشار إلى العلاج البيولوجي أيضًا باسم العلاج الحيوي و لذلك تختلف العلاجات البيولوجية باختلاف المرض المناعي و كذلك باختلاف نوع الاصابة في المرض ذاته.
لذلك وضعت التوصيات الدولية المعتمدة الأمريكية و كذلك الاوروبية ارشادات لمن هم بحاجة لهذه العلاجات تتضمن وجود مرض شديد يهدد أكثر من عضو أو أن يكون المرض مرتد وغير مستجيب على العلاجات المعتادة أو أن يحدث آثار جانبية للعلاجات المعتادة أهمها الكورتيزون و المثبطات مع وجود استجابة محدودة، او ان يكون المرض معتمدا على جرعات ذات خطورة من الكورتيزون لمدة طويلة.
,و نتيجة لنجاح هذه العلاجات منذ عقدين من الزمان توسعت استخداماتها لأنها ساعدت في التحكم بالنشاط المرضي و منع الاصابات العضوية الشديدة والاعاقات.
ولذلك لا يحبذ نهائيا تبعا للتوصيات الدولية المعتمدة أن يوقف العلاج أو يستبدل اذا كان العلاج قد اثبت نجاحه في اخماد المرض الا اذا كان الدواء غير متوافر وكذلك لا يصح استبدال بيولوجي بأخر بنفس التكلفة طالما أن المريض مستجيب على العلاج الأول.
ما هي محدات استخدام العلاجات البيولوجية؟
- التكلفة لذلك نعتمد على قرارات العلاج للدعم أو التأمين الصحي
– وجود فيروسات كبدية
- وجود تاريخ مرضي لأورام أو وجود أورام حالية.
- الدرن النشط.
هل يمكن ايقاف العلاج البيولوجي؟
لا توجد توصيات صريحة بايقاف العلاج البيولوجي في وجود استجابة وذلك لأن العديد من الأدلة البحثية أشارت الى ارتفاع نسبة حدوث ردة للنشاط المرضي بعد ايقاف العلاج تختلف من مرض لأخر و تبعا لنسبة الاصابة العضوية ولكن اذا تطلب الأمر يمكن تباعد فترات تلقي العلاج أو تقليل الجرعة المستخدمة مع المتابعة الدقيقة للمرض و يمكن ايقافه فقط في الحالات التي لا يوجد بها اصابات حادة أو اصابات جهازية مزمنة أثرت على وظائف الأجهزة المصابة و بعد وجود دلالات اخماد تام للنشاط المرضي بالفحص الاكلينيكي الدقيق و التحاليل و الأشعات دون الاسنغناء عن أحد من هذه المقيمات.
ففي بعض الحالات خاصة حالات الذئبة الحمامية ايقاف هذه العلاجات قد ينقلنا لنقطة الصفر وهي أن ينشط المرض وقد ينشط بصورة شرهة تتسبب في اصابات جديدة بالأعضاء و خاصة مرضى الالتهابات الكلوية و كذلك مرضي الالتهابات الرئوية التليفية المناعية المصاحبة لأمراض المناعة و الالتهابات الوعائية المناعية. و قد يعيق ايقاف العلاج المريض فيقعده ويؤدى الى دخوله المستشفى لفترة ممتدة تضيف إلى التكاليف بجانب تغيب المرضى عن العمل ويشمل هؤلاء المرضى من طلبة المدارس والجامعات بجانب أن العواقب قد تؤدي الى ازدياد الاحتياج الى أدوية أخر مما قد يحمل المريض و المجتمع و الدولة عبئا كبيرا.
لذلك يرجى مراعاة أن مرضى المناعة الذاتية هم فئة خاصة جدا تمثل نسبة من المجتمع ليست بقليلة تحتاج الى الكثير من الدعم و التنظيم و التناسق في اتخاذ القرار الطبي ووضع الخطة العلاجية بعناية للحفاظ على كفاءة المريض و مشاركته كعضو منتج للمجتمع و تقليل اهدار الموارد الطبية والعلاجية.
اترك تعليق