سيطرت تماماً علي الأقليم..
والأرمن رفعوا "الراية البيضا"

لم يكن من الممكن تجاهل احداث اقليم ناجورنو كاراباخ في اذربيجان التي انتهت باستعادة اذربيجان كامل سيادتها علي الاقليم الاذري اصلاً.

السبب مانشرته صحف ومدونات عديدة باللغة العربية للاسف مثل مدونة رصيف 22 اللبنانية.. نشرت المدونة مقالا بالعربية لصحفي ارميني يتحدث فيها عن "جريمة اذربيجان بالقضاء علي الدولة الناشئة". كما نشرت بعض الصور عما قالت انه الدمار الذي الحقه العدوان الاذربيجاني بالمنطقة التي يعني اسمها "مرتفعات الحديقة السوداء" بالروسية.. لكن الحقيقة غير ذلك.

كانت اذربيجان اصلا مقاطعة تابعة لدولة فارس التي غير والد الشاه اسمها الي ايران "ارض الاريين" عام 924.. وكانت المقاطعة تستمد اسمها من نهر الاذر الذي يشقها الي نصفين.. وفي النصف الاول من القرن 19 ادت اعتداءات روسيا القيصرية إلي الاستيلاء علي النصف الشمالي وعاصمته باكو بينما ظل النصف الجنوبي وعاصمته تبريز تابعا لايران.

ظلت الاحداث تتوالي حتي سقط حكم القياصرة فاعلن القطاع الشمالي من اذربيجان استقلاله عام 1918 ومالبث النظام الشيوعي في موسكو ان اجبر حكام اذربيجان علي الانضمام إلي الاتحاد السوفيتي السابق.

مرت الايام وتوالت الاحداث حتي كان ديسمبر 1991 عندما تم الاعلان في منسك عاصمة بيلاروسيا عن حل الاتحاد السوفيتي السابق وتحويل جمهورياته الي دول مستقلة "15 دولة" يجمعها تنظيم "كومنولث أو رابطة الدول المستقلة".

رفضت اربع من الجمهوريات السابقة الانضواء تحت راية كومنولث الدول المستقلة.. وكانت من هذه الدول جمهوريات البلطيق الثلاث لتوانيا واستونيا ولاتفيا واحترمت روسيا خيارها.. لكنها لم تحترم خيار الدولة الرابعة وهي اذربيجان وحرضت ارمينيا علي التحرش بها والاعتداء عليها.. واستغلت في ذلك الخلاف الارميني الاذري حول اقليم ناجورنو كاراباخ المتنازع عليه بين الدولتين منذ كانت كل منهما جمهورية سوفيتية.. وكان النزاع يصل احيانا الي صدامات دامية.

والحقيقة ان الاقليم كان تابعا لاذربيجان ولا يغير من هذه الحقيقة وجود نسبة كبيرة من الارمن فيه.. ذلك لانه ليس له حدود مع ارمينيا حتي تزعم ارمينيا انه تابع لها واقرب نقطة لحدوده تبعد سبعة كيلو مترات عن الحدود الارمينية مع اذربيجان.

استغلت ارمينيا الصراع علي السلطة في اذربيجان بين الرئيس اياد مطليبوف ومنافسه حيدر عليف والد الرئيس الحالي والعضو السابق في مجلس السوفيت الاعلي.. وشنت الهجوم علي جارتها وتمكنت من احتلال الاقليم مع اراض اخري بلغت ثلث مساحة اذربيجان.. وشردت ارمينيا الاذر من سكان الاقليم لاحلال الارمن مكانهم واعلنت عن ضمه الي ارمينيا وكان له ممثلون في البرلمان الارميني.

ساد الاعتقاد بان هذا الوضع سوف يفرض نفسه خاصة ان اذربيجان وفي الاعوام الاخيرة بدأت في شن هجمات لتحرير الاقليم حتي نجحت في السيطرة عليه تماما كما تابعنا الاحداث التي انتهت بتوقيع هدنة نهاية شهر سبتمبر الماضي.

في مشهد ذي أبعاد تاريخية بدأ وصول المئات من أرمن اقليم كاراباخ إلي أرمينيا بعد أن أدي الهجوم ألاذربيجاني الخاطف إلي نسف الأمر الواقع القائم بهذا الاقليم منذ أكثر من 30 عاماً.. أعلنت قيادة المنطقة الانفصالية في كاراباخ أن الأرمن العرقيين البالغ عددهم 120 ألف في ناجورني كاراباخ سيغادرون الي أرمينيا لأنهم لا يريدون العيش تحت حكم أذربيجان خوفا من التطهير العرقي وابادتهم.

فتحت أذربيجان الطريق الوحيد الذي يصل الاقليم بأرمينيا بعد 4 أيام من موافقة الانفصاليين علي القاء السلاح بموجب اتفاق لوقف اطلاق النار أعاد المنطقة المتنازع عليها الي سيطرة باكو وأعاد رسم معالم منطقة جنوب القوقاز ما بعد الاتحاد السوفياتي.

بينما ترفض أذربيجان المزاعم الأرمينية بشأن "التطهير العرقي" في الاقليم تضغط الولايات المتحدة علي علييف من أجل السماح بارسال بعثة مراقبة دولية للمساعدة في ضمان أمن من يعيشون هناك.

قال ماثيو ميلر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ان علييف سيقبل مهمة المراقبين الدوليين.. مضيفا أن الولايات المتحدة تنتظر أن يلتزم علييف بهذا وأن يلتزم بتعهده بعدم اتخاذ إجراءات عسكرية أخري.