بقلم دينا يحي الأدهم
السياحة هي المحفز الرئيسي للحفاظ على التراث الثقافي الحضارى تجاه الهوية الوطنية المتأثرة بطبيعتها الخلاقة بالتنمية الاقتصادية الخضراء لدولة عظيمة مثل مصر حيث تتمتع بموقع جغرافي فريد، وطقس معتدل على مدار العام، وكنوز أثرية تعكس عمق وتميز حضارتها على مر العصور، مما يجعلها متحفًا مفتوحًا، بالإضافة إلى معالمها الرائعة بشواطئها المختلفة، كل هذا يجعلها مناسبة لاستقبال المزيد من الزوار من جميع أنحاء العالم.
وفى الآونة الأخيرة شهدت السياحة المصرية تطورات هائلة جعلتها منصة متوجة للترويج الأحفاد التسويقى على المستوى المحلي والدولى لتعزيز صناعة أجدادهم الفراعنة ،مما يعود على مصر بمكاسب تهدف إلى وضع مصر فى مكانتها كمظلة مضيئة سياحياً إقليمياً ودولياً.
أشاد تقرير حديث لصحيفة ذا صن البريطانية، بمصر حيث أنها تعد من بين أكثر مناطق الجذب السياحي دفئًا للزيارة في شتاء 2023-2024.
وأكد التقرير أن الدولة الواقعة في شمال أفريقيا تعد من أكثر الوجهات السياحية دفئا في العالم، مشيرا إلى أن متوسط درجة الحرارة في مصر يبلغ 19 درجة مئوية. وقال التقرير إنه "مكان رائع للاستمتاع ببعض شمس الشتاء".
الإجراءات المتخذة من الحكومة المصرية لتعزيز السياحة
وبما أن السياحه والاثار تعتبر عصب تنشيط العملة الصعبه للبلاد، وتأكيداً على أهمية هذا القطاع للإقتصاد القومي، من خلال ما تمتلكه مصر من ثروات سياحية وآثرية غنية ومتنوعة، مع المحافظة على هذا الإرث الفريد للأجيال القادمة
اتخذت الحكومة المصرية حزمة من الإجراءات اللازمة لدعم السياحة بهدف جذب 15 مليون سائح بحلول نهاية عام 2023 و30 مليونًا بحلول عام 2028. وتشمل هذه الإجراءات تبسيط عمليات الحصول على التأشيرات، واستهداف أسواق سياحية جديدة، وتوسيع مناخ أخضر متاح للاستثمار في البلاد .
قامت مصر بتنويع أسواق مصادرها السياحية، حيث يشارك السياح من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي، بشكل أكبر في إجمالي عدد الوافدين إلى البلاد. وقد أدى هذا التنويع أيضًا إلى إطالة الموسم السياحي في مصر، حيث يزور السياح من هذه المناطق البلاد خلال فصل الصيف.
أهداف الحكومة للترويج السياحي المصري العالمى
وتهدف الحكومة أيضاً إلى توليد 20 مليار دولار من القطاع السياحي لتعزيز السيولة بالدولار الأمريكي إلى 191 مليار دولار بحلول عام 2026.
أظهرت بيانات البنك المركزي المصري الأخيرة نموًا إيجابيًا، حيث ارتفعت إيرادات القطاع بنسبة 25.7% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2022/2023، لتصل إلى 10.3 مليار دولار. ويعود هذا النمو في المقام الأول إلى زيادة عدد الليالي السياحية بنسبة 26.8%، ليصل إجماليها إلى 110.5 مليون ليلة، وارتفاع عدد السياح الوافدين إلى مصر بنسبة 32%، بإجمالي 10 ملايين سائح.
الإستراتيجية الوطنية للسياحة
وتهدف الاستراتيجية الوطنية للسياحة التي تم إطلاقها في نوفمبر 2022، إلى جذب 30 مليون سائح إلى مصر بحلول عام 2028، وزيادة عدد الوافدين بنسبة 25-30 في المائة سنويًا.
وتستهدف الاستراتيجية زيادة سعة مقاعد شركات الطيران بمقدار ثلاثة أضعاف بالتعاون مع وزارة الطيران المدني. ويسعى إلى تعزيز تجربة السائحين حول المواقع الأثرية والمتاحف والمعالم الأخرى، وإنشاء منتجات ملائمة للمسافرين المستقلين الدائمين، وتحسين بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمار في سعة الغرف.
كما أنها تركز على الأسواق سريعة النمو التي يمكنها جذب أعداد كبيرة من الأجانب وتوسيع نطاق الأنشطة السياحية لزيادة الإنفاق السياحي.
وفي مارس 2023، أدخلت مصر قواعد جديدة لتأشيرة الدخول في محاولة لتعزيز السياحة. يمكن للسياح الصينيين الحصول على تأشيرة عند الوصول، كما يمكن للسياح الهنود المقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي أو الذين لديهم تأشيرة دخول صالحة إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول شنغن وكندا ونيوزيلندا واليابان وأستراليا. ويمكن للسياح الأتراك الحصول على تأشيرة دخول عند الوصول إلى مصر بغض النظر عن أعمارهم، وكذلك الأمر بالنسبة للجزائريين والمغاربة الذين يسافرون في مجموعات سياحية.
تم عقد سلسلة من الصفقات مع شركات القطاع الخاص لتطوير المرافق في المواقع السياحية، بما في ذلك مسارات الزوار واللافتات والخرائط ورموز والمظلات والمقاعد والمراحيض ذاتية التنظيف والمركبات الصديقة للبيئة والمرافق لذوي الاحتياجات الخاصة .
ويجري حالياً تنفيذ أنظمة التذاكر الإلكترونية في بعض المواقع والمتاحف، بالإضافة إلى إطلاق منصة إلكترونية للحصول على التذاكر الإلكترونية لتسهيل الإجراءات.
برنامج تدريبي لتعريف وكلاء السفر بالمقاصد السياحية المصرية
وقال عمرو القاضي، الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية للتنشيط السياحى التابعة لوزارة السياحة والآثار في تصريحات صحفية حديثة: “تعد مصر مركزًا لجميع أنواع السياح: العائلات، والمغامرين، وأولئك الذين يبحثون عن الاسترخاء والترفيه والطب والثقافة”.
وقال القاضي: "مصر دولة ذات تاريخ غني تقدم وجهات وتجارب متنوعة"، مضيفًا أن الحكومة قامت بتطوير المواقع الأثرية والمتاحف لتعزيز تجربة الزائر وتنشيط السياحة.
أكد القاضي، أن الهيئة حاليا تجرى الاستعدادات النهائية لإطلاق الحملة الترويجية للموسم الشتوى السياحى، مشيرا إلى أن الحملة سيتم إطلاقها خلال 10 أيام، وتمتد حتى شهر ديسمبر القادم.
وأوضح أيضاً – أن الحملة تركز على السياحة في محافظات البحر الأحمر والأقصر وأسوان، وتشمل كافة الأسواق الرئيسية وهي ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وانجلترا وروسيا وأمريكا وهولندا والتشيك.
وأضاف أن الحركة السياحية فى مصر تعمل بشكل جيد، وتسير بالشكل لتحقيق الأهداف المرجوة منها.
وأشار إلى وجود سياحة أوروبية في منطقة الساحل الشمالى خاصة من إيطاليا وكازاخستان والتشيك وصربيا، للمرة الأولى، حيث كانت في السابق تعتمد على المصريين والعرب فقط، مشيرا إلى تعدد جنسيات السائحين في الساحل الشمالي بشكل كبير.
يذكر أن الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي أطلقت برنامجًا تدريبيًا عبر شبكة الإنترنت؛ لتعريف وكلاء السياحة والسفر بالأسواق المستهدفة بالمقاصد السياحية المصرية، ومناطق الجذب السياحي وكل ما يهم السائح من معلومات عن مصر.
ويأتي ذلك في إطار الاستراتيجية الوطنية لتنمية السياحة في مصر، لجذب مزيد من الحركة السياحية الوافدة للمقاصد السياحية المصرية والوصول إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2028.
وستطلق الهيئة خلال الأيام القليلة المقبلة، برنامجا تدريبيا لوكلاء السياحة والسفر في السوق البريطاني، والذي يعتبر أحد الأسواق الرئيسية المستهدفة.
أن هذا البرنامج التدريبي سيشمل على مجموعة من الدورات التدريبية يتم تنظيمها مع مؤسسات تدريب معروفة عالميًا، من خلال استعراض عدد من العروض التقديمية التي تتضمن عددًا من الصور والفيديوهات والمعلومات عن السياحة في مصر وما تتمتع المقاصد السياحية بها من مقومات وأنماط ومنتجات سياحية متنوعة ومتميزة مثل تلك الموجودة في كل من شرم الشيخ والغردقة والأقصر وأسوان وغيرها من المدن السياحية.
وسيتضمن البرنامج التدريبي استعراض عدد من الأنشطة السياحية التي يستطيع السائح ممارستها خلال زيارته للمقاصد المصرية، من بينها رياضات الغوص والجولف، بالإضافة إلى كل ما يحتاج إليه السائح من معلومات عن حالة الطقس والأوقات المختلفة لزيارة مصر والعملة المستخدمة وغيرها من المعلومات التي تفيد السائح.
وأضاف الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، أن هذا البرنامج التدريبي يجعل من وكلاء السياحة والسفر خبراء في المقاصد السياحية المصرية، وعلى دراية كاملة بكافة المعلومات التي يحتاجها السائح عند رغبته في القيام برحلة سياحية لمصر مما يساعده في تنظيم برنامج سياحي يناسب السائح ويلبي رغباته خلال الزيارة.
الجدير بالذكر أن الهيئة ستنظم برامج تدريبية مماثلة بصفة دورية في الأسواق السياحية المستهدفة، حيث تم تنظيم هذا البرنامج في عدد من الأسواق الأوروبية خلال الفترة الماضية بالتعاون مع شركات التدريب المتخصصة.
تعمل الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، مع منظمي الرحلات السياحية والوكلاء الدوليين لتسويق السياحة المصرية كوجهة مشرفة للإجتماعات والمؤتمرات والمعارض الدولية حيث تم توقيع الصفقات مع دولة ألمانيا في إطار التعاون الثنائي بين البلدين لتسيير عدد من الرحلات الجوية من ألمانيا إلى مصر وإطلاق ٢٠٢٣عاما للترويج للسياحة المصرية بألمانيا .
وفى سياق ذلك ،أكد موقع "ترافيل أووف باس" المتخصص فى السياحة والسفر فى تقرير حديث إن مصر إستقلبت أكثر من 7 ملايين سائح خلال النصف الأول من العام الجاري. ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى 15 مليوناً بنهاية العام، وهو ما يمثل زيادة كبيرة مقارنة بعام 2022.
نفذت وزارة السياحة والآثار نظام دفع غير نقدي باستخدام البطاقات المصرفية لشراء تذاكر دخول عدد من المواقع الأثرية والمتاحف الشهيرة، منها أهرامات الجيزة، والمسلة الناقصة بأسوان، وقلعة صلاح الدين. الأيوبي بالقاهرة.
برامج خاصة للمغتربين
من ناحية أخرى، اقترح خبير التسويق السياحي علاء خليفة برامج خاصة للمصريين في الخارج.
“يمكن للشباب دعوة مضيفيهم الأجانب لرؤية المتاحف والمعالم السياحية المصرية. وقال خليفة لوسائل الإعلام المحلية إن الشباب يتمتعون بنفوذ كبير على وسائل التواصل الاجتماعي ويمكنهم الترويج لمصر بعد زياراتهم.
كما اقترح تقديم عروض خاصة للمغتربين المصريين لزيارة المعارض التي تنظمها وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع الشركات الخاصة على مستوى العالم.
وقال خليفة: “سيشهد العام الجاري افتتاح مشروعات سياحية وأثرية ضخمة، مثل المتحف المصري الكبير ومدينة الفنون والثقافة بالعاصمة الإدارية الجديدة، وكذلك مشروع التجلي الكبير في سانت كاترين”. ووصف هذه الأحداث المهمة بأنها فرصة كبيرة لجذب أعداد كبيرة من السياح من جميع أنحاء العالم.
واضاف أيضاً خليفة"إن السياحة الشاطئية على البحر الأحمر وسيناء مهمة بالنسبة للبلاد. ومع ذلك، فإن السياح الثقافيين أكثر أهمية، حيث يستخدمون المزيد من وسائل النقل المحلية ويشترون من الأسواق المحلية.
جهود الحكومة تجاه المتحف المصري الكبير
وفي الفترة الأخيرة، مازالت الحكومة تروج لتاريخها القديم باعتباره نقطة جذب رئيسية. وقد قامت بنشر الاكتشافات الفرعونية، وبناء وتجديد المتاحف والمواقع السياحية في جميع أنحاء البلاد.
انتهجت الدولة المصرية مخططا شاملا لتطوير ورفع كفاءة المحيط الجغرافى للمتحف المصرى الكبير قبل افتتاحه نهاية العام الجارى، اعتمد بشكل رئيسى على خلق رؤية عصرية لأعمال التنسيق العام للمنطقة، وذلك على نحو يليق بمكانته السياحية حيث يعد حدثا ضخما سيجذب دائرة الضوء عالميًا، وانعكاسًا للنقلة الحضارية التى تسعى مصر لتحقيقها.
تضمنت خطة تحسين الصورة البصرية للمناطق المحيطة بالمتحف المصرى الكبير، تطوير ورصف ورفع كفاءة الطرق والمحاور المرورية المؤدية إليه، ومعالجة واجهات المبانى السكنية القديمة المطلة على الطريق الدائرى بكل من محافظتى القاهرة والجيزة، والبدء فى طلاءها كونه أحد الطرق الرئيسية للوصول للمتحف المصرى الكبير، وذلك بتكامل جهود فريق عمل مشترك من كليتى الهندسة بجامعتى القاهرة وعين شمس.
.المتحف المصري الكبير مهد الحضارات المصرية هو عبارة عن تحفة معمارية يتم تشييدها لجذب أكثر من خمسة ملايين سائح سنويًا، يرجع ذلك إلى المعايير الدولية التي ساهمت في إنشاء المتحف، إلى جانب القطع الفرعونية الأثرية التي سوف يشاهدها العالم لأول مرة.
إضافةً لذلك، يتسم تصميم المتحف المصري الكبير بتشكيله على هيئة مثلثات متراصة رمزًا إلى الأهرامات الثلاثة؛ شمل ذلك كلاً من واجهة المتحف المكسوة بـ “حجارة الألبستر الرمادية” وجميع المداخل التي تستقبل الزوار.
هذا ومن المتوقع أن يشهد المتحف المصري الجديد افتتاحًا ضخمًا على غرار ما شهدناه في “موكب المومياوات الملكية.
ويمثل المتحف المصري الكبير، الذي تبلغ تكلفة إنشائه مليار دولار، علامة بارزة في جهود مصر لتعزيز صناعة السياحة، التي واجهت تحديات لا تعد ولا تحصى في السنوات الأخيرة بما في ذلك جائحة فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.
وهو مبنى كلاسيكي جديد تم بناؤه في أواخر القرن التاسع عشر وأول متحف مخصص لهذا الغرض في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
أكد مدير المتحف علي عبد فى تصريحات صحفية حديثة له، إن المتحف يعد أحد أشهر المعالم السياحية في القاهرة، حيث يجذب ما متوسطه 10 آلاف زائر يوميا. ويضم عشرات الآلاف من القطع الأثرية في مجموعته، وبعضها لم يتم عرضه مطلقاً.
وأضاف عبد الحليم إن الحكومة شرعت في السنوات الأخيرة في تجديد المتحف بالتعاون مع 5 مؤسسات كبرى في أوروبا، من بينها المتحف البريطاني ومتحف اللوفر في باريس.
ويتضمن المشروع المكون من 4 مراحل، والذي يموله الاتحاد الأوروبي جزئيا، تجديد المبنى بأكمله، والذي صممه المهندس المعماري الفرنسي الشهير مارسيل دورجنون.
لعقود من الزمن، كان المتحف الموجود في وسط القاهرة هو المنشأة الرئيسية التي تضم كنوز التراث المصري. لكن في السنوات الأخيرة، نقلت الحكومة العديد من القطع الأثرية – مثل المومياوات الملكية الثمينة – إلى المتحف القومي للحضارة المصرية الذي افتتح حديثاً والمتحف المصري الكبير، وهو مشروع ضخم ظل قيد الإنشاء منذ أكثر من عقد من الزمان بالقرب من أهرامات الجيزة الشهيرة.
وأشار أيضاً إلى أن العمل يجري على الانتهاء من البناء واستكمال الإعدادات بحلول نهاية العام، وسيكون المتحف جاهزا لحفل افتتاحه "قريبا جدا".
كما أوضح أنه يجري العمل على تحديد موعد للحفل الذي يمكن أن يحضره العديد من زعماء العالم.
ويعد المتحف، المقرر افتتاحه في نوفمبر، مجرد جانب واحد من استراتيجية مصر الأوسع لبث حياة جديدة في قطاع السياحة، وهو أحد الركائز الأساسية لاقتصادها. وتساهم السياحة بنسبة 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وهي بمثابة مصدر حيوي لعبور العملة الأجنبية.
سيكون يوما رائعا...بمثابة معادلة ناجحة للنهوض بالمفاهيم التى تلتقى بها الإنسانية والهوية الثقافية تجاه الاهتمام بالآثار والتراث.
اترك تعليق