هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

العالم منقسم.. حتي علي الوباء القادم..!!

"معاهدة الأوبئة" تقترح تمويل الفقراء.. والأغنياء يرفضون
إزالة الغابات وتغير المناخ والتوسع الحضري
وتجارة الحيوانات البرية.. عوامل خطر..!!

كوفيد وإيبولا ونيباه أمراض فتاكة..
سببها فيروسات المناطق الاستوائية

الاتحاد الأوروبي تعاقد مع شركات الأدوية
لحجز لقاحات أوبئة المستقبل..!!

مفهوم "الصحة الواحدة" يربط رفاهية
الإنسان برفاهية الحيوانات والبيئة

أثناء اجتماع پمسئولي الصحة من جميع أنحاء العالم، قبل أسبوعين، لمناقشة معاهدة تتناول الوقاية من الأوبئة، وقعت خلافات كبيرة حول منح پتمويل للبلدان النامية واتخاذ إجراءات لمنع انتقال مسببات الأمراض من الحيوانات إلي البشر.


ويعد الاجتماع، الذي عقد في جنيف، جزءًا من المفاوضات الجارية من قبل هيئة صنع القرار بمنظمة الصحة العالمية لمعالجة التهديدات الوبائية باتفاق ملزم قانونًا، وشارك في الاجتماع ممثلو 194 دولة عضو بالمنظمة.

ومن بين النقاط الشائكة، وفقًا للمطلعين علي المناقشات، تكاليف الإجراءات التي تهدف لمعالجة مخاطر مسببات الأمراض الناشئة من الحياة البرية، وتشمل عوامل الخطر، التي يؤثر الكثير منها بشكل غير متناسب علي العالم النامي، إزالة الغابات، وتغير المناخ، والتوسع الحضري السريع، وتجارة أنواع الحياة البرية.

وقد ركزت المناقشات السابقة حول المعاهدة المقترحة، والتي بدأت قبل عامين، علي مدي استعداد الأنظمة الصحية، وعلي النقيض من ذلك، كان هدف المناقشات الأخيرة هو التركيز علي الوقاية، يقول العديد من خبراء الصحة إن إيجاد طرق لوقف الأوبئة المحتملة قبل ظهورها أمر بالغ الأهمية مثل أي قدر من الاستعداد عند ظهورها.

وقالت شادية ونوس. المنسق العالمي في المنظمة العالمية لصحة الحيوان، وهي هيئة حكومية دولية مقرها فرنسا شاركت في مناقشات المعاهدة: "سنري المزيد من الأوبئة وسنشهد تفشيًا أكثر خطورة إذا لم نتحرك بشأن الوقاية".

كانت وكالة رويترز قد نشرت تحليلا عالميا حصريا لعوامل الخطر البيئية المرتبطة بانتشار الأمراض الحيوانية المنشأ، وهو المصطلح الذي يستخدمه العلماء لوصف قفز مسببات الأمراض من الحيوانات إلي البشر، تعتبر الآثار غير المباشرة هي المصدر الرئيسي للأمراض المعدية لدي البشر، والإصابة بكوفيد-19 والإيبولا ونيباه وغيرها من الأمراض الفتاكة تنجم عن الفيروسات الموجودة في البرية أو ترتبط بها ارتباطًا وثيقًا، خاصة بين بعض الخفافيش الاستوائية.

وخلص تحليل رويترز إلي أن عدد من يعيشون في المناطق المعرضة لخطر تفشي العدوي علي نطاق واسع -ومعظمها مناطق استوائية تكثر فيها الخفافيش وتشهد توسعا حضريا سريعا -ارتفع بنسبة 57% في العقدين المنتهيين في عام 2020، وهناك حوالي 1.8 مليار نسمة، أو 20% من سكان هذا الكوكب. يعيشون في تلك المناطق.

منذ وقت مبكر من جائحة كوفيد-19، سعي مسئولو الصحة العالمية للتوصل إلي "معاهدة خاصة بالوباء" للاستعداد بشكل أفضل لمنع تفشي المرض في المستقبل، اختارت الهيئة الإدارية لمنظمة الصحة العالمية مندوبين من كل منطقة من مناطقها الإدارية في جميع أنحاء العالم لقيادة المفاوضات، ويجتمع المندوبون بشكل دوري مع ممثلي الدول الأعضاء وهم مكلفون بصياغة اتفاق بحلول مايو 2024.

لكن الحكومات لا تزال منقسمة.. حيث فشلت في الاتفاق علي بعض الأساسيات اللازمة لتعزيز النظم الصحية في أنحاء العالم، وهذه الأساسيات، تمثل جميع العوامل التي أعاقت حدوث استجابة عالمية منسقة لمواجهي تفشي مرض كوفيد-19، وتشمل تبادل المعلومات والتكاليف واللقاحات.

وظهرت الانقسامات من جديد في يونيو الماضي عندما تفاوض الاتحاد الأوروبي علي اتفاقيات جديدة مع شركات الأدوية لحجز اللقاحات للأوبئة المستقبلية، ودفعت الاتفاقيات المنتقدين لاتهام الكتلة بممارسة "الفصل العنصري في مجال اللقاحات".

نقطة شائكة

وقال لورانس جوستين، مدير المركز المتعاون مع منظمة الصحة العالمية بشأن قانون الصحة الوطني والعالمي والمشارك في مناقشات المعاهدات: "لقد تراجعت الثقة بين الدول الغنية والفقيرة.

ورغم الإجماع الواسع النطاق علي الحاجة للوقاية من الأوبئة، فإن المفاوضين ما زالوا منقسمين فيما يتعلق بالتفاصيل، وتظل أكبر نقطة شائكة هي تمويل الدول الفقيرة.

بالطبع. فإن حكومات الدول النامية، تكافح بالفعل للحصول علي الموارد اللازمة لتعزيز أنظمتها الصحية العامة، وتحتاج إلي المزيد من الأموال إذا أرادت الاستثمار في الوقاية، ويشمل ذلك تدابير مثل تحسين مراقبة الأمراض الناشئة، وجهود مكافحة إزالة الغابات، وزيادة الإشراف علي التنمية في المناطق المعرضة لانتشار آثار جديدة.

حاليًا، يتم اقتراح مثل هذه التدابير في المعاهدة من خلال مفهوم يعرف باسم "الصحة الواحدة"، الذي حددته منظمة الصحة العالمية وغيرها في "خطة العمل" لعام 2022، ويربط هذا المفهوم رفاهية الإنسان برفاهية الحيوانات والبيئة. وقالت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إنهما يدعمان إدراج أحكام "صحة واحدة" في معاهدة بشأن الوباء.

ولكن باعتبار "الصحة الواحدة" مفهوماً بعيد المدي ومجرداً في بعض الأحيان، فإن تطبيق التدابير قد يكون مكلفاً. وقال جوستين من مركز قانون الصحة العالمي التابع لمنظمة الصحة العالمية لرويترز: الدول منخفضة الدخل لا تقبل الالتزامات ما لم تحصل علي التمويل، "البلدان ذات الدخل المرتفع ترفض ضمان تقديم الأموال".

وتقع جميع المناطق الأكثر تعرضًا للخطر تقريبًا في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. لكن إزالة الغابات والتنمية في هذه المناطق يرجع إلي الطلب الكبير علي المعادن والمواد الغذائية والمواد الخام التي تحتاجها الدول الأكثر ثراء. ويقول بعض المسئولين إن المسئولية المشتركة ــ ناهيك عن العواقب المشتركة لابد أن تعني تقاسم النفقات.

قالت ماريا فان كيرخوف، عالمة وبائيات الأمراض المعدية ورئيسة وحدة الأمراض الناشئة بمنظمة الصحة العالمية: "يجب أن يفهم الجميع أن مصلحتهم واحدة ويجب إيجاد الحلول معًا"، "نحن نعيش في هذا العالم المترابط وأي عامل ممرض يظهر في جزء من الكوكب يمكن أن يظهر في جزء آخر خلال 24 إلي 48 ساعة".

وجد تحليل رويترز أن أكثر من 99% من المناطق الأكثر خطورة في العالم تقع في الأمريكتين وأفريقيا وجنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ، وتضم الأمريكتان وحدهما 29% من المناطق المعرضة للخطر الشديد، وأكثر من نصفها في البرازيل، ومعظم المخاطر هناك ترجع إلي إزالة الغابات في منطقة الأمازون، أكبر الغابات المطيرة في العالم.

وقال مسئول حكومي برازيلي مشارك في المفاوضات. طلب عدم الكشف عن هويته. لرويترز إن دولته الواقعة في أمريكا الجنوبية هي إحدي الدول المعنية بالتقاسم العادل لتكاليف الوقاية "99% من الالتزامات المتعلقة بالمراقبة ستقع علي عاتق الدول النامية".

وكما هو معروف، فقد فاجأ فيروس كورونا العالم، دون سابق إنذار.. فالتدافع الذي أحدثه علي العلاجات والاختبارات ومعدات الحماية واللقاحات كان في صالح أغني دول العالم. ولتجنب حدوث الشيء نفسه في الأوبئة المستقبلية. اقترحت مجموعة من زعماء العالم معاهدة بشأن الوباء.. حيث يتم التفاوض بشأنها في سلسلة من الاجتماعات الدولية التي تستضيفها منظمة الصحة العالمية.

وتهدف مسودة المعاهدة إلي ضمان العدالة في توزيع كل ما هو مطلوب للتعامل مع أي جائحة في المستقبل، بدلا من أن تشكل. مثل پفيروس كورونا، خطرًا علي الجميع.

ويري تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية، أن التوصل إلي اتفاق أمر صعب، مع تباين المصالح الحكومية، والتحفظات من جانب شركات الأدوية، واستمرار المشاعر المناهضة لمنظمة الصحة العالمية من قبل الذين عارضوا عمليات الإغلاق والأقنعة واللقاحات أثناء الوباء.

تعطل النظم

اتفقت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية علي العمل لصياغة معاهدة ملزمة قانونا بشأن كيفية الاستجابة للوباء المقبل لتجنب تكرار الأضرار التي سببها كوفيد-19، والذي لم يتسبب في حوالي 7 ملايين حالة وفاة فحسب، بل أدي إلي زيادات في الوفيات بشكل خاص في الدول الفقيرةوتزايد في الفقر والجوع. وتعطل النظم الصحية.

لم يقتصر نقص الموارد علي اللقاحات فقط، بل كافحت الدول الفقيرة للحصول علي الإمدادات الحيوية من الأكسجين للمرضي في العناية المركزة، ومعدات الحماية الشخصية، ومواد الاختبار.

تتضمن مسودة الإعلان السياسي إشارات إلي "التضامن العالمي"، ويدعو تحديدًا لزيادة فرص الحصول علي الأدوية بأسعار معقولة، وتقديم دعم أكبر للإنتاج والتوزيع المحلي والإقليمي.

كما يدعو إلي منح منظمة الصحة العالمية السلطة والتمويل لتقديم الدعم الذي تحتاجه الدول لتقليل مخاطر الوباء.

تم إدانة المسودات المبكرة باعتبارها ضعيفة، وقالت حملة منظمة أطباء بلا حدود، إن المسودة تستخدم لغة غامضة وإن المعايير فضفاضة للغاية، لذلك عندما يتعلق الأمر باتخاذ إجراء. فإن الدول ستفسره بشكل مختلف وتجعل من الصعب تفعيل الاتفاق.

حتي تعريف الوباء يتعرض للانتقاد لأنه ضيق للغاية: ليس فقط باعتباره وباء انتشر علي مستوي العالم. ولكن باعتباره وباء "يرهق الأنظمة الصحية بالمرض الشديد والوفيات المرتفعة" و"يسبب اضطرابات اجتماعية واقتصادية".

وكانت هناك أيضًا تحديات من بعض المعارضين للاتفاق والمنتقدين لمنظمة الصحة العالمية. وفي الشهر الماضي. انتقد تيدروس أدهانوم جيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالميةپ ادعاءات أصحاب "المصالح الخاصة" بأن الاتفاق كان بمثابة انتزاع سلطة الحكومات لصالح منظمة الصحة العالمية، الأمر الذي من شأنه "أن يعيق الابتكار والبحث".

نظام عادل

إحدي النقاط الشائكة في المسودة هي كيفية تعويض الدول بشكل عادل عن تبادل تسلسل الجينوم الفيروسي.

خلال جائحة كوفيد-19، قام الباحثون في بلدان من البرازيل إلي جنوب أفريقيا إلي الهند بمراقبة كيفية تطور SARS-CoV-2 من خلال تحديد التسلسل الجيني للفيروسات التي تم جمعها من الأشخاص المصابين. ثم قاموا بتحميل هذه التسلسلات علي منصات تبادل البيانات عبر الإنترنت. مما مكنهم من تطوير اللقاحات. لكن العديد من البلدان التي قامت بتحميل التسلسلات لم تحصل علي الجرعات في الوقت المناسب. هذا إذا حصلت عليها علي الإطلاق.

ويؤدي هذا الانفصال إلي وضع قد تقرر فيه البلدان المتضررة من الأمراض الاحتفاظ بالمعلومات لنفسها، وهي النتيجة التي قد تكون كارثية علي مستوي العالم، يقول الباحثون والمسئولون إنه لكبح جماح أي جائحة مستقبلية بسرعة، هناك حاجة إلي نظام عادل لتبادل البيانات.

والأمل هو أن تنشئ معاهدة الوباء مثل هذا النظام، ولكن كما أظهرت المفاوضات. سيكون من الصعب إقناع البلدان بالاتفاق علي الشكل الذي ينبغي له أن يبدو عليه، تقول سوري مون، الباحثة في سياسات الصحة العالمية بمعهد جنيف للدراسات العليا في سويسرا: "هناك مجال للاتفاق. لأن جميع البلدان تريد نظامًا موثوقًا به". لكن "تدوين التفاصيل ليس بالأمر السهل".

وفكرة أن دولة ما قد تقرر عدم مشاركة المعلومات الفيروسية مجانًا لها سابقة، ففي عام 2007، توقفت إندونيسيا عن تبادل عينات من فيروس أنفلونزا الطيور H5N1 مع منظمة الصحة العالمية، التي تراقب الأنفلونزا علي مستوي العالم وتقدم توصيات بشأن تركيبة اللقاح، وفي ذلك الوقت، كان فيروس H5N1 ينتشر علي مستوي العالم، وكان لدي إندونيسيا أكبر عدد من الإصابات بين البشر.

اتخذت جاكرتا قرارها لأن شركة أدوية في أستراليا كانت تعتزم استخدام عينة فيروسية قدمتها إندونيسيا لتطوير لقاح H5N1 وهو منتج ربما كانت هذه الدولة ذات الدخل المتوسط ستواجه صعوبة في تحمل تكاليفه.. وكان حجب العينات طريقة إندونيسيا للاحتجاج علي ما اعتبرته نظاما غير عادل.

ويشير تقرير لمجلة نيتشر، إلي أن الجدل أدي في نهاية المطاف لتطوير إطار التأهب لمواجهة الأنفلونزا الوبائية، وهو توجيهات منظمة الصحة العالمية التي تحدد القواعد الأساسية لتبادل البيانات في مقابل الحصول علي اللقاحات وغيرها من الفوائد، لكن القواعد المعتمدة في عام 2011 تنطبق فقط علي فيروسات الأنفلونزا.

في الوقت الحالي، يخضع الوصول إلي الفيروسات الأخري، من الناحية النظرية. لاتفاقية التنوع البيولوجي (CBD)، وهي اتفاقية وقعتها 196 دولة لحماية النباتات والحيوانات في العالم، في عام 2010، تمت إضافة اتفاقية تكميلية، بروتوكول ناجويا، إلي اتفاقية التنوع البيولوجي، تنص علي أن أي شركة أو باحث يسعي لاستخدام الموارد الجينية من بلد معين -بما في ذلك العينات الفيروسية -يجب أن يحصل علي إذن من تلك الدولة ويتوصل إلي اتفاق معها حول كيفية استخدام الموارد الجينية وأن تتقاسم الأطراف أي فوائد محتملة من تلك المواد.

لكن هذه الاتفاقيات لا تنظم تبادل البيانات، بما في ذلك الجينومات الفيروسية. ولم تمنع عدم المساواة خلال جائحة كوفيد-19، مثلًا، لم تتمكن جنوب أفريقيا -التي نبهت العالم إلي متغيرات فيروس سارس-كوف-2 مثل أوميكرون وبيتا -إلا من تطعيم حوالي 40% فقط من سكانها ضد كوفيد-19.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق