أكد مسئولون دوليون وخبراء، أهمية تعزيز الدبلوماسية الصحية بين الدول لمواجهة التحديات الصحية.
جاء ذلك خلال جلسة الدبلوماسية الصحية.. والتي عقدت في إطار فاعليات اليوم الثاني للمؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية بحضور الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة والسكان، والذي تستضيفه مصر، ويُعقد في الفترة من 5 إلي 8 سبتمبر الجاري، وافتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأكد مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مصر شون جونز، أن الحكومة الأمريكية والشعب الأمريكي يهتمان بوضع رفاهية الخدمات الصحية كأولوية، كما تستثمر الحكومة الأمريكية أكثر من 10 مليارات دولار سنويا لمساعدة الشعوب فى مواجهة العديد من المشكلات التي تؤثر على الكوكب، كتوفير الخدمات الصحي وجودتها وقضايا تغير المناخ والحفاظ على المياه والغذاء والزراعة، مؤكدا أن هذا الأمر لا يتعلق فقط بالدبلوماسية السياسية ولكنها دبلوماسية الفعل مليارات من الدولارات وليس له متعلق بالدبلوماسية السياسية فقط ولكن دبلوماسية الفعل والشراكة والتعاون.
وأضاف أنه "ثمة إحصائية تتحدث عن أن العالم مقبل بنسبة 40% علي جائحة أسوأ من جائحة كورونا"كوفيد- 19" وينبغي أن يستعد لها العالم حتي لا نخسر المزيد من الأرواح، لذا تستثمر الحكومة الأمريكية، في شراكتها مع الأمم المتحدة، لخدمة القضايا الصحية وضمان وصول خدماتها للمواطنين الذين يحتاجونها في الدول التي توجه لها هذه الخدمات"، مشيرا إلي أن الاهتمام الكبير للحكومة الأمريكية لمواجهة المشكلات الصحية، حيث تم إضافة مكتب معني بالمجال الصحي ضمن الوكالة".
ولفت مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مصر إلي "إخفاق العالم في الاستجابة الأولوية للتعامل مع جائحة كوفيد، لذا ينبغي العمل علي رفع كفاءة الوضع الصحي وتعزيز الشراكة بين الدولة، حيث أن الأمراض المعدية ليس لديها أي حدود أو حواجز ولا تهتم بأي تحالفات سياسية أو حجم أو قوة أو أهمية الدولة، لذا نسعي لتجاوز الحواجز ورفع مدي استجابة الدول لأي جائحة"، مشددا علي "أهمية تبادل البيانات بين الدول، والمعلومات التي تملكها الحكومات والأفراد. لتخطي التحديات المستقبلية".
قالت مديرة إدارة البرامج بمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط الدكتورة رنا الحجة، إن "دبلوماسية الصحة العامة تركز على حماية ورفاهية السكان عبر الحدود الوطنية وتهدف إلي تعزيز التعاون بين الدول، والمثال لذلك هو التعاون بين الدول في مواجهة جائحة كوفيد 19 وهو أمر يدعو للفخر".
وأضافت الحجة أنه "قبل إنشاء المنظمة كان وزراء الصحة يهتمون بجودة الخدمات الصحية داخل نطاق بلادهم فقط، ولكن بعد إنشاء المنظمة، وحدوث جائحة كورونا وما كبدته الجائحة من خسائر بالملايين من البشر. يمكن القول أنه لابد من الاتفاق على سياسات صحية مشتركة، حيث تركز المنظمة على أهمية تبادل البيانات بين البلدان عبر أسس ونظم يتم الاتفاق عليها".
وتابعت أن "المنظمة تناقش عدة موضوعات ومنها الحماية من الكوارث الصحية ولديها الآلية التي وقعت عليها الدول فى عام 2005 وتم اختبارها في 2019 لمواجهة كوفيد، وتعمل المنظمة حاليا على تطوير هذه الآلية في منطقة الشرق الأوسط والتي تعاني مع عدة مشكلات منها مشكلة اللاجئين وضمان الحفاظ علي صحتهم، وكذا مواجهة الأمراض المعدية".. وتطرقت إلي مبادرة السلام من أجل الصحة والتي بدأت عام 2019 وهي حاليا مبادرة عالمية.
ودعت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في مصر إلينا بانوفا، إلي "تضمين مفهوم الدبلوماسية الصحية في جميع الجهود والفعاليات الدولية متعددة الأطراف عالميا نظرا لأهمية هذا المفهوم لتحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة وهو الهدف الخاص بالصحة".
وأوضحت بانوفا أن "مفهوم الدبلوماسية الصحية وفقا لمنظمة الصحة العالمية هو الاستخدام الفعال للدبلوماسية لتعزيز السياسات الصحية العالمية ومواجهة التحديات الصحية العالمية"، مشيرة إلي أن كوفيد 19 كان من أهم التحديات التي واجهت العالم.
وأكدت أن "جائحة كوفيد 19 كانت بمثابة إنذار يذكرنا بأهمية الدبلوماسية الصحية.. كما أنها كشفت مدي عجزنا عن التكاتف دوليا لمواجهة تحد عالمي"، لافتة إلي أن "الفترة ما بعد الجائحة تعد فرصة لإعادة تشكيل الدبلوماسية الصحية وتدعو لعقد شراكات دولية حيث إننا نعيش في وقت لا يعرف فيه المرض حدودا.. فأي إجراء في دولة ما يؤثر علي بقية العالم".
وشددت بانوفا على "أهمية الترابط بين مجالات الصحة والسكان والتعليم"، مؤكدة أن "الحوكمة الرشيدة والأمن من أهم المتطلبات الرئيسية للصحة والتنمية.. كما أن هناك ترابطا بين البيئة والمناخ والصحة وكلها أمور تغطيها استراتيجية الأمم المتحدة التنمية المستدامة".
قال مساعد وزير الصحة والسكان للمبادرات العامة الدكتور محمد حساني إن هناك العديد من التحديات التي تواجه الدبلوماسية الصحية منها الافتقار إلي الموارد والأبحاث، وصعوبة وضع أولويات صحية، مؤكدا أهمية وضع خارطة طريق للتنسيق بين الأولويات والتحديات.
وأشار حساني إلي أن المبادرة الرئاسية 100 مليون صحة تعد مثالا واضحا للتحول الناجح من مرحلة التحديات إلي خلق فرص، والتي تم تنفيذها بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.
وأوضح أن المبادرة تم تنفيذها في 4 دول إفريقية أخري وأثبتت نجاحها، لافتا إلي أنه "يجب أن نتعامل مع الدبلوماسية الصحية بصورة متوازنو بحيث يكون هناك أولويات لكل دولة أو منطقة بجانب تعزيز التعاون من خلال الأمم المتحدة والمنظمات الدولية".
شهد الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحة والسكان جلسة حوارية بعنوان: "دبلوماسية الصحة في جميع الأوقات: في الاستقرار وفي حالة عدم اليقين"، على هامش المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية 2023، المنعقد في العاصمة الإدارية الجديدة.
شارك في الجلسة الدكتور محمد حساني مساعد وزير الصحة والسكان لمبادرات الصحة العامة، والسيدة إيلينا بانوفا، المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر، والدكتورة رنا حجة مديرة قسم إدارة البرامج بمنظمة الصحة العالمية، والسيد شون جونز، مدير بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والدكتورة ماريا نيرا. مديرة إدارة الصحة العامة والبيئة والمحددات الاجتماعية بإدارة الصحة بالمقر الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية.
أوضح الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان أن الجلسة تناولت مناقشة مفهوم الدبلوماسية الصحية وكيفية الاستفادة منها بما يخدم النظم الصحية المحلية، ومناقشة استغلال الفرص لتعزيز التعاون والتكاتف بين الدول فيما يتعلق بتبادل البيانات والمعلومات وخاصةً في وقت الجوائح، بما يدعم تقديم خدمات الرعاية الصحية، إضافةً إلي التعاون فيما يتعلق بوصول اللقاحات لكافة الدول.
قال الدكتور محمد حساني مساعد وزير الصحة لمبادرات الصحة العامة إن الدول يجب أن تعمل علي بناء الثقة من أجل المستقبل. خاصةً في ظل وجود العديد من التحديات ومن أهمها الافتقار للأدلة الإرشادية والدعم ونقص مشاركة وتبادل المعلومات والبيانات. إضافةً إلي وجود تحديات خاصة بالافتقار للاستدامة المالية.
أضاف أنه يجب أن يكون هناك تعاون خاصةً عند تفشي الأوبئة، كما يجب أن يتم التعامل مع الدبلوماسية الصحية بصورة متجانسة، بحيث تكون هناك أولوية لكل دولة وكل منطقة ويتم تعزيز هذه الأولويات من خلال الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، إضافةً إلي الاستثمار في التدريب بالقطاع الصحي، وتوظيف المعلومات والبيانات خاصةً بين الدول المتجاورة، مع استغلال التقدم التكنولوجي والتحول الرقمي لإنشاء قاعدة للبيانات والمعلومات تدعم القادة في اتخاذ القرار، كما يجب أن توضع التهديدات الصحية علي قمة أجندة القادة.
أشار إلي أن ما حققته مصر بمبادرة "100 مليون صحة" يعد مثالا واضحا للدبلوماسية الصحية وتحويل التحديات إلي فرص، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، واللوائح الصحية الدولية، فبعد نجاح المبادرة التي أطلقها السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية تم تقديم الدعم لنقل التجربة الناجحة إلي بعض الدول الشقيقة والصديقة وخاصةً في أفريقيا.
قالت إيلينا بانوفا، المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر إن عقد المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية يعد مثالاً علي الدبلوماسية الصحية، التي تعد من منظور الأمم المتحدة هي الاستغلال الفعال للدبلوماسية لتنمية وتعزيز السياسات الصحية لمواجهة التحديات العالمية، مضيفةً أن جائحة كورونا كانت بمثابة جرس إنذار بشأن أهمية الدبلوماسية الصحية.. حيث كشفت الجائحة عن عجز ونقص كبير ومؤسف في التكاتف والتضامن الدولي، وتعد الجائحة فرصةً للتعلم من أخطائنا.. حيث تضمن الدبلوماسية الصحية عقد الشراكات لضمان الصحة للجميع. بما يساعد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
أضافت أنه يجب أن تتعاون الدول للحد من وفيات الأمهات والأطفال وأن تعمل علي ضمان التغطية الصحية الشاملة وتسهيل الحصول على خدمات الرعاية الصحية الإنجابية، مشيرةً إلي أن تحالف الجافي يعد دليلا علي نجاح وقوة الشراكات، فبالمساواة في الوصول للقاحات تم إنقاذ الملايين من الأرواح.
من جهته قال شون جونز، مدير بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إن الولايات المتحدة تستثمر سنوياً مليارات الدولارات في الصحة والزراعة والغذاء وقضايا المناخ والمياه، من أجل دعم حكومات الدول كي تكون مستعدة للتحديات المستقبلية خلال الأعوام القادمة. مشيراً إلي أن العالم قد يشهد جائحة مستقبلية مثل جائحة كورونا مما يؤكد أهمية الاستثمار في الصحة والاستفادة من الشراكات.. لأن الأمراض المعدية ليست لديها حدود.. حيث يجب أن يكون لدينا تنسيق واستجابة أفضل من خلال استغلال كافة الفرص المتاحة.
أكدت الدكتورة رنا حجة، مديرة قسم إدارة البرامج بمنظمة الصحة العالمية إن الدبلوماسية الصحية تركز علي حماية صحة السكان بالتعاون بين الدول، وظهر جلياً بعد جائحة كورونا أن حماية صحة الدول لا تقتصر على ما تقوم به كل دولة بشكل منفرد، مؤكدةً أن هذا الدرس المستفاد كان ثمنه خسارة الملايين من الأرواح، مضيفةً أنه يجب الالتزام بمبادئ الدبلوماسية الفعالة من حيث التفاؤل وبناء العلاقات علي الثقة والواقعية والتعاون بين الشركاء، موضحةً أن تقديم الخدمات الصحية للاجئين يعد من أمثلة الدبلوماسية الصحية.
أضافت أنه من المشكلات التي واجهتها الدول أثناء جائحة كورونا مشكلة التوزيع غير العادل للقاحات، مما يستدعي تطبيق الدبلوماسية الصحية بشكل أفضل، لضمان حصول كل دولة سواء كانت غنية أو فقيرة على حقها في الحصول على اللقاحات.
اترك تعليق