لم تقف الحكومة مكتوفة الأيدي أمام التداعيات السلبية للتحديات العالمية، وأهمها وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، بل سارعت لامتصاص تلك الصدمات وتخفيف أعبائها عن المواطنين، وساعدها علي ذلك برنامج إصلاح اقتصادي نجح في بناء اقتصاد قوي أسهم في زيادة النمو، والحد من البطالة، والتقدم نحو ضبط الأوضاع المالية، بإجراءات دينامية عديدة.
أكدت د.هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أن هناك خططًا سريعة ومرنة لمواجهة الأزمات. مشيرة إلي اتخاذ مصر تدابير احترازيّة سريعة وخطوات استباقية لتأمين مصادر الإمداد في الـمدي العاجل، فضلًا عن تبني عدد من البرامج والـمُبادرات لسرعة توفير الحماية الاجتماعية، وبخاصة للفئات الأكثر تضرّرًا من تداعيّات الأزمة، بالإضافة إلي اغتنام بعض الفُرص الواعدة التي أتاحتها الأزمة لزيادة الصادرات بالتركيز علي قطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات من خلال زيادة الوزن النسبي لتلك القطاعات وهو ما يجعل الاقتصاد المصري أكثر قدرة علي مواجهة الأزمات وزيادة مشاركة القطاع الخاص، وتهيئة البنية التحتية من أجل تحسين جودة الحياة وجذب المستثمرين.
أضافت السعيد أن جائحة كورونا كشفت عن مخاطر العمل غير الرسمي، مؤكدة أن الحكومة المصرية لم تدخر أي جهد لدعم العمال في القطاع غير الرسمي، موضحة أن نحو مليوني عامل غير نظامي استفادوا من مبادرة دعم العمالة خلال الجائحة، والتي خصصت لها مصر أكثر من 5 مليارات جنيه لمدة 6 أشهر، مع إنشاء قاعدة بيانات شاملة لأكثر من 6 ملايين عامل غير نظامي لتمكين توافر بيانات أفضل عن العمال غير النظاميين ودعمهم في الحصول علي وظائف لائقة.
تابعت السعيد أنه لمواجهة الصدمات الأخيرة، مع التداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا، فقد خصصت الحكومة 130 مليار جنيه للتعامل مع تداعيات التحديات الاقتصادية العالمية والتخفيف من آثارها علي المواطنين، فضلًا عن زيادة الحافز الشهري الإضافي للعاملين بالدولة، وتنفيذ تعديلات علي ضريبة الدخل بهدف تخفيف العبء عن كاهل المواطنين وتحفيز الاستثمار، إلي جانب الإعلان عن بدء زيادة الحد الأدني لرواتب العاملين بالقطاع الخاص من 2700 إلي 3000 جنيه بداية من يوليو 2023.. والذي يعد هو الأول من نوعه بالنسبة لهذا القطاع.
أوضحت السعيد أن الاقتصاد المصري تأثر بالتداعيات العالمية بدءا من كوفيد-19 وحتي الحرب الروسية الأوكرانية، مؤكدة أن اقتصادنا لديه كل الأساسيات التي تجعله قادر علي تخطي تلك الفترة الاستثنائية..مشيرة إلي أن البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية الذي يعتمد علي مزيد من التحفيز للقطاع الخاص، ودفع وكفاءة سوق العمل في مجال التعليم الفني، بالإضافة إلي العمل علي زيادة الاقتصاد الحقيقي وزيادة الصادرات، تابعت السعيد أن هناك أيضا خطة لزيادة مشاركة القطاع الخاص، مشيرة إلي أن تخارج الدولة من بعض القطاعات، مؤكدة أننا نسير في خطة الإصلاح الهيكلي بخطي ثابتة، مع العمل علي تقليل الإنفاق الاستثماري وتأجيل بعض المشروعات غير الملحة من أجل تقليل عبء الانفاق والتضخم علي المواطن.
أشارت السعيد إلي أن مبادرة حياة كريمة لتطوير الريف المصري أسهمت تحسين جودة الحياة لأكثر من 50 مليون مواطن كما وفرت فرص عمل للمواطنين، كما يسعي المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية لضبط معدلات النمو السكاني والارتقاء بخصائص السكان وإحداث التمكين الاقتصادي للفئات الأكثر احتياجاً.
وفيما يخص نسب الاكتفاء الذاتي وسلاسل الإمداد فقد أكدت السعيد أن هناك عددًا كبيرًا من الاستثمارات تمت من خلال الاكتفاء الذاتي والوصول إلي نسب 50% من القمح والذرة.. مشيرة إلي أن خطة التوسع الزراعي الأفقي والرأسي للتنمية الزراعية.
وفيما يتعلق بالاقتصاد الأخضر، أشارت وزيرة التخطيط إلي أن الدولة تستهدف زيادة الاستثمارت الخضراء بالخطة إلي 50% في 24/2025. وأنه لأول مرة تم وضع معايير للاستدامة البيئية بالتنسيق مع وزارة البيئة. مشيرة إلي أن صندوق مصر السيادي موجود حاليا في عدد من المشروعات الخضراء سواء مشروعات الهيدروجين الأخضر وتحلية المياه وطاقة الرياح.
أكدت السعيد أن هناك طفرة استثمارية في خطة الدولة تتمثل في كِبَر حجم الاستثمارات الـمُوجّهة للتنمية البشرية من خدمات التعليم الـمدرسي والتعليم الجامعي والبحث العلمي والخدمات الصحية، التزامًا بالاستحقاقات الدستورية، فضلًا عن التوسّع الـمُطرد في الاستثمارات الـمُخصّصة لأغراض الحماية الاجتماعية وتحسين الأحوال الـمعيشية للطبقات محدودة الدخل، بالإضافة إلي ضخامة الاستثمارات الـمُوجّهة لـمشروعات البنية الأساسية اللازمة لتحفيز مشروعات الإنتاج الـمُباشر وفقاً لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي لتحسين مُناخ الاستثمار، وكذلك التزايد الـمُتوقّع في استثمارات القطاع الخاص في ظل توجّه الدولة لتعزيز مجالات النشاط للاستثمارات الخاصة اتفاقًا ووثيقة سياسة ملكية الدولة، وتبنيها لـمُبادرات داعمة لبيئة الأعمال.
أكدت د.هالة السعيد -خلال مشاركتها بمائدة مستديرة رفيعة المستوي حول الاقتصاد غير الرسمي في شمال أفريقيا - أن الوزارة واصلت توجيه الاستثمارات العامة نحو الفئات الأكثر ضعفًا، بهدف تحسين جودة حياة المواطنين وزيادة إمكانية الوصول إلي الخدمات العامة، من خلال التركيز علي القطاعات التي تسهم في تحفيز النمو الاقتصادي وتلك التي تقدم خدمات لائقة، وفرص عمل منتجة » من أجل تقليص الفجوات التنموية بين المحافظات المصرية.
أشارت السعيد إلي سعي مصر إلي تعزيز ديناميكية الاقتصاد منذ إطلاق رؤية مصر 2030.. حيث ركزت الحكومة علي الاستثمار في عدة قطاعات لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة من خلال خلق وظائف لائقة مستدامة في قطاعات إنتاجية عالية، وتخفيض العمالة غير الرسمية من إجمالي العمالة علي مدي السنوات القليلة الماضية.
أضافت د.السعيد خلال مداخلة هاتفية لأحد البرامج علي قناة إكسترا نيوز إنه في إطار حالة عدم اليقين التي يتعرض لها العالم بسبب التأثيرات الجيوسياسية الحالية، تأثرت الدول من حيث مستويات الأسعار والسلع المستوردة، وأسعار الطاقة. وتوافر القمح وغير ذلك، وهو ما أثر علي معدلات التضخم بالارتفاع، مشيرة إلي أن الدولة المصرية بمؤسساتها وسياساتها المالية والنقدية تقوم بجهود كبيرة للتخفيف من معدلات التضخم، مع الحفاظ علي ضخ سلع بأسعار أكثر انخفاضا للتخفيف من عبء التضخم، لافتة إلي أن هناك تحسنا في عدد من القطاعات، منها عائدات قناة السويس التي زادت بأكثر من 20%، وتحسن صادراتنا من الغاز. كذلك تحسن قطاع السياحة.
أشارت السعيد إلي الـمشروعات الواردة بخطة عام 23/2024 في إطار برنامج تحفيز الاستثمار الصناعي وتعميق التصنيع الـمحلي، ومنها إنشاء مُجمّعين صناعيين لخدمة الصناعات عالية التكنولوجيا في إطار مُخطّط إنشاء "7" تجمّعات صناعيّة، استكمال ترفيق مدينة الروبيكي لدباغة الجلود، واستكمال مرافق الـمناطق الصناعيّة بمُحافظة سوهاج "غرب طهطا وغرب جرجا"، ونحو أعمال الترفيق للمناطق الصناعيّة بمُحافظة قنا، ورفع كفاءة التشغيل للمناطق الصناعيّة بسوهاج وقنا، إلي جانب تقنين أوضاع ألفي مصنع من مصانع القطاع غير الرسمي، ونقل 300 منها إلي الـمناطق والـمُجمّعات الصناعيّة، فضلا عن مُواصلة تحديث البنية التحتيّة في عددي من الـمُجمّعات الصناعيّة للاستفادة من وفورات التجمّع والتخصّص والتكامل، ومنها مُجمّع الصناعات البلاستيكيّة بمِرغم بالعامريّة، ومدينة دمياط للأثاث. ومنطقة الصناعات النسيجيّة بكلي من الـمحلة الكُبري وكفر الدوّار، وكذلك استكمال أعمال التطوير بميناء سفاجا لخدمة حركة النقليّات.
وبالنسبة لبرنامج تنمية الصادرات الصناعيّة، أكدت السعيد أنه يحتل اهتمامًا خاصًا في ضوء استهداف الدولة تحقيق 100 مليار دولار صادرات سلعيّة في غضون ثلاثة أعوام، موضحة أن الجهود الـمبذولة في هذا الخصوص ترمي إلي زيادة الصادرات بما لا يقل عن 15%سنويًا، مع مُواصلة تطوير برنامج الـمُساندة التصديريّة للشركات، وذلك لتوسيع مظلة رد الأعباء بإضافة مجموعات سلعيّة وشركات جديدة. وبخاصة الـمشروعات الصغيرة ومُتوسّطة الحجم. بجانب توفير أوجه الدعم والحوافز في مجال خدمات الـموانئ والتوسّع في تنظيم الـمعارض الداخليّة والخارجيّة، مع الاهتمام بصفة خاصة بالترويج بالأسواق الواعدة بالقارة الأفريقيّة، والتي يُستهدف تنمية الصادرات الـمصريّة لها من نحو 6 مليارات دولار حاليًا لتصِل إلي 10 مليارات دولار عام 2024، ثم إلي 15 مليار دولار بنهاية عام 2025، مضيفة أنه في إطار برنامج تنمية مهارات العاملين بالقطاع الصناعي، تتضمن الخطة توفير التدريب المهني لنحو 51 ألف طالب، وأن يصل عدد خريجي برامج التدريب لنحو 18 ألف فرد. مع تطوير وتأهيل سبعة مراكز وتحديث مناهجها.
أضافت السعيد أن الخطة الاستثماريّة للعام الـمالي 23/2024 تتضمّن استكمال تطوير منظومة خدمات مصر الرقميّة واستكمال ميكنة البنية التكنولوجيّة للجهاز الإداري للدولة، وإنشاء شبكة حكوميّة مُغلقة لربط كافة الـمباني الحكوميّة، وإصدار التأشيرة الإلكترونيّة ومنظومة التأمين الرقميّة للأجانب، واستكمال دعم مشروعات تطوير حلول الأمن السيبراني للمرافق والقطاعات الحيويّة، بجانب إحلال النطاق التردّدي ورفع كفاءة استخدام الإنترنت بالجهاز الإداري للدولة.
مضيفة أنه في مجال بناء القُدرات الرقميّة، تستهدف الخطة استكمال دعم مشروعات تنمية الـمهارات الرقميّة وبناء القُدرات من خلال تنفيذ مجموعة مُبادرات، منها مُبادرة أشبال مصر الرقميّة، ومُبادرة بناة مصر الرقميّة، ومشروعات نوادي تكنولوجيا الـمعلومات، وذلك لزيادة أعداد الـمُتدربين بمُعدّل 20% سنويًا ليرتفع العدد من 200 ألف مُتدرّب عام 21/2022 إلي نحو 265 ألف في 23/2024.
تقول أمنية كمال المشرف علي الإدارة الاستراتيجية بوزارة التخطيط إن خطة الوزارة الاستراتيجية خلال الفترة 2019- 2022 نجحت في تحسين مستوي معيشة المواطن المصري. موضحة أن إجمالي الاستثمارات العامة خلال تلك الفترة بلغت نحو 2.5 تريليون جنيه.
أشارت كمال إلي قيام الوزارة برفع جودة الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين من خلال توفير 127 سيارة متنقلة وتطوير 2401 مكتب صحة ضمن منظومة تسجيل المواليد والوفيات، متابعة أنه في إطار رفع القدرات والإصلاح المؤسسي تم تدريب 40 ألف متدرب في مجالات الإدارة الاستراتيجية والبرامج والأداء و دراسات الجدوي الاقتصادية وريادة الأعمال.
وفيما يخص المشروعات القومية تم إطلاق المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" التي تستهدف تطوير 4584 قرية في 20 محافظة وكذلك المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية والذي يستهدف 1520 قرية مصرية من خلال تحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة المصرية، ودعم التدخلات التنموية علي المستويات الخدمية والتعليمية والثقافية والتوعوية بالإضافة الي دعم دور التحول الرقمي في تحقيق التنمية.
أما عن التوجّهات الاستثمارية للخطة في العام الحالي، فقد أشارت د.السعيد إلي التركيز علي القطاعات ذات الأولويّة مُمثّلة في الزراعة والصناعة التحويلية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إضافة إلي تنمية المشروعات الـمتوسطة والصغيرة لتوسيع الطاقة الاستيعابية لسوق العمل لتوفير ما يزيد عن 900 ألف فرصة عمل، بما يُسهم في الإبقاء علي مُعدّلات البطالة عند مُستوياتها الـمنخفضة حول 7,3% - 7,5%.
وتابعت السعيد أن توجهات الخطة تضمنت كذلك تكثيف الاستثمارات الـمُوجّهة لقطاع التعليم، وبخاصة التعليم التكنولوجي والفني. وكذلك تلك الـمُخصّصة لقطاع الصحة في مجال تطوير وتعميم الرعاية الصحية الأوّليّة، مع تكثيف الاهتمام بأقسام الطب الوقائي والعلاجي لأمراض الفيروسات، بالإضافة إلي التوجّه نحو تنمية الصناعات صديقة البيئة والاقتصاد الأخضر، مع منح أولويّة في توطين الـمشروعات وتوجيه الـمُخصّصات الـمالية للـمحافظات الأكثر احتياجًا بحسب الفجوات التنموية في إطار الـمُبادرات والبرامج الـمطروحة، وعلي رأسها مُبادرة حياة كريمة لتنمية الريف الـمصري، مع إعطاء أولويّة للمشروعات العامة الجاري تنفيذها والـمُستهدف نهوها خلال عام الخِطة أو تلك الجاري استكمالها بنسب تنفيذ 70% فأكثر، مع إرجاء إدراج أية مشروعات جديدة إلا في حالة الضرورة القصوي.
اترك تعليق