لم تكن بورسعيد تنعم بالاستقرار الا بعد التخلص من العشوائيات التي كانت تثقل كاهلها.. وكانت بمثابة السرطان الذي يسكن جسدها.. فقد كانت العشوائيات تسيطر علي كل احياء المحافظة منذ قرار الرئيس السادات بعد حرب أكتوبر المجيد بالعودة من التهجير عام 74 وكان لقراره أيضا بتحويل بورسعيد الى منطقة حرة عام 75 أكبر الأثر فى تضاعف عدد المواطنين بعد أن أصبحت مدينة تجارية جاذبة لكل أبناء مصر لسهولة العيش واشتغل الكثيرون في عمليات التهريب من المنافذ الجمركية فأثروا ثراء سريعا.. وتمكنوا من أقاموا العشش في معظم أحياء بورسعيد بالشوارع والأزقة والأرض الفضاء وحتي فوق الأسطح وأصبحت تعج بالنازحين.
ورغم تعاقب الحكومات والمحافظين على مدى أكثر من 30 عاماً الا أن حكاية العشوائيات كانت تقف حالا أمام جهود التنمية التى تبذلها الدولة.. وكانت تضيع هباء كل مخططاتها بسبب هذه البؤر السرطانية التى كانت بمثابة قنابل موقوتة.. وكان من الصعب بل من المستحيل ازالتها وكانت تتكاثر يوما بعد يوم.
الا أن جاءت ساعة الصفر وأصدر الرئيس السيسى قراره الشجاع لازالة العشوائيات من بورسعيد لتصبح أول محافظة خالية من العشوائيات فى خلال 4 سنوات فقط حيث بدأ صندوق تطوير المناطق العشوائية بتخصيص مبلغ 120 مليونًا للقضاء على العشوائيات ببورسعيد كما ساهمت المحافظة بــ 190 مليون جنيه وتم الاتفاق على انجاز مشروع اخلاء بورسعيد من الأماكن غير الآمنة على السكان ليتم نقل سكان العشوائيات بالمحافظة بعد بناء 3600 وحدة سكنية ببورسعيد أى ما يقارب 150 عمارة سكنية وفى زرزارة وحدها استهدف المخطط بناء 76 عمارة لتوفير 1608 وحدات سكنية للعائلات التي كانت تقطن العشش.
خطة نسف زرزارة
كانت الخطة في البداية تستهدف نسف أكبر بؤرة عشوائية في تاريخ المدينة الباسلة وهي "زرزارة "التي كانت تعج بآلاف العشش.. على مساحة 48 فدانا فى قلب حى الضواحى يعيش فيها أكثر من 2760 أسرة باجمالي 13800 نسمة في عشش من الخشب والصفيح بطريقة غير آدمية انتشر معها المرض و اصبحت وكرا يمارس فيه كل أشكال الموبقات وكانت أيضا مرتعا للمجرمين الذين يتوارون عن أعين العدالة.
وفي حملة أمنية مكبرة لم تشهد مثلها المدينة من قبل تمكن رجال المحافظة بمعاونة رجال الأمن من اخلاء "زرزراة" من قاطنيها وتسكينهم لأول مرة في عمارات ليودعوا الحياة غير الآمنة والمستقرة الي حياة أخري ليتنسموا هواء نظيفا.
لم تقف الدولة مكتوفة الايدي حول البؤرة العشوائية الثانية الاخطر في تاريخها وهي عزبة أبو عوف حيث نجحت بورسعيد برئاسة المحافظ اللواء عادل الغضبان في القضاء علي بؤرة سرطانية هامة بعد اقتحام بلدوزراتها منطقة "عزبة أبو عوف العشوائية" بحي الزهور لتخلي حوالي 32 فدانا علي حدود المحافظة لتنتهي الخطوة قبل الأخيرة من ملف العشوائيات علي مستوي المحافظة.. وتعلن بعدها أن بورسعيد خالية تماما من العشوائيات قبل نهاية 2017 أي بعد قرار الرئيس بــ 4 سنوات فقط.
وقامت سيارات الاحياء بنقل 265 مستحقا من بين 961 تم حصرهم الي مشروع الــ 40 عمارة بتكلفة 87.5 مليون بعد معاناة استمرت أكثر من 30 عاماً.. وسط فرحة غامرة من السكان لتزيل الوجه القبيح لآلاف العشش التي صنعت من الصفيح والخشب وحتي الأسمنت و التي شكلت بؤر سرطانية كانت تزعج المجتمع البورسعيدي وتؤرقه باعتبارها تحوي الكثير من الخارجين عن القانون ووفرت هذه المنطقة أكثر من 32 فدانا في منطقة مهمة تحولت الآن الي منتجع سياحي بانشاء كمبوند داون تاون لتنتقل المنطقة بأسرها الي صورة حضارية بعد تطويرها.
بدأت اجراءات تسكين الأهالي والتعاقد مع أصحاب هذه الاحقيات بعد ازالة العشش العشوائية الخاصة واحضار خطاب ازالة يفيد باتمام الازالة من جهة حي الزهور الي جانب دفع الرسوم المقرره وخطابات التعاقد مع كل من شركتي الكهرباء والمياه لتركيب العدادات الخاصة بالوحدات السكنية المخصصة لهم ليبدأ بعد ذلك منحهم خطابات تسلمهم لوحداتهم السكنية.
ولم تيأس محافظة بورسعيد في التخلص من البؤرة العشوائية الأخيرة بمناطق هاجوج والاصلاح والجناين وكانت من اسوأ المناطق العشوائية في مصر كلها تم ازالتها ونقل 860 أسرة لحي سكني جديد.
أسواق حضارية
استمرت المحافظة فى خطتها الطموحة بازالة العسوائيات كلها فاتجهت الى الأسواق بقوة.. وتمكنت من ازالة اكشاك القنال الداخلى بحى العرب والتى لم تكن أقل خطورة من زرزارة وعزبة ابوعوف.. واقامت سوقا حضاريا للاسماك يضاهى الأسواق الأوربية والذى أصبح الآن مزارًا حقيقيا أمام كل الزائرين الذين يشتهون فى تناول اكلات الاسماك التى تشتهر بها المحافظة كما أقامت سوقا للخضار والفاكهة نموذجيا وايضًا سوق لتجارة الملابس المستعملة.
قال اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد أن المحافظة أصبحت أول محافظة خالية من العشوائيات والمناطق الخطرة وسيلحق بها تباعًا باقي المحافظات ضمن المشروع القومي مصر بدون عشوائيات ومن يزور بورسعيد يشاهد التغيير.. مشيرا الى أن المدينة الجديدة "سلام" تعد مشروعا تنمويا متكاملا وذلك بعد تعديل الحدود الادارية لمحافظة بورسعيد لتشمل مدينة سلام مصر.
قال المحافظ أن المدينة على مساحة 37 ألف فدان، تمتد من محطة الكهرباء بشرق بورسعيد وحتى بحيرة البردويل، وتشمل كافة المقومات الصناعية والزراعية واللوجيستية والسياحية والتعليمية بالاضافة الي أنها تشمل مناطق سكنية على أعلي مستوي.
وجه المحافظ الشكر والتقدير للرئيس عبدالفتاح السيسى لحرصه على تحقيق التنمية فى كل ربوع مصر، وبصفة خاصة مدينة بورسعيد والتى أصبحت قاطرة التنمية.
اترك تعليق