عانت مناطق عديدة داخل الجمهورية خلال الأيام الأخيرة من انقطاع الكهرباء بين الحين والآخر في إطار تخفيف الأحمال الكهربائية لمواجهة زيادة استهلاك الطاقة الكهربائية والضغط علي الشبكات نتيجة الموجة الحارة الشديدة التي نشهدها حالياً. ومع تزايد التعداد السكاني والاحتباس الحراري بشكل عام وبمرور الوقت كان لابد من التوسع في استخدام الطاقات النظيفة والمتجددة وعلي رأسها الطاقة الشمسية خاصة وأن الشمس تسطع علي مصر معظم أيام العام.
"الجمهورية أون لاين" تواصلت مع الخبراء ومختلف الأطراف المعنية لمناقشة مدي إمكانية تحقيق ذلك وجدواه من الناحية العملية.
أكد المهندس محمد عاطف أبو الليف "مهندس تركيبات طاقة شمسية" أن الطاقة الشمسية غير عملية للمنازل لأن الألواح مرتفعة الثمن. أما بالنسبة للمزارع والمصانع وغيرها من الأماكن ذات الاستهلاك العالي فهي أنظف وأوفر من الكهرباء التقليدية علي المدي الطويل. كما أنها تتميز بعدم ظهور أعطال تذكر لمدة 25 سنة فيما عدا المحول الذي قد يحتاج للتغيير وثمنه لا يتعدي 5% من سعر الألواح. فعلي سبيل المثال إذا كانت تكلفة محطة توليد الطاقة الشمسية 2 مليون جنيه فإن سعر المحول يكون 100 ألف جنيه. موضحا أن هناك نوعين من محطات توليد الطاقة الشمسية أحدهما متصل بالشبكة ويقوم بضخ الطاقة الزائدة الي الشبكة التقليدية الحكومية. وهذا النوع لا تنقطع فيه الطاقة بغياب الشمس وإنما تنقطع فقط في حالة غياب الشمس وانقطاع التيار الكهربائي التقليدي معا. أما النوع الثاني من محطات توليد الطاقة الشمسية فهو غير متصل بالشبكة وبالتالي فإن الطاقة تنقطع بمجرد غياب الشمس وهذا النوع قد يكون مناسبا للمزارع التي لا تحتاج للإضاءة ليلا.
أضاف أن مولدات الطاقة الشمسية توفر مبالغ طائلة لأصحاب المصانع والمزارع. وأن صاحب المشروع يسترد قيمة سعر المولد خلال مدة تتراوح بين 5 و7 سنوات ليظل ينعم بطاقة مجانية باقي الـ25 سنة والتي تمثل العمر الافتراضي للمولد. فعلي سبيل المثال إذا كان مصنع يستهلك كهرباء تقليدية بقيمة 3 ملايين جنيه في السنة سيحتاج لتركيب مولد طاقة شمسية كبير بقيمة 20 مليون جنيه. وبالتالي فإن هذا المبلغ الذي سيغطي احتياجاته لمدة 25 عاما كان سيدفعه في حالة استخدام الكهرباء التقليدية خلال ما يتراوح بين 5 إلي 7 أعوام فقط. مضيفا أن مولدات الطاقة الشمسية صيانتها الدورية بسيطة حيث يتم مسح الالواح بقماش ومياه كل ثلاثة أسابيع او في حالة هبوب عاصفة ترابية وهذه العميلة لا تحتاج لمتخصص. مقترحا أن تقوم الدولة بدعم وتبني استراتيجية للتوسع في استخدام الطاقة الشمسية من خلال بناء شبكات حكومية لتوليد الطاقة الشمسية بحيث توصل الخدمة منها لمختلف المنازل حيث إنها ستكون أنظف وأوفر وأقل تلويثا أو تسببا في الاحتباس الحراري من الشبكات التقليدية.
أكد د. سامح نعمان. خبير الطاقة المتجددة. أن الشمس ساطعة بسماء مصر طوال العام. ويجب علي البنوك إطلاق مبادرات لإعطاء قروض للمواطنين لإنشاء محطات فوق منازلهم. بحيث تقوم البنوك بتسديد ثمن المحطة الشمسية بنظام المقاصة علي أن تربط المحطة بشبكة الدولة ليذهب اليها فائض الطاقة الشمسية التي لم تستخدم ثم يحصل البنك علي قيمتها وبالتالي تسدد قيمة القرض للبنك خلال عشر سنوات علي سبيل المثال من خلال فائض الطاقة. وينعم المواطن باقي العمر الافتراضي للمحطة بطاقة مجانية. علي غرار ما يحدث في معظم الدول الأوروبية التي تستغل ضوء الشمس رغم عدم سطوعها بانتظام مثل المانيا وانجلترا وامريكا وفرنسا واسبانيا. حتي ان بعض هذه الدول أنشأت مصانع ضخمة للطاقة الشمسية. مشيرا الي أن مصر اذا استغلت الطاقة الشمسية بشكل مثالي سيتوافر لها فائض هائل للتصدير يدر مليارات الجنيهات سنويا. كما أن ذلك سيكون له مردود إيجابي علي نقاء البيئة ويساهم في انخفاض درجات الحرارة وبالتالي تخفيض معدل استخدام التكييفات التي تعد من اهم اسباب ارتفاع في الحرارة. حيث أن تشغيل التكييفات بشكل مكثف يزيد حرارة الجو بحوالي 8 درجات ويزيد الضغط علي شبكة الكهرباء بنسبة 6%.
أوضح المهندس عبد الحليم محمد "خبير تركيب وصيانة محطات الطاقة الشمسية" ضرورة التوسع في استخدام الطاقة الشمسية لأنها طاقة صديقة للبيئة ومتجددة كما أنها موفرة في حالة الاستخدام المكثف. مشيرا الي أنه أذا كان المكان يستخدم 3 وات كل ساعة فإنه يحتاج لتركيب الواح شمسية بحوالي 75 الف جنيه. ويمكن تركيب بطاريات لمحطات الطاقة الشمسية أو ربطها بشبكة الدولة. وكذلك تتميز مولدات الطاقة الشمسية بأنها تكاد تكون لا تحتاج لصيانة إلا في حالة تركيب بطاريات وتعرض البطاريات للتلف وقد يحدث فيما يتراوح بين 3 إلي 5 سنوات. موضحا أن سعر البطارية يتراوح بين 7 الي 15 الف جنيه. وقد لا تحتاج المحطات لتغيير البطاريات في حالة إجراء الصيانات بشكل دوري. وكذلك فإن الصيانات الدورية غير مكلفة نهائيا ومشيرا الي أن ألواح الطاقة الشمسية تعمل طوال أيام العام لأنها ألواح كهروضوئية أي تعمل بضوء النهار.
أشار إلي أن محطات الطاقة الشمسية غير مناسبة للمنازل إلا اذا زاد استهلاك المنزل من الكهرباء التقليدية علي ألفين أو ثلاثة آلاف جنيه وفيما عدا ذلك تكون الكهرباء التقليدية أوفر وأكثر عملية لأن تركيب ألواح الطاقة الشمسية مكلف في حالة الاستخدام المحدود. اما في حالة الاستهلاك العالي كما هو الحال في الفيلات والشركات والمزارع والمصانع وغيرها فإن محطات الطاقة الشمسية هي الأنسب والأكثر توفيرا وتحضرا. موضحا أن محطات الطاقة الشمسية حتي تكون فعالة يجب تركيبها في أماكن مفتوحه لا تعيقها أشجار ولا منازل تحجب الشمس. موضحا ضرورة تنظيم حملات إعلامية لحث أصحاب المشروعات علي استخدام هذه الطاقة النظيفة.
قال محمد محمود عبدالله مؤسس إحدي شركات توريد وتنفيذ محطات الطاقة الشمسية" إنه خريج كلية الحقوق ولديه ارض زراعيه منذ عام 2012. وقد وجد أن الفلاحين الذين يعملون بنظام الديزل والكهرباء العادية يعانون من ارتفاع التكاليف ففكر أن يقوم بتشغيل أرضه بالطاقة الشمسية بنفسه وقد كانت تجربة ناجحة ورائعة فقام بالتعاون مع شريك له بتأسيس شركة لتوريد وتنفيذ محطات الطاقه الشمسية. وبدأت بدراسة كل ما يخص الطاقه الشمسية اونلاين من 2015 وتمكن من تنفيذ أول محطه بارضه 2017 وقد نجحت جدا وظهر الفرق الشاسع بينها وبين الديزل والكهرباء من حيث التوفير والنظافة وغيرها. فهي الطريق الأمثل لكل من يحلم بمشروع ناجح مؤكدا أن الطاقه الشمسيه رحمه للفلاح حيث تسهل عليه الاناره والري من الآبار. مشيرا إلي أنه يجب علي كل شركة تعمل في مجال تركيب محطات أو الواح الطاقة الشمسية أن تتقي ربنا في الفلاح ولا تستغل جهله بالمواد المستخدمة في سبيل الربح وألا تغشه بخامات رديئة وغير مقاومه للعوامل الجوية.
أكد م. سيد الطاهر "عضو المجلس العربي للطاقة المستدامة" أن زيادة درجات الحرارة غير المسبوقة في مصر والعالم نتيجة التغيرات المناخية تسبب العديد من الأزمات وعلي رأسها التأثير سلبا علي قطاع الكهرباء بشكل واضح وملموس الأمر الذي أدي إلي اللجوء إلي تخفيف الأحمال علي المواطنين. وذلك بالرغم من الطفرة الهائلة التي تمت في الأعوام السابقة بقطاع الكهرباء والطاقة من إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء حتي تحول العجز إلي فائض في الكهرباء والربط مع دول الجوار لتصدير الفائض. ولكي نحصل علي هذا الفائض لابد من الحفاظ علي الحصة المخصصة من وزارة البترول والثروة المعدنية.و نظرا لان الطاقة الكهربائية المولدة عن طريق قدرات التوليد الاسمية من مصادر تقليدية "الوقود الأحفوري والذي يعتبر مزيجا بين الغاز الطبيعي والمازوت ونظرا لان المازوت يتم استيراده من الخارج ويحتاج الي العملة الصعبة فقد خصصت حصة معينة لاستيراد المازوت والتي قد تكون كافية في أوضاع التشغيل الطبيعي حيث يكون أقصي حمل لشبكة الكهربائية لا يتعدي 33 ألف ميجا واط ولكن نظرا لارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق ادت الي زيادة الاحمال ليسجل أقصي 36 ألف ميجا واط تقريبا ليتطلب زيادة في الوقود بنسبة 20% علي الأقل من فغاز ومازوت الامر الذي ادي الي انخفاض الضغط في شبكات الغاز ولا سبيل إلي استعاضة ذلك إلا بتخفيف الاحمال واستيراد شحنات اضافية من المازوت.
أضاف أن الحل الامثل والجذري هو استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة. ولذلك وضعت وزارة الكهرباء والطاقة خطة للوصول الي 24% من إنتاج الطاقة الكهربائية عن طريق الطاقة الجديدة والمتجددة وذلك بنهاية عام 2035. وتتمثل الطاقة الجديدة والمتجددة في الطاقة الشمسية - طاقة الرياح - الطاقة الكهرومائية" . والتي أصبحت تمثل حوالي 6000 ميجا واط وخاصة بعد انشاء بنبان للطاقة الشمسية بصعيد مصر "اسوان" بقدرة 2000 ميجا واط ومحطة الزعفرانة وجبل الزيت لطاقة الرياح بجانب السد العالي وقناطر أسيوط للطاقة الكهرومائية. لذلك نوصي بزيادة العمل علي هذه المحطات والوصول الي احدث التقنيات للطاقة النظيفة علي سبيل المثال "الهيدروجين الاخضر" والذي سوف يكون بديلا للوقود. باستخدامه سوف يوفر كميات كبيرة من الغاز ومشتقاته كما نوصي باستخدام الطاقة الشمسية بنطاق أوسع علي مستوي المنازل والمصانع والمؤسسات الحكومية والخاصة والطرق حيث يوجد الآن كشافات لإنارة الطرق تعمل بالطاقة الشمسية وكذلك استخدام المكيفات والاجهزة المنزلية التي تعمل بالطاقة الشمسية حيث توفر علي المواطن الكثير ولا تكبد الدولة أي أعباء خارجية وخاصة ان الدولة تدعم تلك المشروعات الخضراء المستدامة ويوصي بها العالم أجمع لمجابهة التغيرات المناخية.
يعد مشروع الطاقة الشمسية في أسوان. أبرز المشروعات التي ساهمت بها مصر في الحفاظ علي البيئة في إطار رؤية مصر المستقبلية حيث تمثل ألواح الطاقة الشمسية الموجودة في مشروع بنبان بمحافظة أسوان عاملا رئيسيا في تقليل الانبعاثات الكربونية الضارة في مصر. حيث يساهم في تفادي 2 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وهو ما تسعي إليه الدولة حالياً ضمن "وطن أخضر" للحفاظ علي البيئة. بالإضافة إلي أنه يعتبر من المشروعات كثيفة العمالة التي توفر فرص عمل حقيقية للشباب الأسواني. ويعد بنبان أكبر مشروع للطاقة الشمسية علي مستوي العالم. تلك الطاقة النظيفة التي يسعي المجتمع الدولي إليها كمستقبل الطاقة للحفاظ علي الأرض من التلوث. وقد ساهم مشروع الطاقة الشمسية بأسوان في الحفاظ علي البيئة في إطار رؤية مصر المستقبلية.
يعد بنبان أكبر مشروع بالشرق الأوسط والعالم لإنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة. ولديه آلية متكاملة لإدارة وتدوير المخلفات الخطرة وغير الخطرة. حيث تساهم 6.8 مليون خلية شمسية في تقليل الانبعاثات الكربونية بما يوازي 3% علي المستوي القومي. فيما يقوم المشروع بالعديد من الخدمات المجتمعية التعليمية والصحية. علاوة علي التمكين الاقتصادي.
كما يعد هذا المشروع القومي للطاقة الشمسية. ذو أهمية عظيمة خاصة أنه يمثل سدا عاليا جديدا بعد وصول عدد المحطات إلي 40 محطة ستنتج 2000 ميجا وات. لتصبح أسوان عاصمة للطاقة الشمسية في العالم وتمثل داعما لمسيرة البناء والتعمير في الجمهورية الجديدة.
وقد نال بنبان إشادة دولية واسعة وحصد العديد من الجوائز علي المستوي الدولي والعربي والمحلي. لما له من إنجازات وإسهامات في مجال التنمية والطاقة والحفاظ علي البيئة. حتي حصل علي جائزة التميز الحكومي العربية في دورتها الأولي كأفضل مشروع تطوير بنية تحتية. كما حصد المشروع جائزة أفضل مشروعات البنك الدولي علي مستوي العالم لعام 2018.
اترك تعليق