أدى أعضاء المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بالمنيا خطبة الجمعة بمساجد محافظة المنيا حيث أدى كل من فضيلة أ.د داود لطفي حافظ_ بمسجد التنعيم بملوي ، فضيلة الشيخ مؤمن أمين علي _ بالمسجد الكبير بنزلة البدرمان، فضيلة الشيخ معدن فتحي علي _ بمسجد ابراهيم الدسوقي_ قرية المطاهرة أبو قرقاص، فضيلة د. محمد عبدالمطلب _ المسجد الكبير بقرية أبوعزيز _ مركز مطاي، الشيخ نصر الدين _ بمسجد أبو ضيف بملوي:
وذلك بمتابعة وتنسيق اعلامي احمد نوح الأمين العام لفرع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بالمنيا وذلك بعنوان
[ الأخذ بالأسباب في الهجرة النبوية المشرفة ]
حيث قالوا
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابِه الكريمِ: {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، وأشهدُ أن لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأشهدُ أنّ سيدَنَا ونبيَّنَا مُحمدًا عبدُه ورسولُه، اللهُمّ صلِّ وسلمْ وباركْ عليهِ، وعلى آلهِ وصحبهِ، ومَن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وبعدُ:
فإنّ المتأملَ في الهجرةِ النبويةِ الشريفةِ مِن مكةَ المكرمةِ إلى المدينةِ المنورةِ يستنبطُ منها دروسًا عظيمةً وفوائدَ جمةً، مِن أهمِّهَا ضرورةُ الأخذِ بالأسبابِ، فالأخذُ بالأسبابِ سنةٌ كونيةٌ، حيثُ جعلَ الحقُّ سبحانَه لكلِّ شيءٍ سببًا، كمَا أنّه عبادةٌ إيمانيةٌ، فدينُنَا دينُ التوكلِ والأخذِ بالأسبابِ والعملِ، لا التواكلِ والضعفِ والكسلِ، حيثُ يقولُ نبيُّنَا ﷺ: (لو أنَّكُم تتوكَلُونَ على اللهِ حقَّ توكلِه، لرُزِقْتُم كما يُرزَقُ الطيرُ، تغدُو خماصًا وتروحُ بطانًا).
لذلك اعتنَى نبيُّنَا الكريمُ ﷺ بالأخذِ بالأسبابِ في الهجرةِ عنايةً فائقةً، حيثُ خطّطَ ﷺ للهجرةِ تخطيطًا واعيًا، واتخذَ كلَّ الوسائلِ التي تُعينُه على إنجاحِ مهمتِه، وفي الوقتِ ذاتِه كان قلبُه متعلقًا بربِّه (عزّ وجلّ) يدعُوه ويستنصرُه أنْ يُكلِّلَ سعيَهُ بالنجاحِ، فجمعتْ بذلك الهجرةُ النبويةُ المشرفةُ بينَ حسنِ التوكلِ على اللهِ (عزّ وجلّ) وحسنِ الأخذِ بالأسبابِ.
فكان التوقيتُ المناسبُ للخروجِ للهجرةِ مختارًا بعنايةٍ، حيثُ جاءَ نبيُّنَا ﷺ إلى بيتِ أبِي بكرٍ الصديق (رضي اللهُ عنه) في وقتٍ شديدِ الحرِّ حتى لا يراهُ أحدٌ، وكان الخروجُ ليلًا مِن بيتِ أبِي بكرٍ (رضي اللهُ عنه)، فعن السيدةِ عائشةَ (رضي اللهُ عنها) قالت: (لقلَّ يومٌ كان يأتِي على النبيِّ ﷺ إلّا يأتِي فيهِ بيتَ أبِي بكرٍ أحدَ طرفَيِ النهارِ، فلمَّا أُذِنَ لهُ في الخروجِ إلى المدينةِ لم يَرُعْنَا إلّا وقد أتَانَا ظهرًا، فَخَبِّرَ بهِ أبُو بكرٍ، فقالِ: ما جاءنَا النبيُّ ﷺ في هذه الساعةِ إلّا لأمرٍ حدثَ، فلمَّا دخلَ عليهِ قالَ لأبِي بكرٍ: أَخْرِجْ مَن عندَك، قال: يا رسولِ اللهِ، إنّمَا همَا ابنتَايَ، يعنِي: عائشةَ وأسماءَ، قال: أشعَرْتَ أنَّه قد أذنَ لِي في الخروجِ، قالَ: الصُّحبَةَ يا رسولَ اللهِ، قالَ: الصّحبَةَ).
كما بلغَ الاحتياطُ عندَ النبيِّ ﷺ مدَاهُ، فاتخذَ طُرقًا غيرَ مألوفةٍ، واستعانَ (عليه الصلاةُ والسلامُ) بشخصياتٍ ماهرةٍ حكيمةٍ لتعاونِه في شئونِ الهجرةِ، ووضعَ كلَّ فردٍ في مكانِه المناسبِ، الذي يحسنُ مِن خلالِه القيامَ بمهمتِه على الوجهِ الأكملِ، فنامَ عليٌّ بنُ أبِي طالبٍ (رضي اللهُ عنه) مكانَ نبيِّنَا ﷺ؛ تمويهًا على المشركين، وأداءً لأماناتِ القومِ، وكان دورُ عبدِ اللهِ بنِ أبِي بكرٍ (رضي اللهُ عنهما) مهمًّا في استطلاعِ الأخبارِ ورصدِهَا.
وتألقَ دورُ المرأةِ في الهجرةِ النبويةِ المباركةِ، حيثُ كانتْ ذاتُ النطاقينِ السيدةُ أسماءُ بنتُ أبِي بكرٍ (رضي اللهُ عنهما) تحملُ الغذاءَ للنبيِّ ﷺ ولأبِيهَا الصديقِ (رضي اللهُ عنه)، كما كان عامرُ بنُ فهيرةَ يقومُ بدورِ التمويهِ بأغنامِه التي كانتْ تمحُو آثارَ سيرِ النبيِّ ﷺ وصاحبِه الصديقِ (رضوانُ اللهِ عليه)، كما كان عبدُ اللهِ بنُ أريقطٍ دليلَ الهجرةِ، الأمينُ وخبيرُ الصحراءِ البصيرُ، مع أنّه لم يكنْ مُسلمًا.
إنّ تدبيرَ نبيِّنَا ﷺ للأمورِ في الهجرةِ المشرفةِ على نحوٍ دقيقٍ، قد تكاملَ مع اعتمادِه ﷺ على ربِّه (جلّ وعلا) وثقتِه في نصرِهِ وتأييدِهِ (عزّ وجلّ)، فعن أبي بكرٍ (رضي اللهُ عنه) قال: قلتُ للنبيِّ ﷺ وأنَا في الغارِ: لو أنَّ أحدَهُم نظرَ تحتَ قدميهِ لأبصرَنَا، فقالَ: ما ظنُّكَ يا أبَا بكرٍ باثنينِ اللهُ ثالثهُمَا)، ويقولُ الحقُّ سبحانَهُ: {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، فكانتْ عنايةُ اللهِ تبارَكَ وتعالَى تحيطُ بنبيِّهِ ومصطفاه ﷺ.
فما أحوجنَا إلى الأخذِ بالأسبابِ في حياتِنَا كلِّهَا، تعلمًا، وتعليمًا، وتخطيطًا، وعملًا، وإنتاجًا، وإتقانًا، مع اعتمادِ القلبِ على اللهِ (عزّ وجلّ) وحدَهُ، فهو سبحانَهُ مسببُ الأسبابِ، والموفقُ إلى كلِّ خيرٍ، وللهِ درُّ القائلِ:
ألـمْ تـرَ أنَّ اللهَ قالَ لمـريـمٍ *** وهُزّي إليكِ الجذعَ تُسّاقط الرطب
ولو شاءَ أنْ تجـنـيـهِ مِـن غيـرِ هزِّهَا *** جنتهُ، ولـكـنْ كـلُّ شـيءٍ له سبب
#اللهم_ٱرزقنَا_حسنَ_التوكلِ_عليك_وٱحفظْ_مصرَنَا
#وٱرفعْ_رايتهَا_في_العالمين.
اترك تعليق