أصدرت المحكمة الدستورية العليا بجلستها اليوم ، ثلاثة أحكام هامه خاصة بالمعاشات وعقوبة الامتناع عن تسليم الارث ولائحة الموارد البشرية بالهيئة العامة للرقابة المالية، برئاسة المستشار بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة، وجاءت تفاصيل تلك الاحكام كالاتى:_
أولًا: عدم دستورية قواعد العاملين الذين انتهت خدمتهم بنظام المعاش المبكر، وفقًا لقانون الملغي
قضت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة ( 20 ) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المستبدل بالقانون رقم 130 لسنة 2009 وسقوط الجدول رقم ( 9 ) المرفق بهذا القانون. وشيدت المحكمة قضاءها على سند من أن النص المطعون فيه فيما قضى به من تسوية معاش من انتهت خدمتهم بالاستقالة ( المعاش المبكر ) بواقع جزء واحد من المعامل المناظر لسن المؤمن عليه المحدد بالجدول المشار إليه، بينما يسوى معاش من انتهت خدمتهم لغير سبب الاستقالة بواقع جزء واحد من خمسة وأربعين جزءًا من الأجر المنصوص عليه في المادة ( 19 ) من القانون ذاته،فإنه يكون قد أعاق النظام التأميني القائم على أساس المزايا المحددة عن تحقيق غايته في كفالة الدولة لخدمات التأمين الاجتماعي، وأقام تمييزًا غير مبرر بين أصحاب المعاش المبكر ومن عداهم من الفئات، رغم وحدة مراكزهم القانونية تجاه الخطر المؤمن منه، وأوضحت المحكمة أن وحدة المعامل الاكتواري هي مناط إعمال مبدأ المساواة بين المستحقين للمزايا التأمينية عند حلول آجال استحقاقها، وبذلك يكون النص المطعون فيه قد خالف المواد ( 8 و 17 و 53 ) من الدستور.
وتقديرًا من المحكمة أن إعمال الأثر الرجعي لحكمها بعدم دستورية النص المشار إليه، يفضي إلى تحمل الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بأعباء مالية كبيرة، فقد أعملت المحكمة الرخصة المخولة لها بموجب المادة ( 49 ) من قانونها، وحددت اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية تاريخًا لإعمال آثاره.
ثانيًا: دستورية تجريم الامتناع عمداً عن تسليم أنصبتهم الشرعية
قضت المحكمة برفض الدعوى المقامة طعنًا على دستورية نص المادة ( 49 ) من القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث، المضافة بالقانون رقم 219 لسنة 2017، والتي تضمنت معاقبة كل من امتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث أو حجب مستندًا يؤكد نصيبًا لوارث، بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين.
وقالت المحكمة في أسباب حكمها إن المشرع قد سعى إلى حماية حق الإرث باعتباره أحد مصادر حق الملكية الخاصة المكفول بنص المادة ( 35 ) من الدستور، وواجه ظاهرة استشرت في المجتمع يجنح فيها بعض الورثة ممن يضعون أيديهم على التركة أو مستنداتها، إلى حرمان المستحقين من أنصبتهم الشرعية، أو حجب المستندات المؤكدة لتلك الأنصبة، فاتخذ من فعل الامتناع عمدًا عن تسليمها أو حجب السند مناطًا لوقوع الجريمة، مستهدفًا تحقيق مصلحة اجتماعية محل حماية دستورية. وأوضحت المحكمة أن فعل الامتناع ينصرف إلى كل من يحوز نصيبًا موروثًا – سواء كان وارثًا أم غير وارث - وأن الالتزام بالتسليم يمتد إلى كل حق موروث عقارًا كان أم منقولًا، أدبيًا أو ماديًا، وأن هذا الالتزام تنضبط أحكامه بالقواعد العامة الحاكمة له، وقوامه أن يكون هذا الحق محقق الوجود معين المقدار حال الأداء، ويخضع للقواعد الموضوعية والاجرائية الحاكمة لتسليم الأموال. وأضافت المحكمة أن العقوبة قد جاءت متناسبة مع الجريمة محلها، منضبطة بتخوم الدستور، موافقة لأحكامه، وأوضحت أنه لا صلة بين عقوبة واجهت فعلًا مؤثمًا، وبين روابط أسرية قوامها الدين والأخلاق والوطنية تلتئم بتوافرها، وتتبدد بانحسارها ولا شأن لها بمن تسول له نفسه الاجتراء على حقوق مالية لغيره من الورثة، فشأن ذلك مواجهته بنصوص عقابية تردعه بعدما أخفقت الروابط الأسرية عن تقويمه.
ثالثًا: إصدار لائحة الموارد البشرية بالهيئة العامة للرقابة المالية بقرار من مجلس إدارتها غير دستوري
قضت المحكمة بعدم دستورية نص البند ( 5 ) من المادة السادسة من القانون رقم 10 لسنة 2009 بتنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، ونص البند ( هـ ) من المادة
( 10 ) من النظام الأساسي للهيئة العامة للرقابة المالية الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 192 لسنة 2009، وقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 126 لسنة 2018 بإصدار لائحة الموارد البشرية لها. وشيدت المحكمة قضاءها على سند من أن المادة ( 216 ) من الدستور القائم قد ناطت بالسلطة التشريعية دون غيرها، إصدار قانون ينظم سائر الأوضاع الوظيفية للعاملين بالهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، المنصوص عليها في المادة ( 215 ) من الدستور، ومن بينها الهيئة العامة للرقابة المالية، ومؤدى ذلك أن الدستور لم يعقد لسلطة آخرى غير السلطة التشريعية، اختصاصًا بإصدار القواعد المنظمة لأوضاع العاملين بتلك الهيئات، ومن ثم فإن نص البند ( 5 ) من المادة السادسة من قانون تلك الهيئة والبند
( هـ ) من المادة ( 10 ) من نظامها الأساسي فيما تضمناه من تخويل مجلس إدارتهاسلطة إصدار لائحة شئون العاملين بها، وما ترتب على هذين النصين من إصدار لائحة الموارد البشرية بالهيئة يضحى انتحالًا لاختصاص محجوز للمشرع دون غيره، ومخالفًا لنص المادتين ( 101 و 216 ) من الدستور.
وحرصًا من المحكمة على استقرار المراكز القانونية للعاملين بالهيئة العامة للرقابة المالية التي تكونت خلال فترة العمل بالنصوص المقضي بعدم دستوريتها، فقد أعملت المحكمة الرخصة المخولة لها بموجب نص المادة ( 49 ) من قانونها، وحددت اليوم التالي لنشر الحكمين في الجريدة الرسمية تاريخًا لإعمال آثاره.
اترك تعليق