حوار نادر للفنان الراحل عبدالله غيث ،من خلال برنامج سواريه منذ أكثر من 20 عاما ، كشف خلاله العديد من الأسرار والكواليس عن حياته الفنية والخاصة ، وتقديم  الإعلامى مدحت الجمال.

 كل جمهور الفنان عبدالله غيث عارفين القابه الكثيره منهم..النجم الكبير ، الفنان القدير،لكنه يلقب داخل الوسط الفني بالشديد ..كلمنا على قصة هذااللقب؟
في مرة كنت أمثل مشهد تلفزيوني ويبدو أنني أجدت به زيادة فزميلي وصديقي صلاح قابيل قال هذا شديد جداً ومنذ وقتها وانا لقبت بالشديد بالوسط الفني .

  أستاذ عبدالله غيث يجيد كل اللهجات المصرية الفلاحي والصعيدي و اللغة العربية اتقان شديد ماهي اللهجة التي تتقنها جداً وتشعر كأنك مالكها وعلى علم بمفرداتها وتشكيلها وتضعيفها؟
أجيد كل اللهجات المصرية الأصيلة واي لهجة تعبر عن الانسان المصري الحقيقي سواء كان قاهري او فلاح او صعيدي او بدوي ، انما لاأجيد اللهجات المستحدثة مثل بعض الأغاني الحالية التي تمثل نوع من التسيب واللامبالاة واللا انتماء ،فماهي الا تقليد أعوج للهجات الغربية ،واجيد اللهجات المصرية لأني أعتقد أنني تربيت على هذه الارض ونبتت في أرضها ولو قلت أنني معجون في طين هذه الأرض لاأبالغ ،ونشأت في قرية وتربيت من صغري وانا طفل في حي الحسين والأزهر وجوبت أنحاء مصر كلها وخالطت كل الأنماط المصرية من فلاح الى صعيدي ،من بيه لباشا لمواطن عادي فالحمد لله أعتقد انني مرآة المجتمع لأن الفنان يجب ان يكون مرآة الانسان لمجتمعه.

 ماهي الشخصية التي ترى نفسك بها؟
حقيقة انا أرى نفسي في الشخصية التي تعبر تعبير صادق عن الانسان المصري بكل همومه وطموحاته وكل أحلامه اذا ماكانت هذه الشخصية معبرة تماماً وبعمق عن الانسان المصري أعتقد انني أجيدها فأنا لم أهتم بالشكل سواء هذاالانسان لابس بدلة او جلابية او عبائة التاريخ .

 برايك هل البيئة مهمة في تكوين الفنان؟
طبعا بلا شك ،والذي خلاني اجيد اللهجة الفلاحي أنني انحدر من أصل ريفي ومولود في قرية من قرى الشرقية وتربيت مابين القرية والمدينة في بيت ديني بيت خالي .

 هناك فنانين كبار كثر لم يملكون هذه الملكات مثلا مثل السيدة فاتن حمامة عندماقدّمت دور السواحلي في رواية السيدة سكينة فؤاد" ليلة القبض على فاطمة" أخذت وقت طويل لتتقن اللهجة وعندما قدّمت الصعيدي أيضاً اخذت مجهود لاتقانها انما الاستاذ عبدالله غيث دون كل الفنانين العرب وخاصة المصريين يقدم كل اللهجات .. ماسبب ذلك؟
السبب هو أنني تواجدت في كل هذه الاجواء كما سبق وقلت ،وتعليقاً على كلام سيادتك بخصوص السيدة فاتن حمامة ،انا مثلت معها فيلم الحرام وهي طبعا قاهرية غير فلاحة انما رأيتها في كواليس فيلم الحرام اصطادت فلاحة رسمية من قاع الريف المصري وجلست معها فترة طويلة قبل الفيلم تتلمذت على ايدي هذه الفلاحة وتعلمت منها كل شيئ وكل حركة وفعلا اخذَت دروس من هذه الفلاحة الفقيرة الى ان أجادت رسم شخصية الفلاحة في الفيلم.

 ممكن نسترجع تجربتك في فيلم الرسالة ،كيف بدات وكيف تم الاتفاق مع المخرج العالمي مصطفى العقاد ؟
في يوم من الأيام وانا في بيتنا جاءني تليفون من منتج  يقول لي يوجد مخرج عربي عالمي سيقدم فيلم عالمي اسمه (الرسالة وهو اصلا كان اسمه محمد رسول الله )ونحن بحاجة لممثلين مصريين ويريد رؤيتك لانك مرشّح لأحد الأدوار في هذا الفيلم ،وأنا في ذلك الوقت لم آحذ الموضوع بجدية لأنه كان حاصل عدة تجارب قبلها ولم تكتمل، وايضاً أغلب الأفلام العالمية التي صوّر اجزاء منها في مصر لم تكن أدوار المصرين بها لائقة كمايجب، انماسعدت بالتجربة و قولت اجرب...ذهبت للموعد في الاوتيل رأيت شاب عربي سوري ظريف وكان صادق معي و قال لي منذ ست سنوات وانا احضر للفيلم وانت مرشح لدور حمزة وهو اهم شخصية في الفيلم ومحوره .

 هل كان هذا الترشح النهائي؟
لا ..فقد أكمل حديثه مصطفى العقاد قائلاً..ليس هوالترشيح النهائي لاني لست أنا صاحب الرأي لكن هناك لجنة منعقدة في لندن ستختبركم أمام الكاميرا،
هناك لجنة يعرض عليها صور الفنانين بالمكياج وهي الفيصل النهائي للمشاركة.
 وهل حضرتك رضخت للاختبار رغم انك اسم مشهور وذو خبرة في التمثيل؟
نعم رضخت لأن الفن لايوجد به كبير.
فقد ذات مرة مارلون براندو عمل اختبار عندما كان سيقدم الاب الروحي وكان وقتها اكبرنجم سينمائي في العالم وخضع للاختبار نفسه،فالحكاية ليست غرور أو كبرياء او تعالي لكن هو إما أن يكون شكلي مناسب للدور أم لا.
وفعلاً رأت اللجنة الصور وبعد شهر اتصل مصطفى العقاد وقال لي مبروك باسناد دور حمزة لك وعلى فكرة المنافس لك في النسخة الاجنبية هو انطون كوين..
 كيف مان احساسك في ذلك الوقت انك ستؤدي نفس الشخصية الذي سيؤديها أنطون كوين؟
الحقيقة شعرت برعشة وخوف من هذا الغول الفني لأني أعتبر انطون كوين أحسن ممثل سينمائي رأيته لأنه قريب مننا وروحه شرقية جدا فعندما يمثل تشعر انه شرقي .
 لأن أساسه يوناني؟
لا هو أساسه مكسيكي لكنه شرقي جداً وخصوصاً مؤخراًفي فيلم عمر المختار فقد كان لايق عليه الرجل البدوي الصحراوي .
فشعرت آنذاك بالخوف لكن الخوف الصحي التحدي الذي قولت لنفسي أني ممثل جيد وأيضا انطون كوين ممثل عظيم سأتوكل على الله أخوض هذه التجربة.
 كيف كان أول يوم تصوير؟
ذهبت مكان التصوير في المغرب وكانو بانين ديكور لمدينة مكة القديمة بالكعبة مدينة كاملة وأول يوم تصوير انا وانطون كوين..لاتتخيل كيف كان وراء الكاميرا عشرات الألوف من البشر فكل من هو عربي في دولة المغرب حضر الى مكان التصوير ليرى نتيحة المباراة بين الفنان العربي عبدالله غيث وبين الفنان العالمي أنطون كوين جماهير من غير آخر ، وكانوا يصورا المشهد بالانكليزي بعدهم العرب فاطمنت وقولت أشوف أنطون كوين كيف يمثل وانا بمااني ممثل جيد سأقلده واذا استطعت الاضافة للمشهد سأضيف،
واذ بأنطون كوين يوم التصوير يفاجئني مفاجأة مذهلة قال لي السكرتير الخاص به لو سمحت كلم مستر كوين ، رديت أيوة قال لي انا ليا عندك رجاء قولت له تؤمر
فهوبالنسبة لي انطون كوين أستاذي قال لي أنا لي عندك رجاء أريدك تمثل انت قبلي لأني اريد أتعلم منك كيف يكون الانسان العربي كيف يتكلم يمشي يتحرك لاني رأيت الممثلين الانجليز وهم يمثلون ولم اقتنع بهم فهم يمثلون كما لو كان في مسرحية شكسبيرية خواجات لابسين عرب لكن انا اريد ان أكون عربي مية مية فأرجوك تمثل انت قبلي وبمااني ضيف في بلدك( لانه معتبر المغرب بلدي ) وهي كبلدي فعلا فاقبل طلبي..
ساعتها احترت وأصبح قلبي يدق ويمكن قرأت الفاتحة مئة مرة و لحظة مااستدعوني للتصوير أصابتني السكينة ونزلت عليا كأنها فيض من ربنا سبحانه وتعالى .
وقولت لنفسي انت خايف من أنطون كوين ليه هو بعبع؟ ماانت ممثل كويس وانت ابن حضارة تمتد لآلاف السنين قد حضارة أنطون كوين عشر مرات اتوكل على الله وأنت منتمي لحمزة وللاسلام  ولتاريخ محمد رسول الله ونزلت عليا السكينة برداً وسلاماً وخرجت للمشهد الذي كان امام الكعبة والحشرة التي تاكل وثيقة قريش التي كانت ضد الرسول وقفت واقدامي ثابتة كالحديد وقدمت المشهد و من أول مرة واذ بهذه الجماهير العريضة المغاربة والسورين والمصريين يقولون الله اكبرالله ينصرك ياعبدالله لدرجة ان انطون كوين خاف لأنه رأني بالكواليس وأنا خائف هو وكل المصورين والممثلين الانكليز وكنت اشعر بالاشفاق منهم لأني سأنافسه لكن بعد هذا المشهد أي احد من هؤلاء الانكليز كان يرفع لي القبعة عندما يراني .
قام بعدي انطون بتمثيل نفس المشهد لكنه غلط واعاده ثلاثة مرات.
وسالته آخر هذا اليوم مارايك بي؟
قلالي عظيم و واضح انه لديك خلفية خطيرة جدا..انت ما رايك بي؟ قولت له انت أنطون كوين العظيم.
فحقيقةكانت منافسة رائعة كبيرة و كل مايُسأل يقول عبداالله غيث احسن
مني فقدكان أصدق مني في التعبير.

وحقيقةً هذا إن دلّ على شيئ فانه يدل على أننا أبناء حضارة عريقة جداً وأننا قادرين أن نتحدى الصعب ونقدم الأشياء الرائعة و لو أتيح لنا المناخ الصحي المناسب يجب أن نتفوق عليهم بمراحل.

_ماالدور الذي كان مرشح لانطون كوين؟
كان المفروض يقدم دور أبي سفيان الدور الذي قام به أخي وأستاذي حمدي غيث ولكن أنطون كوين عندما قرأ السيناريو أحب دور حمزة لأنه الفارس والبطل للفيلم وهو من يحمل المثل الاعلى.

 هل مصطفى العقاد كان منتج الفيلم كما كُتب وقيل في التتر؟
لا..كان مشارك في الانتاج من خلال المعدات والأجهزة الموجودة .

  في النهاية ماهي الحكمة التي استخلصها عبدالله غيث من خلال الخبرة والسنين والمعاناة والكفاح والطريق الطويل والنجاح والعالمية؟
أنا مؤمن ايمان شديد جداً في حديث الرّسول عليه الصلاة والسلام( مايزال المرء عالماً طالما هو في طلبِ العلم  فاذا ظنَّ أنه قد علم فقد جهل) وهذا الحديث هوالحصن الحصين ضد الغرور الذي ممكن أن يركب الفنان فهذا الحديث يدرأ الغرور اذ طالما الانسان عايش فهو يتعلم ولايظن أبداً أنه وصل القمة لأن القمة خط وهمي لاأحد يصل له.
 هل يأتي وقت على الأستاذ عبدالله ويقول ياريتني ماكنت دخلت الفن ؟
أقول هذا كثييير من كتر التعب الذي أراه لأن حياة الفنان الحقيقي الذي يأخذ الفن كرسالة كلها قلق وتوتر ولذلك أنا شخصياً أبعدت أولادي عن مهنة الفن لانها مهنة التعب والضنا والشقاء المستمر ،والفنان هو دائم القلق من نزول المستوى الذي وصل له فهي حياة متعبة جدا وأي انسان انا احبه لاانصحه بدخول الفن.

عبدالله غيث : ياريتني ما دخلت الفن و شعرت برعشة من هذا الفنان

Previous Next