ثورة 30 يونيو حققت طفرات في مختلف المجالات وقد جنت الحركة الفنية ثمار التطوير الذي تمثل في تقديم أعمال أعادت للفن رسالته,وارتقت بالذوق الفنى بعد أن ظهرت سلسلة من الأعمال الوطنية مكتملة العناصر.
والتي كشفت حجم التضحيات التى بذلت من رجال القوات المسلحة والشرطة من أجل أن تصل مصر إلى مرحلة جنى الثمار.
تقول الكاتبة والناقدة الدكتورة عطيات أبو العنين : علينا أن نتطور وعندما نذكر التطور يخطر ببالنا مباشر التكنولوجيا.. لكن .. قبل أن نطور عقولنا علينا أن ننمو بمشاعرنا وهذا لا يتأتي إلا بالحب وحب الوطن هو أعلي المراتب بعد حب الله، فمن ذلك الحب الكبير نتسلح بكل المشاعر ولهذا علي الدولة والقائمين على إنتاج الدراما الاهتمام بمشاعر النشء والشعب فإذا نشأ أطفالنا داخل أسر تحب الوطن فإننا لا نخشي علي مستقبل بلادنا، وبعد ثورة يونية شهدنا طفرة في صناعة الدراما التي تجسد عمليات عسكرية بطولية. هذه الدراما كا الاختيار 1.2.3 خلقت حالة ليس لها مثيل في الشارع المصري خاصة "الاختيار 1".
هذه الأعمال تقدم لنا نماذج مشرفة تنمو وتسمو بالحس الوطني ولا تقف عند هذا بل تعرض لنا جانبا من حياتهم ذلك القلق الذي تعيشه الأسر وتلك الحالة من اليتم والفاجعة التي تشعر بها الأسر ومشاعر الأم والزوجة هؤلاء الثكالي اللاتي يتركن بلا معين في هذه الحياة، وإن كنا نحتاج إلي مزيد من التفاصيل لحياتهم الاجتماعية وعلاقاتهم مع الآخرين، ولولا هذه الأعمال الوطنية ما كنا لنسمع عن الأعمال البطولية في الميدان كالثغرة.
أيضا ألقت الميديا من الاهتمام علي سيناء وأهلها سواء من الناحية الاستراتيجية أو التأكيد علي حب أهالي سيناء إلي مصر أولا ثم سيناء، فهناك من يحاول أن ينال من تلك العلاقة. ومن ناحية أخري.. فمعظمنا يطلق علي الفن "القوي الناعمة" لكن نجد أن بعضا من أهل الفن اعترض على تلك التسمية وقال إنها تلك "القوي الخشنة" منهم مثلا الفنان محمود حميدة ويستند إلى أسباب ومبررات منها أنها تفوق تأثير الدبابات والصواريخ في معاركنا مع العدو.. حيث إن الدراما والسينما والأدب والفنون الوطنية الهادفة المخلصة للوطن قوية ويمتد تأثيرها فهي بالفعل أشد وطأة من السلاح. فإذا كان السلاح يدمر أفراد أو جماعات أو حتي بعض القري والمدن والنجوع فإن الدراما تأثيرها يمتد عبر الحدود ويتجاوزها إلي بلاد وأوطان أخري.
لا ننسي أيضا التفاعل بين الأحداث السياسية والدراما فهو وثيق الصلة حيث يعبر عن مشاعر حقيقية عاشها الملايين من البشر سواء الشعب نفسه أو يشاركه الشعوب الأخري، ولكن الدراما تخلد الحدث ولولاها لكان مجرد خبر يذاع وينتهي أمره على قدر أهميته لكن الدراما مستمرة عبر التاريخ.. حيث إن له ذلك الجانب الوثائقي.
فمسلسل الاختيار هو توثيق لأصعب وأهم لحظات عاشتها مصر في تاريخنا الحديث وبالفعل هو قرار غير وجه التاريخ فالقرار لا يأتي إلا بعد الاختيار ومن هنا جاءت أهمية اختيار اسم العمل الدرامي لأنه ينطبق على مراحل بعينها في تاريخ الشعب المصري بل الأمة العربية، فهو يوثق تلك السنوات بل أقول تلك الأحداث والمآسي والخسائر التي أدت إلي إعتلاء الجماعة السلطة وما ترتب عليها من مصائب حلت بنا.
لقد جسدت تلك الأعمال الدرامية الأحداث بشكل جاد أيضا.. لا ننسي ذلك المنظور المختلف الذي يظهر لنا إمكانيات أهل الفن حيث يولي كل فريق العمل الدراما الوطنية باهتمام زائد وبالتالي يخرج طاقات كامنة في الفنان كما رأينا كريم عبد العزيز وأمير كرارة وأحمد عز وإيمان العاصي ومحمد رياض كل منهم بحجمه وطاقته وطبيعيته وتلقائيته فبالتالي كل هذه الدفقة من المشاعر تنعكس على المشاهد وبالطبع لا ننسي المخرج الشاب بيتر ميمي الذي أثبت لنا أن مصر ولادة ولقد استطاع باهر دويدار أن يستلهم من الحقيقة ويجسدها فلقد أخذ من روح الجنود الحقيقيين الذين استشهدوا في كمين البرث وحقق المصداقية في الدراما وفي نفس الوقت هي مشاعر حقيقية وتجسيد لها علاوة على أنه عمل وثائقي لولا ذلك لكان مجرد خبر في نشرات الأخبار.
لقد خلق مسلسل الاختيار 1.2.3 حاة نادرة من المتابعة وأركز على "ج1" مشاهدة غير عادية وحالة حماس دبت في النفوس لم تر منذ زمن طويل فلقد كنا قد نسينا تلك الحالة من التفاعل مع الدراما فما بالنا ونحن نتابع شخصيات من لحم ودم والأسر تتوق أن تري تكريم لذويهم علي الشاشة وإن كنا نحتاج أن تزداد المساحة الإبداعية في تأليف الدراما الوطنية ولدينا أمثلة كثيرة "رد قلبي" "في بيتنا رجل" وغيرها من الأعمال الفنية.. الصنعة والحرفة تفرض نفسها والعمل الوثائقي له مكانة والعمل الدرامي أيضا له مكانة ولكن الصعوبة أن تجمع كل هذا في عمل واحد يخلد تاريخ أمة.
اترك تعليق