هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

قصور الثقافة تنعي الكاتب الكبير

أبو العلا السلامونى.. آخر فرسان المسرح الكبار
انتهي من "متاهة ابن رشد".. ورحل بعد مسيرة حافلة بالعطاء

نعت الهيئة العامة لقصور الثقافة، الكاتب المسرحي الكبير محمد أبو العلا السلامونى، مدير عام المسرح الأسبق بالهيئة، الذي وافته المنية، الأحد، عن عمر يناهز 82 عاما.


وقال المخرج هشام عطوة، رئيس الهيئة، إن الراحل الكبير تمتع بسيرة إبداعية مهمة فى المسرح المصري والدراما التليفزيونية، ويعد أحد أعمدته بما قدمه من أعمال عديدة مخلدة فى الذاكرة، كما تمتع بقدراته الإدارية عبر تدرجه فى العديد من المناصب ومنها إدارة المسرح، ورئاسة تحرير سلسلة نصوص مسرحية بقصور الثقافة.


عن تجربته المهمة في الثقافة الجماهيرية

محمد أبو العلا السلامونى هو نموذج لثقافة الجماهير وإدارتها، فنشأته  ككاتب وإن كانت مع بدايات بزوغ مسرح الثقافة الجماهيرية ثم تجاوزها للعموم بعد ذلك، إلا إنه بعدما تسلم راية القيادة لهذا المسرح بدأت فى السطوع موهبته الأخرى، المتمثلة في القيادة لهذا الفن، ففي عهده تضاعفت الفرق والكتاب والمخرجين، حينما ساهم فى وضع استراتيجية خاصة لهذا المسرح، كان أهمها هو الوصول للجماهير أولا، ثم استخراج المواهب ثانيا، لصقلها ثم دفعها بعد ذلك، وإن حاولت حصر الأسماء التى بزغت فى ذلك العهد ستجد مشقة، وللأسف فبعدما أحيل للتقاعد، ثم كانت هناك بعض الظروف التى حلت بهذا المسرح: لم يحاول القائمون على مسرح الثقافة الجماهيرية الاستعانة بحبراته للخروج من هذا النفق.


أما عن السلامونى ككاتب مسرحى، فهو مثل الجميع له بداياته التي ربما سيجد البعض عليها بعض الملاحظات ولكنه سرعان ماتجاوز هذا الأمر في غضون سنوات قليلة لتصبح كتاباته بعد ذلك أشبه بالنصوص المحكمة الصنع، نتيجة دأبه للمعرفة، ولكنها فى نفس الوقت كانت نصوصا تشتبك مع الواقع، وكان يبحث عن إيصال مفهومه، لا مجرد إدعاءات البطولة بأنه صرح في نصه بكذا بكذا. هو لم يكن يصرح، بل كان يدع المفهوم يسري بصورة أكبر تأثيرا من قول ربما يمر مر الكرام، أو يقوم أى شخص بحذف تلك المقولة.


كان يتجه كثيرا للماضى لمعالجة الواقع حين تتشابه الظروف، أو يطوعها لتتشابه، خذ مثلا نص مآذن المحروسة، وهو من أوائل نصوصه، ذلك النص الذي تجلت فيه مدرسة السلاموني فى التصدى، فهو فى الكثير من نصوصه ومنها نصنا يعتمد على أسلوب المسرح داخل مسرح.. حيث كانت الحقيقة في المتمثل والزيف فى الواقع، أما نموذجنا الآخر وهو ديوان البقر، فقد تمثلت فيه الرؤية الاستشرافية للسلامونى، والمؤسف أن الراحل سعد أردش قدم هذا النص كمشروع ووضعت أمامه العراقيل، ولو كان قد نفذ وقتها لربما كانت مصر ستتجاوز أزمة مابعد يناير فى وضع أكثر سهولة، فهو قد تنبأ وحلل ماسيقوم به بعض المنتمين للإسلام السياسى، لايسعنا سوى طلب الرحمة لكاتبنا الكبير مع المطالبة بأن توضع تجربته الإدارية والفنية تحت الرعاية.

مجدي الحمزاوي


أول لقاء وآخر لقاء مع الأستاذ

خبر مفجع وحزين، رحيل الكاتب الكبير أستاذي محمد أبو العلا السلامونى، صاحب التاريخ الإبداعى والإنسانى الكبير.. والذى كانت نصوصه المسرحية قبل انتشار السوشيال ميديا والانترنت من أهم المنابع التي تعرفت من خلالها على المسرح ووقعت فى أسره فتحولت من الشعر إليه.

أتذكر أول لقاء مباشر وجها لوجه بالأستاذ محمد رحمة الله عليه حينما دعيت للمؤتمر العلمى الأول لمسرح الأقاليم الذى نظمته الهيئة العامة لقصور الثقافة عام 2006 فى شبين القناطر على ما أتذكر، وكان لقاء عظيما بدعمه وحرصه الشديد على مناقشة مسرح الأقاليم وقضاياه بشكل مباشر مع الشباب ليس هو فقط ولكن مجموعة كبيرة من الكتاب الكبار أتذكر منهم أستاذنا وصديقه الراحل يسرى الجندي الذى كان لرحيله الأثر الشديد على الوسط المسرحى كله وليس السلامونى فقط.


امتدت علاقتى بالأستاذ رحمة الله عليه، عبر اللقاءات المسرحية المختلفة، أحدثه وكثيرا ما يهاتفنى مشجعا أو مباركا أو مواسيا فأشعر بمدي امتلاء هذا الإنسان بالمحبة والعلم والتواضع.. فلم يكن بعيدا عن الأجيال التي تلته والشباب.. كان يناقش ويحاور وينصح بقلب الأستاذ الأمين.

أما اللقاء الأخير  المباشر به رحمة الله عليه فكان فى الاحتفالية التى نظمتها لجنة الدراما فى نقابة اتحاد كتاب مصر بصفتى عضوا فيها فى مارس  2022 فكان لقاء شديد العذوبة والبهجة والشجن والاعترافات المثيرة عن علاقاته بالسلطة ومقاومته للإرهاب والرقابة والمنع، تحدث عن مسرحه، وبداياته في دمياط وانتقاله للقاهرة ورفقته مع الجندي الذى ظل قلبه معلقا به طوال حياته.

عرفت الأستاذ محمد أبو العلا السلامونى طوال عقدين من الزمان وأكثر.. الابتسامة لا تفارقه، صاحب كلمة ومبدأ، مناضلا مثابرا رغم ما يواجه من ظروف أحيانا، منتميا للبسطاء ومدافعا  عن القضايا التي تهمهم، محاربا للإرهاب بكلمته التى كانت تلهب ظهور الخانعين ويكفى أن ترك لنا رصيدا كبيرا ومتنوعا من الإبداع ما بين الرواية والمسرحية والكتابات النقدية..

لم أكن أعرف حينما رن الهاتف منذ مدة قصيرة ولمع اسمك على شاشته أنها ستكون المرة الأخيرة التى سأسمع فيها صوتك الطيب الهاديء أستاذى الكبير.. صوتك المطمئن الذى يشعر من يسمعه بأنه فى حالة سلام مع كل شيء، لك الآن أن تنعم بالهدوء والسلام تاركا آثارك وأفكارك بين محبيك والأجيال القادمة حية لا تموت، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

صفاء البيلى


محمد أبو العلا السلامونى.. مجددا مسرحيا

لا شك أننا برحيل الكاتب المسرحى الكبير "محمد أبو العلا السلامونى" قد فقدنا واحدا من أهم كتاب مسرح مرحلة السبعينيات، ومجددا من مجددى المسرح في تلك المرحلة وما تلاها.. حيث ان الكاتب الراحل حين احترف الكتابة المسرحية كان لديه مشروعه المسرحى ورؤيته المكتملة لهذا المشروع الذى تبلور فى الخروج عن السائد والمألوف ومحركا للمياه الساكنة التى ارتكنت إليها الكتابات المسرحية السابقة لعدة عقود سواء فى موضوعاتها أو لغتها المسرحية.


جاءت كتابات "أبو العلا السلامونى" إثر هزيمة يونيو 1967 التى أحدثت جرحا فى الهوية العربية، وكان على المثقفين والكتاب منهم على وجه الخصوص البحث عن مداواة للجرح والتأكيد على الهوية العربية الجريحة، وكان قدر "السلاموني" أن يكون واحدا من هؤلاء الكتاب الذين سعوا إلى تأكيد تلك الهوية عبر البحث في أمرين "تراثهم الشعبى، وتاريخهم العربى" وهو ماالتزم به "السلامونى" فى معظم ـ إن لم يكن كل ـ أعماله المسرحية، هذا بالإضافة إلى لغته الشاعرية "سواء كانت فصحى أو عامية" لغة راقية تقترب من لغة الشعر وإن لم تكن شعرا فجاءت كل كتاباته بلون وطعم مسرحى مختلفين عن السائد فتلقف المخرجون والنقاد أعماله محتفين بهذا اللون والطعم المسرحي الجديدين، ولاقت كتاباته انتشارا واسعا يستحقه الكاتب عليه رحمة الله.

أحمد هاشم


الكبار يتساقطون

بالأمس فقدنا يسرى الجندى واليوم نفقد السلامونى وكلاهما رقم مهم جدا فى تطور الكتابة المسرحية منذ أواخر الستينيات وحتى الآن!!.

السلامونى كاتب من طراز فريد، مسرحه كله أنموذج السهل الممتنع، عميق فى بساطة، وبسيط فى عمق، دراسته للفلسفة مكنته من إدارة الصراعات الدرامية بحنكة ووعى من خلال شخصيات من لحم ودم وحوار منطقى لافت وفاتن وبديع وإن شئت دليلًا اقرأ "مآذن المحروسة" و"زوبة المصرية" و"رجل في القلعة" و"أمير الحشاشين" و"المصرى وأميرة الفرنجة" و"المليم بأربعة" وغيرها كثير .. السلامونى كاتب صاحب مشروع والكتاب أصحاب المشاريع نادرون!!

سيطرت فترة الحملة الفرنسية وتولى محمد علي الحكم على معظم أعمال السلامونى، وقد اتخذ هذه الفترة قناعاً يتخفى تحته من أجل مناقشة قضايا ساخنة سياسيًا واجتماعيًا، مسرحه يقترب من مسرح الفكرة بغير جفاف وخطابة، تناول قضايا مثل قضية الصراع الحضارى بين الشرق والغرب،قضية الاستعمار، الجهل، التخلف“الخ..

إن السلامونى من نوعية الكتاب الذين لا يريحون المخرج مثله مثل برنارد شو من حيث فرض رؤيته علي المخرج دونما تصريح!!

إن الكتابة عن مسرح السلامونى تحتاج إلي صفحات. بل إلي كتب!!


لقد كان السلامونى إنسانًا بمعنى الكلمة، لا تملك إلا أن تحبه منذ اللقاء الأول، وقد كان ودوداً إلي الحد الذى يجبرك على مبادلته وداً بود.

كان آخر اتصال بيننا منذ شهرين تقريبًا فى مكالمة استمرت أكثر من 40 دقيقة تفيض بالحميمية والمحبة والطاقة الإيجابية التى تلازمه حيثما ذهب وتطرق الحديث إلى رغبة أستاذنا الدكتور محمد حسن عبدالله عن إقامة صالونه الأدبى احتفالية موسعة احتفاء بالسلامونى مسرحياً وأن أكون أنا المتحدث الرئيس فيها مثلما فعلت منذ أكثر من عشر سنوات فى الصالون نفسه!!

رحل السلاموني تاركًا أثرًا خالدًا في ذاكرة المسرح العربي بوجه عام والمصري بوجه خاص.

رحم الله الصديق الحبيب الأستاذ محمد أبو العلا السلاموني.

الدكتور محمد عبدالله حسين


مات قبل أن يقرأ ما كتبته عنه !!

آخر لقاء جمعني بالكاتب القدير أبو العلا السلامونى كان يوم التاسع من يناير الماضى فى احتفال المركز القومى للمسرح بافتتاح متحفه المكشوف فى حديقة المركز .. وكانت العلاقة بيننا - قبل هذا اللقاء - بسنوات سيئة للغاية بسبب موقف كل منّا من ريادة يعقوب صنوع للمسرح المصري، ثم هدأت العلاقة من تلقاء نفسها دون أن أعلم السبب!! وعندما وقعت عينى عليه فى الاحتفال حاولت أن أتجنبه منعاً للإحراج!! فما كان منه إلا أن تقدم مسرعاً نحوى - وكأنه قرأ ما يدور فى ذهنى - ماداً يده بالسلام قائلاً: "حتى لو مش هتسلم عليا، هسلم عليك أنا يا دكتور"!! فما كان منى إلا أن صافحته واحتضنته وقبلته وأنا سعيد جداً!! وجلسنا بجانب بعضنا البعض أمام الجميع وكأننا نقول لهم: المياه عادت إلي مجاريها .. وفجأة قال لي دون مقدمات: "أنت كنت صح يا دكتور سيد فى موقفك من صنوع .. والإنسان كثيراً ما يغير موقفه. وأنا أقولها لك الآن .. أنت صح"، ثم قال لي: أنا سمعت أنك كتبت عن منيرة المهدية أثناء زيارتها إلى فلسطين. فقلت له نعم: قال لى: ستصدر لى مسرحية عن منيرة قريباً، وأريد قراءة ما كتبته عنها! فقلت له سأرسل لك الملفات كلها... وبالفعل بعد يومين بالضبط أرسلت له مقالاتي عن منيرة، ومن يبحث فى هاتفه الآن يوم 11 يناير الماضى سيجد هذه الملفات ضمن محادثتنا!!


أتذكر هذا اللقاء الآن كونه اللقاء الأخير بينى وبينه قبل أن أسمع منذ سويعات عن وفاته!! هذه الوفاة الفجائية التى تحمل نقيضين بين إيجابية وسلبية!! أما الإيجابية إنه مات ونحن على وفاق تام، خلافاً لمن يظن عكس ذلك!! أما السلبية إنه مات قبل أن يقرأ ما كتبته عن مسرحيته "النديم فى هوجة الزعيم" التى شارك فيها - منذ خمسين سنة - وتحديداً عام 1974 فى الاحتفال الأول بانتصار أكتوبر المجيد. عنما شارك بها فى "مهرجان بلطيم" من خلال فرقة كفر الشيخ المسرحية، وحضرها المواطن "نصر أبو زيد" وعمره 140 سنة كونه عاصر أحداث ثورة عرابي الحقيقية، وما كتبته عن هذه المسرحية - من المفترض -ظهوره منشوراً في أكتوبر القادم بمناسبة الاحتفال باليوبيل الذهبي لانتصارات أكتوبر مسرحياً .. رحم الله القدير أبو العلا السلامونى رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

الدكتور سيد علي إسماعيل





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق