شهد هذا الاسبوع حدثا مهما وانجازا رائعا حيث عادت الحياة الي ثالث أكبر مسجد أثري في مصر بعد مسجدي أحمد بن طولون والحاكم بأمر الله وهو مسجد الظاهر بيبرس بعد حوالي 230 عاماً من الاغلاق والاهمال لم يكن حينها الجامع الكبير يؤدي دوره كمسجد حيث تم استخدامه قلعة حربيه ثم مصنع للصابون.. !!
لأول مرة هذا الاسبوع بثت الاذاعة والتلفزيون صلاة الجمعة يوم 9 يونيو الحالي من داخل هذا المسجد التاريخي الكبير الذي عاد للحياة بعد 230 عاماً من الاغلاق والاهمال.
المسجد الكبير انشأه السلطان المملوكي الظاهر بيبرس عام 1268 ميلادية الموافق 667 هجرية في الحي الذي يحمل اسمه في قلب القاهرة ويشبه تخطيطه المسجد النبوي في المدينة المنورة بالسعودية وجامع أحمد بن طولون في مصر.
بلغت تكلفة ترميم المسجد نحو 237 مليون جنيه ساهمت فيها كازاخستان بنحو 4.5 مليون دولار كما ساهمت وزاره الاوقاف بنحو 60 مليون جنيه من مواردها الذاتيه وحوالي150 مليون جنيه من وزارات السياحة والاثار والمالية والتخطيط وقد تعرض المسجد للكثير من التخريب.
يقول عاطف الدباح الخبير الاثري: لقد حول العثمانيون المسجد إلي مخزن للخيام وفي عهد الحملة الفرنسية تحول المسجد إلي قلعة وثكنات للجنود الفرنسيين وعرف في ذلك الوقت باسم "قلعة سيكو فيسكي"
وفي عهد محمد علي باشا تم تحويل المسجد الي معسكر ومخبز للجرايه ثم استعمل بعد ذلك مصنعاً للصابون ..!!وفي عام 1812 تم نقل بعض اعمده المسجد لبناء قصر النيل ومنذ عام 1882 اتخذ جيش الاحتلال البريطاني المسجد مخبزا ثم مذبحا وقد عرف باسم مذبح الانجليز وان كان الذبح قد توقف منذ عام 1915 ولكن استمر الاهمال بالمسجد حتي عام 1970 عندما بدات مصلحه الاثار الاهتمام باعاده بناء المسجد الي حالته الاولي ثم توقف الترميم بعد ذلك.
أضاف أن المسجد يمثل نقطه ارتكاز للسياح من دولة كازاخستان ودول وسط آسيا حيث أنه يمثل القبلة الاساسية لهم في مصر مشيرا الي أن وزارة السياحة المصرية ستبدأ في وضع المسجد علي خريطة السياحة كما ستشهد الفترة القادمة الإهتمام بتطوير الآثار اليهودية والمسيحية والخديوية الموجوده بمنطقه "الضاهر" حيث توجد العديد من الاماكن سيتم تطويرها منها قصر السكاكيني وغيره.
ويقول د. احمد عبد الفتاح أستاذ التاريخ الاسلامي ان مسجد الظاهر بيبرس يعد من أهم الرموز التاريخيه الفريده التي تذكرنا بتلك الحقبة الزمنيه من تاريخ مصر مما يجعله يحتل موقعا متميزا في مدينه الألف مأذنه بالاضافه الي ما يمثله المسجد من رمزية واشعاع لقيم الاخاء والصداقة بين الشعب المصري وشعب كازاخستان الشقيق الذي تربطنا به أواصر عميقة عبر التاريخ ومستمرة ومتنامية في الحاضر والمستقبل من خلال أوجه التعاون المتعددة.
ويقول د.أحمد أبو زيد مفتش الاثار بوزارة السياحة أن المسجد يعد من أوائل المساجد في العصر المملوكي ويعيد تاريخ انشاؤه إلي عام 1268 وقد تأثر المسجد بالاحوال السياسية في العصور اللاحقة حيث كانت تكلفه تشغيله عاليه جداً فتم اهماله وحولته السلطات العثمانية لمخزن للخيل وكذلك قامت الحملة الفرنسيه بتغيير نشاطه لثكنة عسكرية ونصبت علي سطحه المدافع وفي عهد محمد علي تحول إلي مصنع للصابون.
عبر عدد كبير من أهالي حي الضاهر عن فرحتهم بعودة المسجد للحياة من جديد واكدوا عبر المساء شكرهم للقيادة السياسية علي تحقيق حلم حياتهم.
يقول حاتم عبد الرؤوف موظف : كان حلم حياتنا ان نصلي صلاة الجمعة بالمسجد فقد كنا نصلي الصلوات الخمس في أحد أركانه بعد أن نعبر علي ألواح الخشب فوق المياه الراكدة فالمسجد مبني جميل جدا وتاريخي ولم يكن مستغلاً.
ويقول هاني عبد الحميد موظف بالمعاش : طول عمرنا نسمع عن ترميم المسجد ولكن لم نكن نري شيئا يحدث وتغيرت عليه شركات المقاولات وكنا نحرص علي الصلاة فيه لتأكيد هويته كمسجد ونتحسر علي مبناه الجميل ومساحته الواسعه فهو يشبه الجامع الازهر بصحنه وكان ساحته الخارجيه مليئه بالمجاري والمياه الجوفية وقد عشنا طويلاً نحلم بترميمه ويوم الافتتاح هذا الأسبوع كانت فرحتنا غامرة.
ويقول حاتم أحمد طالب جامعي : كان حلم والدي أن يصلي الجمعة في المسجد ولهذا عند رفع أذان صلاة الجمعة الماضية اختلطت دموعنا مع فرحتنا وكنا في قمة السعادة ونحن نهرول الي المسجد لأداء صلاة الجمعة لأول مرة في حياتنا وتذكرت والدي الذي كان متعلقا بالمسجد ويحرص علي الصلاة فيه ويصطحبنا معه ونعبر معه الي محراب الصلاة فوق الخشب والمياه الجوفية وكان سعادتنا لا توصف بإعادة الحياة الي المسجد وقد عبر الجميع عن مشاعرهم وسعادتهم بالبكاء والتهليل والتكبير
ويضيف ياسر ابراهيم رجل اعمال: لقد نشات في حي الضاهر وتربيت وتعلمت في مدارسها وكنت معتاداً أنا وزملائي باللعب أمام سور المسجد وعندما علمت بافتتاح المسجد كنت حريصا علي الحضور لمشاركه اهلي وجيراني هذه اللحظة التاريخية واداء صلاة الجمعة لأول مرة في المسجد ونحن نهنئ بعضنا البعض ونشكر الدولة علي اهتمامها وتطويرها لهذا المسجد الاثري المهم
ويقول جمال عبده مدرس :علي الرغم من سعادتي بعوده المسجد بكامل طاقته للعمل الا إني كنت أتمني أن يتم افتتاحه في مؤتمر صحفي عالمي تحضره كل أجهزة ووسائل الاعلام المحليه والعالميه ليروا هذا الحدث الكبير فالمسجد أثري وأقامه شخصية مهمة ومؤثرة في العالم الاسلامي وكان لابد أن يلقي اهتمام الاعلام العالمي كما يحدث عند اكتشاف مقبره فرعونيه حيث إن عمر المسجد أكثر من 700 سنة اي أنه أكبر من دول كثيرة في العالم.
ويضيف فهمي عبد المولي صاحب محل تجاري : لقد عمت الفرحة أهالي الضاهر بالكامل فالمسجد له معزه كبيره لدي سكان الحي وكنا حريصون علي عودته وندعو لترميمه وسعدنا جدا بما شهدناه من مظاهر احتفاليه ومنظر جنود كازاخستان بملابسهم التراثية كان رائعا ونتمني ان تتحول منطقة الضاهر خلال الفترة القادمة إلي متحف مفتوح يضم الآثار الاسلامية والمسيحية واليهودية بالاضافة إلي ترميم قصر من أروع قصور العالم وهو قصر السكاكيني.
اترك تعليق