هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

جزيرة تنيس .. من دور الطراز لمركز لحماية الطيور

حبا الله مصر بالكثير من الخيرات الطبيعية التي جعلت منها مركزاً عالمياً للكثير من النظم البيئية ومن هذه الخيرات جزيرة تنيس والتي عرفت بـ «تل تنيس» أو «كوم تنيس» في العصر الإسلامي و كانت مركز لصناعة النسيج في مصر حيث كان يعهد إليها بصناعة كسوة الكعبة المشرفة سنويًا وقد أطلق عليها العباسيون والطولونيون والإخشيديون والفاطميون دور الطراز ، لانتشار صناعة النسيج بها ، وما كانت تنتجه من أنواع الخلع الثمينة والمطرزة بأسماء الخلفاء ووزرائهم فضلا عن كسوة الكعبة الشريفة .
 


وتحتوي جزيرة تنيس على أثار تعود للعصر الفرعوني والإغريقي والإسلامي، واسم "التنيس" أصله يوناني، وهي تعني كلمة الجزيرة، كون إنها محاطة من جوانبها بالمياه، ويقال إن سبب تسميتها نسبة إلى تنيس بن حام بن نوح .


و قدر لموقعها الجغرافي أن يلعب دوراً هاماً في المجالين السياسي والحربي طوال تاريخها وتميزت كرباط بموقعها الجزرى الحصين ، ولقب أهل تنيس بسادة المرابطين لأنهم في جزيرة محاصرين كما كانت في حماية حصن أو رباط الأشتوم "أشتوم بحيرة تنيس"هي جزيرة مصرية تقع في محافظة بورسعيد في مصر جنوب غرب مدينة بورسعيد وعلى بعد تسعة كيلومترات منها في بحيرة المنزلة ، وكانت تنيس مدينة مصرية زاهرة وكانت تقوم على جزيرة في الشمال الشرقي من البحيرة التي كانت تحمل اسمها في العصور الوسطى «بحيرة تنيس» وهي المعروفة الآن ببحيرة المنزلة ، فكانت ميناء هاما لتصدير المنتجات الزراعية المصرية ،و تعرضت تنيس للعديد من الغزوات أبان الحملات الصليبية ، حيث أمر السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب في سنة 588 هجرية (1192 ميلادية) بإخلائها من السكان وألا يبقى فيها غير المقاتلة للدفاع عنها ، ومن بعده أمر السلطان الكامل محمد بن العادل الأيوبي في عام 624 هجريه الموافق 1226 م بهدم المدينة وتخريبها وتهجير أهلها البالغ عددهم وقتها 50 ألف نسمة حتى لا يستطيع جنود الصليبيين الوصول عن طريقها للعاصمة، فقد كانوا حينذاك على أهبة الاستعداد بإرسال الحملة الصليبية الخامسة في سنة 630 هجرية (1219 ميلادية) بقيادة جان دي بريين، فنزلت على دمياط ثم منيت بالفشل، وهكذا اندثرت مدينة من أكبر مدن مصر الصناعية والحربية في العصور الوسطى ثم نكاد لا نجد لها ذكرا بعد ذلك إلا في بعض إشارات في كتب الرحالة الأوروبيين.


وكانت تنيس أكبر الجزر في العصر الإسلامي إمتداد طريق الخط الملاحي لقنال المنزلة الذي يربط بين بورسعيد والمطرية دقهلية ،وهى أرض يحيط بها الماء من جميع الجهات ومن ثم يتحقق أصل الاسم الناتج عن الوصف الطبيعي لموضعها .


وتتميز جزيرة تنيس بخيرها الوفير، لخصوبة الأرض الشديدة على مر السنوات، ومنحدرات المياه التي لا تنقطع عنها صيفًا أو شتاءً.

 

كما تم اختيار محمية أشتوم الجميل التي تقع بها، كمحمية طبيعية تدخل في تصنيف محميات الأراضي الرطبة وذلك بما لها من مميزات بيئية لا توجد في مثيلتها من المحميات الأخرى.


وتحتل جزيرة تنيس ومحمية أشتوم الجميل بها ثلثي النظام البيئي المائي لبحيرة المنزلة، وهما أقل الأنظمة تلوثا حيث إن النظام البيئي المائي الثالث وهو العذب يكون مصدره المصارف سواء زراعية أو صناعية أو صحية.

كما أن بوغازي الجميل وأشتوم الجميل اللذين يربطان البحر الأبيض المتوسط بالبحيرة، يعملان على تجديد دوران المياه بداخلها وبالتالي زيادة المخزون السمكي وعدم تركيز العناصر الثقيلة بها.


كما تقع المحمية في مواجهة خطوط سير هجرة الطيور في مواسم الهجرة، ويعتبر تل تنيس مناسب لكافة أنواع الطيور المقيمة والمهاجرة للتكاثر والأكل والشرب والحياة.

كما يوجد في الجزيرة نباتات برية تستخدم إنتاج العقاقير والتي تساعد في علاج كثير من الأمراض مثل نبات ركب الجمل والذي يعتبر طاردًا للديدان المعوية، وأيضا مسهل قوى ونبات الخبيزة البرية والذي يستخدم في علاج النزلات المعوية وعلاج فقر الدم.
و وصفها الفتح العربي بأنها مجرد أخصاص من قصب حتى عرفت بذات الأخصاص وجاء ازدهارها ونموها حين برزت كمدينة متخصصة فى صناعة أنواع من النسيج المشهور وواصلت نموها خلال حكم الخلافة العباسية إلى أن بدء فى بناء سورها فى عصر المتوكل على الله العباسي عام 230 ھ وانتهى منه في 239 ھ ".


ومن ثم كان لـتنيس دورا هاما في الأحداث السياسية أثناء عصر الولاة في الفترة محـل النزاع بين ولدى هارون الرشيد الأمين والمأمون حين استطاع عبد العزيز الجروى وولده أثناء هذه الفترة من إقامة إمارة بـ تنيس على ساحل مصر كانت تبسط سلطانها على الإسكندرية ومدت سيطرتها جنوبا حتى بلبيس كما استولت على الصعيد مدة مـن الزمن حتى لقبه صاحب الانتصار بملك الساحل.
و تنيس الكاملة تشغل مساحة كيلو متر مربع واحد تقريبا والتل الأثري يرتفع تدريجيا من شاطئ البحيرة مكونا تلال صغيرة يعلو بعضها بضعة أقدام والبعض الآخر بضعة أمتار يميزها المرء وسط أنقاض واسعة من الطوب الأحمر وشقاف من الخزف والفخار وقطع زجاجية من كل لون. ونجد لون  التل يميل للون الأحمر الطوبي نتيجة لتحلل بقايا المباني القديمة التي كانت مبنية بالطوب الأحمر والتي ترجع للعوامل الطبيعية التي تسود المنطقة على مدار العام فقد تشربت بمياه الأمطار وتركت طبقات هشة تكسو وجه الأرض والتلال الحالية.

وللأسف لم يكن هناك اهتمام أثري بالمنطقة حتى عام 1910 وعندما قامت لجنة حفظ الآثار العربية بإرسال أحــد مفتشيـها وهو المهندس الإيطالي"باترو كلوا" الذي ذكر في تقريره في عام 1911 أنه لم يعد بين أطلال هذه المدينة غير أنقاض قلعة كصهاريج للماء وقد كشف عن أربعة صهاريج وعمل تخطيط لها ولم يبدأ العمل في أطلالها مرة أخرى إلا في عام 1979م حين أرسلت هيئة الآثار المصرية بعثة للحفائر ثم توقف العمل مرة أخرى إلى أن جاء عام 1990 وإستمر العمل في الحفائر ثمانية مواسم متتالية حتى موسم 1998 وتوقف العمل ثم استكمل عام 2003 وتوقف ثم استكمل 2009 وحتى2010 م وكانا آخر موسمين لحفائر التل.

وكشفت  أعمال الحفائر عن الأنشطة التي كانت تمارس في "تنيس" مثل  الأنشطة الحرفية والصناعية العديدة حيث ظلت تتمتع بشهرة واسعة فى صناعة النسيج حيث كانت الصناعة الرئيسية طوال حياتها وأشهرها إنتاج أنواع القباطى والثياب المشهورة من القصب والشروب.

ونجد أيضاً النصوص التي عثر عليها كشفت عن المنسوجات المحفوظة بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة وبعض المتاحف العالمية وبعض المجموعات الخاصة حول العالم التى أكدت عن مدى التقدم وما صلت إليه الصناعة فى تنيس.

 وتم الكشف عن التحف المنقولة من شتى أنواع الفنون التطبيقية من خلال الحفائر والتعرف على مدى انتشار صناعة الفخار من شبابيك القلل تلك الأوانى الفخارية ذات الون الأصفر الضارب إلى الخضرة أو الرمادى والتى كانت تستخدم فى تبريد مياه الشرب.

و الحفائر أمدتنا بأشكال متنوعة من الأوانى ذات اللون الأسود سميكة الجدران مخروطية أو كمثرية الشكل ذات طرف مسلوب إلى أسفل غالبا تخلو من أى زخارف إلا من حزوز عند طرفها المسلوب وربما يكون هذا النوع استخدم كقنابل يدوية أو كمسارج تضاء بالنفط.
ولعبت  تنيس دوراً حضارياً كبيراً في تاريخ مصر الإسلامية بما حفلت به من تمركز بشرى كبير أدى إلى ازدهار مختلف في شتى أنواع المجالات التجارة والصناعات بالإضافة إلى نبوغ الكثير من أهل العلم فكانت عاصمة الإقليم الرابع وكانت ثغراً هاماً ومقراً للأسطول وبها دار صناعة السفن ومركزاً هاماً من أهم مراكز صناعة النسيج الراقي الرفيع وبها كانت تصنع كسوة الكعبة المشرفة قرونا طويلة حيث كان معظم أهلها يشتغلون بصناعة النسيج والحياكة وصيد الأسماك والطيور.

 ومن ثم انتهى دور تنيس وبقى اسمها فى كتب التاريخ يحمل ذكريات مدينة كبيرة نهضت بدور بارز طوال ستة قرون سجلت نشاطا حضاريا يفوق حجمها في مختلف الميادين الاقتصادية والاجتماعية والفكرية.

وظهرت الجزيرة في الحلقة 6 من مسلسل رسالة الإمام للفنان خالد النبوي الذي عرض في شهر رمضان الماضي و الذي يجسد فيه دور الإمام الشافعي، وصوله إلى مدينة تنيس، بعد إنقاذه من جنود ابن الوالي، على يد الحفويين، الذين تدخلوا وأنقذوه في الوقت المناسب.

بدأ تاريخ الجزيرة بنزوح بعض سكان مدينة صان الحجر الأثرية إليها والذي كان يطلق عليها "كاتس" باليونانية القديمة وهذا هو سبب تسمية جزيرة "كنيس" بهذا الاسم، كما أن لجزيرة تنيس أهمية تاريخية خاصة حيث يقع بها كل تنيس الأثري الذي يصل ارتفاعه إلى 4,5 متر عن سطح البحيرة. وكانت مدينة تنيس واحدة من أجمل مدن مصر منذ الفتح الإسلامي لمصر حتى العصر الأيوبي وكانت المدينة تعج بالحركة التجارية - والصناعية كما كان يصنع بها كسوة الكعبة، إلا ان المدينة تعرضت لكثير من هجمات الشرسة، فامر الملك محمد ابن العادل بن أيوب بهدم المدينة وتهجير أهلها عام 1246.

واعتبرت مدينة تنيس التي ظهرت في مسلسل رسالة الإمام، من أكبر الجزر في العصر الإسلامي، إذ تقع في أقصى الشمال الشرقي من بحيرة المنزلة والجنوب الغربي من بورسعيد، وعلى بعد حوالي 8 كيلو مترات منها، وامتداد طريق الخط الملاحي لقنال المنزلة الربط بين بورسعيد والمطرية دقهلية وسط بحيرة صغيرة قليلة العمق تعرف باسم «البشتير».

وهناك مقترح  للاستغلال الأمثل للمنطقة بهدف تحويلها إلى مركز جذب سياحي وتسويقه مع غيرة من آثار المدينة والتي يرجع تاريخها إلى العهد الأيوبي، بجانب آثار تعود للقرن السادس الميلادي، كمنتج سياحي محليا وعالميا وحضاري على المستوى المحلى والعالمي بما يتناسب مع مكانتها التاريخية ويبرز معالمها وتراثها العمراني والثقافي والاقتصادي .





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق