بعد أطول معركة منذ بدء الحرب الروسية الاوكرانية أعلنت روسيا السيطرة الكاملة علي مدينة باخموت، التي تلقبها أوكرانيا بـ"قلعة المعنويات" و"القلعة المنيعة".. بعد نحو 15 شهراً من القتال في مدينة باخموت الأوكرانية، التي تحولت الي أكبر معركة رمزية منذ الحرب الروسية في فبراير 2022، أعلن الكرملين أمس نهاية المعركة وتحرير المدينة، التي تقع في شرق أوكرانيا.. في حين قالت كييف إنها لم تعد تسيطر إلا على جزء ضئيل من المدينة، وتتقدم باتجاه تطويقها تكتيكياً .. فيما حذّر قادة مجموعة السبع الصناعية الكبري روسيا من أنهم لن يتراجعوا عن دعمهم القوي لأوكرانيا .
ويقلل بعض الخبراء من قيمة باخموت الاستراتيجية، ويرون أنها ليست ذات ثقل لكي يدفعوا ثمناً باهظاً في القوات والذخيرة من أجل السيطرة عليها وانها مجرد مدينة تشتهر بمناجم الجبس وصناعة النبيذ وهي مجرد نقطة في جبهة قتال يزيد طولها عن 1200 كيلومتر.
ويتجاهل حقيقة أن حرب الروس ميدانياً تستهدف ما تبقي من إقليم دونباس، ما يعني أهم مدينتين متبقيتين. وهما سلافيانسك وكراماتورك. وهذا لا يتحقق إلا بتجاوز محطة باخموت، بغض النظر عن الوقت الذي يحتاجه ذلك.. ولايعني ذلك تصاعد الضغوط علي العاصمة كييف لأنها تبعد عنها نحو 600 كيلومتر.. حسب قناة روسيا اليوم.
وقال الخبير إيفان كوزلوف إن السيطرة على أرتيوموفسك "الاسم السوفييتي لباخموت" قد يؤدي إلي زيادة حدة القتال في اتجاهات أخري، بمعني أن إنهاء مسألة باخموت تتيح لقوات الجانبين العمل في اتجاهات أخري.
ويري خبراء في الغرب،وحتي في روسيا، أن الانتهاء من معركة باخموت سيتيح للقوات الأوكرانية التركيز والتفرغ لهجومها المضاد الذي يكثر الحديث عنه منذ شهور.. وهذا الرأي أيده قائد كتيبة فوستوك الروسية ألكسندر خوداكوفسكي الذي قال إنه بعد خسارة باخموت يمكن القول إن العد التنازلي للهجوم المضاد قد بدأ.
لكن الخبير العسكري الروسي فلاديسلاف شوريجين، يري الأمر من زاوية أخري، معتبراً أن القوات المسلحة الأوكرانية "تآكلت بشدة" بشرياً وتسليحياً. في دفاعها عن أرتيوموفسك "باخموت"، علي مدي 225 يوماً.
هذا بينما يؤكد آخرون أن روسيا يمكن ان تحولها إلي نقطة انطلاق للسيطرة على مناطق أخري في اقليم دونيتسك، وفي الوقت نفسه لاتزال اوكرانيا تؤكد أن "قتالا عنيفا لا يزال مستمرا في المدينة".
واذا كانت باخموت سقطت بالفعل فسوف تكون الاثار وخيمة وفي مقدمتها تراجع الروح المعنوية للقوات الأوكرانية، كما انها كانت توفر للاوكران موقعا يمكنهم من اصطياد الجنود الروس، وعلى العكس سوف يساعد ذلك القوات الروسية علي نقل معاركها الي مناطق اخري مثل كراماتورسك وسلوفيانسك في مقاطعة دونيتسك.
كما تقع باخموت على طريق رئيسي يؤدي إلى مدينتي سلوفيانسك وكراماتورسك، وهما من أكبر مدن إقليم دونباس، كما أن قربها من الطريق الدولي "إم-03- يصلها مباشرة بمدينة سلافيانسك في لوجانسك، ويتابع نحو مدينة خاركيف.
ومن شان سقوط المدينة أن يمكن القوات الروسية من الحاق خسائر فادحة في الأرواح والمعدات مما يجبر كييف على البحث عن تعزيز خطوط الإمداد للدفاع عن المدن المجاورة، كانت المدينة تعتبر مركزا مهما لتزويد القوات الأوكرانية في دونباس ونقطة حصينة لإيصال الإمدادات.
ويمكن ان يحد سقوط باخموت من إمكانيات أوكرانيا من شن هجوم الربيع الذي لم تبدأه بعد رغم مرور شهرين من الربيع، وسوف يجبر الاوكران على الانسحاب إلي مواقع دفاعية في كراماتورسك.
ويتوقع المحللون ان يكون سقوط باخموت مقدمة لمعارك اكثر دموية في هذه الحالة نظرا لأن كراماتورسك تقع علي أرض أعلي وتتمتع بقدرات دفاعية أكثر من باخموت.
و يمكن بالسيطرة على المدينة ان تحقق روسيا عدة مكاسب من بينها تحقيق نصر رمزي للكرملين بعد معارك ضارية استمرت نحو 7 أشهر منذ السيطرة علي سيفيرودونيتسك وليسيشانسك الصيف الماضي. وهي تحتاج إلي نجاح تقدمه الي الرأي العام الروسي فى الداخل لتبرر هذه الحرب التي كبدتها خسائر موجعة، وسوف يشكل الاستيلاء على باخموت نقطة انطلاق نحو المزيد من المكاسب الميدانية. وسوف يمكن روسيا من تهديد مناطق أكبر مثل كراماتورسك وسلوفيانسك.
ويري معلق عسكري روسي أن باخموت كانت معركة فاصلة في حوض إقليم دونباس. وقطعة الدومينو التي إذا وقعت تحت سيطرة القوات الروسية ستتساقط بعدها باقي المناطق والسيطرة على الإقليم بمقاطعتيه دونيتسك ولوجانسك .. ويري ان تأخر حسم المعركة حول المدينة يرجع إلي التحصينات القوية التي أنشأتها القوات الأوكرانية بالإضافة إلي موقعها الجغرافي المميز.
وفي أقوي إشارة علي توجه واشنطن نحو السماح بمد كييف بطائرات مقاتلة من طراز "F16" التي يمكنها إغلاق المجال الجوي بوجه الضربات الروسية. قال بايدن إن الرئيس الأوكراني قدم لواشنطن تأكيداً قاطعاً بأن الطائرات لن تهاجم الأراضي الروسية .. موضحا أن الرئيس الاوكراني تعهد باستخدم المقاتلات الأمريكية فقط لاستهداف القوات الروسية داخل أوكرانيا.
وأبلغ بايدن زعماء دول مجموعة السبع بأن واشنطن تدعم برامج تدريب مشتركة للطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف - 16، على الرغم من أن كييف لم تحصل بعد علي تعهدات بإمدادها بهذه المقاتلات.
اترك تعليق