هيرمس
    مصر
  • 29℃ القاهرة, مصر

رئيس مجلس الإدارة

طارق لطفى

رئيس التحرير

أحمد سليمان

الدائرة المغلقة
د.مي مجاهد
د.مي مجاهد

د.مي مجاهد

حاليا وبلا أي مجاملات أصبحت السوشيال ميديا جزءاً لا يتجزأ من حياتنا بل أصبحت - في بعض الأوقات - هي كل الحياة ، تجتذب كافة الفئات من المجتمع ليس فقط المفتقد إلى الرفيق والونس أو الباحث عن الشهرة والانتشار السريع بل وحتي الأطفال وكبار السن في غياب حقيقي عن الواقعية.


وحيث إنني وبكل فخر أنتمي لجيل الثمانينات الذي كان في ذيل الأجيال التي تمتعت بدفء الأسره وحنانها بعيدا عن صخب التكنولوجيا الباهته ، فلم يعد البيت هو الحضن الذي يجمع أفراده كما كان بل باتت بيوت خاوية خالية من ضجيج الأحاديث الممتعة والذي كان يملؤها مع تجمع الأسره علي مائدة الغذاء ذات أصناف طعام بيتية مصنوعة بحب وعناية الأم وكد وتعب الأب وشقاوة الأطفال في أوقات العصاري بعد العوده من المدارس والإنتهاء من الواجبات المدرسية البسيطة في إنتظار مسلسل القناة الأولى للإستعداد بعده فورا للخلود للنوم .

الأن... أصبح التواصل الاجتماعي مع الشاشات هو البديل والملاذ وفقدت البيوت لذتها وبهتت الأسر وتفككت فلا تدري عدد أفراد المنزل وبالكاد يعرفوا بعضهم البعض ، باتت الاكاوانتات الإلكترونية - والتي في كثير من الأحيان وهمية بلا صاحب حقيقي - تخفف التوتر والقلق والاكتئاب ، وتعزز تقدير الذات ، بل وتوفر الراحة والمتعة، وتمنع الشعور بالوحدة بينما يفصلك عن والديك أو زوجك أو أبنائك مجرد أمتار قليلة ، حيث استبدلنا مشاعرنا الحقيقية بالمشاعر الإلكترونية مما أفقدنا الروابط الاجتماعية القوية في عالم الواقع المختفي خلف الأبواب المغلقه والتي لا تفتح إلا عند إنتهاء الباقة أو أن معاد التجديد قد حان مما يشكل خطراً كبيراً على الصحة العامة والنفسية لا يمكن أنكاره مهما كانت لذه المجتمع الافتراضي لا تقاوم.

فلا يمكن أبداً أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي بديلاً للتواصل البشري في العالم الحقيقي ، لأن الاتصال الشخصي المباشر مع الآخرين يساهم بدون شك في تحفيز الهرمونات التي تخفف من التوتر وتجعل الفرد يشعر بأنه أكثر سعادة وصحة وإيجابية عندما يرى أنعكاس مشاعرة في عيون الآخرين.

ولا يخفي عن الجميع أن الفرد أصبح حقل خصب لعدد من التجارب السلبية الناتجة من التواصل الدائم مع السوشيال ميديا ، فعلي سبيل المثال نري يوميا كم الصور الملتقطه بعناية تحتوي علي عدد لا بأس به من البراندات والماركات العالمية مع تعدد أطباق الطعام علي أفخر موائد المطاعم في أغلي الاماكن وأشهرها التي تطيح أقل طبق عليها بميزانية أسر كاملة لأشهر طويلة في ظل أزمه أقتصادية طاحنة لم تشهدها مصر من قبل مما يولد عدم الرضا عن حياتنا مهما كانت تمتليء بالنعم والملذات التي لانشعر بها في جبل المقارنات اليومي مع صور الفيس بوك والانستجرام وفديوهات التيك توك ومن يحققون الثراء السريع بحثا عن الترند وسعيا خلف الايك والشير للوصول إلي العملات الورقية الزائلة رغم التأكد من أنها صور يتم التلاعب بها للحصول علي المظهر المثالي بلا غلطة واحده مما يفقدها المنطق ويدفع مشاهديها إلي حافة الانهيار، فضلا عن الشعور بالسخط وعدم الأمان عندما نتصفح صور هذا أو تلك ترفل في رفاهية لا محدودة لاهثة خلف الترند بلا أي قيم خلقية أو ضوابط مجتمعية وغياب تام عن الواعز والواعظ الديني الذي فقدناه مع الأجيال الحديثة مؤخرا التي باتت تعيش في ايجيبت خلف شاشاتها الالكترونية ولا تعلم شيء عن واقعها وماضيها مع ضبابيه مستقبلها ففقدنا هوياتنا المصرية المتفرده مما جعلنا ندور في دائرة مغلقه أودت بنا إلي الإختناق.

فإذا كنت تقضي وقتاً طويلاً خلف الشاشات علي وسائل التواصل الاجتماعي وتلازمك مشاعر دائمة من الحزن أو عدم الرضا والإحباط تشعر دائما بالوحدة ، فقد يكون الوقت قد حان لإعادة توزيع أولوياتك والبحث عن توازن أكثر صحة في وجود دفء الاسرة والصديق والزميل والجار والرفيق الحقيقي بعيدا عن زيف الشاشات وبرودها لتعد للحياة رونقها وللأيام طعمها وسعادتها فربما شعرت بنسائم الثمانينات النقية تغمرك فتعيد لك بركة اوقاتها المفقوده في عالم الإنترنت.





تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي جوجل نيوز جوجل نيوز

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

اترك تعليق