أعلن د. عمرو خالد، الداعية الإسلامي، أن التسليم لله أحد منازل الروح السبعة، لكل مهموم، مظلوم، خائف، قلق، يعاني صراعا في حياته مع نفسه ومع الناس، ولا يملك تحقيق أهدافه، ويعيش حياة مضطربة، مرتبكة، معقدة.
اعتبر خالد في الحلقة الثالثة عشر من برنامجه الرمضاني "الفهم عن الله"، أن التسليم لله يمثل "دعوة لوقف القلق والصراع الداخلي"، و"يعني موافقة مرادك لمراد الله، فتهدأ أو تسكن وتستريح" ، واصفاً المصائب والإبتلاءات بأنها تعد أحد وسائل القدر دون تدخله مباشرة لتغيير مسار الإنسان نحو الجديد الأفضل له "فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ"، فقد تلجئك المحنة إلى مكان ينزل عليك رطب الفرج.
طالب خالد بالجمع بين التسليم والرضا والإحسان معًا، قائلاً: دليل تسليمك رضا، ودليل الاثنين استمرارك في الإحسان"، معتبرًا الجمع بين التسليم والإحسان، يمثل معادلة السعادة في الحياة، إذ أن "التسليم مهدئ روحي، والإحسان يعطيني الأمل في الغد لوعد الله " إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا" ، مضيفا أن التسليم عند النبي صلى الله عليه وسلم كان سلوكًا يوميًا، إذ كان يدعو قبل النوم: "اللهم إني أسلمت نفسي إليك"، "لا ملجأ منك إلا إليك"، في دعاء القيام: "اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وأنا بك وإليك".
نصح خالد من يعاني من وضع مادي صعب، أو يواجه ابتلاءات بإخراج أحسن ما لديه، وأن يسلم لله فيما ليس في يده، مشددًا أن ذلك لايتعارض مع التفكير والتخطيط للمستقبل، "لكن المطلوب ألا تجعل حلم المستقبل أو خوف المستقبل يعكر عليك الحاضر الآن طالما أنت بتحسن، لا تجعل سحب الغد تحجب شمس اليوم.
وضرب خالد مثلاً على ذلك، قائلاً: "قدر الله قد يؤدي إلى تأخر زواجك، اجتهد حتى يأتي قدر جديد، ونحسن في شكلنا وروحنا، لكن ماذا لو طال علينا القدر الحالي، قل: أنا معك يارب، كل قدرك خير".
واعتبر خالد أن أجمل معنى للتسليم ما قاله عمر بن عبدالعزيز: "هواي حيث قدر الله".. تسليم ورضا معًا ، مبيناً أن التسليم لا يلغي المعاناة ولكن يخففها، فقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم بكى يوم وفاة ابنه إبراهيم، وعندما دخل البيت قال: "لبيك وسعديك والخير كله بيديك والشر ليس إليك".
قال خالد إن التسليم لا يتعارض مع الشعور بالألم.. ولا يلغي الألم لكنه يخفف المعاناة إلى الحد الأدنى الذي تستطيع تحمله ، مشدداً أن التسليم عمل إيجابي، فسلّم الأمر لله يمنحك عقلية مرنة إيجابية، لماذا؟ لأنك عندما تسلم روحك للخالق تهدأ نفسيًّا؛ ويزول الضغط النفسي والعصبي فتبدأ تبحث عن البدائل والحلول والفرص البديلة، فالمستسلم لله لا يشكو الأزمات، بل يسلّم بوجود الأزمات؛ عندها يتفتح عقله للبحث عن الحلول البديلة بمرونة".
أوضح خالد أن "التسليم ليس ضد الطموح بالعكس هو دافع لحب الاستكشاف والبحث لإيجاد البدائل، التسليم لله يحرر الإنسان من الضغط النفسي المانع من اتخاذ القرار الصحيح، فيواجه الأزمات بعقل منفتح ونفسية هادئة، ويصبح أكثر مرونة في إيجاد البدائل الأخرى للنجاح في الحياة". وختم خالد بذكر القاعدة الثالثة عشر من قواعد "الفهم عن الله"، وهي: كل تحدٍ يواجهك في الحياة، تعامل معه بثلاثة أشياء: اقبل التحدي.. استمتع بالتحدي.. أخرج أحسن ما عندك لتواجه التحدي".
اترك تعليق