وردت أسئلة كثيرة ومتعددة يسأل أصحابها عما يفيدهم في أمور دينهم ودنياهم. عرضنا بعضها علي فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية. رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم. فأجاب بالآتي:
- ما الفرق بين الرؤيا والحلم؟ وكيف يستطيع الإنسان أن يُميِّز بينهما؟
** الفرق بين الرؤيا والحلم يظهر من خلال الحديث عن حقيقة الرؤيا وحقيقة الحلم. ومن مميزات الرؤيا أنها تكون صادقة» فقد روي مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ "رضي الله" عنه عَنِ النَّبِيِّ "صلي الله عليه وآله وسلم". أنه قَالَ: "إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ. وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا. وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءى مِنْ خَمْسي وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ. وَالرُّؤْيَا ثَلاَثَةى: فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَي مِنَ اللهِ. وَرُؤْيَا تَحْزِينى مِنَ الشَّيْطَانِ. وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ. فَإِنْ رَأَي أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلاً يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ".
الحديث الشريف بيَّن أنَّ الرؤيا منها ما يكون أضغاث أحلام» أي: إضافة إلي المعني الحسن المقصود من لفظ الرؤيا» فقوله: "الرُّؤْيَا ثَلاًثَةى" فيه بيان أن ليس كل ما يراه الإنسان في منامه يكون صحيحًا ويجوز تعبيره. إنما الصحيح منها ما كان من الله عز وجل يأتيك به ملك الرؤيا من نسخة أم الكتاب. وما سوي ذلك أضغاث أحلام لا تأويل لها. وهي علي أنواع قد يكون من فعل الشيطان يلعب بالإنسان. أو يريه ما يحزنه. وله مكايد يحزن بها بني آدم. كما أخبر الله سبحانه وتعالي عنه: -إِنَّمَا النَّجْوَي مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا-. وقد يكون ذلك من حديث النفس. كمن يكون في أمر. أو حرفة يري نفسه في ذلك الأمر. والعاشق يري معشوقه ونحو ذلك. وقد يكون ذلك من مزاج الطبيعة.
- ما التشاؤم الذي نهي عنه الشرع الشريف؟ وما الحكمة من النهي عنه؟
** التشاؤم هو: حالة نفسيَّة تقوم علي اليأس والنَّظر إلي الأمور من الوجهة السَّيِّئة. والاعتقاد أنَّ كلَّ شيء يسير علي غير ما يُرام. وهو عكس اليُمْن أو التفاؤل.. والتطير أو التشاؤم أصله الشيء المكروة من قولي أو فعلي أو مرئي. وكانوا يتطيرون بالسوانح والبوارح فينفرون الظباء والطيور. فإن أخذت ذات اليمين تَبرَّكوا به ومضوا في سفرهم وحوائجهم. وإن أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بها. فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم.
والإسلام جاء بهدم هذه العادة الجاهلية والتحذير منها» فعن أنس بن مالك "رضي الله" عنه أن النبي "صلي الله عليه وآله وسلم". قال: "لاً عَدْوَي. ولاَ طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الفألُ". قالوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قال: "كَلِمَةى طَّيِّبَةى".. والحكمة مِن منع التشاؤم والتطير عمومًا أو بالأزمنة خصوصًا: هو أنَّ في هذا التشاؤم سوء ظن بالله سبحانه وتعالي. وإبطاء الهمم عن العمل. وتشتت القلب بالقلق والأوهام. فيميت في المرء روح الأمل والعمل. ويدبُّ فيه اليأسُ. وتضعف الإرادة والعزيمة لديه. وربما نَزَل بالشخص بسبب هذا التشاؤم المكروة الذي اعتقده بعينه علي سبيل العقوبة له علي اعتقاده الفاسد.. وبناءً علي ذلك وفي واقعة السؤال. فالتشاؤم منهي عنه شرعًا» لأنَّ الأمور تجري بقدرة الله تعالي. ولا ارتباط لهذه الأشياء بخير يناله الإنسان أو شرّي يصيبه.
- ما حكم مَن ينسي القرآن وهل هذا فيه دلالة علي ضعف الإيمان؟
** ننصح بالمداومة علي قراءة القرآن. وغير المتمكن من القراءة الصحيحة عليه أن يصحِّح قراءته علي يد شيخ أو المسجِّل. كما أن النسيان ليس علامة علي ضعف الإيمان.
- هل يجوز للمرأة أن تخرج إلي المسجد مُتَعَطِّرة حيث جاء في بعض الأحاديث أن المرأة إذا خرجت للمسجد متعطرة فإن الله لا يقبل منها الصلاة حتي تغتسل. فما معني ذلك؟ وهل يجب عليها الغسل؟ وهل يقتضي ذلك بطلان صلاتها ووجوب الإعادة عليها؟
** يجوز للمرأة وضع العطر عند ذهابها للمسجد بشرط أمن الفتنة» حيث جاء القرآن الكريم بأخذ الزينة عند كل مسجد سواء للرجال أو النساء. وجاءت السنة النبوية التقريرية بخروج النساء إلي الصلاة بقلائد عطرهن.
وأحاديث النهي عن خروج المرأة إلي المسجد متعطرة فالمراد بها: النهيُ عن تعطرها بالعطر النفّاذ الزائد عن الحد الذي تقصد به الشهرة. أو لفت النظر إليها» فإن ذلك حرام. سواء فعلت ذلك بالعطر أو بغيره من وسائل الزينة التي تلفت الأنظار. والاختلاف بين الفقهاء بين التحريم والكراهة والإباحة ليس حقيقيًّا» فالتحريمُ عند قصد الإغواء مع تحقق الفتنة أو ظنها. والكراهة عند خشيتها. والإباحة عند أمنها. والاستحباب عند الحاجة إلي الطيب لقطع الرائحة الكريهة ونحو ذلك.. أما الأحاديث الواردة في عدم قبول صلاتها فإنما هي في حالة التحريم. وهي محمولةى علي نفي الكمال لا علي نفي الصحة» أي: أنَّ صلاتها صحيحة. لكنها غير كاملة الأجر. وكذلك الحال في أمرها بالاغتسال: إنما هو لإزالة أثر العطر النَّفَّاذ. وليس المقصودُ بذلك الجنابة الحقيقية أو رفع الحدث عن المرأة.
اترك تعليق