خباب بن الأرت بن جندله التميمي .. صحابي من السابقين إلي الإسلام . وكان من المستضعفين الذين عذبوا ليتركوا الإسلام.. سبي صغيرا من قبيلته تميم . وبيع في مكة فاشترته أم أنمار الخزاعية التي كانت حليفة لبني زهرة من قريش .
كان خباب يمتهن في الجاهلية صناعة السيوف . وكان النبي صلي الله عليه وسلم يتألفه ويجالسه.. وقد أسلم بمجرد أن عرض عليه رسول الله الإسلام فكان سادس من أسلموا .. وذلك قبل أن يدخل النبي عليه أفضل الصلاة والسلام دار الأرقم ليدعو فيها.
ولأن خباب بن الأرت كان عبدا فقد كان من المستضعفين الذين تم تعذيبهم بمكة ليرجع عن دينه.. فقد عذب عذابا شديدا بسبب إسلامه فكانوا يوقدون النار ثم يسلقونه عليها . ثم يضعونه علي الأرض . ويقف رجل منهم علي صدره . وكانت مولاته أم أنمار تأخذ الحديدة المحماة فتضعها علي رأسه . فشكا ذلك إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقال " اللهم انصر خبابا ".
بعدها اشتكت مولاته أم أنمار رأسها . وكانت تعوي مثل الكلاب. فقيل لها " اكتوي" . فكان يأخذ "خباب" الحديدة المحماة فيكوي بها رأسها لعلاجها.
ورغم حداثة سن خباب فقد كان يتحلي بكلمة العقل وحكمة الشيوخ . ومع كل ما تعرض له من التعذيب الشديد علي يد مشركي مكة . فإنه ثبت علي الحق كالجبال . ورفض جميع أنواع الإغراءات ليرتد عن دينه.
قيل إن أول من أظهر إسلامه رسول الله صلي الله عليه وسلم وأبو بكر وخباب وصهيب وبلال وعمار وسمية أم عمار .. لذلك تعرض خباب لكل أنواع التعذيب ومع ذلك صبر علي إيذاء قريش . ولم يعط الكفار ما سألوه . وهو ترك الإسلام . فكانوا يلصقون ظهره بالرضف حتي ذهب لحم متنه .
كان خباب ممن نزل فيهم قرآنا . . فقد روي أنه حين كان عبدا في مكة صنع سيفا للعاص بن وائل السهمي . وذهب يحصل ثمنه . فقال له العاص "لا أعطيك حتي تكفر بمحمد" فرد خباب " لا أكفر بمحمد حتي تموت ثم تبعث " فقال العاص : إني لمبعوث بعد الموت ؟ وأقضيك إذا رجعت وكان لي مال وولد؟" فحكي خباب ذلك للنبي "ص" فنزل قول الله تعالي (أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا . أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا . كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا . ونرثه ما يقول ويأتينا فردا ).
هاجر خباب مع المقداد بن عمرو إلي يثرب وآخي النبي بينه وبين جبر بن عتيك . . وقد شهد خباب مع النبي صلي الله عليه وسلم الغزوات كلها .. وبعد وفاة النبي "ص"عندما بدأت حركة الفتوحات الإسلامية انتقل خباب إلي الكوفة .
وفي سنة 37 هجرية مات خباب بالكوفة وعمره 73 عاما . وقام بالصلاة عليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه .. وكان خباب أول من دفن بظهر الكوفة .. ونعاه علي بن أبي طالب فقال " رحم الله خبابا أسلم راغبا . وهاجر طائعا . وعاش مجاهدا . وابتلي في جسمه أحوالا . ولن يضيع الله أجره " رضي الله عنه
اترك تعليق