تعاني أوروبا من عودة الركود التضخمي وفي حين يبدو أن نمو الأسعار بدأ يتباطأ فلا يزال التضخم في منطقة اليورو عند مستوي 8.5 % أعلي بأربع مرات من هدف البنك المركزي الأوروبي 2% وقد يرتفع مرة أخري .. وحتي أحدث معدلات التضخم الأساسي التي تستبعد أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة بلغت 6.2% وهذا أعلي كثيراً من المتوقع.
من الواضح أن الاتحاد الأوروبي الذي تضرر بشدة من جائحة كورونا 2019 وتداعيات الحرب الروسية الاوكرانية وأصبح في حاجة للمال.. ففي مايو الماضي كان يريد جمع الأموال لمساعدة أوكرانيا وفي أكتوبر اقترح إصدار دين مشترك لمساعدة المواطنين الأوروبيين في سداد فواتير الغاز.
والآن وسط موجة من إصدارات الديون المشتركة تخطط المفوضية الأوروبية لمنافسة قانون خفض التضخم الذي أقره الرئيس الأمريكي جو بايدن بقيمة 369 مليار دولار والذي يشمل إعانات دعم مشاريع الطاقة النظيفة .. ورغم أن الخطة الجديدة قد لا تنطوي علي اقتراض جديد فإنها تقترح إنشاء صندوق سيادي أوروبي جديد للاستثمار في التكنولوجيات الخضراء.
ولكن هناك علاقة ارتباط عكسية بين مساعدات برنامج جيل الاتحاد الأوروبي التالي ونصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي حيث تلقت بعض البلدان الأكثر فقراً التي كانت الأقل تأثراً بالفيروس مبالغ هائلة من المال.
تكمن مشكلة الاقتراض الحالية بقيادة المفوضية في أن قواعد الاتحاد الأوروبي ذاتها تمنعها من قبول الدين.. حيث تنص المادة 311 من المعاهدة بشأن عمل الاتحاد الأوروبي.. أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يمول نفسه من موارده الخاصة بالكامل.. لهذا السبب كان لزاماً علي البلدان الأعضاء أن توافق بالإجماع علي إنشاء صندوق جيل الاتحاد الأوروبي التالي.
الواقع أن استمرار التضخم المرتفع يجعل المتقاعدين في مأزق بعد أن ادخروا من أجل سنوات الشيخوخة إلي جانب المدخرين الذين وضعوا أموالهم في أصول مضمونة القيمة الاسمية مثل التأمين علي الحياة الضحايا الحقيقيين لمديونية أوروبا.
من جهتها قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد إنه قد تكون هناك حاجة لزيادة معدل الفائدة أكثر من نصف نقطة المقررة.. موضحة إن الزيادة المقررة في مارس الحالي ضرورية ومرجحة للغاية.. بحسب بلومبيرج
أضافت أن صناع السياسات سوف يبذلون قصاري جهدهم لإعادة التضخم إلي نسبة 2% المستهدفة من النسبة الحالية الأعلي منه 4 مرات.. ورفضت التكهن بشأن مدي رفع تكاليف الاقتراض في النهاية .. ومن المقرر أن ترأس لاجارد ثاني زيادة علي التوالي لمعدل الفائدة بواقع 50 نقطة أساس فيما يبقي المسئولون علي جهود مكافحة التضخم.
من جهته قال فيليب لين كبير خبراء الاقتصاد في البنك المركزي الأوروبي إن البنك قد يضطر لمواصلة رفع أسعار الفائدة مجددا بعد الزيادة المتوقعة خلال اجتماع مجلس محافظي البنك رغم تصريحات المسئولين عن ضرورة انتظار صدور البيانات الاقتصادية الجديدة قبل الحديث عن زيادة جديدة للفائدة.
ونقلت وكالة بلومبيرج للأنباء عن لين قوله في كلمة له بالعاصمة الأيرلندية دبلن "معلوماتنا الحالية عن ضغوط التضخم تشير إلي أنه سيكون من المناسب زيادة الفائدة مجددا بعد اجتماعنا في مارس الحالي.. بالتأكيد ما سنقرره في مايو سيكون معتمدا بشدة علي البيانات الاقتصادية".
وشدد لين وهو محافظ سابق للبنك المركزي الأيرلندي علي ضرورة النظر إلي التأثير التراكمي للتشديد الحالي لموقف السياسة النقدية باعتباره جزء من منهج البنك المركزي في زيادة الفائدة كل اجتماع علي حدة.
اترك تعليق