"الكيانات التعليمية الوهمية" صداع في رأس التعليم العالي بمصر. كيانات تتحايل وتتلون لتستطيع جذب أكبر عدد من الطلاب، وتدعي منح شهادات عليا في مجالات يتهافت عليها أولياء الأمور قبل الطلاب أنفسهم، والأكثر من ذلك انها تلعب على الجانب المادي الذي يصيب الوتر الحساس خاصة عقب أنتهاء ماراثون الثانوية العامة بكل تكاليفه المادية وضغوطه النفسية، وبمقارنة بسيطة بين المصروفات الدراسية بالجامعات الحكومية والأهلية وحتي الخاصة منها فهي الأرخص، ولكن لا توجد شهادة علمية موثقة ومعترف بها، جودة التعليم والمناهج الدراسية لا تتناسب مع متطلبات العصر الحالي، تغير مسمياتها بين الحين والأخر هربا من السمعة السيئة.
وفي الأونة الأخيرة زادت تلك الكيانات الوهمية في مختلف محافظات الجمهورية وتلعب على مشاعر أولياء الأمور والطلاب بالالتحاق بأي جهة تعليمية، وحذرت وزارة التعليم العالي وخبراء التعليم من تلك الظاهرة ولابد من البحث على مواقع الوزارة والتأكد من الجامعات والمعاهد التابعه لها حتي لا يقع الطالب في فخ تلك الكيانات، لكن قلة الوعي تجعل الطلاب ومستقبلهم في مهب الريح.
أعلن الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أن لجان الضبطية القضائية منذ إنشائها عام 2015، نجحت في ضبط ومُداهمة 358 كيانًا تعليميًا وهميًا بمختلف المحافظات المصرية حتي الآن، مشيرًا إلي صدور 189قرارًا وزاريًا بإغلاق كيانات وهمية، فضلًا عن مُخاطبة المحافظات والجهات المعنية.. لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالها.
أشاد الدكتور أيمن عاشور بجهود لجنة الضبطية القضائية في التصدي لهذه الكيانات، مُوجهًا بتكثيف جهودها خلال الفترة المُقبلة.. لمُداهمة أية كيانات وهمية أو مقرات تُمارس أنشطة تعليمية، دون الحصول على ترخيص.. حفاظًا على مصالح الطلاب وأولياء الأمور وضمانًا لعدم التلاعب بهم.
كما أصدر وزير التعليم العالي قرارا بتشكيل لجنة متخصصة لرصد الأنشطة التسويقية للكيانات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي المُختلفة، ويتوجب على تلك اللجنة رفع تقاريرها الدورية بشكل أسبوعي للوزير، لاتخاذ ما يلزم من جانب لجان الضبطية القضائية.
يقول الدكتور عادل عبدالغفار، المُستشار الإعلامي والمُتحدث الرسمي للوزارة، أنه صدر قرار وزاري بتشكيل لجنة مُتخصصة لرصد الأنشطة التسويقية للكيانات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي المُختلفة.. حيث ترفع تقاريرها الدورية بشكل أسبوعي لوزير التعليم العالي ..لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وقد نجحت هذه اللجنة في رصد العديد من الكيانات الوهمية، وتوجيه ضربات مُتتالية.. لتصدي لهذه الكيانات غير الشرعية.
وأكد المُتحدث الرسمي أن التنسيق الجيد بين وزارتي التعليم العالي والعدل، أسفر عن زيادة عدد أعضاء لجان الضبطية القضائية بوزارة التعليم العالي.. والذي مكّن من زيادة مُلاحقتها للكيانات الوهمية بكافة أنحاء الجمهورية.
وأضاف المُتحدث الرسمي أنه تم إعداد قائمة بالمؤسسات التعليمية المُعتمدة من وزارة التعليم العالي للمرحلة الجامعية الأولي "البكالوريوس، الليسانس"، يتم تحديثها بشكل مُستمر، ونشرها على الموقع الإلكتروني لوزارة التعليم العالي، وصفحات التواصل الاجتماعي الرسمية للوزارة، والموقع الإلكتروني للمجلس الأعلي للجامعات، وذلك للاطلاع عليها من جانب الطلاب وأولياء الأمور، حتي لا يقعوا فريسة للكيانات الوهمية، وفي حالة الرغبة في التأكد من شرعية أي مؤسسة أكاديمية، يُمكن الرجوع إلي مواقع التواصل التالية للوزارة.
وحذر د.عادل أولياء الأمور والطلاب بضرورة البحث والدراسة للجهات التعليمية المراد الالتحاق بها والبرامج الدراسية بها والشهادات هل معتمدة أم لا، وكيف لطالب متعلم لا يتحري الدقة قبل الالتحاق بأي جهة تعليمية وأعلنا أكثر من مرة بأن موقع وزارة التعليم العالي يمكن الاطلاع عليه من وسائل التواصل الاجتماعي لمعرفة الجامعات والمعاهد المعتمدة حتي لا نندم بعد ذلك.
ومن جانبه، أكد السيد عطا، رئيس قطاع التعليم بالوزارة. أن لجنة الضبطية القضائية مُستمرة في التصدي للكيانات الوهمية تنفيذًا لتوجيهات وزير التعليم العالي، ومطالبًا أولياء الأمور بعدم الانسياق وراء هذه الكيانات الوهمية.
وأشار رئيس قطاع التعليم إلي أن هناك 176 معهدًا خاصًا على مستوي الجمهورية، و44 معهدًا حكوميًا، يمكن الاطلاع عليهم من خلال الموقع الرسمي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي وموقع المجلس الأعلي للجامعات.
انتشار مستمر
يقول الدكتور حسام عبدالفتاح، عميد كلية الهندسة جامعة القاهرة، انتشار ظاهرة الكيانات الوهمية يرجع لوجود مجموعة من أولياء الأمور يتم خداعها، وذلك نتيجة لتكالبهم على كليات بعينها مثل الهندسة او الطب او غيرها، ويرجع هذا الامر لعدم وجود وعي كافي واعتقاد منهم بأنهم سوف يحصلون على شهادة عليا قانونية ومصرح بها وهذا الامر غير صحيح، وكثرة الطلب علي مثل هذه الكيانات يجعل الظاهرة في انتشار مستمر.
ويضيف د.حسام ان المجموع الخاص بالطالب ليس هو السبب الرئيسي لمثل هذا التوجه، فالعملية عرض وطلب ولا يفرق مجموع الـ 60 أو 90% ولكن ما يهتم به مكتب التنسيق هو عدد الطلاب المشتركين في الدرجات، وعلى العكس اذا كان توزيع المجاميع من 60 الي 100% منظم يجعل هناك عدالة اكبر في التوزيع. علي سبيل المثال اذا كان المجموع محصوراً ما بين 95 و100% اصعب في التوزيع عن الأقل من 80 الي 100%.
يشير ايضا دكتور حسام الي ان المصروفات الدراسية لها دور كبير في لجوء أولياء الأمور لمثل هذه الكيانات خاصة اذا كانت تمنح الطالب الدرجة العلمية التي يبحث عنها، ومن المعروف على سبيل المثال التخصص الهندسي والذي اعلم كل تفاصيله جيدا، فهو مكلف ويحتاج لمعامل واعضاء هيئة تدريس لديهم الخبرة، والجامعات الحكومية والتي تدعمها الدولة تتكفل بجميع الاعباء المالية وعندما تفهمت الدولة الاقبال علي نوعيات معينة من التخصصات تم زيادة الاعداد في البرامج الدراسية التي يطلق عليها مميزة او خاصة مع مشاركة الطالب بجزء من التكلفة، بالنسبة للجامعات الخاصة فهي تقدم الخدمة بالسعر الفعلي لها مع وجود هامش من الربح، ومع كل هذه التكلفة تظهر مثل هذه الكيانات التعليمية الوهمية التي تدعي انها توفر تعليماً هندسياً أو أي تخصص بتكلفة أقل وهذا أمر غير صحيح.
ويوجه عميد كلية الهندسة جامعة القاهرة نصائح لأولياء الأمور والطلاب بضرورة تحري الدقة في اختيار الجهة التعليمية وذلك عن طريق صفحة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المعتمدة ومع كل تنسيق يتم نشر قائمة بالمعاهد والكليات المعتمدة، وللاعلام دور كبير في عملية التوعية ايضا.
كما ان الدولة تحتاج لتخصصات مختلفة فلا تقام الدول بتخصص واحد، ولا يوجد ما يسمي بكليات قمة ولكن يوجد طالب ناجح ومتفوق في تخصصه الذي يختاره وينجح ويبتكر فيه ويستطيع بذكائه جني الأموال.
تجارة الشهادات الجامعية
يقول الدكتور محمد أمين شريف، أستاذ الإدارة بجامعة القاهرة، تنقسم طرق التعليم الجامعي في العالم الي تعليم نظامي تقليدي يطبق في الجامعات الرسمية ويلزم الطلاب بالحضور في مقرات الجامعة، اما النوع الثاني وهو التعليم غير النظامي ويطلق عليه التعليم الافتراضي او التعليم الذاتي ويستخدم النظام الافتراضي مجموعه من الاساليب مثل التعليم الالكتروني والتعليم بالانتساب و المفتوح والتعليم عن بعد، ومع الانتشار الواسع للجامعات المعتمدة سواء حكومية او خاصة والتي تتبني هذه الطرق في التعليم الجامعي ظهرت في الاونة الاخيرة مجموعة من الجامعات والمؤسسات التعليمية الوهمية الاحتيالية الغير معتمدة التي تزود بمواقع الكترونية وهمية تقدم شهادات مزورة وبيعها باسعار زهيدة وبدات الظاهرة في الانتشار الواسع في دول العالم وتتوجه ببرامجها غير المعتمدة باللغه العربية لتسويقها وبيعها لابناء الدول العربيه ومنها مصر من خلال وسائل الانترنت والبريد الالكتروني ومكاتب التمثيل التي تروج لهذه النوعيه من الجامعات الوهميه بهدف تحقيق ارباح سريعة وغير مشروعه مما يترتب عليه من اثار سلبيه تهدد ثقافات وقيم المجتمع وتهز الثقه في الكيان التعليمي والدخل القومي في مصر ودول العالم.
الجامعات الاحتيالية
ويمكن بسهولة التعرف على هذه النوعية من الكيانات من خلال مجموعة المؤشرات التالية:
لجوء هذه الجامعات إلي أساليب وطرق إقناع جذابة ومختلفة الأمر الذي يدفع الطلاب إلي الانحراف إلي هذه الطرق الملتوية ودخول امتحانات وهمية والحصول على شهادات جامعية لا تتعدي أن تكون اوراق لا قيمة لها وهو مقتنع انها جهة أكاديمية معتمدة على خلاف الحقيقة.
-الحصول على الشهادات المقدمة من الجامعات الوهمية في وقت أقصر من الوقت الطبيعي الذي من المفترض أن يتم خلال إنجاز البرنامج.
- منح شهاداتها بناء على سجل خبرات الفرد في الحياة أو خبرته في مجال عمل معين مقابل دفع مبلغ معين.
- لا تشير الشهادات الممنوحة من الجماعات الوهمية إلي طريقة التعلم سواء عن بعد أو إلكتروني واسلوب الدراسة
المتبع.
- يعتمد سعر محدد لكامل البرنامج دون تفصيل بخلاف الجامعات المعتمدة التي تحدد الرسوم بناءا علي ساعات دراسية.
- تمنح الجامعات الوهميه شهادات شرفية بدون مقابل لشخصيات هامة في المجتمع لايهام المجتمع بشرعيتها.
تقدم معلومات وعناوين مبهمة وهمية وتطلب تحويل رسوم التسجيل الي حسابات اشخاص طبيعين وليس لحسابات مؤسسيه. وتعتمد على مكاتب تمثيل منتشره في دول العالم للترويج لها للهروب من المسؤلية القانونية باعتبارها ليست فرع للجامعة ولكن مكتب تمثيل.
تضع صوراً لنماذج شهادات وهمية انيقة وجذابة وتصدر كشوف درجات غير واضحة ولا يمكن التصديق عليها من الهيئات ووزارات التعليم العالي واجراء الامتحانات بطرق غامضة وتخفي وراء احدي انشتطتها المشروعة نشاط آخر غير مشروع.
تلجأ الى تغيير مسماها بشكل متكرر ومن فترة لاخرى للتهرب من السمعة السيئة التى تكون قد خلقت عن الاسم القديم وتقدم عروض ترويجية جذابة يشعر امامها الطالب انه امام جامعة معتمدة، وتستخدم اسماء مشابهة لجامعات معتمدة ذات سمعة فى مجال التعليم وتعتمد على نظام تقييم الابحاث المزورة وليس التقييم القائم على الامتحانات فى مقرات الجامعة.
اترك تعليق