أصبحت حوادث إطلاق النار الجماعي كابوسا متكررا يقض مضاجع الأمريكيين، بلغت تلك الحوادث مستوي غير مسبوق خلال شهر يناير الجاري.
منذ بداية العام الجاري 2023، شهدت الولايات المتحدة 38 حادث إطلاق نار جماعي، أدت إلي سقوط 195 ضحية، بينهم 63 قتيلا و132 مصابًا آخرين، وذلك وفق أحدث إحصائية بعد مقتل سبعة أشخاص في حادثي إطلاق نار، صباح الثلاثاء، في مزرعة وشركة نقل بالشاحنات في منطقة ساحلية جنوب سان فرانسيسكو، بولاية كاليفورنيا.
وذكر موقع "أرشيف العنف المسلح"، المتخصص في حصر الهجمات المسلحة وحوادث العنف المسلح في الولايات المتحدة، إن حادث إطلاق النار الذي وقع في قاعة رقص بلوس أنجلوس جنوب ولاية كاليفورنيا، السبت الماضي، وأسفر عن مقتل 10 أشخاص وإصابة 10 آخرين، هو أكبر واقعة إطلاق نار شهدتها البلاد منذ منتصف نوفمبر الماضي، عندما وقع هجوم في كولورادو، وراح ضحيته 5 أشخاص، وكذلك هجوم "والمارت" في فرجينيا والذي خلف 6 ضحايا.
قال الموقع إنه منذ بداية العام الحالي، تشهد الولايات المتحدة يوميًا حوادث إطلاق نار تتسبب في سقوط عدة ضحايا، وبالتحديد هناك 38 حادث إطلاق نار جماعي حتي الآن هذا العام في الولايات المتحدة، من بينها 21 واقعة أسفرت عن مصرع شخص واحد علي الأقل.
أضاف الموقع إن اثنين من أكثر حوادث إطلاق النار دموية لم تحدث في أماكن عامة، لكن تم خلالها استهداف أشخاص داخل منازلهم.. حيث قُتل 6 أشخاص بينهم طفل ووالدته رميًا بالرصاص في منزل بوسط كاليفورنيا في 16 يناير الجاري.
وفي وقت مبكر من أمس الأحد 22 يناير، أصيب 12 شخصًا بجروح إثر إطلاق ناري في ملهي ليلي في باتون روج، عاصمة ولاية لويزيانا جنوب الولايات المتحدة.
وصفت صحيفة "نيويوركر" الأمريكية تفاقم حوادث إطلاق النار في الولايات المتحدة بالوباء الذي لا ينتهي أبدا، وذكرت الصحيفة أنه على الرغم من أن شهر يناير لم ينته بعد، ولا يزال هناك نحو أسبوع، إلا أن الولايات المتحدة شهدت في هذا الشهر 38 إطلاق نار جماعي.
وقعت تلك الحوادث في أنحاء مختلفة بأمريكا. في 17 ولاية مختلفة ومقاطعة كولومبيا، وذكرت "نيويوركر" إن الإحصاءات الخاصة بموقع ¢أرشيف العنف المسلح" تظهر أن حوادث إطلاق النار الجماعية تحدث بتفاوتات عديدة، بما في ذلك عنف العصابات والعنف الأسري والهجمات العشوائية التي يقوم بها أشخاص مضطربين، والهجمات على زملاء العمل والإرهاب المحلي، والذي يعرفه مكتب التحقيقات الفيدرالية "إف بي أي" بأنه أفعال عنيفة إجرامية يرتكبها أفراد أو جماعات من أجل تعزيز أهداف عقائدية نابعة من التأثيرات المحلية سواء كانت ذات طبيعة سياسية أو دينية أو اجتماعية أو عنصرية أو بيئية.
كما أن الجناة والضحايا في تلك الحوادث تتفاوت أعمارهم وأعراقهم وخلفياتهم الاجتماعية، ومن ثم لا يمكن تحديد دافع مشترك أو تفسير نفسي محدد لمثل هذه الظاهرة متحددة الأوجه.
لكن مثلما قال المعلق بشبكة "سي. إن. إن" أندرو مكابي، والذي عمل نائبا لمدير "إف بي أي" من قبل، فإن هناك أمرا واحد يربط الكثير من حوادث إطلاق النار الأشد دموية معا. وهو إتاحة الأسلحة الأشد فتكا مثل المسدسات شبه الآلية التي تقول الشرطة إنه تم استخدامها في مذبحة مونتيري بارك.
ويعرف جهاز "خدمة أبحاث الكونجرس" إطلاق النار الجماعي بأنه حادث قتل متعدد أدي إلي مقتل أربعة أو أكثر من الضحايا بأسلحة نارية في حدث واحد. وفي موقع واحد أو أكثر علي مقربة.
وتنفذ السلطات الأمريكية حملات اعتقالات سنوية، تطال العشرات ممن يحاولون إحضار أسلحة إلي بعض المناطق الحساسة بالولايات المتحدة.
وكان الكونجرس قد أقر حظرا لمدة 10 سنوات على البنادق الهجومية وبعض مخازن الذخائر العالية السعة عام 1994، غير أن المشرعين لم يجددوه عندما انتهت مدة سريانه في عام 2004. ومنذ ذلك الحين ارتفعت مبيعات تلك الأسلحة.
وبعد مجزرة يوفالدي بتكساس في مايو الماضي، حين أطلق مسلح النار في مدرسة وقتل 20 تلميذًا، ناشد الرئيس الأمريكي "جو بايدن" المشرعين بحظر البنادق الهجومية مرة أخري، أو على الأقل رفع الحد الأدني للسن المطلوب لشرائها من 18 إلي 21 عامًا.
وفي يونيو الماضي، وقع "بايدن" على مشروع قانون يقيد حيازة السلاح في الولايات المتحدة، بعد أن حظي بدرجة كبيرة من الدعم من قِبل الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونجرس.
وضع القانون ضوابط أشدّ صرامة فيما يتعلق بالمشترين الشُبّان للأسلحة، فضلًا عن المزيد من التمويل لمصلحة برامج الصحة النفسية وتأمين المدارس، ويتضمن التشريع بنودًا تساعد الولايات في حظر حيازة السلاح على الأشخاص الذين يمكن اعتبار أنهم يمثلون خطرًا على أنفسهم أو علي الآخرين، كما يحظر القانون بيع السلاح للمدانين في حوادث عنف منزلي.
لكن بيد أن هذا القانون فشل في الحد من حوادث إطلاق النار الجماعي في الولايات المتحدة، التي تشير التقديرات إلي وجود ما لا يقل عن 393 مليون سلاح ناري هناك.
اترك تعليق