تبذل مصر جهودا كبيرة لإعادة الاهتمام بزراعة القطن باعتباره مصدرا للعملة الصعبة وأساسا للعديد من الصناعات النسيجية والغذائية، وذلك من خلال استنباط أصناف جديدة منه، فضلا عن توعية الفلاحين بالطرق والمواعيد المناسبة لزراعته وفقا للبيئة التي سيزرع فيها، إلي جانب تحديد سعر التوريد قبل الزراعة.. وكذا تسويق المحصول مما يشجع الفلاحين في الإقبال على زراعته.
أكد الدكتور إبراهيم حسيني درويش وكيل كلية الزراعة لشئون البيئة وتنمية المجتمع - جامعة المنوفية، أن للقطن المصري أو ما يسمي "الذهب الأبيض" أهمية اقتصادية كبري وهو محصول تصنيعي يتميز عن غيره من الأقطان بالجودة العالية، وطول التيلة ويتمتع بسمعة عالمية وهو يزرع كمحصول ألياف بذري كهدف رئيسي وبعد عملية الحلج "أي فصل شعرة القطن عن البذرة" يتم استخلاص الزيت من البذور كمنتج ثانوي.. لافتا إلي أنه كان يتم الاعتماد على زيت بذرة القطن في سد احتياجات مصر من الزيوت عندما كانت مساحات القطن تزرع بمساحات كبيرة تتعدي المليون فدان وكان عدد سكان الدولة المصرية قليلا. وبالتالي فإن إعادة الاهتمام بزراعة القطن يساهم في تخفيف فاتورة استيراد الزيوت من الخارج والتي يتم استيراد أكثر من 95% من احتياجاتنا.
بالإضافة إلي أن المتبقي من البذور بعد استخلاص الزيت منها يتم استخدامها في صناعة الأعلاف المركزة، ومعلوم أيضا أن هناك نقصا في المواد الخام العلفية، مؤكداً أن هناك جهودا كبيرة تبذلها الدولة المصرية لزيادة مساحة زراعة القطن للعودة إلي دوره القديم كمصدر رئيسي للعملة الأجنبية وأساس لعدة صناعات نسيجية وغذائية حيوية في البلاد خاصة بعد إنتاج أصناف جديدة ذات إنتاجية عالية، كما أن تدخل الدولة في تسويق محصول القطن مما يساعد في تشجيع المزارعين على الإقبال على زراعته ويعتبر التسويق وتحديد سعر مناسب للقنطار قبل الزراعة من أهم العوامل المحددة لإقبال المزارعين على زراعته، نظرا لارتفاع تكلفة إنتاجه.
أوضح الدكتور درويش أن مساحة القطن التي تم زراعتها في الموسم الماضي 2022، بلغت 330 ألف فدان بمتوسط إنتاج من 6 إلي 10 قناطير زهر للفدان و20% من إنتاج شعر القطن يستعمل محليا، فيما يصدر 80 % لدول مثل انجلترا وهي الأعلي استهلاكا للقطن المصري، ثم فرنسا وألمانيا واليابان وغيرها.. مشيرا إلي أن المحافظات التي تشتهر بزراعة القطن هي: كفر الشيخ والدقهلية والشرقيةو الإسماعيلية والغربية وتحديدا بمركز المحلة وبورسعيد والبحيرة والمنوفية والإسكندرية والقليوبية والفيوم وبني سويف وأسيوط وسوهاج.
أضاف وكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية أن أهم التوصيات الفنية لزراعة القطن تتمثل في قيام المزارع الذي يرغب في زراعة القطن بتحديد المساحة التي سيزرعها ويقوم بزراعتها برسيم تحريش، وذلك لتحسين خواص التربة ورفع درجة خصوبتها، لأن محصول البرسيم محصول بقولي، ثم في شهر فبراير يقوم بتجهيز الأرض للزراعة وإزالة بقايا المحصول السابق من الأرض مبكرا.. ثم حرث الأرض ثلاث مرات متعامدة مع تشميس الأرض بين كل حرثة وأخري حتي تجف ويتم التخلص من الآفات الضارة والحشرات، ويفضل في الأراضي الطينية أو الطميية، وبالنسبة لطريقة الزراعة يجب أن يكون عرض المصطبة من 120 إلي 130سم، والزراعة من خطين إلي 3 خطوط على ظهر كل مصطبة.. حيث أن الزراعة علي مصاطب توفر قُرابة 30% من احتياجاته لمياه الري وهذا مهم جدا في ظل محدودية الموارد المائية المصرية، علاوة على إتاحة فُرصة أكبر لقيام النباتات بالبناء الضوئي بشكل جيد، وتقليل نمو الحشائش والأمراض، مع الوضع في الاعتبار أن طريقة المصاطب لا تفضل في الأراضي ذات التربة الملحية والجيرية.. و يعتبر أنسب الفترات لبدء الزراعة، من منتصف شهر مارس إلي منتصف أبريل، وذلك بمحافظات الوجه القبلي، فيما تتغير هذه المواعيد نسبيًا بالنسبة لمحافظات الوجه البحري والتي تبدأ من نهاية مارس حتي مُنتصف مايو وعامة يتم تجهيز الأرض للزراعة خلال فبراير وأوائل مارس.. ويمكن زراعته بعد حصاد المحاصيل الشتوية مثل: القمح والبرسيم ثم يُجمع المحصول في سبتمبر أو أكتوبر و يمكن أن يمكث في الأرض نحو خمسة أشهر، ويرجع سبب خفض فترة الزراعة إلي استنباط معهد بحوث القطن أصنافا جديدة من القطن يمكنها زيادة فرص زراعة هذا المحصول الاستراتيجي.
أشار د.درويش إلي أن هناك العديد من أصناف القطن والتي يتم توزيعها وفقا لدرجات الحرارة والظروف المناخية والتي تنعكس على إنتاجية المحصول وجودة الليفة، وأهم أصناف القطن هي صنف جيزة 97 الذي يتم زراعته في محافظة المنوفية، وكذا القليوبية والغربية ماعدا مركز المحلة والإسكندرية يتم زراعة صنف جيزة 96. ويزرع صنف جيزة 94.. في كفر الشيخ في مركزي فوة ومطوبس، ويتركز زراعته في محافظتي كفر الشيخ والدقهلية، وصنف جيزة 86 يتم زراعته في البحيرة، وصنف جيزة 92 يُزرع في محافظة دمياط. أما أصناف جيزة 93. 45. 87 يتم زراعتهم بتعاقدات خاصة، وصنف جيزة 95 يتربع على عرش الزراعة في وجه قبلي من الفيوم وحتي نهاية الصعيد.. وهناك صنف جيزة 98 تحت التسجيل و سيتم زراعته في محافظتي سوهاج وأسيوط.
أوضح وكيل كلية الزراعة، أن الأصناف المنزرعة في الوجه القبلي تتميز بقدرتها على تحمل درجات الحرارة المرتفعة، وهي قصيرة العمر.. حيث تتراوح بين 150 إلي 160 يوما، وقصيرة الحجم وبالتالي يتخللها أشعة الشمس، ومنحني التزهير ضيق، كما أن 70% من اللوز يتفتح في عملية الجني الأولي، وبعد 10 أيام تتم الجنية الثانية.
أضاف الدكتور حمدي المرزوقي، وكيل وزارة الزراعة بالمنوفية الأسبق والأستاذ المتفرغ بمركز البحوث الزراعية، أنه طبقا للسياسة الصنفية منذ فترة ليست بالقصيرة بدأ التناقص الشديد في مساحة القطن المصري، بعد أن كانت مصر تحتل المكانة الأولي في إنتاج الأقطان الطويلة والفائقة الطول.. إلا أنه تم تغيير آلات الغزل والنسيج لتصبح صالحة لاستخدام الأقطان قصيرة التيلة والتي لا نزرعها في بلادنا بل نستوردها من الخارج حيث تزرع مصر الأقطان طويلة التيلة والتي لا تستطيع بيعها نظرا لوجود منافسين لها في إنتاج الأقطان طويلة التيلة.
قال "المرزوقي": كنا نزرع أكثر من 2 مليون فدان من القطن المصري ذي السمعة العالمية العالية وحاليا وفي السنوات الأخيرة قد تصل المساحة إلي أقل من 100 ألف فدان.. وتختلف لدي الفلاحين.. حيث لا تجد من يشتريها.. ونستورد الأقطان قصيرة التيلة التي تحتاج إليها مصانعنا حاليا ولا نزرعها.. لافتا إلي أنه يجب تطبيق الدراسات العلمية التي يقوم بها الأساتذة المتخصصون في مجال زراعة القطن، والاستفادة من أكبر المعاهد البحثية التابع لمركز البحوث الزراعية والذي تمتلكه مصر وهو "معهد بحوث القطن".
من جانبه قال المهندس محمد التركاوي وكيل وزارة الزراعة بالمنوفية، إنه في إطار الجهود المبذولة من الوزارة للنهوض بالمحاصيل الاستراتيجية، أنه تم توريد محصول القطن صنف "جيزة 97" حتي الأسبوع الماضي بإجمالي "14173" كيسا بمركز التجميع بالرمالي و أبنهس ودمهوج مركز قويسنا، وجنزور مركز بركة السبع، كما تم توريد محصول القطن التجاري صنف "جيزة 97" بإجمالي "1835" كيسا بمركز تجميع بندر تلا.. مشددا بضرورة الاهتمام بهذه المحاصيل لأهميتها الاستراتيجية.
أوضح "التركاوي" أن المساحة المنزرعة بالقطن هذا الموسم على مستوى المحافظة بلغت 3482 فدانا و12 قيراطا.
اترك تعليق