الغزواني:  تحصين عقول الأفراد ووجدان الجماعات ضد العنف
البخاري:  ضرورة تفعيل توصيات  الملتقى الثاني
بن بيّه: البشرية جمعاء مدعوة للدخول في السلم كافة 
تتواصل فعاليات "المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم" في ملتقاه السنوي الثالث؛ برئاسة معالي الشيخ عبد الله بن بيه بالعاصمة الموريتانية نواكشوط..
وذلك بمشاركة مخلصة من خمسة رؤساء، ثلاثة في الحضور الشخصي، هم: السيد محمد ولد الشيخ الغزواني رئيس الجمهورية الموريتانية الإسلامية الذي افتتح الفعاليات، وواصل رعايته للمؤتمر منذ انطلاقته الأولى، ومحمد بخاري رئيس نيجيريا الاتحادية، وبول كاغامي رئيس راوندا، ومحمد بازوم رئيس النيجر، الذي شارك شخصياً في الملتقى الثاني، وتأتي مشاركته هذه الدورة (برسالة فيديو) ، فضلا عن عمر إيسيكو رئيس غينيا بيساو، ممثلا بـ سواريس صمبو نائب رئيس الوزراء. إلى جانب عدد كبير من الفاعلين وصناع القرار على مستوى العلماء والمفكرين ومنظمات المجتمع المدني والقادة الشباب، زاد عددهم عن خمسمائة شخصية.
وافتتح محمد ولد الشيخ الغزواني فعاليات الملتقى السنوي الثالث للمؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم في قصر المؤتمرات – المرابطون -  في نواكشوط، وسط حضور رسمي وشعبي، إفريقي ودولي كبير زاد  عن ألف شخصية فيما يختتم المؤتمر 19 يناير
    
                                (عناصر للتباحث)
وفي كلمته أكد الشيخ عبدالله بن بيه على بعض العناصر المطروحة للتباحث حولها خلال أيام المؤتمر وهي:
1-     الدخول في السلم-واجب الوقت، والطريق إلى السلم الذي يتم العمل عليه على مستويين رئيسين:
مستوى التوعية والتنبيه بأولوية السلم وضرورة حقن الدماء، ومستوى المبادرات الرامية إلى حل المعضلات ومعالجة الاشكالات المسببة لعدم استقرار الأوطان سواء الفكرية منها أو السياسية.
فعلى المستوى الأول، تقوم المؤتمرات السنوية والندوات المتكررة والتغطية الإعلامية بدور التحسيس والتذكير بهذا الموضوع والتنبيه إليه، وعلى المستوى الثاني، يتم العمل على حوارات ثلاثية الأبعاد: 
1-    حوارات متعلقة بالدين والمفاهيم الدينية (الفهم الخاطئ للجهاد، والولاء والبراء، وظاهرة التكفير).
2-    حوارات متعلقة بالمشاركة السياسية (المفاوضات والمصالحات).
3-    حوارات متعلقة بالتنمية (كيف تقام مشروعات تنموية).
   وتطرق معاليه إلى أهمية تصحيح المفاهيم وترسيخها وإزالة وتوضيح أي التباس أو شُبه يثيرها دعاة العنف والتطرف. ومن أهم أسباب الالتباس، فك الارتباط بين خطاب التكليف وخطاب الوضع، حيث إن الأحكام الشرعية التكليفية – الوجوب والندب والحرمة والكراهة والجواز – محاطة بخطاب الوضع: الأسباب والشروط والموانع.
ومن مجموع خطابي التكليف والوضع يتشكل المفهوم الصحيح: فإذا فككنا الارتباط بين الأوامر والنواهي، وبين الشروط توفراً والأسباب وجوداً والموانع انتفاءً كانت الأحكام لاغية ومُخالفة للشرع، وبعبارة أوضح فك العلاقة بين تطبيق الأحكام وبين مقتضيات المكان والزمان ومآلات المصالح والمفاسد.
وأكد الشيخ عبدالله بن بيه على ضرورة رسم خارطة طريق لجغرافيا الأزمات، التي تستدعي الوساطات والحوار لتعزيز المصالحات على بساط التنمية.
مؤكداً ضرورة إسهام الفاعلين من أهل الحل والعقد في تعزيز السلم والأمن؛ من خلال مبادرات بناء الجسور وفتح باب الحوار بين أطراف النزاعات المشتعلة. مشدداً على ضرورة رفد الجهد الفكري بجهود تنموية تقوم بها الحكومات. داعياً الدول الكبرى الصديقة لأفريقيا والمنظمات الدولية المعنية بها إلى دعم جهود السلم والتنمية في القارة.
وقال الشيخ ابن بيه أنّ البشرية جمعاء مدعوة اليوم إلى الدخول في السلم كافة، لا باعتباره ممكنًا، بل باعتباره أمراً لا بد منه، فالسّلام هو النهج وهو الغاية. وعلى العلماء الدعوة إلى ايقاف الحروب وتغليب منطق المصالحة. ملاحظاً في هذا السياق؛ اتفاق السلام بين الحكومة الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، الذي يجدد الأمل بأن فرص السلام موجودة دائماً؛ إذا توفرت النوايا الحسنة والجهود المخلصة، راجين أن يكون هذا نموذجاً يحتذى في المصالحات التي ننشد في القارة الافريقية.
                                (كلمة الغزواني)
وكان الرئيس الغزواني قد أكد في كلمة الافتتاح أن انعقاد النسخة الثالثة من المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم، تحت شعار: "ادخلوا في السلم كافة"، تأكيد على أحد أهم شروط الاستدامة في الأمن والسلام، وهو الشمول؛ إذ لا أمن مستدام لأحد إلا في ظل أمن الجميع. داعياً إلى رص الصفوف والتصدي للعنف، في مختلف أشكاله وآثاره المروعة، ليس أمنيا واقتصاديا، فحسب، وإنما كذلك، وفي المقام الأول، فكريا وثقافيا.
   
وقال الرئيس الغزواني إن الدفاع عن السلام، والأمن والاستقرار، لا يكون ناجعا وفعالا إلا بتحصين عقول الأفراد ووجدان المجتمعات. وهو ما يتطلب عملا دؤوبا على ترسيخ قيم التسامح، والانفتاح، والعدل، والتآخي، التي هي أساس ديننا الإسلامي الحنيف وجوهر كل الديانات السماوية، كما يستوجب منا، كذلك، ترسيخ ثقافة أولوية السلم، والأمن عموما من حيث هو شرط أساس في إمكان التطور والازدهار.
                       (النهوض بالتسامح مشروع جليل) 
كما تحدث في الافتتاح فخامة السيد محمدو بخاري رئيس جمهورية نيجيريا الاتحادية وأكد على ضرورة مواصلة تفعيل التوصيات التي خرج بها الملتقى الثاني للمؤتمر الإفريقي، لا سيما أن الشعار في الدورة الثالثة هو "ادخلوا في السلم كافة" امتثالاً للأمر الإلهي، فهو يسلط الضوء على ضرورة العمل لمشترك لتحقيق النماء والرخاء في القارة. وهو ما يعمل عليه المؤتمر الإفريقي برئاسة معالي الشيخ عبدالله بن بيه. ما يستدعي تجديد الشكر والتقدير على الجهد الذي يقوم به؛ فالفضل يعود لسماحته. ذلك لأن النهوض بالتسامح والتصحيح وتفكيك خطاب الإرهاب، إنما هو مشروع جليل ويستحق ما يبذل له من جهد.
وأشار البخاري إلى ما تقوم به "بوكو حرام" من إجرام وتوحش صار يهدد استقرار بلدانٍ عدة. وأصبحت الحياة شبه مشلولة في مناطق كثيرة في مختلف أحاء القارة؛ إذ لا مدارس مفتوحة ولا سبل للحياة بأبسط مستوياتها. وهو ما قاومناه بقوة وثبات، وعملنا على التنمية بموازة ذلك.
                              كلمة كاغامي
  كذلك تحدث بول كاغامي رئيس راوندا. مؤكدا الحاجة إلى السلم كشرط لاغنى عنه للتنمية و التقدم. مشدداً على أهمية ما يقوم به المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم؛ باعتباره أول مشروع يتصف بالكمال والشمولية من حيث المقاربات، وإمكانية خلق المواءمات على طريق التسويات والمصالحات. فهو جهد نظري مشكور يستحق الدعم والاهتمام على كل المستويات النخبوية في القارة. وختم استعداد للتعاون مع كل المبارات التي يقدمها المؤتمر في إطار ثقافة الحوار والتعايس والتسامح.
                        ( وقف جميع الحروب)
وفي حديثه دعا معالي محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري، إلى وقف جميع الحروب القائمة التي طالت تبعاتها العالم كله، كما دعا إلى إحلال لغة الحوار محل آلات الحرب والقتال، والإيمان بالتنوع وقبول الآخر وترسخ أسس العيش المشترك وحق المواطنة. مؤكداً أنه من دون سلام لا أمن ولا أمان ولا تنمية.
   
وقال جمعة إن النبي (صلى الله عليه وسلم) وجَّه حديثه إلى الناس جميعاً: "أيها الناس أفشوا السلام"، ففضلًا عن تضمن الحديث ثلاثة أمور إنسانية في مقابل نافلة تعبدية، فإنه قد قدَّم إفشاء السلام على إطعام الطعام وصلة الأرحام والصلاة بالليل والناس نيام، تأكيدًا على أهمية السلام في حياتنا، فمن دون سلام وأمن وأمان لا مجال لإطعام طعام أو صلاة قيام أو صلة رحم.
                 (  بازوم والاستثمار في التعليم)
  أما فخامة محمد بازوم رئيس النيجر فقال: إن النيجر تعاني من العنف الإرهابي؛ منذ سنوات وأن حكومته تواجه هذا البلاء بأسباب تجمع فيها ما بين الوسائل الأمنية والسلمية، فالشق الأول ينهض بها الجيش، الثاني تقوم بها الحكومة؛ على أساس مبدأ الحوار، فهو الوسيلة الأكثر فاعلية لوقف الحروب. ولاحظ أنه صار بالإمكان تحقيق تقدم حقيقي على طريق السلام، وبخاصة عندما يؤسس المؤتمر الإفريقي هذا الأساس النظري بقيادة أحد أبرز علماء المسلمين في اللحظة الراهنة هو سماحة العلامة الشيخ عبدالله بن بيه. 
  وتطرق مازوم إلى ضرورة الاستثمار في التربية والتعليم؛ بقدر أكبر مما هو قائم الآن؛ باعتبار أن تسليح الشباب بالمعارف والمهارات، هو الوسيلة لحملهم إلى المستقبل، بدل الانضواء في أطر العنف والإرهاب.
  
                         ( صمبو متسائلأ)
وبدوره تحدث سواريس صمبو نائب رئيس وزراء غينيا بيساو بالنيابة عن رئيس الدولة عمر أسيسكو قائلا: إن هذا المنتدى يؤكد لا محالة على القيم الدينية في مواجهة المتطرفين وكل أشكال العنف الديني. مشدداً على ضرورة تنزيل توصيات المؤتمر الإفريقي على البيئات الاجتماعية؛ لما تشكله من وسيلة للسلامة والأمن والاستقرار على طريق الازدهار. 
 وأضاف صمبو أنه لابد من العمل على الموضوعات التي تضمنتها محاور المؤتمر الإفريقي، فهي الحل الوحيد، ويجب أن يكون البحث عن السلم هو عمل جماعي تشترك به مختلف النخب الإفريقية الفاعلة، كما ينص على ذلك خطاب الشيخ الجليل عبدالله بن بيه. متسائلا كيف نقوم بتطوير وتعزي السلم؟ كيف ننهي أتون الحروب؟ كيف أن نعزز دور الحكومات في مواجهة التطرف والعنف في سياق التنمية. بما في ذلك أدراج الشباب والنساء ومؤسسات المجتمع المدني الذين يشكلون "بهارات وجبة" السلم المنشود. معتبراً أن ما يقوم به المؤتمر هو تسميد وتخصيب الأرض من أجل تحقيق السلم، وأننا لسوف نجني ثماره قريباً بإذن الله.
                          (كلمة سفير الحريات)
فيما عرض رشاد حسين سفير الحريات الدينية بوزارة الخارجية الأمريكية  الأجندة الأميركية لمساعدة إفريقيا، مؤكداً أن أول دفعة بقيمة 54 مليون دولار، إنما هي تندرج في إطار ما سماه الشيخ عبدالله بن بيه، رفد الجهد الفكري بجهود عملية، حيث دعا الدول الكبرى إلى تقديم مساعدات تدعم الجهود التنموية في القارة. وطالب حسين بإنصاف المرأة وضرورة العمل على رفع القيود عنها؛ باعتبارها ركناً مهماً من أركان العملية السلمية، وختم بنق تحيات الرئيس بايدن ووزير الخارجية بلينكن إلى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني والحكومة الموريتانية.
                              (كلمة كاغامي)
كذلك تحدث بول كاغامي رئيس راوندا مؤكداً أهمية ما يقوم به المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم؛ باعتباره أول مشروع يتصف بالكمال والشمولية من حيث المقاربات، وإمكانية خلق المواءمات على طريق التسويات والمصالحات. فهو جهد نظري مشكور يستحق الدعم والاهتمام على كل المستويات النخبوية في القارة. وختم استعداد للتعاون مع كل المبارات التي يقدمها المؤتمر في إطار ثقافة الحوار والتعايس والتسامح.
اترك تعليق