مع بداية كل عام دراسي تظهر مشكلة أزلية تتلخص في سؤال محدد وهو: إيهما أفضل للمذاكرة مع الابناء.. الأم أم الأب؟ . والرد علي هذا السؤال كما يوضحه الخبراء يؤكد أن الأم هي الأكثر صبرا وتحملا وقدرة علي التحمل من الاب فيما يتعلق بمذاكرة الابناء. فالأب باله قصير ويستخدم اسلوب التعنيف وربما الضرب مما يؤثر نفسيا علي الابناء الذين يكرهون مذاكرة الاباء معهم . كما يؤثر سلبيا علي الام التي تري ان اسلوب الاب ينفر الأبناء من المذاكرة وربما يحعلهم يكرهون التعليم برمته.
الخبراء قالوا إن هناك معتقدات خاطئة لدي الكثير من الاباء وهي ان الام هي المسئولة عن تربية الابناء ومتابعتهم تعليميا لان الاباء مشغولون في العمل طوال اليوم لتوفير المال اللازم لتلبية احتياجات الاسرة . ولكن ماذا يقول الآباء اذا كانت الزوجة ليست ست بيت ولكن امرأة عاملة أيضاً؟
د.رشاد عبد اللطيف "استاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة": يقول تقع المسئولية الاكبر في متابعة المذاكره للابناء والاشراف علي تحصيلهم العلمي والدراسي علي الأم سواء أكانت ربه منزل او امرأة عاملة لانشغال الأب بالعمل خارج المنزل لفترات طويلة وفي اغلب الاحيان يتغيب الاب عن المنزل لايام طويلة ويترك العبء الأكبر في المتابعه والاستذكار للابناء علي الام وللاسف يؤثر هذا علي الابناء خاصة اذا كانوا صغاراً وفي مرحلة رياض الاطفال او المرحلة الابتدائية فان الاب يترك المسئوليه علي الام وفي النهاية يتهمها بالتقصير او الاهمال رغم انه لا يتحمل معها شيئا.
الأبناء يفضلون الأم
أضاف إن الابناء لا يفضلون المذاكره مع الاباء لان معظمهم يستخدمون أسلوب الترهيب او الضرب مما يؤثر علي درجه استيعاب الطفل وفهمه ويخشون من رد فعل الاب في حالة عدم الاجابة علي الاسئلة في الدرس. لذلك تتولي الأم هذه المسئولية وحدها لحماية الابناء من نفاد صبر الاب.
أشار إلي أن الأم أصبحت عليها المسئولية كاملة في الدراسة وفي اعباء التربية الصحيحة وحماية ابنائها من المؤثرات الخارجية التي تؤثر عليهم نفسياً وتربويا واجتماعيا وكل هذا تتحمله الام وحدها في غياب متعمد من الاب الذي لابد أن يعي أنه لابد أن يكون له دور فعال ومؤثر في عملية المتابعة والتحصيل الدراسي خاصة ايام الاجازات و العطلات الرسمية ولكن معظمهم يجلسون في المنزل ويتصيدون الأخطاء سواء للأم او للأبناء لذلك فإن الأم والابناء يكرهون تواجد الاب في المنزل لانه في ذلك الوقت يكون تواجده عبئاً كبيراً عليهم مما يجعلهم يتمنون انتهاء الاجازة سريعاً حتي يعود الاب لعمله للهروب من اتباع أساليب الأمر والنهي أثناء وجوده بالمنزل.
مهمة مشتركة
أوضح د. رشاد أن ازمة عزوف الآباء عن الجلوس مع ابنائهم للمذاكرة امر صعب فلابد ان يتابع الاب مستوي الابناء دراسيا وان يحثهم علي التفوق الدراسي والتشجيع الدائم علي التحصيل الجيد وان يمنحهم طاقة ايجابية تجعلهم يحققون اعلي الدرجات بالاضافة الي انه عليه عدم القاء المسئولية علي الام فقط. فالتعاون فيما بينهما والاشتراك معا في المسئوليه أهم ما تتميز به الأسر الناجحة وفي النهاية يصب ذلك في مصلحه الابناء. فهذا هو الدور الاساسي الذي يقوم به الوالدان مع الابناء فالمذاكره للابناء ينبغي ان تكون مهمه مشتركه ولكن نجد بعض الاباء لا يعرفون عن الابناء شيئاً و للاسف يلقون باللوم والتوبيخ علي الام إذا كان أحدهم قليل الاستيعاب ولكن الآم في ظل تحملها عبء المسئولية في التربية والمتابعة الدراسية معا وسط انشغال الاب خارج المنزل نجدها تتميز بالعطاء والحكمة الجيدة وطول البال التي تجعل علاقتها مع الابناء تسير بشكل جيد فهم يتعلقون بها ويستجيبون لكل ما تقوله لهم مما يؤثر بالإيجاب عليهم وعلي مستقبلهم بشكل كبير.
صبر وطول بال
د. سيد عفيفي "استاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة" يقول المذاكرة مع الابناء شيء متعب جدا ومسئولية كبيرة تحتاج إلي صبر وبال طويل لذلك يقع في أغلب الأوقات عبء المذاكره مع الابناء علي الام فأغلب الاباء يتجاهلون متابعة الابناء دراسياً ويتركونهم ثم يلقون هذه المهمة الثقيلة علي الام بمفردها بالاضافة الي تحمل الأعباء الأخري مثل أعمال المنزل ومتطلبات وتربية الابناء والسهر ايام الامتحانات للمذاكرة والمراجعة والاعتناء بهم وقت مرضهم بالاضافة الي مسئولية العمل إذا كانت امرأة عاملة. فالأم ليست وزارة وحدها "للتربية" و"التعليم".
أضاف إن الأم تتحمل الابناء من المهد حتي انتهاء دراستهم الجامعية لأن الله عز وجل منحها قدرة علي التحمل والصبر والقوة مقارنة بالرجل بالاضافه الي ان الاب أيضا يقع علي عاتقه مسئولية تحمل الأعباء المادية وضغوط العمل فمنهم من يعمل في أكثر من وظيفة يوميا حتي يستطيع تلبية طلبات الابناء ومتطلبات الحياة وسط الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها الأسر المصرية ولكن ليس معني ذلك أن يترك الاباء المسئولية الكامله للامهات ولكن لابد أن يشاركوا ولو بجزء بسيط في متابعة الابناء والعمل علي حل مشكلاتهم سواء في النادي أو المدرسة لأن هذا سيترك اثراً إيجابياً جيدا في نفوس الابناء.
ارهاق نفسي وبدني
أشار إلي أن المشاركه في المذاكرة للأبناء أمر طبيعي يساعد في دعم نجاحهم ودفعهم للأمام دون أن يترك الاب كل ما يخص الابناء للام وحدها التي تتابع وتوجه وتساعد في الاستذكار ومتابعتهم في المدرسة فالمسئولية مشتركة وليست مقصورة علي طرف واحد فقط ولكن في بعض الأحيان يغيب الاب عن المنزل لفترة طويلة ولا يستطيع متابعة الابناء بشكل دوري نظرا لظروف عمله الصعبة وهناك بعضهم يتهرب من المذاكره مع الابناء كنوع من الهروب من تحمل المسئولية فلابد أن يتحد الأم والأب في المسئولية تجاه الابناء دون نزاع أو تذمر ولا يترك الأزواج الزوجة وحدها للقيام بهذه المهمة الثقيلة لأنها تؤثر سلبا عليها نفسيا وصحيا وتكون سهلا للتعرض للاكتئاب والارهاق الدائم فالابناء مسئولية مشتركة بينهما في الاهتمام بالدراسة أو بالتغذية السليمة أو منحهم طاقة من الحب والحنان والثقة في النفس لكي يضمنوا مستقبلاً متميزاً لهم.
اهتمام ومتابعة وتواصل
د. أحمد عكاشه "استشاري الصحة النفسية" يقول إن اهتمام الآباء بمتابعة الأبناء دراسيا عمل غاية في الاهمية. فالاهتمام بتوجيه الأبناء وتحصيلهم الدراسي أمر طبيعي فلا ينتهي دور الآباء بمجرد ذهاب الأبناء إلي المدرسة. بل يعقبه اهتمام ومتابعة وتواصل. من خلال متابعتهم المستمرة لنجاح العملية التربوية. والإسهام في مساعدة الطفل علي النجاح المدرسي. وعلي الرغم من أن متابعة الأبناء عملية مشتركة بين الأب والأم إلا أن الأم هي التي تقوم بهذه المهمة وحدها في أوقات كثيرة ويعتبر الكثير من الآباء أن متابعة الأبناء دراسيا هو وظيفة الأم في البيت. وأن دور الأب ينتهي كمسئول عن نفقات البيت. من مأكل ومشرب وملبس وغيره فهذا هو دور الأب الوظيفي. أما الدور التعليمي للأبناء ومتابعتهم درسيا فهو دور ومسئولية الأم وحدها. ولا منازع لها في متابعة الأبناء إلا المعلم.. هكذا يعتقد معظم الآباء.
أضاف إن هناك شكاوي كثيرة من الزوجات من أن الأباء يجهلون كل ما يتعلق بمتابعة الأبناء ولا يعرفون أن مشاركة الأب في متابعة أبنائه دراسيا أمر مهم. وله مردود نفسي كبير علي الأبناء. ويزيد من فرص ارتفاع مستوي الأبناء. ومن جانب آخر فإن مشاركة الآباء يخفف كثيرًا من الضغط النفسي علي الأم. ويتيح لها بناء علاقة حب واحتواء لأبنائها. بدلاً من أن تصبح طوال الوقت تمثل الشخص المقلق للأبناء بشأن الواجبات والمذاكرة والتحصيل الدراسي الجديد.
معتقدات خاطئة
كما أن مشاركة الأب. قدر المستطاع. مع الأم في متابعة الأبناء. ضرورة وتفعيل ذلك داخل الاسرة يحتاج لوقت وجهد طويل. لتغيير معتقدات وأفكار خاطئة حول أن الأم هي المسئول الأول والأخير عن المستوي الدراسي للأبناء» لأنه ثبت أن عدم مساعدة الآباء يؤثر سلبيًّا علي الأم والأبناء.
يضيف أن الأبناء الذين يقضون وقتاً أكثر مع آبائهم أصبحوا أكثر قدرة علي التفاعل الاجتماعي فعلي الاباء والامهات الحفاظ علي علاقة ايجابية مع الابن لان لذلك تأثيراً كبيراً في الحب والعلاقة الجيدة بعيدا عن أسلوب العقاب او الضرب الذي يؤثر عليهم سلبا وعلي التحصيل الدراسي بالاضافة الي تحفيز الطفل علي الدراسة بمكافأته سواء بالتنزه او بزيارة الأقارب مما يساعد علي استرخاء الطفل والتحصيل الدراسي الجيد والتعامل مع الطفل بلطف وتشجيعه الدائم علي المذاكرة مما يقلل من حدة توتره خاصة عند الدخول لموسم الامتحانات.
اترك تعليق