يحقق المخرج أحمد عبد الله نجاحًا كبيرًا بأعماله التي يشارك بها فى العديد من المهرجانات، حيث قدم فيلم "ميكروفون"، والذي اختاره مهرجان دبي السينمائي ضمن أفضل 100 فيلم عربي في التاريخ، وشارك في العديد من المهرجانات السينمائية وحصد أكثر من 20 جائزة دولية، كما حظي فيلم "فرش وغطا" على عرضه العالمي الأول بمهرجان تورنتو السينمائي الدولي عام 2013، كما قدم فيلم "ديكور" الذي أعاد من خلاله روح أفلام الأبيض والأسود إلى السينما العربية، ثم قدم فيلم "ليل خارجي" الذي فاز بجائزة أفضل فيلم في مهرجان مالمو للسينما العربية، وجائزة لجنة التحكيم في مهرجان الأقصر السينمائي الدولي، بجانب 4 جوائز من المهرجان القومي للسينما.
19 ب يدل على عراقة المنزل وقدم عمره.. وبنيت قصة الفيلم على رجل يعيش فى الزمالك
الفيلم مستوحي من مشاعري فى فترة كورونا.. وكتبت النسخة الأولي فى أسبوعين
انبهرت بتمثيل أحمد خالد صالح فى البروفة الأولي.. ولعب شخصية نصر ببراعة
الحجر يعبر عن شعور الحارس بالغزو والانتهاك.. وصورناه مرة واحدة لصعوبة تحريكه
الحجر ثقيل جدا وثلاثة أشخاص لا يستطيعون تحريكه.. وسيد رجب حركه مرة واحدة فقط
توظيف الأغاني فى الفيلم يعبر عن الحياة البرجوازية المصرية لحارس العقار
نصر كان قاسيًا فى التعامل مع الناس كوسيلة دفاع عن النفس .. وتعاطف الجمهور معه
تجمعني صداقة بمحمد حفظي وتحمس للفيلم فور قراءة السيناريو
واجهنا صعوبات بالتصوير بكلاب "بلدي".. والحارس وجد الصداقة والألفة معهم
وأخيرًا استطاع فيلم 19 ب للمخرج أحمد عبد الله أن يخطف أنظار الجمهور بعد عرضه الأول فى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي حيث حصد الفيلم ثلاثة جوائز وهم: جائزة الاتحاد الدولي للنقاد (الفيبرسي)، وجائزة أفضل فيلم عربي، وجائزة هنري بركات لأفضل إسهام فني لمدير التصوير مصطفى الكاشف، حاورته "الجمهورية أونلاين" ليكشف ردود الأفعال بعد النجاح الكبير للفيلم وسر اختياره لسيد رجب ليكون بطلًا للعمل وإلي نص الحوار..
كيف استقبلت ردود الأفعال على حصد الفيلم 3 جوائز بمهرجان القاهرة؟
سعيد جدًا وفخور بحصد الفيلم 3 جوائز دفعة واحدة من مهرجان بلدي مصر والقاهرة السينمائي من أهم المهرجانات فى العالم.
لماذا أطلقت على الفيلم اسم 19 ب؟
اخترت اسم 19 ب لأنه يوحي بأن البيت قديم وعريق، ومع الوقت تُبنى بيوتًا جديدة ويتحول البيت ليس لمجرد بيت مهجور ومنسي بل أيضًا لبيت لا يستحق أنه يكون له رقم خاص، فأصبح 19 ب، لأنه يوجد في نفس الشارع 19 أ، وهذا يحدث في العديد من الشوارع، وهو أمر مصري جدًا، سكان القاهرة يعرفونه، فبعضهم ينتقل من البيت القديم إلى بيت جديد بجواره، فيأخذ البيت الجديد جزء من الرقم، ثم يُنسي القديم ويُصبح الجديد هو الأساسي.
سر اختيارك سيد رجب ليكون بطلًا للفيلم؟
كنت أريد أن أعمل مع سيد رجب، فأنا أعرفه من أيام تمثيله في فرقة الورشة بينما كنت في بداية طريقي لتعلم الإخراج، وكنت أشاهده وهو يمثل في الورشة مع أحمد كمال وكان ذلك بالنسبة لي شيء مدهش، وتولّدت بداخلي رغبة في العمل معه يوم من الأيام، وفي الحقيقة كانت هناك مشاريع سابقة لم نتمكن خلالها من العمل معًا، لكنّا تمكنا في هذا الفيلم، بجانب أنه تحمّس للشخصية جدًا، وفهمها بشكل سريع وأضاف أيضًأ أفكار بسيطة ولكنها فعالة، كما قام بتفريغ وقت من جدوله وأراني أداء تمثيلي لممثل حقيقي يريد أن يمثل الدور، وكان يعلم أن التصوير سيكون دون انقطاع، وأننا سنصوّر الفيلم في أربعة أسابيع دفعة واحدة ولن نتمكن من العودة لموقع التصوير مرة أخرى.
هل واجهتك صعوبات في كتابة شخصية الحارس؟
شخصية الحارس وهي الشخصية الأساسية التي أصرينا ألا نعطيها اسم، كنت أشاهدها كثيرًا في منطقة الزمالك بإحدى البيوت القديمة شبه المغلقة، حيث كان بها رجل كبير أراه كل فترة يخرج ليطعم القطط، فبنيت القصة وأنا أتخيل حياة هذا الرجل وفي نفس الوقت أحاول أن أحكي من خلالها حياته، وكانت كل الأسئلة التي تشغل بالي في تلك الفترة عن علاقتي بالمدينة وعلاقتي بنفسي وعلاقتنا جميعًا بالخوف وكيف نواجهه ونسيطر عليه.
هل كتابة الفيلم فى فترة كورونا خدمه أكثر؟
كتبت الفيلم في فترة كوفيد 19 وعزلته، لذلك كنت مرتبطًا بأفكار الوحدة وأن الشخص يعيش في البيت بمفرده، وعن مرور الزمن على الإنسان، لذلك الفيلم مستوحى من مشاعري في تلك الفترة، وفي الواقع لم أكتب النسخة الأولى من الفيلم في وقت طويل، أعتقد كتبته في أسبوعين أو ثلاث أسابيع، لأني كنت متفرغًا تمامًا والوقت طويل، وقدمت النسخة الأولى للمنتج محمد حفظي وتحمس جدًا للفيلم، وبالتالي طورت السيناريو وكتبت النسخة الثانية فالثالثة وبدأنا العمل.
لماذا وقع اختيارك على أحمد خالد صالح لتجسيد شخصية نصر السايس؟
أعتقد أن أحمد خالد صالح لعب هذه الشخصية بشكل جيد جدًا، وقد وضح ذلك في عينيه التي دائمًا ما امتلأت بالغضب والقسوة وفي نفس الوقت التعاطف والحنان، وفي مشهده مع يارا عندما أدرك أنها تزوجت، استطاع التحول بين الرجل القوي جدًا إلي الرجل المكسور، وهذا ما أبهرني في تمثيله، سلاسة أحمد خالد صالح في التجوّل بين الشعورين، ومن البروفة الأولى أعجبني تمثيله، رغم أني لم أشاهد له العديد من الأعمال التي قدمها، وما شاهدته له كان بعيد تمامًا عن الفيلم، وأعتقد دليل نجاحه بعض أراء من شاهدوا الفيلم عندما أخبروني بأنهم أحبوا شخصية نصر السايس في النهاية.
ماذا قصدت من تحريك سيد رجب للحجر فى الفيلم ؟
الحجر يعبر عن شعور الحارس بالغزو والانتهاك وأنه يوجد شيء غريب في بيته، وأيضًا يبدو غريب عن المكان لكن في نفس الوقت يمكن أن تكون فيه بسهولة، واعتقد أنه مشابه جدًا لفكرة الفيلم، وفي الحقيقة تعبت حتى وجدته، لأن في السيناريو كان من المفترض أن تكون حجرة كبيرة من حجارة الرصيف، ولكنني وجدت في مخزن أمجد نجيب مهندس الديكور نصف جزع شجرة قديم جدًا، فقررت استخدامها، والكثير ممن شاهدوا الفيلم اعتقدوا أنها حجرة فوم، لدرجة أن أحد من الأصدقاء شاهد الفيلم وقال أنه غير معقول أن ينهج ويعافر حارس العقار في تحريكها لهذه الدرجة، ولكن الحجرة ثلاث أشخاص لا يستطيعوا رفعها، و سيد رجب في هذا المشهد اتفق معنا على أنه لن يستطيع أن يفعلها إلا لمره واحدة فقط، لأنه حقيقي تحريكها صعب.
بماذا يوحي توظيف الأغاني في الفيلم؟
توظيف الأغاني جاء ليعبر عن عالم حارس العقار، الذي يعتقد في قراره نفسه أنه هو مالك الفيلا، فيعيش حياة يُحاكي بها الحياة البرجوازية المصرية، ويتصوّر أنه الباشا في فيلا تنهار عليه، ولكنه يجد السعادة في تلك الأغاني التي يسمعها يوميًا، وذلك على عكس نصر السايس، الذي يفضل أغاني الراب والمهرجانات، ونحن هنا لا نقف في صف أي نوع من الأغاني، بل نقول أن هناك نوعين، يمكننا أن نسمع الاثنين معًا، وهذا ما لم يتمكنوا من فعله، أن يعايشوا سويًا ويتقبلوا اختلافهما، وهذه هي قصة الفيلم، لذلك قررت فصل نوعية الموسيقى مثلما فصلت طبيعة الشخصيتين.
هل كان تحول شخصية نصر من القوة للشعور بالظلم مقصودًا؟
شخصية نصر قد تكرهها في بداية الفيلم، ولكن في النهاية سترى أنه تعرّض لظلم كبير، وما يفعله هو سبيله الوحيد للعيش، وفي نفس الوقت هو غير ظالم، وعندما أخذ غرفة من الحارس، منحه أجرها، رغم أن الحارس أضرّه في لقمة عيشه، إلا أنه تعامل بأسلوبه، لذلك تشعر معه بأنه هو من اختار أن يكون قاسيًا وسخيفًا في التعامل مع الناس كوسيلة دفاع عن النفس.
تقييمك للتعاون مع محمد حفظي؟
المنتج محمد حفظي صديق لي، وكان رد فعله فور قراءة السيناريو بأنه أخبرني بجاهزيته للعمل عليه، وهذا لا أجده في الكثير من المنتجين، وأنا أتذكر جيدًا رده بعد إرسال أول نسخة من الفيلم، قال لي "الفيلم عجبني جدًا يلا نصور بكرة" وهذا على سيبل المزاح بالطبع، لكن كان يدل على حماسه، وهذا شيء أحبه في حفظي جدًا، ولن أنسي أنه أنتج لي فيلم مكروفون، الذي من المفترض أن يكون وثائقي ولكن قررنا أن نجعله فيلم روائي طويل، وأن يكون أبطال الفيلم لو كان وثائقي هم شخصيات الفيلم الروائي، ليلعبوا أدوارهم، كل هذه التغيرات حدثت لتشير على الوعي والثقة المتبادلة بيننا في صناعة الأفلام وتحريكها في شكل خارج المألوف.
السيطرة على الحيوانات فى التصوير صعبًا.. كيف نفذت الأمر؟
الجزء التنفيذي به العديد من القصص معي ومع جميع طاقم العمل يمكن الحديث عنها لشهور، ولكن طبعًا أخذت وقت ومجهود كبير لأننا اكتشفنا أن مدربين الحيوانات التي تعمل في السينما غير معتادين على العمل بكلاب بلدي فبالتالي أغلب الكلاب بالفيلم هي كلام غير مدربة أو متعلمة، وجميع من في موقع التصوير يحب الكلاب لذلك لم نكن نضغط عيلهم ودفعهم للتصوير، وأحيانًا نصور مشهد وعند إعادته نجد أن الكلاب لا يريد أن يصور ويريد أن ينام، وطوال الوقت نحاول أن نغريهم بالأكل، وحاول سيد رجب التقرب منهم وبالفعل أصبحوا أصدقاءه، وفي مشهد النهاية سنجد ردة فعل لأحد الكلاب تلقائية وغير متوقعة تمامًا، نتيجة هذه العشرة طوال فترة التصوير، كما أننا عملنا تقريبًا مع أربع مدربين ومشرفين على الحيوانات، وبلغ عدد الحيوانات الأساسية التي نراها على الشاشة أربعة قطط كبار غير القطط الصغيرة وكلبين تقريبًا، وأيضًا كان يوجد حيوانات صغيرة جدًا اعتبرت موقع التصوير بيتهم، فلم نرد أن نخرجهم بعد التصوير إلى الطبيعة مرة أخرى وفضلنا أن نجد لهم بيوت، أما الجزء الفلسفي في الفيلم فقد جاء من الرجل الذي رأيته يطعم الحيوانات في الفيلا القديمة، فلم يعد الأمر مقتصرًا على بعض الأشخاص التي تُطعم الحيوانات في الشارع حبًا لهم، بل هناك رجل فقير قادر على أن يجد الصداقة والألفة والود المحروم منه.
اترك تعليق