أسس دولة فتية على أسس حديثة تحتوى أكبر مركز تجارى فى الشرق الاوسط
البترول العربى ليس أغلى من الدم العربى.. مقولته الخالده
وهب الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله تعالى صفات القائد الحكيم العادل مما يسر له إقامة دولة تتكون من سبع إمارات ، كانت متفرقة واتحدت وأصبح اسمها " الإمارات العربية المتحدة" وهذا العمل ما زال مستحيلاً في عالمنا العربي ودولة الاثنتين والعشرين الذين ما أن اجتمعوا ، إلا واتفقوا على ألا يتفقوا ، فما هي سيرة هذا الرجل العظيم صاحب أول تجربة وأرجو ألا تكون آخر تجربة وحدة عربية ناجحة لم تشوبها القلاقل .
نشأته العربية الاصيلة
ولد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام ١٩١٨ في قصر الحصن بمدينة أبو ظبي ، ونشأ نشأة عربية أصيلة في البادية وعلم نفسه بنفسه ، وتعلم أكثر من أخبار من سبقوه من أهل الصحراء بتجاربهم وسيرتهم وتاريخهم ولم يلتحق بمدارس نظامية ، وكما قال برنارد شو الفليسوف الإنجليزى إن التعلم الحقيقى يبدأ بعد الانتهاء من المدرسة ، فالمدرسة الحقيقية في حياة الفرد هي الدنيا .
بدأ الشيخ زايد بن سلطان حياته السياسية عندما أصبح نائب الشيخ شخبوط في مدينة العين عام ١٩٤٥ وتبلورت شخصيته خلال تلك الفترة ، وتمكن من اكتساب حب بدو القبائل هذه المنطقة وأرسى قواعد النظام والأمن ، وتمتع بينهم بالهيبة والتواضع والذي مكناه فيما بعد من تطبيق تلك النظم بإمارة أبو ظبي نفسها ، حيث إن الأمان والنظام كانا العنصرين الأساسيين لتمكين شركات البترول من البحث والتنقيب عن النفط في مناطق الاستكشاف وبدء تصدير البترول من إمارة أبوظبي عام ١٩٦٢ .
نسخة من جده زايد بن خليفة
خلال فترة إدارته لمنطقة العين ، أرسى الشيخ زايد قواعد البناء للمدينة الحديثة ، حيث أسس سوقا للبلدة وافتتح المدرسة النهيانية ، وعمر مدينة الأفلاج مع أن الإمكانيات المالية كانت قليلة جدا ومع ذلك أنجز شيئاً جديداً على الأرض وشعر رجال القبائل والمسؤولون أن هذا الرجل سيكون نسخة من جده الشيخ زايد بن خليفة ، الذي حكم إمارة أبوظبي في الفترة من ١٨٥٥ حتى ١٩٠٩ ، فاجتمعت العائلة الحاكمة عام ١٩٦٦ واختارت الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكماً لأبو ظبي لما اتسم به من حكمة ونشاط وقدرة على تطوير البلاد ، بدأ الجزء الثاني من حياة ابن الصحراء لتحديث وبناء الإمارة بعد أن توفرت له الظروف المالية المناسبة للنهوض بالإمارة بعد بدأ تصدير البترول.
فكرة الاتحاد بين الامارات
كان الشيخ زايد تولى حكم إمارة أبوظبي عام ١٩٦٦ تجربة حية لقدرته على البناء والتحديث ، فأقام بها نظام المدينة الجديدة من طرق وكبارى ومدارس ومستشفيات ومركز للشباب واستطاع خلال خمس سنوات أن يضع اللبنات الأولى للبنية التحتية والمرافق اللازمة لخدمة المواطنين ، مما جعل كل من دولتى قطر والبحرين تفكران في عمل اتحاد مع أبو ظبي والإمارات الأخرى عام ١٩٦٨ ولكن تعثر تنفيذ المشروع الوحدوى ، هنا ظهرت حكمة الشيخ زايد ، وأيقن أن تعثر البعيد لا يعنى ترك القريب ، وبدأ التفكير في عمل اتحاد بين الإمارات الأخرى المحيطة بإمارة أبو ظبي والتي كانت أغنى الإمارات وأكثرها تقدما وحداثة ، وبعد اجتماعات بين شيوخ ست إمارات تقرر توحيد تلك الإمارات في دولة واحدة سميت دولة الإمارات العربية في ٢ ديسمبر ١٩٧١ وانتخب الشيخ زايد بن سلطان رئيساً للدولة والشيخ راشد بن سعيد نائباً للرئيس وفي ١١ فبراير عام ١٩٧٢ انضمت إليهم إمارة رأس الخيمة لتصبح الإمارة السابعة في الإتحاد ، وتكتمل عروة الوحدة بين كل من إمارة أبوظبي ، إمارة الشارقة ، إمارة دبي ، إمارة عجمان ، إمارة أم القوين ، إمارة الفجيرة ، وإمارة رأس الخيمة .
وضع الأسس والموارد للدولة الجديدة
ظهرت القدرات الأصيلة للشيخ زايد في مقدرته على البناء والتحديث عندما تولى حكم الدولة الفتية ، وبدأ تحديث وبناء مدن جديدة وموانئ ومدارس وجامعات في كل مكان بالبلاد ، وكان لا يفرق بين الإمارات في الإنشاء والتعمير ولم يضع أسس التخطيط والعمران لكل إمارة حسب إمكانياتها المالية ، ولكن وضع الأسس والموارد المالية للدولة في خدمة كل الإمارات وحسب درجة احتياجاتها من حيث عدد السكان ، ومدى إمكانية التطوير والجدوى الاقتصادية للتعمير الشامل الذي يخدم شعب وسكان كل منطقة بالعدل والمساواة ، وهذا مكن من نجاح تجربة الوحدة ، وأنشأ وزارة للمالية والاقتصاد الوطني تتولى الإنفاق على المشروعات واستعان في ذلك بالأستاذ الدكتور حسن عباس زكي وزير المالية السابق في مصر ومجموعة من المستشارين الأكفاء في التخطيط ، وخلال عشر سنوات أصبحت دولة الإمارات العربية دولة فتية حديثة .
انتقل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بتجربته الوحدوية إلى جيرانه من دول الخليج العربي، ولعب دوراً كبيراً في قيام مجلس التعاون الخليجي الذي أسس في مايو عام ١٩٨١ ولا زال يؤدى عمله بنجاح حتى الآن سياسياً واقتصادياً واجتماعياً .
دبى تتحول لأكبر مركز تجارى فى الشرق الاوسط
من نعم الله على الشيخ زايد بن سلطان أن رأى بنفسه ثمرة جهودة في البناء والتعمير في كافة أرجاء الإمارات ، وبالذات في إمارة دبي التى أصبحت أكبر مركز تجاري في الشرق الأوسط بفضل الله ، وبفضل مشروعاته وقيادته وقيادة شيوخ آل مكتوم ، وقد تشرفت بزيارة المرحوم الشيخ زايد في قصره العامر في أبو ظبي في ٢٩ أبريل عام ١٩٩٠ بعد حضور سباق الهجن السنوى ، وذلك تلبية لدعوته الكريمة ورأيت على مدى ثلاثة أيام أمضيتها في الإمارات العربية المتحدة ، ما يمكن إنجازه بأمانة إذ اجتمعت الحكمة والقدرة والعزيمة ، ولم أتصور أن تلك المدن الجميلة الرائعة كانت جبالا وصحارى منذ ثلاثين عاما ، لكنها بقيادة الشيخ زايد بن سلطان الذي لم ينس يوماً أصول الشهامة والكرم والعادات القبلية والعربية والإسلامية .
مقولته الخالدة فى حرب اكتوبر
وكان في مقدمة من أوقفوا ضخ البترول أثناء حرب أكتوبر ( بعد الملك فيصل رحمه الله ) عن الدول المساندة لإسرائيل وقال كلمته الشهيرة " إن البترول العربى ليس أغلى من الدم العربي " ، ولعب خلال حياته دوراً هاماً في مؤتمرات القمة العربية ، وعقد المصالحات بين الدول العربية وترسيم الحدود مع الدول المجاورة للإمارات ، وكانت كل خطواته وكلماته وتصرفاته تتسم بالتواضع والحكمة حتى أطلق عليه رحمه الله لقب " حكيم العرب " ووافته المنية في يوم الثلاثاء ٢ نوفمبر عام ٢٠٠٤ وصعدت روحه الطاهرة إلى بارئها.
اترك تعليق