استحوذت الحرب الروسية في أوكرانيا علي الاهتمام العالمي.. في حين هناك بؤر أخري تدور فيها صراعات مدمرة. ولا يلتفت لها العالم.. فهناك الحرب الإثيوبية الدائرة منذ عامين بين قوات رئيس الوزراء آبي أحمد. وجبهة تحرير شعب تيجراي. التي تصفها صحيفة "الجارديان" البريطانية بأنها مدمرة والأكثر وحشية في العالم. وقدر عدد من الخبراء عدد القتلي المدنيين بنحو 600 ألف شخص.
ذكرت "الجارديان" في تقرير حديث لها إن المدنيين في تيجراي يتعرضون لخطر جسيم بعد انهيار وقف إطلاق النار. ويجب علي زعماء العالم أن يوجهوا انتباههم إلي هذه الأزمة التي نزح بسببها الملايين. وتعرض المدنيون لهجمات وحشية تسببت في ارتفاع حصيلة القتلي. جراء الهجمات المتعمدة علي البنية التحتية.
أضافت الصحيفة البريطانية أن منطقة تيجراي الشمالية في اثيوبيا تعاني الحرب الأكثر وحشية وفتكاً التي تشن في العالم اليوم. حيث سقط عشرات الآلاف من القتلي في المعارك بعد انهيار وقف إطلاق النار في أغسطس. ومع ذلك. فإن العالم لا يولي اهتماماً يذكر.
أكدت الصحيفة أنه من المستحيل تقييم الخسائر الحقيقية. نظراً لأن معظم الاتصالات قد انقطعت. وقدر الباحثون في جامعة جينت أن ما بين 380 ألفاً و600 ألف من أرواح المدنيين وحدها قد فقدوا. مع 30 ألفاً إلي 90 ألف قتيل في الهجمات المباشرة. لكن معظمهم يموتون بسبب نقص الغذاء أو الرعاية الصحية.
في منطقة تعاني بالفعل الجوع. أصبح الغذاء سلاحاً في الحرب. وما يقرب من نصف السكان في حاجة ماسة للمساعدات الغذائية. وهناك أدلة واضحة علي جرائم حرب من قبل جميع الأطراف. بما في ذلك العنف الجنسي علي نطاق واسع. رغم أن الضحايا المدنيين يعتقد أن الغالبية الساحقة من تيجراي.
اندلع الصراع في نوفمبر 2020. بعد نزاع سياسي أعلنت فيه الحكومتان الفيدرالية والإقليمية التيجراي كل منهما الأخري غير شرعية. وقال رئيس الوزراء الاثيوبي والحائز علي جائزة نوبل للسلام آبي أحمد إنه يشن هجوماً علي جبهة تحرير شعب تيجراي. لأنها هاجمت قاعدة عسكرية. وانضمت اريتريا إلي آبي أحمد.
يخشي أبي أحمد أن تستعيد جبهة تحرير تيجراي هيمنتها السياسية التي تمتعت بها لعقود. بينما يتهم التيجراي رئيس الوزراء الأثيوبي بالاستيلاء علي السلطة.
وأصبح الصراع أكثر فوضوية وأكثر انقساماً وترسيخاً مع استمراره. مع دخول منطقة أمهرة المجاورة أيضا.
تابعت "الجارديان": بينما وصلت بعض المساعدات الغذائية أخيراً إلي تيجراي هذا الربيع. واستمرت أديس أبابا وحلفاؤها في منع حركة المرور التجارية إلي المنطقة. وظلت شحنات الوقود محدودة للغاية. وظلت خدمات الكهرباء والاتصالات والخدمات المصرفية مقطوعة. والآن توقفت حتي العمليات الإنسانية مرة أخري.
حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من أن الوضع يخرج عن نطاق السيطرة ولا يوجد حل عسكري. ومع ذلك مازال آبي وحلفاؤه مصممين علي ذلك. وهجومهم الحالي بالأسلحة الثقيلة مع دفع القوات المدربة والمجهزة بشكل سييء نحو خطوط العدو. بالإضافة إلي الضربات الجوية.
كثفت اريتريا حشدها. حيث كشفت تقارير أنها تحتجز الآباء الذين يحاول أطفالهم البالغون تجنب التجنيد الإجباري. ورغم الانتكاسات الكبيرة أصبح العديد من تيجراي ينظرون إلي هذا علي أنه صراع من أجل بقائهم علي قيد الحياة.
حذرت مجموعة الأزمات الدولية من خطر جسيم يتمثل في تسريع الفظائع. خاصة بالنظر إلي تصاعد خطاب الكراهية ضد التيجراي. وهناك أيضا مخاوف من أن الحرب يمكن أن تمتد في ضوء العلاقات السيئة والنزاع الحدودي طويل الأمد بين الحكومة الفيدرالية والسودان.
فشل الاتحاد الأفريقي في إحراز تقدم. في حين أن الولايات المتحدة قد استثمرت جهوداً في الدبلوماسية. إلا أنها لم تكن دائما حريصة علي المواصلة. وبدا الاتحاد الأوروبي غير مهتم إلي حد كبير. خاصة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. رغم وجود مبرر جيد لعمل الأمم المتحدة. بما في ذلك حظر الأسلحة. إلا أن المسار مليء بالعقبات.
أشارت "الجارديان" إلي ضرورة أن يوضح المانحون لأديس أبابا أن أي شيء أكثر من المساعدة الإنسانية لا يمكن استئنافه حتي ترفع الحصار وتبين أنها جادة في السعي لتحقيق السلام. يجب علي زعماء تيجراي أن يظهروا بالمثل التزامهم بمحادثات الاتحاد الأفريقي المقرر إجراؤها لاحقا.
اختتمت الصحيفة البريطانية تقريرها بالتأكيد علي أن انهيار الهدنة مقلق للغاية. لكن من الممكن وضع حد آخر للصراع الكارثي. ولكن بممارسة ضغوط خارجية كبيرة ومستمرة ذلك.
اترك تعليق