الجدل الدائر في الوسط الطبي بشأن إعطاء الحقن في الصيدليات بعد واقعة وفاة الطفلتين إيمان وساجدة في الإسكندرية عقب تلقيهما حقنة في الصيدلية لم ينته بعد بل اخذ اهتماما كبيرا.
البعض يؤكد ضرورة رفع الحرج عن الصيادلة وإصدار قرار واضح بمنع الحقن بالصيدليات أو توفير أماكن جاهزة ومناسبة بالمستشفيات لحقن المرضي.لكن هذا يكلف الدولة والأسرة الكثير في توفير وسائل مواصلات بالإضافة إلي تعيين ممرضات للقيام بهذا العمل.
البعض الآخر يؤكد أن هناك مليون مواطن يوميًا يرتادون الصيدليات العامة من أجل الحقن بالأدوية المختلفة دون أي شكاوي تذكر في هذا الشأن ومنذ عشرات السنين وما حدث لا يثير المخاوف لأن واقعة الطفلتين مازالت محل اتهام وشكوك ولم يتم تحديد أسباب الوفاة وهل هذا خطأ من الصيدلي أم هناك عوامل أخري مثل ازدياد ردات الفعل التحسسية من بعض أنواع المضادات الحيوية المتداولة منذ سنوات طويلة ولعل ذلك يأتي بالتزامن مع انتشار الأدوية المغشوشة والمعاد تدويرها والتي تنتج في مصانع غير مرخصة.
وآخرون يطالبون النقابة العامة لصيادلة مصر بالتوقف عن إعطاء الحقن داخل الصيدليات درءا للشبهات وسدًا لباب الذرائع وحفاظًا علي الصيادلة من التعرض للمساءلة القانونية عن خدمة طبية مقدمة منهم بالمجان في الصيدليات وأصبح يساء استخدام هذه الخدمة وعدم تقديرها ويجب أن يكون هناك مقابل مهني مجز للإشراف الكامل والاستعداد في حال حدوث أي عارض لأي مريض.
استطلعنا آراء خبراء الصحة والطب في هذا الشأن وماهو موقف الصيادلة بعد الاتهامات التي طالتهم والشكوك التي تحيط بهم والكل يوجه لهم أصابع الاتهام.
أكد د. عبدالحميد اباظة مساعد وزير الصحة سابقا ورئيس مجلس إدارة جمعية اصدقاء مرضي الكبد بالوطن العربي و استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد ان الصيادلة حينما يعطون الحقن للمواطنين فهم يحلون مشكلة مجتمعية كما انهم جزء لايتجزأ من العملية الطبية واعطاء الحقن بالصيدليات ليس بجديد أو غريب علي الصيدلي فاذا كانت الممرضة تقوم بهذه المهمة فكيف بالصيدلي الذي درس كافة علوم الطب البدائية ومنها اعطاء الحقن والغيار علي الجروح أو خلافه.
أضاف أن الصيادلة لا يستفيدون من إعطاء الحقنة للمواطنين في الصيدليات حيث إن منهم من يقدمها كخدمة مجانية وآخرون يتقاضون جنيهين أو خمسة جنيهات فقط. لذا فالعائد منها أقل بكثير من المخاطر. كما أن المستشفيات ليس بها أماكن معلنة لإعطاء الحقن للمواطنين ولاتوجد تسعيرة لها.. مشيرا إلي أن إعطاء الحقنة لمريض ليس معضلة لكن يجب أن يأخذ الصيدلي احتياطاته واتباع الطرق العلمية في اختبارات الحساسية وعدم صرف أي حقن أو دواء إلا من خلال روشتة طبيب ويمكن عقد دورات تدريبية تؤهلهم لذلك.
شدد أباظة علي أن الحل الأمثل في تقنين أخذ الحقن في الصيدلية تدريب مساعدي الصيادلة عليها وتقديم دورات تدريبية تؤهلهم لذلك وتعريفهم كل ما يحيط بها. كون أن منعها سيشكل أزمة للمواطنين وليس الصيادلة.
بالاضافة إلي علاج الصدمة التحسسية الناتجة عن المضادات الحيوية مثلما حدث مع طفلتي الإسكندرية. فأكد أنه يتم التعامل معه بإعطاء حقنة الادرينالين وهي الحقنة التي توجد بطوارئ المستشفيات فقط ولا توجد بالصيدليات حيث يجب إعطاؤها بقرار طبيب وليس صيدليا حيث إن الصيدلي ليس من اختصاصه التوصية بها أو إعطاؤها.
أوضح اباظة أن قرار نقابة الصيادلة بمنع الصيدلي من إعطاء الحقن قرار لايصب في مصلحة المواطنين حيث إن المواطن في احتياج إلي من يساعده علي إعطاء حقنة مسكن أو خلافه فكيف به يتوجه إلي مستشفي لأخذ الحقنة مع ان بعض المواطنين البسطاء لا يجدون ثمن الحقنة نفسها ومعظم الصيادلة لايحصلون علي مقابل من إعطاء الحقن باعتبارها خدمة انسانية ولابد من وضع حلول لهذا القرار الذي اتخذ بطريقة مهينة للصيدلي وماحدث في واقعة الطفلتين إيمان وساجدة في الإسكندرية لايمثل أي خطأ علي الصيدلي لأن الوفاة حدثت بسبب عدم إجراء اختبارات الحساسية أو وجود غش في تصنيع الحقنة لكن إعطاء الحقنة امر طبيعي يقوم به أي شخص لديه خبرة بشرط التعرف علي مخاطر الحقنة المستخدمة والمحاذير المطلوبة.
أكد د. هشام جاب الله "صيدلي" ان معظم الصيادلة يقدمون خدمات اعطاء الحقن للمواطنين بالمجان وبدون مقابل باعتبار ان ذلك عمل انساني يقدمه الصيدلي للمريض وخاصة المرضي الذين يتعاملون مع الصيدلي باستمرار كما ان الحقن من ابسط مقومات الطب والصيدلي اكثر دراية بموضع الحقن فإذا كانت الممرضة في المستشفيات تقوم باعطاء الحقن للمرضي فكيف لايستطيع الصيدلي اعطاء الحقنة للمريض مع ان هذا الشأن من بدائيات عمل الطبيب والصيدلي اثناء الدراسة بالكليات.
طالب بضرورة حماية الصيدلي من أي اتهامات و إصدار قرار بزيادة مساحة الصيدلية المرخصة لتشمل حجرة خاصة لاستشارات دوائية غير مجانية وحجرة لتقديم خدمة الحقن والتطعيمات والإسعاف الأولية إذا حدثت مشكلة بعد الحقن وأيضا تكون غير مجانية.ومرخصة من وزارة الصحة ونقابة الصيادلة مشيرا إلي أن وفاة مريض من حقنة لا علاقة له بمن قام بإعطائها فما يحدث له علاقة إما بطبيعة الحقنة أو ظروف المريض الصحية والغذائية أثناء العلاج أو بجينات المريض.
أوضح أن الحقن التي تحتاج إلي إجراء اختبار حساسية هناك احتمالية أن يسبب الاختبار نفسه الوفاة لذا يجب أن تتوافر الظروف لعمل الاسعافات الأولية أن حدثت صدمة الحساسية. موضحا أن أي صيدلي لا يمكن أن يقوم بإعطاء حقنة إلا بعد الرجوع لروشتة الطبيب المعالج وفي حالة الشك في العلاج يتم مراجعة الطبيب المعالج للتأكد من خطة العلاج والتشاور معه طبقاً لرؤية الصيدلي للطفل أو المريض كبير السن أو الشخص الذي تعرض لجراحة قلب أوي جراحة دقيقة وفي أكثر من مرة استطاع الصيدلي بالتشاور مع الطبيب المعالج تغيير خطة العلاج بناءا علي الحالة الصحية التي كان عليها المريض.
أكد د. حسن كامل استشاري الامراض المعديه والحميات ومدير حميات العباسية سابقا إن إعطاء الحقن في الصيدليات يشكل جريمة وفقًا للقوانين. موضحًا أن الصيدلي مهمته وفق القانون هي صرف الأدوية بناءًا علي وصفة طبية والأماكن الوحيدة المسموح لها بإعطاء الحقن للمرضي هي المراكز الطبية والعيادات والمستشفيات تحت إشراف الطبيب أو الممرضة المختصة.
أوضح أن مايحدث الآن في الصيدليات يمثل خطورة علي المرضي حيث ان الصيادلة تركوا صيدلياتهم لخريجي كليات العلوم والمدرسين وأصحاب الخبرات وهذا يمثل خطرا داهما علي المرضي سواء في صرف الأدوية والمستلزمات الطبية أو اعطاء الحقن ومن هنا تحدث أخطاء كبيرة في إعطاء الحقن والتركيبات الدوائية مؤكدا أن الصيادلة المحترفين من المفترض أن يقوموا بإجراء اختبار حساسية قبل إعطاء الحقنة للمريض وهذا لا يحدث مشيرًا إلي انه يجب التصدي للظاهرة.
أشار إلي أنه يمكن لوزارة الصحة عقد دورات تدريبية للصيادلة في إعطاء الحقن ويتم منحه رخصة بذلك بعد نجاحه في الدورة وإتقان المهنة للتيسير علي المواطنين حيث أن الصيدلي هو الملاذ الوحيد للمريض لان المراكز والمستشفيات بعيدة عن المواطنين كما ان سكان القري ماذا يفعلون في حالة احتياج احد المواطنين لحقنه والمستشفيات تبعد عنهم عشرات الكيلو مترات فهل المريض يتنقل 20 كيلو مترا للحصول علي حقنة؟!!
أضاف د. حسن ان هناك مواطنين عاديين لديهم خبرات باعطاء الحقن للمرضي وهذا يتم بكل احترافية منذ مئات السنين ولم نجد شكوي لكن ما حدث للطفلتين يمثل لغزا كبيرا هل حقن المضاد التي حصلن عليها مغشوشة وهذا هو المتوقع لان اختبار الحساسية لا يؤدي إلي الوفاة إلا في نسب معينة.
أكد د. مجدي بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة ان قانون الصيدلة يمنع الصيدلي من إعطاء الحقن لكن الصيدلي له دراية كافية باعطاء الحقن ولم يصدر أي خطأ من أي صيدلي منذ عشرات السنين لكن ما حدث يمثل لغزا حقيقيا ولا نستطيع أن نحكم علي أمور مازالت محل تحقيق في النيابة العامة اما مساعد الصيدلي لايحق له إعطاء حقن لانه غير ملم باضرار الحقن ويمكن للصيدلي ان يرفض إعطاء الحقنة لطفل في حالة عدم اقتناعه بالعلاج ويمكن له مراجعة الطبيب المعالج للتشاور في خطة العلاج سواء كانت حقن أو خلافه.
أضاف أن قرار منع الصيدلي من إعطاء الحقن سوف يسبب ارتباكا بين المواطنين فهل يمكن لأم أن تذهب بطفلها مسافات بعيدة ليلا لإعطاء نجلها حقنة بالمستشفي لكن الصيدلي متواجد 24 ساعة ولم يكلف الأسرة أعباء مادية أو مجهود.
وعن الصدمة التحسسية قال د.مجدي ان الأدوية خاصة المضادات الحيوية وخصوصاً البنسلين هي الأكثر شيوعاً في حدوث الصدمة التحسسية التي تعد من أخطر أنواع الحساسية.وتحدث نتيجة رد فعل مناعي سريع بسبب التعرض لمادة مسببة للحساسية عن طريق الجلد مثل الحقن.
أضاف ان الصدمة التحسسية هي فرط حساسية حاد. لكنها من أخطر أنواع الحساسية المعروفة. العديد من ردود الفعل التحسسية خفيفة . لكن بعضها يمكن أن يكون خطيراً وقد لا يعرفونها بعض الصيادلة ولا يستطيعون التعامل معها أو أخذ المحاذير اللازمة. مشيراً إلي أن الأدوية هي الأكثر شيوعاً في إحداث الصدمة التحسسية.
أكد أن مخاطر الصدمة التحسسية تتمثل في أن بعض الأمراض التي ربما تزيد من خطر حدوث تفاعلات تحسسية حادة مثل أمراض الجهاز التنفسي المهملة كالربو وكذلك الإصابة بأي من أمراض الجهاز التنفسي المزمنة مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن أو الإصابة بأي من الأمراض القلبية الوعائية مثل أمراض القلب التاجية وارتفاع ضغط الدم أو الحساسية الوراثية وأي مرض بالحساسية مثل الاكزيما أو حساسية الأنف أو الأرتيكاريا.
اترك تعليق