يقترب موعد إجراء الانتخابات المبكرة في إسرائيل. وهي إجراء شكلي تسعي إسرائيل عن طريقه إلي الظهور بمظهر الدولة التي تتمتع بديمقراطية حقيقية.. هذا بينما يعتبر الكنيست في حقيقة الأمر مجرد منبر لإضفاء الشرعية علي قرارات تتخذها المؤسسة الحاكمة.. ويحتاج الأمر إلي بعض الملاحظات المهمة.
تتزامن هذه الانتخابات مع تصاعد الحملة المسعورة لتكريس التقسيم الزمني والمكاني للمسجد الأقصي المبارك. وحملات المستوطنين واعتداءاتهم ضد الشعب الفلسطيني.. وتحاول إسرائيل الترويج لتعبير المسجد الأقصي علي أنه الجامع الموجود في جنوب الحرم الشريف. وأن باقي الحرم الشريف لا يهم المسلمين. تسعي إسرائيل إلي تهويد المسجد منذ الدقيقة الأولي لاحتلال القدس عام 1967 عندما استولت علي حائط البراق وسمته حائط المبكي وهدمت حي المغاربة الملاصق له.
لم يعد الأمر مجرد اقتحامات يومية وأداء صلوات تلمودية.. وبدأت إسرائيل تتجه إلي ما هو أكبر من ذلك مثل محاولة نفخ البوق اليهودي وإدخال قرابين حية وذبحها داخل الحرم. وهو ما لم تجرؤ عليه حتي الآن بسبب بسالة مقاومة الفلسطينيين العزل.
ما يهمنا هنا أن. نجد الإعلام الفلسطيني عبر قنواته الفضائية مثلا يتحدث عن هذه الاعتداءات فيصف مرتكبيها بأنهم "مستوطنون متطرفون". وهذا أمر يبعث علي الدهشة.. هل هناك مستوطنون معتدلون وآخرون متطرفون. كلهم مجرمون يقيمون علي أرض الشعب الفلسطيني ولا يتوقفون عن جرائمهم.
يذكرني ذلك بموضوع نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية قبل أكثر من ثلاثين عاماً وعلقنا عليه في حينه. فقد تحدث الموضوع عن مستوطنات "معتدلة" وأخري "متطرفة".
لا يوجد في إسرائيل معتدلون أو حمائم كما يروج الإعلام الغربي.. هناك فقط تقاسم أدوار وشكليات. لكن يظل الجوهر العدواني الاستيطاني واحداً.. ولنا أن نتساءل هل كانت هناك حكومة إسرائيلية أقل اهتماماً بالاستيطان وقمع الفلسطينيين من غيرها؟!. وكل من يتظاهرون بالتعاطف مع الفلسطينيين يقيمون علي أرضهم وفي بيوتهم السليبة. ولن يقبلوا أن يتركوها لأصحابها الأصليين.. وبعبارة أخري. فإن إسرائيل تضم يهوداً يختلفون حول كل شيء. إلا الاستيطان والعداوة للفلسطينيين والعرب.
يكفي أن نعلم أن حكومة حزب العمل السابقة الذي يتباهي بأنه "حزب سلام" بحكم توقيع حكومته اتفاق غزة أريحا عام 1993 صادرت في العام الأول لتوقيع الاتفاق 74 ألف دونم. وتبين أن إسحاق رابين الذي وقع الاتفاق لم يكن ينوي منح الفلسطينيين دولة. بل شيئا ما أكثر من الحكم الذاتي ودون الدولة. كما اعترف أحد معاونيه وهو جاك تيريا اللبناني والروسي الأصل.
أما الملاحظة الأخري. فهي الحملة التي بدأتها مجموعة من الأحزاب العربية داخل إسرائيل تدعو فيها الفلسطينيين داخل الخط الاخضر للتصويت في الانتخابات بهدف الحصول علي أعلي تمثيل عربي. وهذا النداء نؤيده إذا كانت عضوية الفلسطينيين في الكنيست قد حققت فائدة تذكر لهذا القطاع من الشعب الفلسطيني. فهي لم تمنع غول الاستيطان عن الأراضي التي ظلت في أيدي هذا القطاع من الشعب الفلسطيني. فبات يملك حاليا فقط 3% من الأراضي التي كانت بحوزتهم عند قيام إسرائيل. وهي لم تمنع إسرائيل من البطش بعرب النقب وقرية العراقيب غير المعترف بها للمرة 210 ونحن نقصد هنا الأحزاب العربية وليس مجرد الفلسطينيين الذين انخرطوا في عضوية أحزاب يهودية طالبين لمكاسب زائلة. من حق الفلسطينيين إذن أن يقاطعوا انتخابات لاتعنيهم في قليل أو كثير.
قبل أيام من إجراء انتخابات الكنيست في الأول نوفمبر المقبل. تتقدم كتلة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو علي كتلة التغيير برئاسة رئيس الوزراء يائير لابيد.
ومع ذلك. فإن نتنياهو مازال بحاجة إلي مقعد إضافي من أجل الوصول إلي عتبة 61 مقعداً لتشكيل الحكومة. وما لم يتمكن نتنياهو أو كتلة التغيير من الوصول إلي 61 صوتاً فإن الانتخابات القادمة. وهي الخامسة في غضون 4 سنوات ستكون مقدمة لانتخابات سادسة.
أشارت نتائج استطلاع جديد للرأي العام نشرته القناة الثانية عشرة الإسرائيلية إلي أنه لو أجريت الانتخابات هذه الأيام لحصلت كتلة نتنياهو علي 60 مقعداً. وكتلة التغيير برئاسة يائير لابيد ووزير الدفاع بيني جانتس علي 56 مقعداً. فيما تحصل القائمة العربية المشتركة التي ترفض دعم أي من الكتلتين علي 4 من مقاعد الكنيست الـ 120.
بالمقابل فقد أشارت نتائج استطلاع نشرته القناة 14 الإسرائيلية إلي أنه لو أجريت الانتخابات اليوم لحصلت كتلة نتنياهو علي 62 مقعداً مقابل 54 لكتلة التغيير و4 مقاعد للقائمة العربية المشتركة.
تعهد كل من لابيد زعيم حزب "هناك مستقبل". وجانتس زعيم حزب "المعسكر الرسمي" بعدم الجلوس مع نتنياهو في حكومة واحدة ما بعد الانتخابات.. وفي مقابلة مع الهيئة العامة للبث الإسرائيلي تعهد جانتس بأن حزبه لن يكون جزءاً من حكومة مع نتنياهو. ودعا المواطنين العرب إلي المشاركة في الانتخابات من أجل التأثير. ويلزم كتلة التغيير أن تتفاوض مع القائمة المشتركة برئاسة أيمن عودة وأحمد الطيبي من أجل الحصول علي نفس عدد الأصوات التي تحصل عليها كتلة نتنياهو.
اترك تعليق