بعد مرور ما يقرب من شهر على ولايتها، تسببت الخطة المالية الجديدة لـ رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس، فى فوضى بالأسواق والعملة البريطانية، ما يمكن أن يزيد من إضعاف الاقتصاد الأوروبى بشكل عام.
191 ألف مواطن بريطانى يوقعون على عريضة تدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة
وعلى الرغم من جهود وزارة المالية البريطانية وبنك إنجلترا لطمأنة الأسواق المالية، إلا أن الجنيه الإسترليني شهد انخفاضا غير مسبوق، فيما يحاول التجار الابتعاد عن التعامل بالعملة البريطانية. فيما عدلت وكالة التصنيف الائتمانى"استاندارد أند بورز" نظرتها المستقبلية للاقتصاد البريطانى من مستقرة إلى سلبية.
وقد أعلن وزير المالية البريطانى كواسي كوارتنج، عن خطة كبيرة لخفض الضرائب تهدف إلى تنمية الاقتصاد بتمويل من الزيادات الضخمة في الاقتراض الحكومي، وهو ما أثار مخاوف من أن التضخم، الذى يسجل حاليا 9.9٪، يمكن أن يتصاعد أكثر.
وقد ضجت منصات التواصل الاجتماعي في بريطانيا بتريند: "أين هي تراس؟".. وتساءل النشطاء عن سبب غياب رئيسة الوزراء عن القيام بدورها في حل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
وحاولت تراس، الأحد، طمأنة حزبها والبريطانيين عموما، قائلة إنه كان يتعين عليها بذل المزيد من الجهد لتهيئة الأجواء لخطة اقتصادية أدت إلى انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني إلى مستويات قياسية وتصاعد تكاليف الاقتراض الحكومي.
وفي اليوم الأول للمؤتمر السنوي لحزب المحافظين الحاكم الذي تتزعمه، تحدثت تراس، التي لم يمض شهر على توليها المنصب، بنبرة أكثر ليونة قائلة إنها ستدعم البريطانيين خلال فصل الشتاء الصعب وما بعده.
ودافعت عن "خطة النمو" التي وضعتها والمكونة من حزمة من إجراءات خفض الضرائب انتقدها المستثمرون وكثير من الاقتصاديين لأنها خصصت مليارات الجنيهات الإسترلينية للإنفاق في حين قدمت القليل من التفاصيل عن كيفية دفعها في الأجل القصير.
قالت تراس إن هذا هو الاتجاه الصحيح، مشيرة إلى أن المنتقدين لا يدركون عمق المشكلات البريطانية، ومضيفة أنها كان يتعين عليها أن تبذل المزيد من الجهد من أجل شرح الإجراءات، وهو قول رفضه التجار والمستثمرون قائلين إنه كان سببا في الانخفاضات في قيمة الجنيه والزيادة في نفقات الاقتراض في الأسبوع الماضي.
وفيما يتعلق بما يخشى بعض المشرعين المحافظين من أنه سيُلحق الضرر بفرصهم في الانتخابات التي ستُجرى عام 2024 لم تنكر تراس أن الخطة ستتطلب استقطاعات في الإنفاق على الخدمات العامة، كما رفضت التعهد بزيادة مخصصات الرعاية الاجتماعية توافقا مع التضخم، في حين أيدت خفضا ضريبيا للأكثر ثراء.
وفي الخامس من شهر سبتمبر المنصرم، جرى انتخاب وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، زعيمةً جديدةً لحزب المحافظين البريطاني ورئيسةً للوزراء، في وقتٍ تواجه البلاد أزمةً في تكاليف المعيشة واضطرابات في القطاعات الإنتاجية وركوداً.
لكن الملكة إليزابيث توفيت بعد يومين، وبالتالي فإن رئيسة الوزراء الجديدة قضت الأيام الأولى من ولايتها بشكل كبير في فترة الحداد الوطني عندما كان هناك توقف في العمل السياسي.
وأطلقت تراس خطتها بعد أسبوعين من شغلها المنصب ولدى فريقها شعور بأنها أشارت إلى خططها خلال حملتها للفوز بزعامة حزب المحافظين على منافسها ريشي سوناك الذي كان من رأيه عدم إجراء تخفيضات ضريبية عاجلة.
لكن حجم الخطة أزعج الأسواق. وبعد تصفية كبيرة تعافى الجنيه منذ ذلك الوقت بعد أن تدخل البنك المركزي البريطاني (بنك إنجلترا). لكن تكاليف الاقتراض الحكومي لا تزال عالية بشكل ملحوظ، ويقول المستثمرون إنه سيكون لزاما على الحكومة أن تعمل بجد لاستعادة الثقة.
ووقع أكثر من 191 ألف مواطن بريطانى على عريضة تدعو إلى إجراء انتخابات عامة فورية في البلاد، بسبب عدم الرضا عن خطة الحكومة الجديدة، وسط أزمات اقتصادية غير مسبوقة تهدد المملكة المتحدة.
وذكرت منظمة العريضة، دارين تشارلزوورث، عبر موقع البرلمان: "دعوة لإجراء انتخابات عامة فورية حتى يتمكن الناس من تحديد من يجب أن يقودنا خلال الأزمات غير المسبوقة التي تهدد المملكة المتحدة".
وأضافت تشارلزوورث إن الفوضى "التي تجتاح حكومة المملكة المتحدة غير مسبوقة"، وأن المملكة المتحدة نفسها قد لا تكون موجودة كما يعرفها العالم حيث تسعى اسكتلندا إلى الاستقلال. وتابعت تشارلزوورث إن "هذه هي أعظم مجموعة من التحديات التي رأيناها في حياتنا، دعوا الناس يقررون من يقودنا خلال هذا الاضطراب".
وردت حكومة المملكة المتحدة قائلة إن البلاد ديمقراطية برلمانية وحزب المحافظين لا يزال حزب الأغلبية. وقد تعهدت رئيسة الوزراء بضمان الفرص والازدهار لجميع الناس والأجيال القادمة.
وستستمر عملية التوقيع على العريضة حتى 28 يناير عام 2023، ويفترض أن ينظر البرلمان في الأمر إذا وقعت بالفعل من قبل أكثر من 100 ألف شخص. ومن المقرر إجراء الانتخابات العامة المقبلة في موعد أقصاه مطلع 2025.
في غضون ذلك، يتخذ المشرعون البريطانيون خطوات لإطلاق تصويت بحجب الثقة عن رئيسة الوزراء ليز تروس بشأن خطة الدعم الجديدة لاقتصاد البلاد، حسبما أفادت محطة "سكاي نيوز"، قبل أيام، نقلاً عن مشرع بريطاني طلب عدم الكشف عن هويته.
وسبق أن كشف وزير الخزانة البريطاني كواسي كوارتنيج عن خطة نمو جديدة بقيمة 60 مليار جنيه إسترليني لدعم اقتصاد البلاد وسط ارتفاع تكاليف المعيشة. تتضمن الخطة إلغاء الزيادة المخطط لها في ضريبة الشركات، مما يجعلها الأدنى في مجموعة العشرين عند 19%.
ومنذ الإعلان، ارتفع العائد على السندات الحكومية البريطانية ذات الخمس سنوات إلى أعلى مستوى له منذ عام 2008، عند 4.6%، ما يعني انخفاض الطلب على شراء الدين الحكومي، الأمر الذي أثار موجة انتقادات ضد حكومة تروس.
وتتعرض تراس لضغوط شديدة بعد أن أدت التخفيضات الضريبية التي فرضتها حكومتها إلى هبوط الجنيه الاسترليني لأدنى مستوى له على الإطلاق مقابل الدولار.
وقد أظهر استطلاع بريطاني جديد تقدم حزب العمال بنسبة 33 نقطة على حزب المحافظين، بعدما تعرض وزير الخزانة كواسي كوارتنج ورئيسة الوزراء ليز تروس لضغوط متجددة بشأن خطتهما الاقتصادية المثيرة للجدل. وأظهر الاستطلاع أن نسبة تأييد حزب العمال وصلت إلى 54 % مقابل المحافظين الذي وصلت نسبة تأييده إلى 21 % فقط.
الخارجية الروسية تنتقد عرض بريطانيا مساعدة الدنمارك في حادث خط "نورد ستريم"
احتجاجا على التضخم.. آلاف البريطانيين في الشارع
اترك تعليق