بقلم: رأفت صادق في ليلة شتوية عنيفة أعلنت فيها الطبيعة غضبها,امتلأت المقابر بالمشيعين لحضور مراسم تشييع جنازته المهيبة والذين أتوا من القرى المجاورة لقريتي الصغيرة القابعة شرق المدينة التي تعج بالسكان._x000D_
بين ترقب وصمت شديد وقفت الحشود تتابع ما يحدث حول المقبرة,أنزويت جانبا لا أصدق ما تراه عينى وتساءلت هل حقا مات الشيخ؟_x000D_
وجاءني الجواب نعم قد مات الشيخ ولم تبقى سوى روحه ترفرف في سماء عقلي تذكرني بحكمته ووعظه لى طيلة السنوات الماضية,ذرفت عيني قطرات من الدمع حاولت منعها لكنها أبت الامتناع._x000D_
شيخي هل سأسير على دربك؟_x000D_
هل سأعود مرة أخرى الى ذنبى اللعين بعد أن تذوقت الانس والمحبة._x000D_
أخرجت منديل ورقى من سترتي ومسحت به الدموع التي اختلطت بزخات المطر._x000D_
كنت أرقب المشهد من بعيد والذي لم تراه عيني من ذي قبل من شدة الزحام في المقابر,أتذكر أول يوم رأيته فيه وكأني كنت أعرفه من زمن بعيد, يومها طلب منى صديقي مصاحبته لانتظار والده فى محطة القطار,كان رجلا ذو هيبة ووقار لكل من يراه يرتدى جلبابا رماديا ويتكأ على عصا,في البداية كان يخيل لي أنه في الستين ولكن بعدها علمت من صديقي أن عمره تجاوز الثمانين._x000D_
رجل غريب حقا ,نظر إلى نظرة فاحصة وسألني من أنت؟_x000D_
وما إن هممت بالا جابه حتى عاجله صديقي بالرد عليه,عدت إلى بيتي وعقلي مكتظ بالأفكار,شيء غريب يجذبني نحو ذلك الشيخ الكبير._x000D_
قررت زيارته فرحب بذلك,جلست أمامه يحتويني التفكير ,كان يتكأ على أريكة قديمة متهالكة تأخذ جانبا من حجرته المتواضعة في بيته الريفي,لاشيء يحتوى الحجرة سوى دولاب صغير ومنضدة خشبية متهالكة بجواره كان يضع عليها كوبا من الماء,كانت تأملاته لي وأحاديثه التي لا تنضب عن المحبة الإلهية وعشق إل بيت النبي صلى الله عليه وسلم غذاء لروحي التي لا تعرف إلا الهوى ورعونة الشباب والانخراط في ملذات الحياة وشهواتها,كان قبل وفاته بأيام قلائل قد أعتزل الناس حتى أهل بيته لايدخلون عليه حجرته إلا لجلب قليل من الطعام ,وقد كان أيضا قليل الحديث ولا يخشى في الله لومه لائم._x000D_
ربما شبح الذنب يعاودني مرة أخرى بعد فقدانك شيخي,حاولت أن أخترق صفوف المشيعين و أحاول جاهدا ألقاء النظرة الاخيرة عليه ,سأبقى على عهدى به و تذكرت كلماته لى يفنى الجسد وتبقى الارواح الطاهرة تحيى الخير بداخلنا وتجدد الايمان تأملت جيدا فى جسده و تراجعت للوراء مرة أخرى._x000D_
_x000D_
..... تمت...._x000D_
اترك تعليق