قطعت الدولة شوطاً كبيراً لتستعيد " بحيرة قارون " شبابها وبريقها من جديد و تتخلص من إهمال وتراكمات السنين بعد أن ظلت خاضعة لسنوات عديدة تحت مطرقة مشاكل " الصرف الغير صحي ـ و الصرف الصناعي ـ والمزارع السمكية المخالفة ـ و الصيد الجائر، وترسبت في أعماقها على مدار سنوات مضت طبقات من المواد العضوية " الحمئة" والملوثات الأخرى، وهرب السياح والمستثمرين بسبب الروائح الكريهة، وانتشر طفيل الأيزوبود القاتل للأسماك، وهجر العشرات من الصيادين البحيرة للعمل بمحافظات، القاهرة وأسوان وكفر الشيخ، بمهن أغلبها لا علاقة لها بمهن الآباء والأجداد.. و بدأت جهود الدولة الفعلية لإعادة بحيرة قارون إلى سابق عهدها، وخطة طموحة لإعادة التوازن البيئي للبحيرة، و أستمر العمل يسير على قدم وساق بتكاتف جميع الوزارات والجهات المعنية، لتطوير البحيرة بشكل علمي حديث يضمن القضاء التام على التلوث بمختلف أنواعه، وعودة البحيرة لوضعها الطبيعي في خدمة الاقتصاد القومي وتنشيط حركة السياح، والارتقاء بالوضع الاجتماعي للصيادين.
أكد الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم، أنه تنفيذا لتكليفات السيد رئيس الجمهورية، بإعادة التوازن البيئي للبحيرة، و من خلال اللجنة المشكلة بقرار الدكتور رئيس مجلس الوزراء، عقد اجتماع بحضور الجهات المعنية، شئون البيئة، وممثلين عن وزارات الري والتجارة والصناعة والزراعة والإسكان، وممثلي الهيئة الهندسية، وشركة اميسال للأملاح وشركة التعدين بجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، لمتابعة الإجراءات التي انتهت إليها كل جهة، و تم الانتهاء من دراسة تقييم التأثير البيئي لمشروع استخراج الأملاح بشمال البحيرة، الذي يتم تنفيذه بالشراكة بين شركة اميسال وشركة التعدين بجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، بتكلفة 2.4 مليار جنيه في مرحلته الأولى، وبحضور ممثلين عن وزارة الإسكان ممثلة فى الشركة القابضة والهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي بمشروعات الصرف الصحي الجاري تنفيذها سواء الممولة من بنك الإعمار الأوروبي، أو التي سيتم إنشائها من خلال مبادرة حياة كريمة، و أضاف، أن وزارة البيئة أصدرت ٧ موافقات بيئية منها محطة معالجة وعدد ٦ مشروعات شبكات صرف، بمشروع محطة معالجة مياه الصرف الصناعي بكوم أوشيم بتكلفة ٢٠٠ مليون جنيه لصالح هيئة التنمية الصناعية، لرفع كفاءة المحطة لتتناسب والتوسعات المستقبلية بالمنطقة الصناعية.
قال، الدكتور محمد عماد نائب المحافظ، إن إجمالي تكلفة المشروعات لإعادة التوازن البيئى يصل إلى 15 مليار جنيه تقريباً، لمنع تلوث البحيرة بمياه الصرف الصحي أو بمخلفات الصرف الصناعي، وتنفيذ 66 مشروعاً للصرف الصحي بقرى وتوابع مركزي" إطسا ـ يوسف الصديق" ضمن مبادرة "حياة كريمة" بتكلفة 2 مليار جنيه، بالإضافة إلى 84 قرية بقرى "سنورس ـ أبشواى ـ طامية ـ مركز الفيوم " مدرجة بمشروع قرض الإعمار الأوروبي بتكلفة 9.5 مليار جنيه، وإنشاء أكبر محطة معالجة على مصرف البطس تعمل بطاقة مليون / م / مكعب يومي. مشيرا ان مساحة البحيرة تزيد عن 55 ألف فدان، بأعماق مختلفة تصل إلى 14 متر و في أماكن أخرى 7 أمتار بمتوسط 6 أمتار، مؤكداً أنه بعد الانتهاء من مشروعات الصرف الصحي سوف ترتفع نسب خدمة الصرف الصحي بالمحافظة إلى 90% من 48% نسبتها الحالية، وأوضح أن خطة العمل تتم عبر عدد من المحاور منها التوسع في مشروعات الصرف الصحي لوصول المياه إلى البحيرة خالية من التلوث، وأن الأمور تسير على محورين الأول، قرض بنك الإعمار الأوروبي، بقيمة 9.5 مليار جنيه، والثاني مشروعات حياة كريمة الخاصة بالصرف الصحي بتكلفة 2 مليار جنيه، وتقرر البدء في التنفيذ الفعلي لعدد من محطات المعالجة الجديدة بتكلفة من مشروع القرض تبلغ 5.5 مليار جنيه، وتوسعات ورفع كفاءة عدد من المحطات القائمة لتستوعب كميات أكبر من التصرفات وتكون المعالجة بشكل أفضل، بالإضافة إلى رفع مضاعفة إنتاج شركة اميسال لاستخلاص الأملاح بالمحافظة لتقليل نسب الملوحة.
كانت، خطة العمل، قد انطلقت لإعادة إحياء البحيرة، و تطويرها من خلال تفعيل مذكرة التفاهم بين المحافظة، ووزارتي البيئة والإسكان، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، والشركة المصرية للأملاح والمعادن، والشركة الدولية لإنتاج محطات التحلية ومعالجة المياه، والثروة السمكية، والشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، وشركة الفيوم لمياه الشرب، وعدد من الجهات العلمية الأكاديمية المتخصصة، لتنفيذ عدد من المشروعات العملاقة ضمن مشروع إعادة التوازن البيئي، و نفذت اللجنة المشكلة بقرار الدكتور رئيس مجلس الوزراء، وبرئاسة وزيرة البيئة، خطة عمل لعدد من المحاور والمشروعات لإعادة التوازن للبحيرة، والتي تضمنت العمل على ثلاث مسارات أساسية، من خلال حل التغلب على مشاكل الصرف الصحي، بالتعاون مع وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية، و المشروعات الخاصة ببنك إعادة الإعمار الأوروبي، ويتم توصيل خدمة الصرف للقرى المتاخمة للبحيرة، للحد من عمليات الصرف على المصارف المؤدية لها، ووضع حداً لمشكلة الصرف الصناعي بمنطقة كوم أوشيم الصناعية والذي يرتكز على إنشاء محطة جديدة للصرف الصناعي، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من خطط الإصحاح البيئي للمنشآت الصناعية التي تصرف على بحيرة قارون وإلزامها بتنفيذ وحدات معالجة وإعادة تدوير مياه الصرف الخاص بها.
كما تم منع مياه الصرف الصناعي من الوصول إلى البحيرة، والتي كانت تمثل أحد أهم مصادر الحمل البيئي على البحيرة، بتنفيذ محطة المعالجة بمواصفات دقيقة وبعد دراسة معايير المياه الواردة لمحطة معالجة الصرف الصناعي الجديدة وتحديد تكنولوجيا المعالجة والتصميمات الإنشائية، بطاقة تصميمية 19000م3، واتخاذ إجراءات الطرح، بالإضافة إلى تقنين أوضاع المصانع بالمنطقة الصناعية للتخلص الآمن من الصرف الصناعي، وكذا الانتهاء من التصميمات المطلوبة للبدء في تنفيذ محطات الصرف الصحي، الممولة من القرض الأوروبي، والتي تشمل هدم وإعادة بناء عدد 5 محطات معالجة، إضافة لتوسعة عدد 4 محطات معالجة.
إضافة إلى تنفيذ عدد 10 محطات لمشروعات الصرف الصحي، ضمن المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" بقرى مركزي إطسا ويوسف الصديق لتساهم بشكل كبير في إعادة التوازن البيئي للبحيرة، حيث تتم تنفيذها من خلال الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي، وقى نفس السياق والتوقيت تم الانتهاء من أعمال تكريك وتوسعة بحر يوسف بطول 288كم، لزيادة منسوب المياه العذبة الواردة إلى البحيرة، كما تم تطهير ترع ومصارف بطول 800 كم، وكذا الانتهاء من تبطين وتأهيل ترع بطول 103,32 كم.
قال، الدكتور عبد اللطيف الكردي العضو المنتدب للشركة المصرية للأملاح والمعادن بالفيوم، إن الشركة في الموقع الحالي جنوب بحيرة قارون، أنشئت 6 مصانع جديدة بتكلفة مليار جنيه ليكتمل المجمع الصناعي بهدف استخلاص 500 ألف طن أملاح سنوياً، وتخلف عن ذلك سوائل مخزنة في أحواض الشركة بموقعها الحالي بشكشوك جنوب البحيرة، مشيراً أن المشروع الكبير والأضخم الذي أوصى به الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، والخاص بإنشاء المجمع الصناعي بالساحل الشمالي لبحيرة قارون، لتتضاعف كميات الأملاح المستخلصة من البحيرة وترتفع لتصل إلى مليار طن أملاح سنوياً لتنخفض نسبة الملوحة في مياه البحيرة إلى 28- 29 جرام / اللتر من 42 جرام/ اللتر حاليا، لتعود البحيرة إلى سابق عهدها.
أضاف، أن المشروع الجديد تم طرحه عالمياً وتتنافس على تنفيذه 4 شركات عالمية متخصصة وتنتظر الترسية، والمشروع الجديد سيركز على استخراج واستخلاص عنصر الـ"صودا آش" الذي يستخدم في إنتاج ملح الطعام، والحجر الجيري بشكل أساسي، بجانب بعض المستحضرات الطبية والبويات، وصناعة الزجاج، وغيرها من المواد الصناعية التي تستخدم في مجالات الصباغة والغزل والنسيج، وحالياً تسعى الدولة لتدبير 2 مليار جنيه تقريبا، لتوصيل المرافق والخدمات من " طرق - كهرباء - مياه شرب " وخدمات أخرى ضرورية للمنطقة الواقع عليها الاختيار لينفذ بها المشروع على مساحة 4000 فدان، وأكد أن المشروع الجديد مجزى ومربح ويخدم الاقتصاد القومي، ويعير من الشكل علام للمنطقة بالكامل، و تسترد الدولة المبالغ المالية التي أنفقتها على تنفيذ المشروع بالكامل خلال ست أو سبع سنوات، وقال إن المنطقة الواقع عليها الاختيار منطقة واعدة سوف و جاذبة للاستثمار الصناعي و الزراعي والسمكي، والمرحلة الأولى للمشروع تستهدف زراعة 15 ألف فدان من أفضل الأراضى الزراعية.
أضاف، المهندس محمود هاشم رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة سنورس، إن القرى المحيطة ببحيرة قارون زمام الوحدة المحلية لمركز ومدينة سنورس وهى " رحيم ـ عبد العظيم ـ البرم ـ تادرس ـ شماطة ـ عبد الرحمن إبراهيم ـ خلف ـ فوزي المطيعي ـ الأخصاص ـ جبلة ـ الكعابي القديمة ـ منشاة عطيفة ـ حميدة عمار ـ قاسم صالح ـ أبو ناعورة " أدرجت ضمن خطة الصرف الصحي بتكلفة تتعدى 1.5 مليار جنيه ضمن مشروع القرض الأوربي، وأضاف أبو زيد البطن رئيس الوحدة المحلية لمنشأة طنطاوي، أن العمل لا يتوقف ليل نهار بالبحيرة وأن فرق العمل تواصل عمليات الحصول على عينات من مياه البحيرة للتأكد من صلاحيتها للحياة البحرية.
ومن جهتها أكدت، الدكتورة نسرين عز الدين الأستاذ بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة، مستشار المحافظة للثروة السمكية، أن مياه بحيرة قارون بوضعها الحالي تصلح للحياة المائية، وقالت إن مجموعة العمل الخاصة بإعادة التوازن البيئي لبحيرة قارون، والفريق البحثي حصل على عينات من مياه البحيرة وكذلك من الأسماك الموجودة بها والرواسب ومختلف القطاعات بالبحيرة، بشكل دوري، للرصد والفحص والتحليل، لمعرفة وضع المياه الحالية فيزيائيا وكيميائيا بما في ذلك نسب الأمونيا والأكسجين الذائب والمعادن الثقيلة وكذلك استبيان معدلات تواجد طفيل الأيزوبود.
أشارت، أن أهم محاور عمل الفريق البحثي تمثلت في القراءة الجيدة والتجربة والإحصائيات الدقيقة وأن ما تم تطبيقه أثمر عن القضاء على أنواع من الطفيليات كانت منتشرة بالبحيرة منذ سنوات وأدت إلى انحسار مشهود في معدلات التواجد الطفيلي، ومعرفة أنواع الأيزوبود الموجودة بالبحيرة، مشددة على ضرورة استثمار المسطح المائي الاستثمار الجيد من قبل الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، وطالبت بضرورة توعية الصيادين، باستخدام طرق الصيد الحديثة للحفاظ على الثروة السمكية بالبحيرة التي هي أحد أهم مصادر الدخل للمحافظة.
قال، شيخ الصيادين " شريف الزيات" إن سمك الموسى عاد للظهور من جديد في مياه بحيرة قارون، وأصبح بمثابة بشرة خير لعودة الإنتاج السمكي بالبحيرة كسابق عهده، بينما تنتج بحيرات وادي الريان كميات كبيرة من أسماك " البلطي بمختلف أنواعه و قشر البياض و القاروص والشنيور، وأشاد بموقف الدولة الداعم للصيادين، مشيرا إلى استجابة المحافظة، لحل مشكلة جمعية الصيادين في قارون والريان، بعد أن حصلت على قروض من جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة، و تعثرت في السداد وبالتنسيق مع الجهاز تم إعفاء الجمعية من نسب كبيرة من فوائد التأخير والغرامات والرسوم القضائية، وحالياً جارى التنسيق مع صندوق تحيا مصر تحت مبادرة بر أمان للمساعدة التكميلية في نسب الدين على الصيادين .
أضاف عبد الناصر صالح عبد العزيز شيخ بلد قرية شماطة، أن الحكومة اهتمت بالصيادين، و أدرجتهم ضمن قائمة العمالة الغير منتظمة وأصدرت لهم وثائق تأمينية في إطار مبادرة "حياة كريمة" لرعاية الفئات الأكثر احتياجا، والعمالة غير المنتظمة لشمولهم ضمن منظومة متكاملة لرعايتهم اجتماعيا وصحيا وتأمينيا، ليحيوا حياة كريمة تليق بهم وتحقق طموحاتهم وأحلامهم، وقال إن وزارة التضامن الإجتماعى، أطلقت فعاليات المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية "بر أمان" من الفيوم، بتقديم كافة أوجه الدعم والتمكين والحماية الاجتماعية لفئات الصيادين، ولكافة فئات العمالة غير المنتظمة، ويستفاد منها أكثر من 10 آلاف و704 صياد ببحيرات قارون والريان، ووفرت لهم أدوات الصيد مثل الشِبَاك وإعادة تأهيل المراكب المتهالكة وتجديدها بهدف تمكينهم ودعمهم في ممارسة مهنتهم، هذا بالإضافة إلى التوسع في توفير منح وقروض ميسرة للصيادين وزوجاتهم لعمل مشروعات متناهية الصِغَر لتأمين الوفاء باحتياجاتهم الأساسية في أثناء فترات التعطل أو فترات وقف صيد "الذريعة"، فضلاً عن جهود وزارة التضامن لتغطية الصيادين بخدمات التأمين الصحي بالتنسيق مع وزارة الصحة
اترك تعليق