فى عام 1982، كانت رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة ليزا تراس، تبلغ من العمر سبع سنوات، حينما لعبت دور رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارجريت تاتشر في مسرحية مدرسية.
لكن على عكس رئيسة الوزراء المحافظة التي فازت بأغلبية كبيرة في الانتخابات العامة في ذلك العام، لم تحقق تراس أي نجاح. وتضمنت المسرحية انتخابات وهمية.
فى عام 2018، تذكرت تراس دورها في المسرحية قائلة: "انتهزت الفرصة وألقيت خطاباً صادقاً في الاجتماع الانتخابي لكن انتهى بي الأمر من دون الحصول على أي أصوات. حتى أنا لم أصوت لنفسي".
وبعد تسعة وثلاثين عاما، اغتنمت تراس الفرصة لتسير على خطى السيدة الحديدية بشكل حقيقي، وتصبح زعيمة حزب المحافظين ورئيسة للوزراء. خلفا لبوريس جونسون، الذى أُجبر على الاستقالة بسبب سلسلة من الفضائح. وأصبحت تراس ثالث رئيسة وزراء في تاريخ المملكة المتحدة، بعد تاتشر وتيريزا ماى.
وتتولى رئيسة الوزراء الجديدة السلطة في الوقت الذي تواجه بريطانيا أزمة فى تكاليف المعيشة، واضطرابات عمالية، وركودا يلوح فى الأفق. وحظيت تراس بدعم كثير من المحافظين بحماسها الذى يذكر برئيسة الوزراء الأبرز فى تاريخ بريطانيا، مارجريت ثاتشر، لتقليص دور الدولة وخفض الضرائب. ووعدت بالتحرك فورا للتعامل مع ارتفاع فواتير الطاقة.
وفى أول كلمة لها بعد إعلان فوزها، تعهدت تروس بتقديم خطة قوية لخفض الضرائب وتحقيق نمو الاقتصاد والتعامل مع أزمة الطاقة والفواتير المرتفعة للطاقة لدى البريطانيين، وأيضا التعامل مع القضايا الابعد المتعلقة بإمدادات الطاقة. كما وعدت بتحقيق انتصار كبير لحزب المحافظين فى الانتخابات العامة المقررة فى 2024.
وجددت تراس تعهدها بأن تتحلى بالجرأة في معالجة مشكلات الاقتصاد البريطاني، الذي يعاني من تضخم تجاوز مستويات تاريخية بأكثر من 10%، ومن المحتمل أن يواجه ركودا خلال الفترة المقبلة.
وسبق أن تعهدت تراس بعدم فرض أي ضرائب جديدة وإلغاء الزيادة المخطط لها في ضريبة الشركات. وتعليق ما يعرف باسم "الضريبة الخضراء"، وهي جزء من فاتورة الطاقة التي تدفع للمشاريع الاجتماعية والخضراء. كما تعهدت بإنفاق 2.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع حتى عام 2026، ورفع هذه النسبة إلى 3 بالمئة بحلول عام 2030
"ليز تراس" تفوز برئاسة الحكومة البريطانية لتصبح ثالث سيدة تشغل المنصب
شخصيات تهنئ ليز تراس على فوزها برئاسة حزب المحافظين
ولدت ماري إليزابيث في إكسفورد عام 1975، لأب يعمل أستاذ الرياضيات وأم تعمل ممرضة وكان "يساريان"، حيث شاركت ماري العمل السياسي منذ الصغر حيث شاركت مع والدتها في تراس عدد من المسيرات بالبلاد.
في الرابعة من عمرها، انتقلت عائلة تراس إلى بيزلي غربي جلاسكو في اسكتلندا، حيث التحقت تراس بمدرسة ثانوية حكومية في حي راوندهاي، وبعد إنهاء دراستها في المرحلة الثانوية التحقت تراس بجامعة إكسفورد حيث درست الفلسفة والسياسة والاقتصاد، ثم التحقت للانضمام صفوف الديمقراطيين الأحرار.
انتقلت إلى صفوف حزب المحافظين، خلال فترة وجودها في جامعة إكسفورد، وبعد التخرج عملت محاسبة في شركة شل النفطية العملاقة وغيرها من الشركات الخاصة، ثم تزوجت من زميلها هيو أوليري عام 2000، وأنجبت منه بنتان.
في عام 2001 ترشحت ليزا عن حزب المحافظين في الانتخابات العامة، كما خسرت ايضا انتخابات 2005، ثم تم انتخابها كعضو في مجلس بلدية جرينتش جنوب شرق لندن في عام 2006، وفي عام 2008 عملت أيضا نائبة لمدير مؤسسة الأبحاث "إصلاح" ذات التوجهات المحافظة.
ووضعها ديفيد كاميرون، زعيم حزب المحافظين السابق على راس "قائمة أ" للمرشحين في انتخابات عام 2010 وتم اختيارها للترشح عن مقعد للحزب في جنوب غرب نورفوك الذي فازت به بأكثرية 13 ألف صوت.
وفي عام 2012 دخلت الحكومة نائبة لوزير التعليم، ثم حدث خلاف بينها وبين نائب رئيس الوزراء نيك كليج من حزب الديمقراطيين الأحرار بشأن إصلاح المدارس، لكن تم منحها منصبًا أكثر أهمية في الحكومة عام 2014 حيث أوكل إليها منصب وزيرة البيئة.
وفي عام 2016 أصبحت وزيرة العدل في عهد رئيسة الوزراء تيريزا ماي، ثم انتقلت للعمل في العام التالي، منصب نائبة وزير الخزانة وهو منصب وضعها في قلب البرنامج الاقتصادي للحكومة.
انتقلت تراس إلى منصب وزيرة التجارة الدولية، بعد ان أصبح بوريس جونسون رئيسا للوزراء في عام 2019، ثم فى عام 2021 تولت حقيبة الخارجية عندما نقل جونسون دومينيك راب إلى منصب وزير العدل.
وأفاد تقرير لصحيفة "لوفيجارو" الفرنسية بأن تراس غالباً ما تبذل قصارى جهدها لتقليد مارجريت تاتشر، بما في ذلك طريقة لبسها، وكل ما ينقصها هو نبرة صوت قاطعة لمعلّمة مدرسة، التي كانت تمتلكها السيدة الحديدية تاتشر.
وأشار تقرير "لوفيجارو" إلى أن تراس البالغة من العمر 47 عاماً، والتي انضمت في بداياتها إلى الحزب الليبرالي الديمقراطي، وطالبت عام 1994 أمام المؤتمر الوطني لهذا الحزب بإلغاء النظام الملكي، تراهن على أن الملكة سوف تغفر لها هذا الانحراف في مرحلة الشباب، من خلال استقبالها في قصر باكنجهام للوزراء.
وفى خضم الأزمة التي عجّلت بسقوط سلفها بوريس جونسون في 7 يوليو، لم تستقل تراس من الحكومة، وأكسبها هذا الولاء دعم الكثير من أعضاء حزب المحافظين. وثمة عامل آخر لعب دورا لمصلحتها، وهو أنها تريد خفض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%.
وتجدر الإشارة إلى أن تراس أسهمت في فرض عقوبات على مسوكو والأوليغارشية الروسية بعد حرب أوكرانيا. ولعبت دورا في التفاوض على اتفاقيات التجارة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عندما كانت وزيرة للتجارة الدولية، قبل أن تصل إلى منصبها الحالي.
ولن يكون على وزيرة الخارجية السابقة في المستقبل عند تولّيها رئاسة الوزراء سوى التكيّف مع الاتحاد الأوروبي، فعلى الرغم من أنها صوتت ضد خروج بريطانيا من الاتحاد عام 2016، فإنّها تسير الآن على خطى سلفها جونسون، وعلى استعداد للاشتباك مع بروكسل بشأن بروتوكول أيرلندا الشمالية الشهير، فهي لا تتردّد في مغازلة من لديهم فوبيا أوروبا أو حتى رهاب فرنسا من قاعدة حزب المحافظين، ففي الآونة الأخيرة، عندما سئلت عمّا إذا كانت تعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صديقاً أم عدواً، أجابت بأن الخلاف الودي معه ليس ببعيد.
"ليز تراس" تفوز برئاسة الحكومة البريطانية لتصبح ثالث سيدة تشغل المنصب
شخصيات تهنئ ليز تراس على فوزها برئاسة حزب المحافظين
اترك تعليق